إنقاذ إيران مهمة عاجلة

إنقاذ إيران... مهمة عاجلة

المغرب اليوم -

إنقاذ إيران مهمة عاجلة

عبدالله بن بجاد العتيبي
بقلم : عبدالله بن بجاد العتيبي

أميركا في عهد بايدن تشبه كثيراً أميركا أوباما في الرؤية والسياسات والتوجهات، أن تكون يسارياً ليبرالياً وأن تسعى لفرض أجندتك على الحلفاء والشركاء وأن تتهجم عليهم في الوقت نفسه الذي تتودد فيه لأعداء أميركا وأعداء حلفائها حول العالم، فهذا عبثٌ سياسيٌ، والموقف من النظام الإيراني هو النموذج الأبرز.
التوقيع على «الاتفاق النووي» مع النظام الإيراني تمّ في عهد أوباما بلا أي مراعاةٍ لمصالح دول الخليج والدول العربية، وهو مجرد «تأجيل» لمشروع إيران النووي العسكري وليس إلغاءً له، ولذلك رفضه الرئيس السابق دونالد ترمب وانسحب منه وأقام العقوبات القاسية على النظام، وبمجرد تسلم إدارة الرئيس جو بايدن أصبح اللهاث الأميركي خلف إحياء الاتفاق المشؤوم ظاهراً وأصبح الهجوم على الدول العربية لا بالتصريحات السافرة فحسب، بل بالسياسات والمواقف الإقليمية والدولية ظاهراً هو الآخر.
لم تتغير الدول العربية والخليجية تجاه أميركا، بل العكس هو الذي حصل، لقد أصبحت مواقف أميركا أكثر حدةً وأقلّ عناية بالشراكة ودعم الحلفاء، ومشكلة هذا التغير الأميركي أنه جاء والسعودية والإمارات تقودان تطويراتٍ داخليةٍ وإقليمية لا تخطئها عين المراقب والمتابع، وأصبح التحالف الذي تقودانه عربياً هو المنتصر وهو الذي يدافع عن الاستقرار والاعتدال في مواجهة النظام الإيراني، وقد أقامت البحرين والإمارات علاقاتٍ طبيعية مع إسرائيل، وصرّح ولي العهد السعودي بأن السعودية «لا تنظر لإسرائيل كعدو، بل كحليف محتمل في العديد من المصالح التي يمكن أن نسعى لتحقيقها معاً، لكن يجب أن تحل بعض القضايا قبل الوصول إلى ذلك».
أسعار الطاقة بعد الحرب الروسية الأوكرانية أضحت متقلبة، وفي حملة غير مسبوقةٍ لمواجهة روسيا أضحت السياسات الغربية عموماً تتجه إلى «ديكتاتورية» لا تمت للسياسة وحرية الرأي بصلةٍ، وأصبحت مهمة محاصرة روسيا أولويةً قصوى وكانت الحاجة ملحةً بشكل غير مسبوقٍ للسعودية والإمارات، وهنا تبدو إدارة بايدن متفاجئةً بأن هذه الدول تضع مصالحها ومصالح شعوبها أولويةً قصوى، وبالتالي من له مصالح في هذه الدول فعليه مراعاة مصالحها.. يبدو هذا الحديث من مسلمات السياسة، ولكن تطبيقه واقعياً في سياسات معلنةٍ يعتبر تاريخياً ويمثل إرساء لقواعد تعامل دوليةٍ جديدةٍ في جميع الملفات.
مهمة عاجلة أخرى لدى الدول الغربية تكمن في محاولاتٍ جادةٍ لإنقاذ النظام الإيراني حتى بدون التوقيع على اتفاق جديدٍ في مفاوضات فيينا الذي باتت تعطله روسيا وتكبح جماح الاستعجال الأميركي في التوقيع عليه، ودخلت أميركا وبريطانيا وبعض حلفائهما حول العالم في مهمة دفع أموالٍ طائلة بمئات الملايين من الدولارات للنظام الإيراني، دفعت بريطانيا في صفقة واحدة ما يقارب النصف مليار دولار لإيران، وبعد رفع تصنيف «ميليشيا الحوثي» إرهابيةً أصبح الحديث عن رفع «الحرس الثوري» الإيراني نفسه من تصنيف الإرهاب، وهو رأس الإرهاب الإقليمي والدولي المعاصر، من تنظيم «القاعدة» إلى «داعش» ومن «حزب الله» اللبناني إلى «ميليشيات الإرهاب» الشيعية في طول العالم وعرضه.
هذا تهديدٌ وخطرٌ مباشرٌ لا للدول العربية وحدها، بل للعالم أجمع، ودعمٌ غير مسبوقٍ للإرهاب وجماعاته وتنظيماته، والمتضرر الأول منه هي الدول العربية وإسرائيل، وهو تجاوزٌ للخطوط الحمراء ومحاولة لقلب الموازين. وبحسب متحدث باسم الخارجية الأميركية، الخميس الماضي، فإن التوقيع على الاتفاق مع إيران قد يتم خلال أيامٍ كما نشرت مجلة «النيوزويك».
ثمة سياسةٌ أميركية وغربية لا يمكن التغاضي عنها، وهي الإصرار على جعل السعودية والإمارات دولتين مكشوفتين عسكرياً لهجمات ميليشيا الحوثي الإيرانية في اليمن وللصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة وفرض اشتراطاتٍ غير منطقية على تصدير السلاح لمواجهة هذه التهديدات الجادة، وهاتان الدولتان من الدول القوية وتتمتعان بعلاقات دوليةٍ واسعةٍ، وهما قادرتان على تعويض أي نقصٍ ومواجهة أي خطرٍ، والحديث هنا عن محاولة معرفة الصديق والحليف من غيره، عبر السياسات والمواقف وليس مجرد التصريحات.
في ظل الصراع الدولي الأبرز و«الحرب الباردة» التي ترتكز على الحرب الروسية الأوكرانية جاءت زيارة رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون للسعودية والإمارات، فأسعار الطاقة في مثل هذه الأزمة عنصرٌ بالغ الأهمية ولا يمكن الاستهانة به بأي حالٍ من الأحوال، والمسألة تحتاج إلى توازن دقيق في ملفات شائكة ومعقدةٍ والمصالح حين تتضارب وعلاقات التحالف حين تختلّ تصبح الحلول أكثر تعقيداً وتحتاج لتنازلاتٍ من الأطراف كافة، ومواقف الدول وسياساتها ليست مجانيةً وتحالفات الدول لا تعني تبعيةً ولا انصياعاً بل علاقات ندية ومصالح مشتركة، وأصحاب الشعارات والمزايدات في المنطقة في طريقهم إلى الانزواء أكثر فأكثر بحيث أصبح خطابهم خارج التاريخ وبعيداً عن الواقع.
انسحابٌ مستعجل من أفغانستان وتمكين حركة «طالبان» من البلاد ورفعٌ لـ«ميليشيا الحوثي» من تصنيف الإرهاب، وسعي لرفع «الحرس الثوري» الإيراني من قائمة الإرهاب، وسكوتٌ عن قصف إيراني لكردستان العراق، ودعمٌ لما يمكن تسميته «الجهاد الأوكراني» وحشد الإرهابيين لمواجهة روسيا، هذه سياساتٌ بالغة الخطورة على العالم وعلى الدول العربية الداعمة لاستقرار الدول ونشر السلام، والدول تقف من دون مصالحها بقوةٍ وتقرأ الحاضر والمستقبل بواقعيةٍ ووعيٍ واستشراف وهي لن تسمح بالتلاعب في مثل هذه الملفات الخطيرة وذات التأثير الطويل المدى مستقبلاً من أي دولةٍ في العالم سواء كانت دولة عظمى أم دولة مارقةً، فالأمر سيان تجاه التهديدات الوجودية وضرب الاستقرار والأمن.
الجدل داخل أميركا نفسها حادٌ وقويٌ تجاه السياسات التي تتبعها إدارة الرئيس بايدن في العديد من الملفات الكبرى دولياً، وهي تتم عبر الكونغرس الأميركي وعبر مواقف قوية من الحزبين الجمهوري والديمقراطي في محاولة لكبح جماح هذا التشتت في الرؤية والسياسات الدولية، وخاصة في لحظة تاريخية عصيبة وحربٍ باردةٍ جديدةٍ تطرق أبواب العالم بقوةٍ وحاجةٍ غير مسبوقةٍ لرصّ الصفوف وتعزيز التحالفات وبناء الشراكات، وأي مراقبٍ دوليٍ محايدٍ سيجد تناقضاً صارخاً في سياسات إدارة بايدن تجاه إيران والسعودية بحيث تتودد بشكل غير مسبوق لإيران ولا تتصرف بالدرجة ذاتها مع السعودية.
أخيراً، ففي حوار ولي العهد السعودي مع «ذا أتلانتك» أوضح أنه «غير مهتم» بما قد يراه بايدن تجاه السعودية وهو موقف قائدٍ يعرف جيداً مصالح بلاده وشعبه، وقد عبّر الشعب السعودي وكثير من الشعوب العربية أنها معه قلباً وقالباً.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إنقاذ إيران مهمة عاجلة إنقاذ إيران مهمة عاجلة



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

داليدا خليل تودّع العزوبية بإطلالة بيضاء ساحرة وتخطف الأنظار بأناقة لا تُنسى

بيروت ـ المغرب اليوم

GMT 23:02 2025 الأحد ,07 أيلول / سبتمبر

حماس تعلن استعدادها للتفاوض بشأن إطلاق الأسرى
المغرب اليوم - حماس تعلن استعدادها للتفاوض بشأن إطلاق الأسرى

GMT 00:30 2025 الإثنين ,08 أيلول / سبتمبر

غضب أوروبي بعد أعنف هجوم جوي روسي على أوكرانيا
المغرب اليوم - غضب أوروبي بعد أعنف هجوم جوي روسي على أوكرانيا

GMT 01:04 2025 الإثنين ,08 أيلول / سبتمبر

توبا بويوكستون تخوض تجربة جديدة في فيلم سلطانة
المغرب اليوم - توبا بويوكستون تخوض تجربة جديدة في فيلم سلطانة

GMT 13:30 2025 الأحد ,07 أيلول / سبتمبر

مواعيد خسوف القمر المرتقب بالدول العربية
المغرب اليوم - مواعيد خسوف القمر المرتقب بالدول العربية

GMT 14:33 2013 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

تصميمات حديثة وأنيقة لأحواض السمك

GMT 16:53 2023 الأربعاء ,20 أيلول / سبتمبر

ميرفت أمين ترفض التكريم في مهرجان الجونة السينمائي

GMT 09:59 2023 الأربعاء ,05 تموز / يوليو

توقعات الأبراج اليوم الأربعاء 05 يوليو / تموز 2023

GMT 12:05 2023 الثلاثاء ,10 كانون الثاني / يناير

4 دوريات كبرى تَتَسابق لٍضم المغربي عز الدين أوناحي

GMT 15:46 2022 الأحد ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

كل ما تريد معرفته عن لعبة جوجل السرية على آيفون

GMT 04:12 2022 الخميس ,27 تشرين الأول / أكتوبر

نصائح هامة يجب اتباعها عند تصميم غرف المنزل

GMT 10:28 2021 الثلاثاء ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

كوياطي يبعث رسالة اطمئنان إلى جماهير الرجاء قبل مواجهة آسفي
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib