إيران إمبراطورية الأمعاء الخاوية

إيران إمبراطورية الأمعاء الخاوية

المغرب اليوم -

إيران إمبراطورية الأمعاء الخاوية

بقلم : مصطفى فحص

يستطيع قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني وعطّار سياستها التوسعية الجنرال قاسم سليماني التغني بتسلط بلاده على مجلس النواب اللبناني، وقدرة حلفائه في بيروت على تشكيل حكومة مقاومة، كما يستطيع رفيق دربه وزميله في الحرس الثوري الجنرال حسين سلامي التباهي بأن بلاده تمكنت من إبعاد ساحات القتال مع العدو إلى مسافات بعيدة، حيث يعود الفضل في ذلك، حسب رأيه، إلى ما وصفه بالفن الذي تمارسه طهران، والذي مكنها من تحويل لبنان والعراق وسوريا واليمن إلى خطوط أمامية في حربها مع من وصفهم بالأعداء. 
كما تستطيع أذرعها العاملة في الخارج إطلاق مزيد من الصواريخ الباليستية البدائية من اليمن باتجاه المدن السعودية، وتستطيع القيادة الإيرانية ممارسة أعلى درجات البراغماتية في سوريا، وأن تتعهد لتل أبيب عبر الوسيط الروسي بالابتعاد أكثر من 30 كلم عن الحدود السورية مع الأردن وفلسطين المحتلة، مقابل أن تعيد تل أبيب تكليف نظام الأسد مهمة حماية حدودها الدولية، كما تستطيع بهيمنتها على العراق أن تهدد العراقيين بحرب أهلية إذا حاولت بعض الأطراف الخروج عن إرادتها. 
في المقابل لم يعد باستطاعة هذه القيادة التي رسمت بدم الشعوب الأخرى حدود إمبراطوريتها أن تقنع المواطن الإيراني بجدوى هذا التوسع والنفوذ، الذي تحول إلى عبء على كاهل الإيرانيين الذين يواجهون أصعب أزمة اقتصادية في تاريخ بلادهم الحديث، بعدما انخفض سعر صرف التومان أمام الدولار إلى مستويات قياسية، لم يعد في الإمكان معالجتها في ظل سياسة إنفاق عسكرية توسعية ضخمة أدت إلى استنزاف الموارد الوطنية وسيطرة الحرس على المفاصل الاقتصادية والتجارية والصناعية، ما وضع النظام في مواجهة طبقة التجار التاريخيين الذين يسيطرون على البازار، وهي المواجهة الأولى من نوعها بين طرفيين شكلا سابقاً ضمانة استراتيجية واقتصادية لنظام الملالي، عندما كان كل طرف يؤدي واجبه المطلوب منه، إلى أن قام الحرس منذ أكثر من 10 سنوات بوضع يده تدريجياً على الاقتصاد والصناعة خصوصاً في مجالي النفط والتجارة، ما أدى إلى خسارة الدولة كثيراً من مواردها، ودخول قيادة الحرس الثوري المنافسة مع كبار رجال البازار في السيطرة على الأسواق المحلية والتجارة الخارجية.
اللافت في الأزمة المالية الجديدة التي تضرب الاقتصاد الإيراني، أن المواجهة منذ أيام بدأت من داخل البازار الذي لعب سنة 1979 دوراً بارزاً في عملية إسقاط نظام الشاه، عندما أعلن كبار التجار فيه انحيازهم إلى ثورة الخميني، وقد أدى انخفاض سعر صرف العملة إلى وضع كبار التجار الذين يسيطرون على حركة البازار في مواجهة ورثة ثورة الخميني، بسبب قلقهم من خسارة السوق المالية للعملة الصعبة وشكوكهم بدور الحرس الثوري في الاستفادة منها للضغط على حكومة الرئيس روحاني وإظهاره بمظهر العاجز عن معالجة الأوضاع المعيشية، إضافة إلى فشله في إدارة السياسة الخارجية بعد خروج واشنطن من الاتفاق النووي، فالأزمة المالية والعقوبات بالنسبة لتجار البازار هي عدم القدرة على استيراد قرابة 1400 نوع من السلع والبضائع، ما سيؤدي إلى ارتفاع حاد بالأسعار يقابله عجز في القدرة الشرائية لدى الإيرانيين، ما يؤدي إلى حالة ركود اقتصادي.
في إمبراطورية الأمعاء الخاوية، تعترف المؤسسات الرسمية نهاية سنة 2017 بوجود 40 مليون إيراني يحتاجون إلى إعانات مالية شهرية، من بينهم 20 مليوناً يعيشون تحت خط الفقر، فيما جمعيات الإغاثة لم تستطع إعانة أكثر من 10 ملايين شخص، في المقابل، كشفت مؤسسة «بورغن» غير الحكومية التي تُعنى بمكافحة الفقر في العالم عن مستويات قياسية في الفساد، وهيمنة شخصيات نافذة على الاقتصاد والثروات، وأوضحت «بروغن» في دراستها أن 5 في المائة فقط من سكان إيران يسيطرون على كل مواردها، فيما يعيش 95 في المائة من الشعب في نسب فقر وعوز متفاوتة. 
وعليه، فإن ناقوس الخطر قرع هذه المرة من البازار الذي انطلقت منه المظاهرات، وشملت بازار طهران الكبير، وسوق قيصرية، وشار سوق، وسوق الأقمشة، حيث طالب المتظاهرون والمضربون دولتهم بترك سوريا ولبنان والاهتمام بشأنهم.
يقول المثل الشعبي إن «الزيت عندما يحتاجه البيت يُحرم على الجامع»، إلا أن جنرالات طهران يصرون على حرمان مواطنيهم من زيت بلادهم وتوزيعه على سكان مستعمراتهم التي تحول أغلبها إلى حطام، ولم يعوا بعد أن الإمبراطوريات تهدمها أمعاء أهلها الخاوية، كأنهم لم يدركوا حتى الآن وهم في طريقهم إلى احتلال مدن جديدة بأن الجيوش تزحف على بطونها.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيران إمبراطورية الأمعاء الخاوية إيران إمبراطورية الأمعاء الخاوية



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 10:46 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة
المغرب اليوم - أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة

GMT 13:31 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

طرق ذكية لتعليق اللوحات دون إتلاف الحائط
المغرب اليوم - طرق ذكية لتعليق اللوحات دون إتلاف الحائط

GMT 00:22 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

بوتين يؤكد صاروخ بوريفيستنيك يضمن أمن روسيا لعقود
المغرب اليوم - بوتين يؤكد صاروخ بوريفيستنيك يضمن أمن روسيا لعقود

GMT 18:26 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بوريس جونسون يهاجم بي بي سي ويتهمها بالتزوير
المغرب اليوم - بوريس جونسون يهاجم بي بي سي ويتهمها بالتزوير

GMT 21:54 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

تفاصيل خطة تشكيل القوة الدولية لحفظ الأمن في غزة
المغرب اليوم - تفاصيل خطة تشكيل القوة الدولية لحفظ الأمن في غزة

GMT 18:52 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

خبراء التغذية يوصون بمشروبات طبيعية لتحسين الأداء الإدراكي
المغرب اليوم - خبراء التغذية يوصون بمشروبات طبيعية لتحسين الأداء الإدراكي

GMT 01:36 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد حلمي وهند صبري في أول تعاون سينمائي بأضعف خلقه
المغرب اليوم - أحمد حلمي وهند صبري في أول تعاون سينمائي بأضعف خلقه

GMT 20:20 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

4 أصوات تشير إلى أعطال في محركات السيارات

GMT 06:27 2018 الثلاثاء ,05 حزيران / يونيو

دراسة تؤكّد تأثير حجم المخ على التحكّم في النفس

GMT 21:07 2018 الأربعاء ,04 إبريل / نيسان

"سباق الدراجات" يدعم ترشح المغرب للمونديال

GMT 01:40 2018 السبت ,10 آذار/ مارس

رجل يشكو زوجته لسوء سلوكها في طنجة

GMT 05:32 2017 الأربعاء ,03 أيار / مايو

محمود عباس فى البيت الأبيض.. من دون فلسطين!

GMT 06:27 2016 الجمعة ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

باكستان تُبعد صاحبة صورة ناشيونال جيوغرافيك الشهيرة

GMT 04:19 2016 الإثنين ,05 كانون الأول / ديسمبر

"فرزاتشي Versaci" تطلق مجموعتها الساحرة لعام 2017

GMT 07:02 2017 الجمعة ,20 تشرين الأول / أكتوبر

فيلم الرعب الأميركي "Happy Death Day" الأول على شباك التذاكر
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib