عن الانتصار والهزيمة والخوف من الانقراض
ارتفاع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى أكثر من 57 ألف شهيد والأمم المتحدة تحذر من انهيار غذائي شامل إرتفاع عدد ضحايا فيضانات تكساس إلى 82 شخصا واستمرار عمليات البحث والإنقاذ إنتحار وزير النقل الروسي رومان ستاروفويت بعد ساعات فقط من إقالته بقرار من الرئيس فلاديمير بوتين. الجيش الإسرائيلي يعلن تنفيذ عمليات واسعة في غزة وتدمير مواقع لحركة حماس شمالاً وجنوباً مقتل أربعة أشخاص وإصابة 36 آخرين في هجمات روسية متفرقة على أوكرانيا إلغاء عشرات الرحلات الجوية من وإلى جزيرة بالي الإندونيسية بعد ثوران بركان ضخم في البلاد حركة حماس تصر على تعديلات الاتفاق والمفاوضات مع إسرائيل بلا تقدم في الدوحة انتشار مفاجئ لأعراض هضمية يثير القلق ومخاوف من موجة فيروسية جديدة ضواحي الناظور الحوثيون يعلنون استهداف مطارات وموانئ إسرائيلية ويؤكدون استمرار دعم غزة إرتفاع عدد قتلى الجيش التركي في العراق إلى اثني عشر جندياً بسبب استنشاق غاز الميثان أثناء مهمة عسكرية
أخر الأخبار

... عن الانتصار والهزيمة والخوف من الانقراض!

المغرب اليوم -

 عن الانتصار والهزيمة والخوف من الانقراض

حازم صاغية
بقلم - حازم صاغية

من ينتظرون صدور نقد ممانِع يطال حرب «حزب الله»، وأسباب هزيمته فيها، أو مجرّد إقرار بها، سوف يخيب انتظارهم على ما يبدو. فرغم كارثيّة ما حصل، لا يزال «إعلان الانتصار» العنوانَ السائد على تلك الجبهة. أمّا الحجّة الأبرز، والأشدّ تكراراً، في البرهنة على ذاك «الانتصار» المتشاوف فأنّ الإسرائيليّين «لم يستطيعوا القضاء على المقاومة».

والحال أنّ هذا التوكيد إنّما يوحي بخوف عميق من الانقراض تتمّ مداراته بتوكيد البقاء على قيد الحياة والقول: لا نزال هنا. ومردّ الخوف هذا إلى أسباب كثيرة ربّما كان على رأسها ذاك الانتقال السريع والكبير الذي عرفه مسار الشعارات والوعود. فمنذ 7 أكتوبر 2023، رفع الممانعون عناوين تتراوح بين «تبييض السجون» كحدّ أدنى و»تحرير فلسطين» كحدّ أقصى. وفي مروحة الطموحات العريضة هذه بدا «الانقراض» احتمالاً كبيراً يطرحه الممانعون على الإسرائيليّين. فكيف وأنّ الأخيرين، كما قيل لنا مراراً، غير متعلّقين بأرض فلسطين، مستعدّون للفرار منها هرباً من الضربات التي كالتها لهم المقاومة وسوف تكيلها؟

وجاءت المقاربة هذه تنسجم تمام الانسجام مع تراث بات ينطوي على انتصارات وُصفت بالملحميّة والإلهيّة حقّقها «الحزب» في 2000 و2006، تراثٍ أرشدنا إلى أنّ الدولة العبريّة «أوهن من بيت العنكبوت»، وأنّ «زمن الهزائم ولّى»، فبدا أنّ عدوّ «حزب الله» هو الذي استوفى شروط توجّهه نحو انقراضه المحتوم.

بمعنى آخر، تتحرّك الحرب، وفق اللوحة التي رسمتها لها الممانعة، بين انتصار كاسح وهزيمة كاسحة، أي بين انقراضين اثنين لا بدّ أن يتحقّق أحدهما. ولإقناع بيئة ربّما اهتزّ يقينها بتصوّرات كتلك، ضمّ الأمين العامّ الجديد قاسم نعيم صوته الذي لا يُقنع إلاّ من وُلد مقتنعاً.

ثمّ إنّ الإسرائيليّين، كما قد تمضي الرواية الضمنيّة، لا بدّ أن يمتلكوا حيال «الحزب» المشاعر نفسها التي يمتلكها «الحزب» حيالهم. وهذا ما تعزّزه الفكرة التي انتشرت ومفادها أنّ الدولة العبريّة كانت ستهاجم بـ 7 أكتوبر و»حرب إسناد» أو من دونهما، وبالتالي يغدو البقاء على قيد الحياة بذاته انتصاراً.

وبالطبع فإنّ المعنى التاريخيّ يغادر «الانتصار» و»الهزيمة» في سياق إفنائيّ كهذا، إذ ليس الانتصار مقدّمة يُبنى عليها تقدّم أو ازدهار أو تحرّر، وليست الهزيمة حدثاً يتعلّم منه المهزومون ويستفيدون من دروسه.

والرواية هذه عن الحرب، بوصفها انتصاراً وهزيمة كاسحين، إنّما هي رواية عن الحياة نفسها، وعن الحياة كلّها. فالأخيرة تُختزل أهدافها، وهي كثيرة جدّاً كما يُفترض، في «قتال العدوّ»، كما تُلخّص مشاعرها وهمومها، وهي غنيّة جدّاً، في انتصار وهزيمة. أمّا المشاعر الأخرى فيُعاد تدويرها وصَوغها بحيث تغدو مجرّد امتداد لهذين الهزيمة والانتصار اللذين يلفّان الحياة.

ومع انتهاء المواجهة الحربيّة قبل أيّام، كان لا بدّ أن يستمرّ الإصرار على «أنّنا انتصرنا»، وذلك استناداً إلى مشاهدات وأقوال جزئيّة أو منزوعة من سياقها. ذاك أنّنا حين نجعل الحياة مساوية للانتصار، يغدو إقرارنا بالهزيمة نوعاً من تزكية الانتحار، أو انسحاباً من الحياة ذاتها. وهذا بالضبط ما كانَه خيار ضبّاط يابانيّين وألمان عند انتهاء الحرب العالميّة الثانية ممّن بالغوا في التأكيد على أنّ الانتصار يعادل حياتهم، وأنّ من دونه لا يبقى سوى الموت.

ولحسن الحظّ، فإنّ العالم ليس فقيراً وجديباً إلى حدّ تلخيصه بانتصار وهزيمة. وهكذا فحين يتوقّف القتل والقتال تنتصب مفاجأتان كبريان في مواجهة أصحاب تلك الرواية: أنّ النتائج بمعطياتها ووقائعها ووثائقها الموقّعة تأتي بعيدة جدّاً ممّا توقّعوه، أو قالوا إنّهم يتوقّعونه، وأنّ الواقع السائل والمعقّد ذا الأوجه العديدة يباشر الانتقام لنفسه بأن يتجاوزهم ويعزلهم، إن لم يكن كأشخاص وأحزاب فكأفكارٍ عملت على تلخيصه وأمعنت في إفقاره. فمن كان لا يملك إلاّ السلاح، ولا يتباهى إلاّ به، سيلقي به جانباً استئنافُ دورة الحياة بما تختزنه من ثراء وأفعال ومبادرات.

بيد أنّ فضيحة هذه الرواية الانتصاريّة هي اقترانها بأفعال لا يقدم عليها المنتصرون فعلاً، كالشعور بالضيق وانفلات الشتم والتشهير ونعي الكون ولعن الحياة. فالذي يهبّ علينا اليوم من ضفّة الممانعة وصفُ تلك الرداءة الشاملة التي توالي الزحف علينا، إذ الفاسدون والمُفسدون وعملاء العدوّ وصغار النفوس سوف يتحكّمون، بعد اليوم، بكلّ شاردة وواردة على وجه البسيطة.

ولقائل أن يقول إنّ الانتصار والهزيمة يُفترض أن يكونا ظاهرين لا حاجة لكلّ هذا الجهد من أجل البرهنة عليهما. إلاّ أنّ الأمر لا يعود بهذه البساطة حين يكون الشعور بالهزيمة عميقاً عند أصحابه إلى هذا الحدّ، ويكون اشتهاء الانتصار عندهم قويّاً إلى هذا الحدّ. وإسرائيل المجرمة وذات الاستعداد الهمجيّ الخصب تستحقّ بالطبع أن نكرهها، لكنّها لا تستحقّ أن نمنحها الحقّ في إفقار أنفسنا ونزع كلَّ صدقيّة عنها، فنغدو كائنات مُفرّغة لا ترى في الكون إلاّ انتصاراً وهزيمة تحصد هي أوّلَهما ويُترك لنا الثانية.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

 عن الانتصار والهزيمة والخوف من الانقراض  عن الانتصار والهزيمة والخوف من الانقراض



GMT 14:52 2025 الإثنين ,07 تموز / يوليو

النصر بالحياة

GMT 14:51 2025 الإثنين ,07 تموز / يوليو

نتنياهو في ضيافةِ موزِّع الضَّمانات

GMT 14:49 2025 الإثنين ,07 تموز / يوليو

من يُعلن الانتصار في الحرب؟

GMT 14:48 2025 الإثنين ,07 تموز / يوليو

لبنان: التمديد للمراوحة ومزيد من التآكل

GMT 14:46 2025 الإثنين ,07 تموز / يوليو

«مانشستر سيتي»... هزيمة مدوّية

GMT 14:44 2025 الإثنين ,07 تموز / يوليو

نجمة تحجَّبت وأخرى خلعت

GMT 14:43 2025 الإثنين ,07 تموز / يوليو

إنها حقًا عائلة محترمة

GMT 14:41 2025 الإثنين ,07 تموز / يوليو

فرسان مدرسة الديوان!

GMT 17:50 2018 السبت ,27 كانون الثاني / يناير

"أون" تبدأ عرض مسلسل "أبو العلا 90 " لمحمود مرسي

GMT 13:20 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

الملك محمد السادس يبعث برقية عزاء في رئيس تشاد

GMT 07:47 2017 الثلاثاء ,10 كانون الثاني / يناير

بطولة الخريف

GMT 00:31 2017 الأربعاء ,06 أيلول / سبتمبر

الكشف عن تفاصيل ألبوم شيرين عبد الوهاب المقبل

GMT 13:02 2022 الأحد ,26 حزيران / يونيو

أفكار بسيطة في الديكور لجلسات خارجية جذّابة

GMT 11:33 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

جريمة قتل تهزّ "سوق الجملة" في مدينة تطوان المغربية

GMT 06:41 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

رئيس الكوكب المراكشي في "قفص الاتِّهام" بسبب مِلفّ السعيدي

GMT 12:37 2019 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

بوصوفة يشيد برونارد ويعتبر المدرب الأفضل بإفريقيا

GMT 05:08 2019 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

"فورد" تطلق سيارتها الحديثة "موستانغ ماخ إي" الكهربائية

GMT 11:03 2019 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة اسماعيل الحداد لا تدعو إلى القلق
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib