الإسلام السياسي تَغيُّر «الجماعات» و«الأفكار»

الإسلام السياسي.. تَغيُّر «الجماعات» و«الأفكار»

المغرب اليوم -

الإسلام السياسي تَغيُّر «الجماعات» و«الأفكار»

عبدالله بن بجاد العتيبي
بقلم - عبدالله بن بجاد العتيبي

الدول والحكومات أم الجماعات والتنظيمات؟ الدول والحكومات التي نشأت وتطورت ضمن عوامل اجتماعية وسياسية وتاريخية طبيعية أم الجماعات والحركات التي اختارت تحويل الإسلام إلى أيديولوجيا توصلها للسلطة؟ وهل يستطيع المسلم أن يعيش حياته كاملة متديناً قريباً إلى الله من دون سياسة؟ مَثّل الإسلام سياسياً في بداياته الخلفاء الراشدون الأربعة، أصحاب الرسول الكريم وقادة الدولة، ثم دخلت مرحلة «الفتنة»، حتى قامت «الخلافة الأموية» واستقرت الدولة وبدأت تتشكل الفرق في التاريخ الإسلامي، فكان الخلفاء يمثلون الدولة و«الخوارج» يمثلون جماعة، ومثلهم «الشيعة»، وتناقص الخوارج حتى بقيت لهم فرق صغيرة وأفكارٌ معروفة، وتحوّل الشيعة إلى «طائفة» و«مذهب» يمثل الأقلية الأكثر عدداً في تاريخ المسلمين، وهما فرقتان على تناقضهما تجعلان فكرة «البراءة» مركزية في الإسلام.

فكر الخوارج كان كفيلاً بإضعافهم وتمزقهم، وهناك فكر مذهبي تحول إلى «الإمام الغائب» وعقيدة الانتظار، ونشأت بعد ذلك فرقٌ لا تحصى، كالجبرية والقدرية، أو الجهمية والمعتزلة والأشاعرة، وكانت الدولة وغالب الفرق الإسلامية تركز على «السمع والطاعة»، وتوالت الدولة الإسلامية صعوداً وهبوطاً، وصولاً إلى العصر الحديث. خرجت فكرة «الإسلام السياسي» الحديث لتعيد إحياء فكرة أن «الجماعة» أو «التنظيم»، هو الذي يمثل الإسلام وليس الدولة، وذلك في الهند مع أبي الأعلى المودودي.

وفي مصر مع «جماعة الإخوان المسلمين»، ومثل أي خطابٍ بدأ خطاب «الإسلام السياسي» يتغير ويتطور سلباً وإيجاباً بحسب الظروف، فكان الصراع بين «جماعة الإخوان» وبين «الفقهاء التقليديين» هو الأصل، ثم تطوّر لصراعٍ بين «جماعة الإخوان» و«السلفية»، وخرجت أجوبةٌ تجمع الطرفين في طروحات عدد من الرموز من أمثال «محمد أحمد الراشد» و«محمد قطب» وكذلك «محمد سرور زين العابدين» و«عبدالرحمن عبدالخالق» وغيرهم، ومن هذه العجينة بين «الإسلام السياسي» و«السلفية» خرجت جماعات الإرهاب وتنظيماته.

«تنظيم القاعدة» و«تنظيم داعش» وأمثالهما الكثير، يعبرون عن نتيجة هذا الالتقاء بين الطرفين، مع اقتناع هذه التنظيمات بأنها تمثل الإسلام وليس «الدولة» ولا «المجتمع»، وكانت الوسيلة هي «العنف» و«الإرهاب». وحين حكمت «جماعة الإخوان» مصر أبانت أن «السياسة» أهم من «الأيديولوجيا»، فقدمت تنازلات سياسية كانت على مدى عقودٍ تكفّر الدولة على تقديمها.

خرجت حينها «طروحات» و«تنظيرات» من نفس العجينة السابقة بين الحركية والسلفية، تكفّر «الدول» المسلمة لأنها لم تقم الإسلام كما ترغب «الجماعة»، وفي الوقت نفسه تمجّد النموذج التركي لأنه يحاول أن يعيد «الدولة» هناك من الكفر إلى الإسلام، وهو وإنْ لم يصل بعد لمستوى «الدول» المسلمة من الإسلام فإنه خيرٌ منها، في تناقض فكري صارخ.

نجحت بعض «الفصائل المسلحة» ذات الخلفية المعروفة تنظيمياً وفكرياً في «تنظيم القاعدة» و«تنظيم داعش» في إسقاط النظام السوري، وبدأ جدل مستحقٌ حول مصير هذه الفصائل المسلحة، هل ستأخذ بنموذج «القاعدة» و«داعش» في الحكم، فيكون مصيرهم مصير «الخوارج» قديماً، أم ستسعى للانتقال إلى مرحلة أخرى مغايرة؟ أخيراً، ففي عصر السرعة والاستعجال يجد البعض هذه الجدالات تنظيراً لا داعي له، وربما مضيعة للوقت، ولكنهم سيكتشفون قريباً أنها أسئلة مصيرية يبنى على التفكير فيها بعمقٍ قراراتٌ مصيرية لا تحتمل جهلاً بهذه الجدالات ولا تجاهلاً لها.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإسلام السياسي تَغيُّر «الجماعات» و«الأفكار» الإسلام السياسي تَغيُّر «الجماعات» و«الأفكار»



GMT 15:23 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

عفواً سيّدي الجلاد

GMT 15:21 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

الفوسفات والذنيبات والمسؤولية المجتمعية تصل البربيطة

GMT 15:18 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أبو دلامة وجي دي فانس

GMT 15:07 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

العودة إلى إسحق رابين

GMT 14:59 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

من الساحل إلى الأطلسي: طريق التنمية من أجل الاستقرار

GMT 14:52 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

فضيحة في تل أبيب!

GMT 14:45 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر تفرح بافتتاح المتحف الكبير (1)

GMT 14:42 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

شخص غير مرغوب فيه

نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 02:54 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

في يوم العلم الإماراتي استوحي أناقتك من إطلالات النجمات
المغرب اليوم - في يوم العلم الإماراتي استوحي أناقتك من إطلالات النجمات

GMT 10:46 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة
المغرب اليوم - أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة

GMT 13:31 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

طرق ذكية لتعليق اللوحات دون إتلاف الحائط
المغرب اليوم - طرق ذكية لتعليق اللوحات دون إتلاف الحائط

GMT 18:26 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بوريس جونسون يهاجم بي بي سي ويتهمها بالتزوير
المغرب اليوم - بوريس جونسون يهاجم بي بي سي ويتهمها بالتزوير

GMT 21:54 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

تفاصيل خطة تشكيل القوة الدولية لحفظ الأمن في غزة
المغرب اليوم - تفاصيل خطة تشكيل القوة الدولية لحفظ الأمن في غزة

GMT 18:52 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

خبراء التغذية يوصون بمشروبات طبيعية لتحسين الأداء الإدراكي
المغرب اليوم - خبراء التغذية يوصون بمشروبات طبيعية لتحسين الأداء الإدراكي

GMT 20:20 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

4 أصوات تشير إلى أعطال في محركات السيارات

GMT 06:27 2018 الثلاثاء ,05 حزيران / يونيو

دراسة تؤكّد تأثير حجم المخ على التحكّم في النفس

GMT 21:07 2018 الأربعاء ,04 إبريل / نيسان

"سباق الدراجات" يدعم ترشح المغرب للمونديال

GMT 01:40 2018 السبت ,10 آذار/ مارس

رجل يشكو زوجته لسوء سلوكها في طنجة

GMT 05:32 2017 الأربعاء ,03 أيار / مايو

محمود عباس فى البيت الأبيض.. من دون فلسطين!

GMT 06:27 2016 الجمعة ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

باكستان تُبعد صاحبة صورة ناشيونال جيوغرافيك الشهيرة

GMT 04:19 2016 الإثنين ,05 كانون الأول / ديسمبر

"فرزاتشي Versaci" تطلق مجموعتها الساحرة لعام 2017

GMT 07:02 2017 الجمعة ,20 تشرين الأول / أكتوبر

فيلم الرعب الأميركي "Happy Death Day" الأول على شباك التذاكر
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib