فرصة كي يثبت الشرع أنّه ليس «الجولاني»

فرصة كي يثبت الشرع أنّه ليس «الجولاني»...

المغرب اليوم -

فرصة كي يثبت الشرع أنّه ليس «الجولاني»

خيرالله خيرالله
بقلم - خيرالله خيرالله

من الطبيعي مسارعة النظام الجديد في سوريا إلى معالجة الوضع القائم في الساحل السوري بجدّية، أقله من أجل أن يظهر أنّه نظام مختلف عن نظام آل الأسد. لن تنجح هذه المعالجة سوى عبر إثبات أحمد الشرع، أنّه ليس «أبو محمد الجولاني». أي أنّّه ليس «إرهابياً يضع ربطة عمق» على حد تعبير أحد أركان النظام العراقي.

لم يعد سرّاً أن العراق، الذي لجأ إليه عدد كبير من الضباط السوريين العلويين، في ضوء فرار بشّار الأسد، إلى موسكو، ليس راضياً عن التطورات التي شهدتها سوريا في الأشهر الثلاثة الماضية. في الواقع على الشرع إثبات أن كل ما يقال عنه في بغداد وطهران ليس صحيحاً بعدما تخلّى بالفعل عن «داعش» وفكره وكلّ ما يمت إليه بصلة.

وقعت بالفعل مجازر في منطقة الساحل السوري. استهدفت المجازر، التي وقفت وراءها تنظيمات تكفيرية، العلويين. أخذت المجازر، التي ارتكبت في حقّ العلويين، أبعاداً تتجاوز حدود البلد. ثمة مخاوف من تفتيت لسوريا في وقت ليس معروفاً ما الذي تريده إسرائيل التي تصرفت بشكل مريب منذ اليوم الأول لسقوط نظام آل الأسد.

تؤكّد جدية تعاطي الغرب مع الحدث السوري ردود فعل العواصم الأوروبيّة المختلفة، كذلك الرد الأميركي الواضح الذي عبّر عنه وزير الخارجية ماركو روبيو. أخذ العالم ما يجري في سوريا على محمل الجدّ. ليس هناك من يريد مزيداً من المجازر في بلد عرف كيف يتخلّص من بشّار الأسد ونظامه.

لم يكتف روبيو بـ«إدانة» الجرائم التي ارتكبتها عناصر إسلامية متطرفة، بل أشار إلى وجود «جهاديين أجانب»، شاركوا في المجازر التي وقعت في منطقة الساحل السوري. بات هناك خوف من أن يكون الحكم الجديد الذي على رأسه أحمد الشرع وقع في الفخ الذي نصبه له النظام الإيراني ومجموعات علوية تابعة للنظام السابق الذي لم يعد لدى أركانه، في مقدمهم بشّار الأسد وشقيقه ماهر والضباط التابعون لهما، غير خيار الدولة العلوية.

تحصد سوريا حالياً ما زرعه حافظ الأسد، الذي آمن منذ توليه السلطة في العام 1970، بأن الحكم العلوي يُبنى على ركيزتين أساسيتين. أولاهما إلغاء أي معارضة من أي نوع، خصوصاً معارضة المدن السنية الكبرى، مثل دمشق وحلب وحمص وحماة، التي كان الأسد يكن كرهاً شديداً لها ولأهلها. استخدم الأسد الأب الحديد والنار من أجل إخضاع المدن، بما في ذلك اللاذقية التي هي في الأصل مدينة سنّية – مسيحية قبل أن يجتاحها علويو النظام الذين هبطوا عليها من الجبال.

أما الركيزة الثانية للنظام الذي أسسه حافظ الأسد، فهي ركيزة الاعتماد على إسرائيل التي حصلت منه على ضمانات من نوعين. ضمانات لأمن الدولة العبرية أولاً وأخرى تتعلق بالتخلي عن الجولان المحتل. لم يرد الأسد الأب استعادة الجولان في أي يوم. رفع كلّ الشعارات «الوطنية» ولجأ إلى كل المزايدات من أجل ضمان بقاء الجولان تحت الاحتلال الإسرائيلي منذ العام 1967.

ثمة ركيزة ثالثة للنظام السوري السابق تأمنت بعد قيام «الجمهوريّة الإسلاميّة» في إيران عام 1979. تتمثل تلك الركيزة في الحلف الذي تكرّس بين النظام الإيراني والنظام العلوي. كان لبنان من ضحايا هذا الحلف الذي من نتائجه قيام «حزب الله» الذي حل سلاحه مكان السلاح الفلسطيني بعد العام 1982.

لا شكّ أن تركة نظام آل الأسد ثقيلة جداً. لكنّ التصدي لهذه التركة يقوم قبل أي شيء على تفادي اللجوء إلى الوسائل التي اعتمدها الأسد الأب والأسد الابن طوال 54 عاماً. لكنّ السؤال يفرض نفسه في ضوء الأحداث الأخيرة هل في استطاعة «هيئة تحرير الشام» والفصائل الحليفة لها تأسيس نظام مختلف كلّياً عن نظام آل الأسد بعيداً عن فكرة الانتقام؟

أظهر أحمد الشرع منذ فرار بشّار الأسد إلى موسكو رغبة واضحة في الابتعاد عن الفكر الذي تحكّم بـ«هيئة تحرير الشام». لكن الكمين الذي نصبته «فلول النظام السابق» لمجموعة عسكرية تابعة للسلطة الجديدة أدى إلى ردود فعل كان الرئيس السوري الجديد في غنى عنها. لا يمكن اللجوء إلى القتل ردّاً على القتل في حال كان مطلوباً التأسيس لنظام جديد يتساوى فيه المواطنون السوريون بغض النظر عن انتمائهم المذهبي والطائفي والقومي.

ستكون الأيام المقبلة أياماً حاسمة أمام النظام السوري الجديد، خصوصاً أنّ إيران ستحاول وضع المسألة العلوية في سوريا في الواجهة. ليس سرّاً أن الأحداث السورية تدور حالياً على خلفية منافسة شديدة بين إيران وتركيا حيث توجد أيضا أقلّية كبيرة (نحو 16 مليون علوي). صحيح أنّ هناك تمايزاً بين علويي سوريا وعلويي تركيا، لكنّ الصحيح أيضاً أنّ أي مجازر يتعرض لها علويو سوريا ستكون لها انعكاسات في الداخل التركي.

تحصد سوريا ما زرعه حافظ الأسد. المهمّ بالنسبة إلى شخص مثل أحمد الشرع الاقتناع بأنّ تلك التجربة الفاشلة يجب ألّا تتكرر، لا لشيء سوى لأن ذلك كفيل بتفتيت سوريا وتنفيذ الشعار الذي رفعه بشّار الأسد والعلويون من انصاره في بداية الثورة قبل 14 عاماً، شعار «الأسد أو نحرق البلد».

لا يمكن الاستخفاف بالتحدي الذي يواجه النظام الجديد في سوريا الذي لا يستطيع تجاهل أنّ مراقبين دوليين رفعوا علم الأمم المتحدة ذهبوا حديثاً إلى مناطق المجازر الأخيرة في الساحل السوري. يشير ذلك إلى مدى خطورة الوضع السوري الذي بات تحت المجهر الدولي. يحدث ذلك في وقت، توجد مخاوف تركية من انعكاسات للحدث السوري على الداخل التركي. أي دور ستلعبه تركيا في جعل شخصية أحمد الشرع مقبولة عربياً وإقليمياً ودولياً؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فرصة كي يثبت الشرع أنّه ليس «الجولاني» فرصة كي يثبت الشرع أنّه ليس «الجولاني»



GMT 14:43 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

سوريا الأستاذ وديع

GMT 14:41 2025 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

في حب الصحراء: شريان الحياة

GMT 14:38 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

الرئيس والممسحة

GMT 14:33 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

السلاح... أو حين يكون المكسب صفراً والهزيمة مطلقة

GMT 14:28 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

من سيلحق بكندا... في «التعامل بالمثل» مع ترمب؟

GMT 14:24 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

ترمب وخصومه في «حيْصَ بيْص»

GMT 14:23 2025 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

سموتريتش وحقد الجِمال

GMT 14:19 2025 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

القطبية الصينية ومسار «عالم الغابة»

رحمة رياض تتألق بإطلالات متنوعة تجمع بين الأناقة والجرأة

الرياض - المغرب اليوم

GMT 19:13 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

ملف الصحراء المغربية يعود للواجهة ومؤشرات حسم دولية قريبة
المغرب اليوم - ملف الصحراء المغربية يعود للواجهة ومؤشرات حسم دولية قريبة

GMT 17:49 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

بحضور النجوم إليسا تحتفل بعيد ميلادها
المغرب اليوم - بحضور النجوم إليسا تحتفل بعيد ميلادها

GMT 13:39 2025 الخميس ,30 تشرين الأول / أكتوبر

حميدتي يعترف بانتهاكات قوات الدعم السريع في الفاشر
المغرب اليوم - حميدتي يعترف بانتهاكات قوات الدعم السريع في الفاشر

GMT 19:34 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

الشيخة حسينة تتحدث لأول مرة منذ الهروب
المغرب اليوم - الشيخة حسينة تتحدث لأول مرة منذ الهروب

GMT 18:50 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

أروى جودة تتعرض لموقف محرج في «الجونة»

GMT 21:59 2019 الإثنين ,11 آذار/ مارس

"كيا" تطلق سيارة كهربائية متطورة قريبا

GMT 02:14 2019 الجمعة ,18 كانون الثاني / يناير

برج "برواز دبي" يَجذب مليون زائر في عام واحد

GMT 21:28 2018 الثلاثاء ,25 أيلول / سبتمبر

سفير المغرب في هولندا يكرم البطل التجارتي

GMT 02:30 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

"50 فكرة عن" الاقتصاد" كتاب حول النظم الاقتصادية

GMT 02:02 2018 الخميس ,22 آذار/ مارس

عمرو عمارة يبيّن أسباب تسوس الأسنان

GMT 15:25 2018 السبت ,27 كانون الثاني / يناير

الفنادق الأكثر جاذبية في العالم خلال عام 2018

GMT 18:10 2017 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

لعبة "أسياد الشرق" صراعات ملحميّة تحاكي صراع الجبابرة

GMT 22:51 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

الرجاء يرغب في استقبال الدفاع الجديدي في ملعب العبدي

GMT 04:26 2016 الخميس ,25 شباط / فبراير

حرق سعرات حرارية دون بذل مجهود

GMT 21:07 2015 الجمعة ,04 كانون الأول / ديسمبر

ميرفت أمين بين نجوم فيلم "هتقتل تسعة"

GMT 03:10 2017 الأربعاء ,04 كانون الثاني / يناير

منتجع جزيرة ميليدهو ملاذ زوار المالديف في فصل الشتاء

GMT 05:56 2015 الأربعاء ,23 أيلول / سبتمبر

أبطال مسلسل "البيوت أسرار" يكملون تصوير مشاهدهم

GMT 09:29 2016 الجمعة ,07 تشرين الأول / أكتوبر

عطور نسائية تجذب الرجال وتزيد من دفء العلاقة الحميمة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib