البديل الحوثي للبنان
الولايات المتحدة تعلق تأشيرات حاملي جوازات السفر الفلسطينية عقوبات إسرائيلية للدول المعترفة بفلسطين في الضفة الغربية زلزال بقوة 5.3 درجة على مقياس ريختر يضرب ولاية نيفادا الأميركية اللجنة الوزارية العربية-الإسلامية تطالب أميركا بالتراجع عن منع دخول وفد فلسطين زلزال بقوة 4.2 درجة على مقياس ريختر يضرب مدينة دهدز جنوب غربي إيران اغتيال رئيس البرلمان الأوكراني الأسبق أندريه باروبي بالرصاص في لفيف وزيلينسكي يتعهد بتحقيق شامل حركة حماس تدعو لترجمة مواقف الإدانات الدولية لجرائم الاحتلال الإسرائيلي إلى خطوات عملية وملموسة وإجراءات عقابية رادعة المحكمة الدستورية في تايلاند تعزل رئيسة الوزراء بايتونغتارن شيناواترا بعد إدانتها بانتهاك المعايير الأخلاقية بمكالمة مسربة مع زعيم كمبوديا غارة إسرائيلية على صنعاء تقتل رئيس حكومة الحوثيين وعدداً من وزرائه وتصعيد يخيم على المنطقة ألونسو يرفض حسم عودة فينيسيوس للتشكيل الأساسي أمام مايوركا
أخر الأخبار

البديل الحوثي للبنان...

المغرب اليوم -

البديل الحوثي للبنان

حازم صاغية
بقلم - حازم صاغية

يشبه الحوثيّون مُلاكماً كلّما عزم على توجيه ضربة إلى خصمه انهالت عليه ضربات الخصم المُهلكة. لكنّه، على رغم انكسار أنفه وانقلاع عينه وهطول الدم منه مدراراً، ظلّ يأبى النزول عن الحلبة.

سلوكٌ كهذا يحيطه الممانعون بكلّ التمجيد والإكبار. فبقاء الحوثيّين على الحلبة بالشروط الموصوفة أعلاه إنّما هو، في عرفهم، شرف وكرامة ودفاع عن غزّة وتضامن مع فلسطين. أمّا الإنجازات الفعليّة التي تكافئ تضحية الحوثيّين ببلدهم وشعبهم فلا تتعدّى إطلاق صاروخ غالباً ما يُعتَرَض، أو دفع إسرائيليّين إلى إطلاق صفّارات إنذار، أو إنزالهم مدّة ساعة إلى الملجأ، أو في الحدّ الأقصى، تهديد الملاحة الدوليّة... طبعاً «من أجل فلسطين»! لكنّ النتائج، في الأحوال جميعاً، غير مهمّة قياساً بالسعي والمبادرة والنيّة.

وفي كلّ يوم يطالعنا وجهٌ من وجوه «حزب الله» ولفيفه الممانع يأخذ على الدولة اللبنانيّة تقاعُسها عن المسؤوليّة ورضوخها للاحتلال. وغالباً ما يترافق هذا التشهير مع تشهير آخر بكلّ تعويل على السياسة والديبلوماسيّة في مواجهة الإسرائيليّين. لكنْ لمّا كان الحزب نفسه يئنّ تحت وطأة هزيمة عسكريّة موجعة، فيما الجيش اللبنانيّ غير مؤهّل لمواجهات من هذا الصنف، ولمّا كان المجتمع اللبنانيّ بأكثريّته الكبرى عازفاً عن الحروب، غير مقتنع بجدواها، بات البديل الحوثيّ للبنان هو بالضبط ما يقترحه هؤلاء المشهّرون. هكذا لا يبقى سوى الاستهانة بحياة أبناء شعبهم فيما يمضي «التضامن» مع غزّة وفلسطين بلا أيّ تأثير على معاناة الغزيّين وعموم الفلسطينيّين. فوق هذا، يعاد اختراع لبنان بلداً نافراً في محيطه وفي العالم، تماماً كما هي حال الرقعة اليمنيّة التي يحكمها الحوثيّون على نحو غرائبيّ.

والحوثيّة تعني، في ما تعنيه، اشتقاق المجد البطوليّ المزعوم من العجز والتصدّع اللذين أنتجهما انشقاق البلد وحربه الأهليّة وتجويع سكّانه، وبالتالي استمداد القوّة، أو ما يتراءى أنّه قوّةٌ، من ضعف يستحيل التستّر عليه وكتمانه. فالميل الحربيّ ذو البعد الانتحاريّ هو ما تلده الحال البائسة لنظام لا تُبقيه على قيد الحياة إلاّ الحرب. فإذا قضت عليه تلك الحرب يكون قد أتمّ واجبه بأن سقط شهيداً على نحو يُصوَّرُ موتاً بطوليّاً.

وربّما كان في الأمر بُعد ضامر آخر هو الدفاع عن عالم وماضٍ باتا مستحيلين، هما، في هذه الحالة، الإمامة الحميديّة التي أطاحها انقلاب عسكريّ في 1962 واستمات الحوثيّون دفاعاً عنها.

وفي الدفاع عن عالم وماضٍ ميّتين كان الروائيّ اليابانيّ يوكيو ميشيما قد أنهى حياته في 1970 عبر موت بطوليّ وطقسيّ دفعه إليه ولاؤه لليابان القديمة التي «لوّثها» التحديث والتغريب. فعلى رأس أربعة انتحاريّين مثله نفّذ عمليّة انقلابيّة توهّم أنّها تعيد بلاده إلى ماضيها المقدّس. فحين فشلت تجربةٌ لم يكن مقدّراً لها إلاّ أن تفشل، ألقى خطبة عصماء وقطّع أحشاءه.

كذلك كان الانتحار الجماعيّ الذي حلّ بـ»معبد الشعب» في جونزتاون بغويانا عام 1978. فهناك أريدَ تطبيق تعاليم فرقة دينيّة مهووسة، ودُفع ذاك التطبيق حتّى نهاياته القصوى. يومذاك تعدّى رقم الضحايا الـ900 شخص، كانت نسبة معتبرة منهم أطفالاً سُمّموا «إرضاءً لله».

ووفق صور خرافيّة كهذه عن العالم، تنحسر أهميّة التمسّك بالحياة، والسعي وراء نموذج أفضل من نماذجها. فالوحش أو الشرّ لنا بالمرصاد، لا تردعه سياسة ولا ديبلوماسيّة ولا شيء آخر نفعله. هكذا لا يبقى لنا إلاّ أن نصرخ: طاب الموت، تماماً كما صرخ الحوثيّون ويصرخون.

وفي موازاة العدّ العكسيّ نحو موت موصوف بالبطوليّة، يحوّل الحوثيّون الرقعة الجغرافيّة التي يسيطرون عليها إلى أضحية على مذبح النظام الإيرانيّ بوصفه الطوطم الأعلى الذي يطيب الموت دفاعاً عن مصالحه. هكذا يغدو البديل الحوثيّ للبنان واللبنانيّين أقرب إلى دعوة للإقبال على الموت كرمى لمصالح الدولة الإيرانيّة ولعدد من الحسابات المجنونة الأخرى. وكان «حزب الله»، إبّان قوّته، مؤسّس هذه المدرسة التي ورث الحوثيّون تعاليمها حتّى باتوا السبّاقين في سباق الممانعين العرب إلى موت مجّانيّ.

على أنّ اقتراح البديل الحوثيّ، مع ما يرافقه من عنف وفقر وتضحيات، يستدعي إشاعة وعي ذُعريّ (alarmist) يقنعنا بأنّنا فعلاً أمام خطر وجوديّ داهم يستحيل اجتنابه. هكذا يُستبدل مبدأ السببيّة، وارتباط كلّ حدثٍ يحدثُ بسبب ما، بجوهر متأصّل يقيم في عدوّ لا بدّ أن يهاجمنا ويغزونا، أكان ذلك بعد «حرب إسناد» أو من دونها.

والحال أنّ للتفكير الخرافيّ هذا أصولاً دفعتها الحرب الأخيرة نحو محطّة أشدّ احتداماً ودراميّة وخطورة. ذاك أنّ اللبنانيّين عُرضت عليهم، في عقود سابقة، نماذج طُلب منهم أن يقتدوا بها. هكذا اقترح البعثيّون عليهم نموذجي سوريّا والعراق البعثيّين، واقترح الشيوعيّون نماذج كانت تنتشر ما بين اليمن الجنوبيّ وبلغاريا وكوريا الشماليّة، وبالطبع مكث النموذج الإيرانيّ الخمينيّ نموذجاً أمثل يلوّح به الخمينيّون...

ولربّما كان الفارق بين البديل الحوثيّ والبدائل السابقة أنّ الموت، هذه المرّة، أضمن وأسرع بلا قياس.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

البديل الحوثي للبنان البديل الحوثي للبنان



GMT 19:55 2025 السبت ,30 آب / أغسطس

الوسيط السليط

GMT 19:52 2025 السبت ,30 آب / أغسطس

إصلاح عربي يكبو قبل أن ينطلق

GMT 19:48 2025 السبت ,30 آب / أغسطس

في تأويل احتضار الأطفال

GMT 19:43 2025 السبت ,30 آب / أغسطس

الأسباب الخفية في عدم تسليم السلاح

GMT 19:41 2025 السبت ,30 آب / أغسطس

واشنطن ــ شيكاغو... الطريق إلى «غوثام»

GMT 19:37 2025 السبت ,30 آب / أغسطس

كأن سحرًا فى الموضوع

GMT 19:33 2025 السبت ,30 آب / أغسطس

لبنانيون فى المهجر!

GMT 19:29 2025 السبت ,30 آب / أغسطس

لقاء نيوم

ليلى أحمد زاهر تلهم الفتيات بإطلالاتها الراقية ولمساتها الأنثوية

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 07:49 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج السرطان الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 03:23 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

صورة للراقصة نور بفستان عاري يُثير الجدل

GMT 17:26 2018 الأحد ,14 كانون الثاني / يناير

فريق أوروبي كبير يقترب من حسم تعاقده مع منير المحمدي

GMT 22:29 2012 الإثنين ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وعد بالحب والسعادة مع كريم كحلوى السوربيه

GMT 14:40 2017 الجمعة ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

بوفون يعلن أنّه لا يفكر في عدم التأهل إلى كأس العالم

GMT 05:40 2022 الجمعة ,18 شباط / فبراير

الرجاء المغربي أمام وفاق سطيف بلا جمهور

GMT 03:06 2020 الأربعاء ,16 كانون الأول / ديسمبر

5 أمور يجب الانتباه لها لتجنب لتجنب السكتة القلبية المفاجئة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib