الشخصية القاعدية
ارتفاع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى أكثر من 57 ألف شهيد والأمم المتحدة تحذر من انهيار غذائي شامل إرتفاع عدد ضحايا فيضانات تكساس إلى 82 شخصا واستمرار عمليات البحث والإنقاذ إنتحار وزير النقل الروسي رومان ستاروفويت بعد ساعات فقط من إقالته بقرار من الرئيس فلاديمير بوتين. الجيش الإسرائيلي يعلن تنفيذ عمليات واسعة في غزة وتدمير مواقع لحركة حماس شمالاً وجنوباً مقتل أربعة أشخاص وإصابة 36 آخرين في هجمات روسية متفرقة على أوكرانيا إلغاء عشرات الرحلات الجوية من وإلى جزيرة بالي الإندونيسية بعد ثوران بركان ضخم في البلاد حركة حماس تصر على تعديلات الاتفاق والمفاوضات مع إسرائيل بلا تقدم في الدوحة انتشار مفاجئ لأعراض هضمية يثير القلق ومخاوف من موجة فيروسية جديدة ضواحي الناظور الحوثيون يعلنون استهداف مطارات وموانئ إسرائيلية ويؤكدون استمرار دعم غزة إرتفاع عدد قتلى الجيش التركي في العراق إلى اثني عشر جندياً بسبب استنشاق غاز الميثان أثناء مهمة عسكرية
أخر الأخبار

الشخصية القاعدية

المغرب اليوم -

الشخصية القاعدية

د. آمال موسى
د. آمال موسى

أثارت الندوة التي انتظمت مؤخراً تكريماً لفكر عالم الاجتماع التونسي المنصف وناس الذي فارقنا مؤخراً بسبب إصابته ب فيروس كورونا»، مواضيع عدة مهمة تعكس جديّة المباحث التي انشغل بها الدكتور وناس وتعمق فيها قناعة منه بجدواها معرفياً.

ولقد استأثر كتابه المعروف عن الشخصية التونسية القاعدية بمحور مستقل من محاور الندوة، وأجج شهية النّقاش والحوار، ما أدى بالبعض إلى طرح أسئلة مهمة بدورها، وتحتاج إلى ندوات مستقلة، تتعدد فيها المقاربات، وتتقارع فيما بينها، بحثاً عن الأكثر وجاهة في التحليل والاستنتاج.

من الأسئلة التي طرحت بكثير من اللطف والتقدير لإطار الندوة ذي الطابع التكريمي لمفكر عرف بكرمه الفكري والإنساني، نشير إلى التدخلات التي أثارت جدوى البحوث التي تنظر في الشخصية الأساسية في المجتمعات العربية اليوم.

وكما نلاحظ فإننا أمام سؤال يُشكك في مشروعية بحوث الشخصية الأساسية. وطبعاً استناداً إلى الرؤية الديكارتية في العلم فإن الشك في هذا السياق مثمر ومنطلق جيد لخوض رحلة إثبات المشروعية أو نفيها.

ومستندات المواقف التي تتعامل بفتور مع مباحث الشخصية القاعدية أو الشخصية الأساسية أن الحقول المعرفية البحثية في أوروبا لا تُراهن على هذه المواضيع في تفسير الظواهر الاجتماعية الخاصة بالمجتمعات الأوروبية وفهمها. أما المستند الثاني فيتمثل في كون الفردانية لم تعد تسمح بالوثوق بنتائج بحوث تعنى بالشخصية القاعدية للمجتمعات العربية اليوم.
وكما هو معلوم فأبحاث الشخصية القاعدية تندرج ضمن الأنثروبولوجيا الثقافية. والمقصود بالشخصية القاعدية، كما حددها العالم النفسي أبرام كردينار، الشخصية الاجتماعية الثقافية المشتركة بين مجموع مكونات جماعة خاصة أو مجتمع يربط بين أفراده نظام مشترك من القيم والمعايير وطرق الاستجابة.

أولاً من المهم الإشارة إلى أن الجدل حول أهمية بحوث الشخصية القاعدية من عدمه له ما يبرره، إذ يفرض الانخراط في هذهالبحوث تحديد مجموعة من المواقف تتعلق بالمؤسسات الاجتماعية وموقع الفرد ودوره في المجتمع ومدى تغلغل فكر الحداثة وقيمها. بمعنى آخر، فإن الباحث الأوروبي في علم الاجتماع وعلم النفس الاجتماعي لا يهتم بمسألة الشخصية القاعدية لأن حداثة المجتمع الأوروبي أمر محسوم، وهي حداثة عريقة، فعلت فعلها في الرأسمال الرمزي الأوروبي بشكل عام، إضافة إلى أن ما قامت به الحداثة من هدم للمؤسسات ومن إعلاء لشأن الفرد وإيلائه دور الفاعل وموقع المركز جعل من النبش معرفياً في النظام القيمي المشترك الذي تنقله عادة النظم الاجتماعية من خلال عملية التنشئة الاجتماعية... عملاً لا جدوى معرفية ترجى منه، والحال أن الفردانية أطاحت المؤسسات الاجتماعية الأولية مثل الأسرة والمدرسة، حتى لو كانت هذه الإطاحة الرمزية تختلف من تجربة مجتمع إلى آخر.

إذن انحسار حتمية دور المؤسسات وتراجع هيمنتها على الفرد في المجتمعات الأوروبية أديا إلى تجاوز علم الشخصية القاعدية.

السؤال هل يشبه حالنا مع الحداثة حال المجتمعات العربية؟ ثم هل لم تعد مؤسساتنا اليوم تحكم في المجتمع، ورفعت يدها عن الفرد تماماً كما يحلّق الفرد الأوروبي اليوم في حل من تاريخ طويل من هيمنة المؤسسات الاجتماعية؟
الإجابة؛ لا نظن أننا طوينا مرحلة المجتمع التقليدي، وأننا حالياً تتوفر فينا مقومات المجتمع الحداثي الفرداني. بل المشكلة اليوم ليست في الانتقال من عدمه، بل في مخاض الانتقال والتشظي بين التقليدي والتحديثي. ولا يخفى على الباحثين أن غالبية الظاهرة المنتشرة اليوم في مجتمعاتنا هي نتاج تعثر هذا الانتقال وتعبير عن صعوبات عملية التغيير الاجتماعي نحو الحداثة رغم الانفتاح على بعض مظاهرها.
ونعتقد أن مباحث الشخصية الأساسية يمكنها أن تكشف لنا أسباب التعثر الكامنة في الثقافي المشترك، ومن ثم القبض على مواطن العطب. فما تعيشه الشخصية العربية اليوم من صراعات ظاهرة وغير ظاهرة بين سجلات قيمية مختلفة ومتنافرة هو الذي ولّد نوعاً من التأزم، وجعل عملية التغيير الثقافي شاقة. لذلك، فإن التشريح العلمي الذي تقوم به نظريات الشخصية الأساسية يمكّن المجتمع من معرفة القيم الثقافية والتصورات المانعة للانخراط في التحديث والمواطنة والمدنية والمساواة. فالأنظمة الثقافية الاجتماعية المشتركة المعادية لحرية المعتقد وللمساواة، والتي تعاني من العنصرية والتمييز المتغلغلين في الرأسمال الثقافي الجمعي، من الصعب أن تتحول في مجتمعاتها القوانين الدستورية إلى ممارسات اجتماعية.

وهكذا نفهم لماذا نحن فعلاً في حاجة إلى علم الشخصية القاعدية الأساسية كي نفهم مجتمعاتنا وما يعطل خطواتها نحو التحديث الحقيقي الذي يعنى بالعقل ويتبوأ الفرد مكانة الفاعل الاجتماعي العقلاني. فنحن لا نمتلك ترف التجاوز الذي تتمتع به المجتمعات الأوروبية.

طبعاً نقول هذا الكلام بحذر شديد لأن سمات الحداثة أيضاً تنتج شخصية قاعدية، خصوصاً أن الحداثة منظومة قيم ونظام ثقافي مشترك ويرنو إلى الإنسانية جمعاء. فالشخصية الأوروبية التي تحتكم اليوم إلى قيم الحداثة والفردانية هي أيضاً تمتلك نظاماً ثقافياً اجتماعياً مشتركاً، أصبح يمثل الحتمية المضادة للحتمية الكليانية.
إنّ المخيال والتمثلات العربية لا تزال في ارتباط بالنسق الثقافي العربي المشترك، والفوارق لا تفسد كثيراً الاستنتاجات العامة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الشخصية القاعدية الشخصية القاعدية



GMT 13:16 2025 السبت ,28 حزيران / يونيو

حكومة فى المصيف

GMT 15:46 2025 الجمعة ,20 حزيران / يونيو

ترمب... وحالة الغموض

GMT 15:56 2025 الأربعاء ,18 حزيران / يونيو

هند صبري.. «مصرية برشا»!

GMT 17:41 2025 الإثنين ,16 حزيران / يونيو

..وإزالة آثار العدوان الإسرائيلى

GMT 22:58 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

سباق التسلح الجديد؟

GMT 16:47 2022 الجمعة ,14 كانون الثاني / يناير

حزب التجمع الوطني للأحرار" يعقد 15 مؤتمرا إقليميا بـ7 جهات
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib