بقلم : د.أسامة الغزالي حرب
أتحدث لكم اليوم ، عن نموذج مشرف للعلماء والخبراء المصريين الأفذاذ، الذين أحرص دائما على تعريف الرأى العام بهم، والأجيال الصاعدة بالذات. إنه الدكتور يسرى أبو شادى، عالم الذرة المصرى البارز، وكبير مفتشى هيئة الطاقة النووية السابق، بمناسبة حديث مهم قرأته له أمس (28/9) بالمصرى اليوم! إننى لاأتناول هنا مضمون ذلك الحديث، الذى دار حول الجهود المستميتة من إسرائيل والولايات المتحدة للحيلولة دون امتلاك إيران السلاح النووى والتى بلغت ذروتها بالعدوان الإسرائيلى - الأمريكى عليها فى يونيو الماضى. ولكننى أستذكر، حكايات أخرى! فقد كان التلميذ المجتهد فى مدرسة شبرا الإعدادية ثم التوفيقية الثانوية، يسرى أبو شادى (الذى كان والده من شهداء حرب فلسطين عام 1948)هوالصديق الصدوق، وزميل الدراسة الملازم لشقيقى الأصغر طارق فى منتصف خميسينيات القرن الماضى! كان الطفل يسرى يقول لزميله طارق، أن أمنيته عندما يكبر، هى أن يلتحق بكلية الهندسة، ليدرس الهندسة النووية ويصنع قنبلة نووية ينتقم بها من إسرائيل لاستشهاد والده! وبالفعل، عندما حصل على الثانوية العامة بتفوق سعى إلى تحقيق امنيته، ولكنه اكتشف أن قسم الهندسة النووية كان موجودا بجامعة الإسكندرية فقط، فقرر الانتقال من القاهرة، والذهاب للعيش بالإسكندرية. غير أن صداقته الحميمة مع طارق ظلت قائمة ومستمرة. تخرج يسرى فى جامعة الإسكندرية معيدا للهندسة النووية بها، وتخرج طارق فى طب القاهرة! وعندما تزوج طارق بعد تخرجه من الطب، أنجب طفلا، سماه «شادى» تيمنا باسم صديق عمره. ومرت الأيام و السنون. توفى طارق إثر إصابته بفيرس (سى) الذى انتقلت عدواه له من المرضى الذين كان يعالجهم! أما شادى فهو الآن يقوم بالتدريس فى جامعة هارفارد، ولم يحقق د. يسرى أبو شادى أمنيته فى صنع القنبلة الذرية، ولكنه مارس عمله بكل إخلاص فى الرقابة الصارمة على حظرها، كأحد أبرز مفتشى هيئة الطاقة النووية الدولية!.