هل من طريقة أخرى مع إسرائيل

هل من طريقة أخرى مع إسرائيل؟

المغرب اليوم -

هل من طريقة أخرى مع إسرائيل

حازم صاغية
بقلم - حازم صاغية

ربّما كانت «النافعة» الناجمة عن «ضارّة» «طوفان الأقصى»، أو إحدى «النافعات»، أنّ التراب أهيلَ على القوّة كحلّ لمشكلة إسرائيل. فلا الحروب الكثيرة أدّت وظيفتها ولا المقاومات. أمّا الكلام الذي ينبغي قوله فينبغي فعلاً قوله، اليوم أكثر من أيّ وقت، مهما بدا جارحاً وجالباً للنقض والاتّهام، أو صادماً لمألوف الكلام والمشاعر. فلا الألم الفلسطينيّ الهائل ينبغي أن يستمرّ، ولا معاناة اللبنانيّين وباقي الشعوب التي تدفع أكلاف التذرّع بـ»القضيّة». ومع ترمب تزداد الحال تدهوراً، وترتفع أسهم الكوارث تهجيراً وإبادة. ومن الكلام الذي ينبغي قوله أنّنا لن نكون، لا في القريب ولا في البعيد، قادرين على سدّ فجوات يُرجّح أن تتعاظم في غير صالحنا: العلاقات الدوليّة لإسرائيل مع قوى العالم المؤثّرة (ولننسَ التوجّه شرقاً)، الفارق التقنيّ معها، السلاح النوويّ لديها، تركيبها السياسيّ والمجتمعيّ القادر على عيش تناقضاته في ظلّ الحرب... وهذا ناهيك عن أنّ مجتمعاتنا لا تريد القتال الذي باتت وظيفته الأولى خدمة أغراضٍ لا تمتّ بصلة إلى فلسطين والفلسطينيّين. وها هي سوريّا التي كانت رائداً في ديانة الحرب، والمزايدة فيها، تنعطف، شعباً وحكماً، عن تلك العقيدة.

هل يعني هذا أنّ لا مشكلة مع إسرائيل؟ قطعاً لا. لكنّه يعني أنّ ثمّة طرقاً أخرى لا تتوسّل العنف، ولا تهدّد به، في معالجة المشكلة. وفي وسع تاريخ النزاعات الكبرى أن يرشدنا إلى اقتراحات نغادر بها عالم الحرب، ونؤثّر في إسرائيل نفسها لصالح القوى المعتدلة التي أضعفها جوّ العنف والعسكرة، وهذا بعدما كان «معسكر السلام»، إبّان توقيع أوسلو، يستقطب أكثر من ثلثي مجتمعها. فعبر توجّه كهذا يمكن تجديد الرهان على إعادة وضع حلّ الدولتين على الطاولة. وكلّما اسرعنا زادت الفرص.

ومن تاريخ النزاعات أنّ فرنسا وألمانيا خاضتا عديد الحروب في تاريخهما، وفي الثلاث الأخيرة منها لم يكتف البروسيّون، في 1870، لم يكتف البروسيّون بإلحاق الهزيمة بالفرنسيّين وانتزاع ألزاس لورين (15 ألف كلم2) منهم، بل أذلّوهم بأسر إمبراطورهم نابوليون الثالث، وتوّجوا انتصارهم بإقامة الوحدة الألمانيّة. وفي 1914 شاركت فرنسا القوى الدوليّة التي حاربت ألمانيا ثمّ هزمتها، وبالنتيجة فُرض على الألمان «صلح فرساي» المُهين الذي شكّل أحد أسباب الصعود النازيّ اللاحق. وفي الحرب العالميّة الثانية، وبيسرٍ احتلّت ألمانيا فرنسا، ما بات مصدراً لشعور استثنائيّ بالعيب عبّر عنه الأدب والسينما الفرنسيّان بأشكال شتّى. هكذا، حين توحّدت ألمانيا في 1990، أثارت وحدتُها مخاوف أوروبيّة وفرنسيّة لم يشذّ عنها الرئيس فرانسوا ميتران. بيد أنّ الأخير سريعاً ما استدرك فتحوّل إلى متحمّس لتلك الوحدة، مراهناً على امتصاص ما قد ينجم عن وحدتها وقوّتها بإطار أوروبيّ تندمج ألمانيا فيه وتتقاطع مصالح الأوروبيّين. والتصوّر هذا هو ما قاد إلى اتفاقيّة ماستريخت، ومن بعدها عملة اليورو.

ومنذ القرن السابع تدور الحروب بين اليابان وكوريا، وفي الزمن الحديث احتلّت الأولى الثانيةَ بين 1910 و1945. خلال تلك الحقبة، وخصوصاً إبّان الحرب العالميّة الثانية، قُتل أكثر من نصف مليون كوريّ، وأُخضع للعمل الإكراهيّ مليون منهم، كما فُرض على نساء كوريّات نظام يقضي بـ»الترفيه» عن الجنود اليابانيّين و»إراحتهم». وفقط بعد عشرين عاماً على انتهاء الاحتلال، أي في 1965، عادت العلاقات وطُبّعت بين البلدين، لكنْ لا تزال هناك مسائل عالقة وباعثة على التوتّر، خصوصاً التعويضات التي تخضع لتأويلين متباينين. مع هذا لم تتوقّف علاقات التبادل التجاريّ بينهما بمليارات الدولارات فيما يتشارك البلدان في كثير من الروابط الاقتصاديّة والعسكريّة والأمنيّة.

ويعود النزاع الإنكليزيّ – الإيرلنديّ إلى أواسط القرن السابع عشر، مع احتلال كرومويل (البروتستانتيّ) إيرلندا (الكاثوليكيّة) وموجة الهجرة الاستيطانيّة الكثيفة التي أعقبته. وفي 1919-21 كانت حرب الاستقلال التي نشأ عنها، بعد بعض التعرّج، تقسيم البلد وقيام الدولة الإيرلنديّة في الجنوب مع استمرار الصراع في الشمال. وهذا قبل أن يتمّ التوصّل، في 1998، إلى تسوية للشمال تعيد توزيع سلطاته بما يُرضي الكاثوليك، وتُبقيه ضمن بريطانيا بما يطمئن البروتستانت.

وحين استقلّت الهند، وانفصل مسلموها وأنشأوا دولة باكستان، عام 1947، نشبت حرب أهليّة أدّت إلى تهجير 14 مليون إنسان، وفي أكثر أرقام التاريخ الحديث غموضاً قُدّر عدد القتلى بين 200 ألف ومليونين. وكاليابانيّين والكوريّين، والإنكليز والايرلنديّين، لم يتحوّل الهنود والباكستانيّون إلى عشّاق، فهم خاضوا ثلاث حروب لاحقة، ولا تزال تفصل بينهم نزاعات كثيرة أهمّها موضوع كشمير. مع هذا، تتواصل لقاءات رسميّي البلدين كما تستمرّ العلاقات التجاريّة ومحاولات البحث عن حلول ديبلوماسيّة للنزاع.

وحروبنا، الفلسطينيّة والعربيّة مع إسرائيل، ليست استثناء على الحروب، ولا هي أكثرها انطواء على الكراهية وتسبّباً بالألم. لكنْ ربّما كانت الطريقة الوحيدة لتذليل العدوانيّة الإسرائيليّة هي ما فكّر فيه أوروبيّون كميتران ممّن ظنّوا أنّ الاتّحاد الأوروبيّ طريقتهم الوحيدة لتطويق ما اعتبروه عدوانيّة ألمانيّة محتملة ولضبطه.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل من طريقة أخرى مع إسرائيل هل من طريقة أخرى مع إسرائيل



GMT 14:43 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

سوريا الأستاذ وديع

GMT 14:41 2025 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

في حب الصحراء: شريان الحياة

GMT 14:38 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

الرئيس والممسحة

GMT 14:33 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

السلاح... أو حين يكون المكسب صفراً والهزيمة مطلقة

GMT 14:28 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

من سيلحق بكندا... في «التعامل بالمثل» مع ترمب؟

GMT 14:24 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

ترمب وخصومه في «حيْصَ بيْص»

GMT 14:23 2025 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

سموتريتش وحقد الجِمال

GMT 14:19 2025 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

القطبية الصينية ومسار «عالم الغابة»

رحمة رياض تتألق بإطلالات متنوعة تجمع بين الأناقة والجرأة

الرياض - المغرب اليوم

GMT 16:43 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

منع دخول مغاربة إلى تونس يثير موجة شكاوى واستياء
المغرب اليوم - منع دخول مغاربة إلى تونس يثير موجة شكاوى واستياء

GMT 11:40 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

تصميمات رخامية تُعيد إحياء الحمّامات الرومانية في قلب بيروت
المغرب اليوم - تصميمات رخامية تُعيد إحياء الحمّامات الرومانية في قلب بيروت

GMT 19:13 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

ملف الصحراء المغربية يعود للواجهة ومؤشرات حسم دولية قريبة
المغرب اليوم - ملف الصحراء المغربية يعود للواجهة ومؤشرات حسم دولية قريبة

GMT 17:33 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

باراغواي تعلن فتح قنصلية عامة في الصحراء المغربية
المغرب اليوم - باراغواي تعلن فتح قنصلية عامة في الصحراء المغربية

GMT 16:35 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

الذكاء الاصطناعي يساعد الأطباء على منع السكري قبل ظهوره
المغرب اليوم - الذكاء الاصطناعي يساعد الأطباء على منع السكري قبل ظهوره

GMT 17:49 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

بحضور النجوم إليسا تحتفل بعيد ميلادها
المغرب اليوم - بحضور النجوم إليسا تحتفل بعيد ميلادها

GMT 19:34 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

الشيخة حسينة تتحدث لأول مرة منذ الهروب
المغرب اليوم - الشيخة حسينة تتحدث لأول مرة منذ الهروب

GMT 15:55 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 02:18 2018 الثلاثاء ,23 كانون الثاني / يناير

سهام العزوزي تتوج بلقب مسابقة "ميس أمازيغ" في دورتها الخامسة

GMT 14:13 2016 الإثنين ,31 تشرين الأول / أكتوبر

فرقة «رضا» تتألق في الأقصر عاصمة السياحة لعام 2016

GMT 23:59 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

تعرف على تفاصيل طلاق "أبو جاد" وزوجته سارة

GMT 19:07 2019 السبت ,22 حزيران / يونيو

الكرنب يحتوي على مغذيات تحارب مرض الخرف

GMT 13:24 2019 السبت ,01 حزيران / يونيو

ودي تكشف عن موديلات S من سياراتها Q5 وA6 وA7

GMT 14:44 2019 الثلاثاء ,01 كانون الثاني / يناير

حرّاس صدام حسين يكشفون تفاصيل اللحظات الأخيرة في حياته

GMT 07:20 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

الأغذية منخفضة الكربوهيدرات تسهم في علاج السكري

GMT 16:22 2018 الأربعاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

العروبة الإماراتي يتعاقد مع ياسين الصالحي لموسم واحد

GMT 20:51 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

قطر تستعد لتنظيم بطولة العالم للجمباز بمشاركة إسرائيلية
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib