الجريمة وانحراف الخطاب
وزارة الخارجية الأميركية تدين "الفظائع" في الفاشر وتحذر من خطر يهدد آلاف المدنيين جيش الإحتلال الإسرائيلي يعلن عن عمليات لتطهير رفح وتدمير بنى حركة حماس التحتية قلق في تل أبيب من إنتقال عدوى مرضى الحصبة إلى الأطباء مع تفشي المرض في مناطق عديدة في إسرائيل سلطات الطيران النيبالية تعلن سلامة ركاب طائرة إثر هبوطها إضطرارياً في مطار جاوتام بوذا الدولي غارات إسرائيلية على قطاع غزة بعد فشل تسليم جثث الرهائن وتل أبيب تؤكد أن الجثامين لا تعود للمحتجزين الجيش الأوكراني يعلن تنفيذه عملية معقدة لطرد جنود روس تسللوا إلى مدينة بوكروفسك في منطقة دونيتسك بشرق البلاد خلافات حادة داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية بشأن التعامل مع الأسرى الفلسطينيين قوات الاحتلال تواصل القمع وتقتل فلسطينيين وتصيب آخرين بالضفة وغزة ارتفاع ضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 68858 شهيداً بينهم أطفال ونساء مصرع ثلاثة عشر شخصا في انهيار أرضي غرب كينيا بسبب الأمطار الغزيرة
أخر الأخبار

الجريمة وانحراف الخطاب

المغرب اليوم -

الجريمة وانحراف الخطاب

آمال موسى
د. آمال موسى

ما حصل في فرنسا مؤخراً من قطع لرأس أستاذ التاريخ من قِبل شيشاني متطرف، إنّما يندرج ضمن الجريمة البشعة، التي لا يتحمل مسؤوليتها إلاّ القائم بها. ولكن مع الأسف ما نلاحظه أن هناك إصراراً على الربط بين الإسلام والإرهاب، فقط لأن المجرم حامل للديانة الإسلامية.

يبدو لي أن المأزق العالمي الإنساني بدأ مع رواج مفهوم الإرهاب الذي أصبح يعني الجريمة الدينية أو العنف باسم الدين، في حين أن أصل معنى الإرهاب لا صلة له بالديني تحديداً.
وهكذا نفهم المحاذير التي ظلت تحوم حول مفهوم الإرهاب الذي لا يخلو من توظيف سياسي ومن موقف من الإسلام بشكل خاص.

المشكل أن الالتباس المقصود تمت مواجهته من طرف معظم النخب بنوع من السلبية والاستسلام. والمشكل الأكبر أن النخب التنويرية العلمانية في المجتمعات العربية والإسلامية وقعت في الفخ المراد من الالتباس الموجه. ورغم أن هذه النخب تعرف أن النص شيء والتأويلات شيء آخر، وليس موضوعياً أن يتحمل النص وزر التأويلات المنحرفة والمريضة، فإن الكثير من المثقفين العرب يمارسون الربط نفسه، أو لنقل إنّهم يُبررونه ويقدمون حججاً تفيد الدعوة إلى «الجهاد» وغير ذلك، ويتغافلون عمّا يُسمى أسباب نزول الآية والظرف التاريخي الذي وردت فيه.
كما أن الاستمرار في هذه الرؤية وإشهارها في لحظات تأجج الرأي العام الدولي لا يزيد إلا الالتباس تعقيداً، وهذا أمر ليس في صالح أي طرف بقدر ما يمثل مصدر استمرارية لمثل هذه الجرائم التي تتخذ من الدين سبباً وذريعة للتغطية عن الأسباب الحقيقية التي قد تكون مرضاً نفسياً لدى القاتل أو أنه يعاني من تهميش اقتصادي أو تعرض لغسيل دماغ ويخدم مصالح الشبكات «الجهادية» التكفيرية، التي هي أصلاً تم بعثها وتمويلها وحمايتها دولياً كي تصنع الالتباس حول الإسلام، وتزيد في إضعاف المجتمعات الإسلامية.

كل العمليات التي سميت إرهاباً هي جرائم يعاقب عليها القانون، ولكن تخصيصها بقاموس خاص هو ما زاد في تنامي هذه الجرائم الدينية والالتباس؛ ذلك أن توصيف حادثة ما بكونها جريمة، ينزع عنها الآيديولوجي ومواضيع الصراعات المعروفة، في حين أن الإرهاب مفهوم يتطفل على عالم الجريمة ويجرفه نحو التوظيف والتوجيه وينتقل به من مجال الفرد إلى مجال المجموعة. فالحديث عن الجريمة يستلزم مجرماً، والحديث عن الإرهاب يستهدف مجموعة وطائفة وديناً والمنتمين لذلك الدين.

المزعج في هذه الالتباسات هو الزيغ عن حقيقة المشكلة الأصلية والانحراف بها إلى معانٍ ومقاصد تمثل بدورها نواة ظهور جرائم أخرى يثأر فيها ضحايا ممن شملهم الزيغ بالأحداث من معنى الجريمة إلى معانٍ أخرى.

لقد حصلت منذ أشهر مضت عمليات إبادة للمصلين في المساجد قام بها حامل للديانة اليهودية وانخرط الخطاب العالمي بلهجة لينة في حديث عن الإرهاب وفكرة أن الإرهاب لا دين له.

وفعلاً الإرهاب لا دين له ولا ثقافة له. هو سلوك إجرامي يجب أن يقاوم من منطلق كونه جريمة، وتتصدى له المجتمعات كما تفعل بالنسبة إلى جرائم الاغتصاب والقتل والخطف.

ربما نحن بحاجة إلى مدونة خطاب دولي تُولي أهمية لمفهوم الجريمة وتتحاشى تفاصيل ديانة مرتكب الجريمة، وقد تكون هذه الطريقة ناجعة من ناحيتين؛ الأولى فك الارتباط المُؤدلج بين الدين والجرائم، والناحية الثانية إعادة تشكيل تمثلات الآخر غير الإسلامي الذي بات عنده الربط بين الإسلام والإرهاب آلياً.

في مقابل هذا الالتباس ماذا فعلت نخبنا ومؤسساتنا من أجل تبديد هذا الالتباس وتخليص الأديان من هذا التوظيف المضر للعالم جميعاً قاتلاً وضحية؟

لم نفعل ما يجب. ولم نفعل حتى القليل من الكثير الذي يجب أن نقوم به. مجتمعاتنا تعاملت بإيجابية مع ظاهرة الإسلام السياسي، الذي زاد في الالتباس وزاد في استعمال الدين، وهي أحزاب جعلتنا نعود إلى الوراء في كل شيء.

من ناحية ثانية هناك انغلاق غير مبرر في مدارسنا وجامعاتنا، ولم نهتدِ بعد إلى الانتباه إلى البعد القيمي في الأديان ونشر القيم الدينية الإنسانية التي تسهم في تنشئة الناشئة وفق مضامين الأنسنة والخير واحترام الآخر والعقل.

مدارسنا لا تدرس الأديان، وهذا مظهر نقص فادح أسهم فيما سماه المفكر إدوار سعيد صدام الجهالات، إضافة إلى دور المعرفة الشعبية المتوارثة في تنمية سوء الفهم والإقصاء.

لقد آن الأوان كي تنفتح مدارسنا على الأديان وتدرسها من الزاوية التاريخية الموضوعية والتركيز على «القيمي»، الذي يتعاضد مع الحوار والتسامح والقبول. كما أن النخب التنويرية بدل المشاركة في الالتباس والخطاب المنحرف حول الإسلام، فإن دورها هو التمييز بين النص والتفسيرات وتنزيل النص الديني في سياقه وإطاره.

فما تعرض له أستاذ التاريخ الضحية هو جريمة، والإسلام الذي بوأ العلماء منزلة عالية بريء من هذه الجريمة وغيرها.

لنحاول التركيز على خطاب الجريمة من دون سواه، ونخلص كل هذه الجرائم من تفاصيل الهوية الدينية.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الجريمة وانحراف الخطاب الجريمة وانحراف الخطاب



GMT 20:14 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

بيروت والكلام المغشوش

GMT 20:11 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

التغييرات المناخية... الأمل بالطيران في بيليم

GMT 20:05 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

انتحار الصِغار و«رقمنة» اليأس

GMT 20:00 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

الحبل السُّرِّي بين العالم العربي وحل الدولة الفلسطينية

GMT 19:47 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

عالم من الضواري

شريهان تتألق بالملابس الفرعونية في احتفالية افتتاح المتحف المصري الكبير

القاهرة _ المغرب اليوم

GMT 02:12 2019 السبت ,07 كانون الأول / ديسمبر

أبرز أضرار ممارسة الضغط على الأبناء في الدراسة

GMT 20:24 2018 الإثنين ,08 تشرين الأول / أكتوبر

دراسة حديثة تؤكد أن 4 أنماط فقط للشخصيات في العالم

GMT 04:38 2018 الإثنين ,29 كانون الثاني / يناير

التكنولوجيا الحديثة تجلب ضررًا كبيرًا في المدارس

GMT 16:13 2017 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

المغرب يستدعي سفراء الدول العظمى بسبب قرار دونالد ترامب

GMT 00:17 2016 الأحد ,09 تشرين الأول / أكتوبر

ماذا عن الحمل بعد الأربعين؟

GMT 23:59 2022 الخميس ,10 شباط / فبراير

7 مباريات قوية وحاسمة للوداد في شهر

GMT 12:44 2020 السبت ,05 كانون الأول / ديسمبر

كيا تطرح نسخا شبابية قوية وسريعة من سيارة Ceed الاقتصادية

GMT 02:07 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

فساتين خطوبة باللون الأحمر لعروس 2020
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib