اتفاق السعودية وإيران درس في السياسة

اتفاق السعودية وإيران... درس في السياسة

المغرب اليوم -

اتفاق السعودية وإيران درس في السياسة

عبدالله بن بجاد العتيبي
بقلم : عبدالله بن بجاد العتيبي

رؤية 2030 السعودية قائمة بقضها وقضيضها على نهضة سعودية غير مسبوقة تنموياً واقتصادياً وعلمياً وسياسياً، وهي لتنجح في ذلك عازمة على النهوض بالمنطقة بأكملها، وقد تحدث عرّاب الرؤية ولي العهد السعودي عن رؤيته للمنطقة بأنها ستكون «أوروبا الجديدة».
التنمية والتطوير والازدهار في المنطقة لا يمكن أن تقوم من دون سلامٍ واستقرارٍ، ولكن المشكلة هي أن النظام الإيراني بسياساته واستراتيجياته المعروفة عاق هذا المسار، ولكنه استجاب هذه المرة للدعوة الصينية، فلماذا حدث ذلك؟
للجواب فإنه معلومٌ أنه منذ 40 عاماً قام النظام الإيراني تحت مسمى «الثورة الإسلامية» ورفض عن وعي التحوّل من «ثورة» إلى «دولة»، بل سعى لـ«تصدير ثورته» وقد نجح في السيطرة على قرار 4 دولٍ عربية بعد تحويل «خامنئي» استراتيجية «الخميني» من الحرب المباشرة إلى الحروب بالوكالة.
الحلفاء الكبار لدول الخليج العربي على طول التاريخ الحديث هم الدول الغربية في أميركا وأوروبا، وعلى مدى 4 عقودٍ لم تصنع هذه الدول شيئاً لحماية أمن دول الخليج العربي من التهديد الإيراني الدائم والمستمر، وهي غير مستعدة فعلياً لصنع شيء تجاهه، ووقعت مع إيران اتفاقاً نووياً لم تشاور فيه دول الخليج والدول العربية المعنية ولم تراعِ أولويات هذه الدول وأمنها وهي تمارس سياسات أشبه بالدلال، فأصبحت المنظومة السياسية الغربية فاشلة وغير مجدية في التعامل مع إيران، وكان لا بد من التفتيش عن غيرها فجاءت الصين.
باختصارٍ عسى ألا يكون مخلاً، فقد أعادت السعودية وحلفاؤها في المنطقة بناء توازنات القوى في العالم إقليمياً ودولياً، وما الموقف من الحرب الروسية الأوكرانية بكل تداعياتها إلا نموذجٌ في هذا السياق، ومن ذلك سياسات السعودية النفطية وكان لا بد للعالم من أخذ مصالح السعودية وحلفائها في المنطقة بعين الاعتبار، وإلا فمصالح الدول الغربية نفسها قد لا تؤخذ بعين الاعتبار في القرارات المصيرية، وهكذا شددت العقوبات الدولية.
في الملف اليمني، دفعت السعودية بالدول الأوروبية والمنظمات الدولية إلى اتخاذ مواقف أكثر حزماً تجاه «ميليشيات الحوثي» وأكثر دعماً للشرعية اليمنية وتم تشديد إغلاق المجال لأي تهريبٍ لأسلحة قد تصل ليد الميليشيات الحوثية، مع استمرار دعم استقرار اليمن وصناعة الأمل وإعادة الإعمار وجهود الإغاثة، فخرج اليمن من أن يكون مخلباً ضد السعودية ودول الخليج.
في العراق، سعت السعودية وحلفاؤها لدعم الدولة العراقية والمشاركة في تنمية العراق وعودته للاستقرار والبعد عن نفوذ الميليشيات والتنظيمات الإرهابية ودعمت تعزيز استقلال قراره السيادي وحرصت على كل ما يدعم رخاء الشعب العراقي وأمنه واستقراره، فتناقص التأثير الخارجي على القرار العراقي.
في سوريا، عملت السعودية وحلفاؤها على استعادة سوريا إلى عمقها العربي، ودعمت كل ما من شأنه استقرار الدولة السورية على ما تبقى من أرضها وفتح آفاقٍ مستقبلية لحلول وطنية مستقلة، وسوريا مجاورة لإسرائيل وإسرائيل تدك عسكرياً كل المحاولات الإقليمية لبناء المعسكرات والتغلغل في المدن والقرى السورية، فلم تعد سوريا مرتعاً لأحد.
في لبنان، قطعت السعودية كل المساعدات المليارية السابقة للبنان، وأصرت على موقفها بأنها لن تدعم دولة لا تدعم نفسها ولا تستقل بقرارها ولا ترعى مصالحها ومصالح مواطنيها، فاضطرب لبنان واضطر بعض فرقائه السياسيين للتسوّل علناً من السعودية أن تعيد الدعم للبنان ولو بقيمة لاعب كرة قدمٍ، وهي مفارقة توضح أن النجاحات السعودية التنموية الكبرى، جعلت قيمة لاعب كرة قدمٍ عالمي تدفعها السعودية بسهولة تشكل حلماً لدولة كاملة بأحزابها ورموزها وتياراتها السياسية، فتضاءلت قيمة لبنان في المعادلات الإقليمية.
كل هذا مهّد المشهد الإقليمي والدولي للتفاوض المباشر مع إيران، وهكذا صنعت السعودية منذ سنواتٍ، في العراق وعمان، وهو ما تحدث عنه ولي العهد السعودي أكثر من مرة وأنه يريد التفاوض مع إيران لما فيه خير المنطقة، وحتى يكتمل المشهد وقعت السعودية قبل أشهرٍ شراكة استراتيجية كبرى مع الصين وبنت تعاوناتٍ مثمرة مع روسيا وهي تحتفظ بعلاقاتها الاستراتيجية مع الدول الغربية، في الوقت نفسه، والصين هي أكبر حلفاء إيران، ومصالحها الكبرى مع السعودية اليوم تجعلها ضامناً أكثر مصداقية وفاعلية في ضبط السياسات الإيرانية وأن تلتزم إيران بالاتفاقات الدولية التي توقعها.
في البيان السعودي الإيراني الصيني، إعلان عن اتفاقٍ يمهد لعودة السفراء بين البلدين بعد شهرين سيكونان اختباراً حقيقياً لقدرة النظام الإيراني على الالتزام بما وقع عليه، وعن احترامه لسيادة الدول وعن التزامه بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، وهو ما لم يذكر بتاتاً في «الاتفاق النووي» سيئ الذكر مع النظام الإيراني.
لو نجح هذا الاتفاق واستمر فسيزيد ازدهار المنطقة ودولها وشعوبها وسيشمل ذلك الدولة الإيرانية وشعبها وستكون مكاسب الاستقرار والسلام أضعافاً مضاعفة.
أخيراً، فسيقف العالم طويلاً دراسة وتأملاً لكل السياسات والاستراتيجيات التي استمرت لسنواتٍ حتى أصبح مثل هذا الاتفاق ممكناً وبرعاية صينية وبتأييد دولي واسع النطاق وغير مسبوقٍ من أميركا إلى روسيا، مروراً بكل الدول والمنظمات الدولية في العالم.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اتفاق السعودية وإيران درس في السياسة اتفاق السعودية وإيران درس في السياسة



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

داليدا خليل تودّع العزوبية بإطلالة بيضاء ساحرة وتخطف الأنظار بأناقة لا تُنسى

بيروت ـ المغرب اليوم

GMT 23:02 2025 الأحد ,07 أيلول / سبتمبر

حماس تعلن استعدادها للتفاوض بشأن إطلاق الأسرى
المغرب اليوم - حماس تعلن استعدادها للتفاوض بشأن إطلاق الأسرى

GMT 00:30 2025 الإثنين ,08 أيلول / سبتمبر

غضب أوروبي بعد أعنف هجوم جوي روسي على أوكرانيا
المغرب اليوم - غضب أوروبي بعد أعنف هجوم جوي روسي على أوكرانيا

GMT 01:26 2025 الإثنين ,08 أيلول / سبتمبر

جنات تطلق ألبومها الجديد وسط حضور زوجها وابنتيها
المغرب اليوم - جنات تطلق ألبومها الجديد وسط حضور زوجها وابنتيها

GMT 13:30 2025 الأحد ,07 أيلول / سبتمبر

مواعيد خسوف القمر المرتقب بالدول العربية
المغرب اليوم - مواعيد خسوف القمر المرتقب بالدول العربية

GMT 14:33 2013 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

تصميمات حديثة وأنيقة لأحواض السمك

GMT 16:53 2023 الأربعاء ,20 أيلول / سبتمبر

ميرفت أمين ترفض التكريم في مهرجان الجونة السينمائي

GMT 09:59 2023 الأربعاء ,05 تموز / يوليو

توقعات الأبراج اليوم الأربعاء 05 يوليو / تموز 2023

GMT 12:05 2023 الثلاثاء ,10 كانون الثاني / يناير

4 دوريات كبرى تَتَسابق لٍضم المغربي عز الدين أوناحي

GMT 15:46 2022 الأحد ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

كل ما تريد معرفته عن لعبة جوجل السرية على آيفون

GMT 04:12 2022 الخميس ,27 تشرين الأول / أكتوبر

نصائح هامة يجب اتباعها عند تصميم غرف المنزل

GMT 10:28 2021 الثلاثاء ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

كوياطي يبعث رسالة اطمئنان إلى جماهير الرجاء قبل مواجهة آسفي
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib