الرئيس والممسحة

الرئيس والممسحة

المغرب اليوم -

الرئيس والممسحة

إنعام كجه جي
بقلم : إنعام كجه جي

جرتِ العادةُ أن يخضعَ المُدان الداخل إلى السجن لفحص طبي مختصر. قياس للضغط. تخطيط للقلب. صورة للرئتين. وبعد ذلك يتسلّم كيساً بالحاجيات اليومية التي يستخدمها في نظافته وطعامه. كوب وصحن وأدوات مائدة من البلاستيك. وبما أن المواطنين سواسية أمام القانون فقد مرّ نيكولا ساركوزي بهذه الإجراءات الروتينية. التهمة هي الحصول على حقيبة دولارات من القذافي لتمويل حملته الرئاسية. ملايين الدولارات.

يلفت الانتباه في قائمة «العهدة» التي تُعطى للسجين وجود ممسحة. سيكون على الرئيس الفرنسي الأسبق تنظيف زنزانته بنفسه ومسح أرضيتها. يقوم بهذا العمل مواطن في السبعين من العمر، سبق له التمتع بكل ما في «الإليزيه»، وغيره من قصور العالم، من فخامة ورفاهية. انتقل من الأثاث المُذهّب إلى النوم في 9 أمتار مربعة. الرجل الذي كان أكثر وزراء الداخلية شعبية، يؤدي له ضباط الشرطة التحية العسكرية، ينام اليوم في حماية شرطيين.

اعتاد أهل هذه البلاد وصف السكن في المباني والصروح التاريخية بأنه التمرغ في الذهب. روت لي تاجي عبد المجيد، بطلة رواية «النبيذة»، أن صهرها ينتمي لعائلة فرنسية امتهنت، أباً عن جد، تذهيب القباب والسقوف والتماثيل وإطارات المرايا، أي إكساءها برقائق المعدن الأصفر. تراجعت المهنة أواسط القرن الماضي، ثم عادت إلى الازدهار في الثمانينات، بعد النهضة العمرانية في الخليج. (هل خرجت على الموضوع؟)

عاش الملك لويس السادس عشر مرفهاً في القصور البديعة. يجلس على عروش مُذهبة. يرقد في أسِرّة مُذهبة. يتناول الطعام في صحاف مكسوّة بالذهب. ولما قامت الثورة ساقه الفرنسيون إلى السجن وقطعوا رأسه بالمقصلة. وكان المارشال فيليب بيتان من أبطال الحرب العالمية الأولى، ثم زُجّ به في السجن بعد الحرب الثانية بتهمة الخيانة وتسليم البلد لهتلر. أين ثريا الملوك والأبطال من ثرى ساركوزي؟

مغامرته مع الأخ معمّر لم تكن بريئة. أرسل إليه زوجته الثانية سيسيليا لكي تتفاوض على إطلاق سراح الممرضات البلغاريات المحتجزات في ليبيا. لا يخلو اختيار الزوجة الجميلة من شبهة غواية. قامت بسفرتين وعادت في الثانية ومعها الممرضات في زفة إعلامية عالمية. نشرت كتاباً قالت فيه إنها مضت للقاء القذافي بمفردها، من دون حرس خاص، في سيارة يقودها سائق ليبي لا يتحدث الإنجليزية. استقبلها مرافقون قادوها إلى قبو مصفح تحت القصر، قرب الخيمة التي كانت قد قابلته فيها في رحلة سابقة. أغلقوا الباب بالمفتاح، ثم انفتح باب آخر ودخل القذافي.

وصفته في كتابها بممثل رديء رداءة الديكور المحيط به. رياضي عجوز عاجز بملامح مرتخية. حذّرته من الاقتراب منها، وسيكون مسؤولاً أمام العالم في حال حدوث مكروه لها. لم يهجم عليها وتصرّف مثل جنتلمان. قال: «سأعطيك الممرضات. خذيهن. هل أنت سعيدة؟». لم تكن سيدة فرنسا الأولى المنتشية بإنجازها، يومذاك، تعرف أن لعنة القذافي ستقود والد ابنها إلى السجن.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الرئيس والممسحة الرئيس والممسحة



GMT 14:43 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

سوريا الأستاذ وديع

GMT 14:41 2025 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

في حب الصحراء: شريان الحياة

GMT 14:33 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

السلاح... أو حين يكون المكسب صفراً والهزيمة مطلقة

GMT 14:28 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

من سيلحق بكندا... في «التعامل بالمثل» مع ترمب؟

GMT 14:24 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

ترمب وخصومه في «حيْصَ بيْص»

GMT 14:23 2025 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

سموتريتش وحقد الجِمال

GMT 14:19 2025 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

القطبية الصينية ومسار «عالم الغابة»

GMT 14:16 2025 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

عصر الليمون في نيويورك

النجمات العربيات يجسّدن القوة والأنوثة في أبهى صورها

أبوظبي - المغرب اليوم

GMT 16:43 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

منع دخول مغاربة إلى تونس يثير موجة شكاوى واستياء
المغرب اليوم - منع دخول مغاربة إلى تونس يثير موجة شكاوى واستياء

GMT 11:40 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

تصميمات رخامية تُعيد إحياء الحمّامات الرومانية في قلب بيروت
المغرب اليوم - تصميمات رخامية تُعيد إحياء الحمّامات الرومانية في قلب بيروت

GMT 17:56 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

حماس تؤجل تسليم جثة رهينة بسبب خروقات إسرائيل
المغرب اليوم - حماس تؤجل تسليم جثة رهينة بسبب خروقات إسرائيل

GMT 16:01 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

كتائب القسام تعلن تسليم رفات رهينة إسرائيلي مساء الثلاثاء
المغرب اليوم - كتائب القسام تعلن تسليم رفات رهينة إسرائيلي مساء الثلاثاء

GMT 16:35 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

الذكاء الاصطناعي يساعد الأطباء على منع السكري قبل ظهوره
المغرب اليوم - الذكاء الاصطناعي يساعد الأطباء على منع السكري قبل ظهوره

GMT 12:32 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

إيلون ماسك يطلق موسوعة غروكيبيديا المنافسة لويكيبيديا
المغرب اليوم - إيلون ماسك يطلق موسوعة غروكيبيديا المنافسة لويكيبيديا

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 19:45 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

مكونات المغرب الفاسي تحتفل بذكرى تأسيس فريقها

GMT 00:08 2018 الأربعاء ,16 أيار / مايو

دعاء لنصرة أهل فلسطين

GMT 11:31 2017 الإثنين ,04 كانون الأول / ديسمبر

الأمم المتحدة تعرب عن قلقها بشأن انتشار الإيدز في مصر

GMT 11:56 2012 السبت ,18 آب / أغسطس

إدانة فرديناند بتهمة العنصرية

GMT 14:25 2016 الأحد ,02 تشرين الأول / أكتوبر

المحترف الأردني عدي الصيفي يؤكد اعتزاله اللعب دوليًا

GMT 01:52 2016 الثلاثاء ,16 شباط / فبراير

الكشف عن سيارة "بيجو 308" وأهم مواصفاتها وتقييماتها
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib