خطاب حقوق الإنسان وإصلاح النظام التربوي

خطاب حقوق الإنسان وإصلاح النظام التربوي

المغرب اليوم -

خطاب حقوق الإنسان وإصلاح النظام التربوي

يوسف بلال

خلال الأسبوع الماضي، رحب العديد من المثقفين والفاعلين السياسيين بقرار الدولة بشأن مراجعة مقررات التربية الدينية بالمغرب. وحسب هذا المنظور، المقررات الحالية غير منسجمة مع مرجعية حقوق الإنسان والثقافة الديمقراطية، الشيء الذي ينعكس سلبا على مستوى «الوعي» الثقافي لدى المغاربة. وأصحاب هذا الخطاب يكررون الخطاب الغربي حول تعارض الدين مع حقوق الإنسان، الذي يشكل امتدادا للخطاب الاستعماري حول «تخلف» المسلمين بسبب دينهم. والمفارقة هي أن مفهوم حقوق الإنسان أصبح شبه مقدس، يعبر في كثير من الأحيان عن دوغمائية أشد من غلو بعض رجال الدين. ولا شك أن العديد من الجمعيات الحقوقية تساهم في محاربة الانتهاكات التي يذهب ضحيتها العديد من المواطنين، إلا أن هناك العديد من السياسيين والمثقفين الذين يكررون خطاب الغرب حول حقوق الإنسان دون مناقشته والرجوع إلى السياق المجتمعي والتاريخي الذي أنتج فيه هذا الخطاب، أو التساؤل حول مصالح أصحابه. ولا يشكل خطاب حقوق الإنسان المرجعية الوحيدة التي يمكن اعتمادها عند الدفاع عن كرامة الإنسان، بالخصوص في سياق تاريخي يتميز بالاستعمار الجديد وخضوع العديد من المجتمعات المسلمة للهيمنة الغربية. وهذا التساؤل لا يطرح فقط في العالم الإسلامي، بل يطرح في العديد من المجتمعات غير الإسلامية مثل الصين والهند والعديد من البلدان الإفريقية، التي تسعى إلى بناء أنظمة تربوية تعكس التراث الثقافي والهوية الجماعية. وإذا كان الخطاب الحقوقي الذي أنتجته أوربا في أواخر القرن الثامن عشر معاديا للدين، فليس من الضروري أن تنتهج نفس الطريق. وأكيد أن المقررات الدينية تحتاج إلى مراجعة، لكن الغاية منها يجب أن تكون التعبير عن تجديد الهوية المسلمة انطلاقا من دراسة أمهات كتب الفكر الإسلامي (بما فيها مثلا من ضمن المئات من الكتب رسالة الشافعي وإحياء علوم الدين لأبي حميد الغزالي ومقدمة ابن خلدون)، كما يمكن لها مثلا أن تعكس النقاشات العقائدية والفكرية بين علماء الكلام حول الوجود والكون والقدر. ويتطلب هذا العمل التربوي اجتهادا فكريا يعتمد على البحوث التي تنتجها الجامعات الإسلامية وغير الإسلامية. وبعبارة أخرى يجب أن يرتكز هذا الإصلاح على بناء ثقافة إسلامية واسعة منفتحة على لغة العصر والتحولات التي أتى بها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خطاب حقوق الإنسان وإصلاح النظام التربوي خطاب حقوق الإنسان وإصلاح النظام التربوي



GMT 15:28 2025 الجمعة ,04 تموز / يوليو

مسلم ــ شيوعي ــ يساري

GMT 15:24 2025 الجمعة ,04 تموز / يوليو

مَن يعبر مِن حرائق الإقليم؟

GMT 15:23 2025 الجمعة ,04 تموز / يوليو

«الثنائي الشيعي» و«كوفيد ــ 26»

GMT 15:21 2025 الجمعة ,04 تموز / يوليو

قتل العلماء أو قتل القوة؟

GMT 15:20 2025 الجمعة ,04 تموز / يوليو

الغباء البشري

GMT 15:19 2025 الجمعة ,04 تموز / يوليو

صلاح ومحمود «بينج بونج»!

GMT 00:48 2016 الثلاثاء ,19 كانون الثاني / يناير

شيماء الزمزمي بطلة للمغرب في رياضة الجمباز

GMT 17:43 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 08:56 2019 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تنصيب ناروهيتو إمبراطورا لليابان رسمياً

GMT 17:34 2017 الثلاثاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

مصر تحتضن أول بطولة عربية في مضمار الدراجات «بي.إم .إكس»
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib