الوقت في مصلحة لبنان… وليس مع “الحزب” وإيران

الوقت في مصلحة لبنان… وليس مع “الحزب” وإيران

المغرب اليوم -

الوقت في مصلحة لبنان… وليس مع “الحزب” وإيران

خيرالله خيرالله
بقلم - خيرالله خيرالله

يشهد لبنان حاليّاً استمراراً لسياسة تغييب العقل، التي تعني أوّل ما تعني استغباء أبناء الشعب اللبناني من جهة، وربط مصير البلد برغبات قوّة خارجية اسمها “الجمهوريّة الإسلاميّة” في إيران من جهة أخرى. يشير إلى ذلك إصرارُ “الحزب”، بدعم إيرانيّ واضح، على التمسّك بسلاحه على الرغم من ثبوت عجز هذا السلاح عن حماية “الحزب” نفسه في المواجهة التي قرّر خوضها مع إسرائيل والتي انتهت بتصفية كبار قيادات “الحزب” وتدمير قرى لبنانية بكاملها واحتلال الدولة العبريّة لخمسة مواقع داخل الأراضي اللبنانيّة.

لا تقدّم الزيارة التي قام بها علي لاريجاني الأمين العامّ لمجلس الأمن القومي الإيراني لبيروت ولا تؤخّر. ما كُتب قد كُتب بعدما أقدمت حكومة نوّاف سلام في جلسة لمجلس الوزراء انعقدت برئاسة رئيس الجمهورية جوزف عون على خطوة، أقلّ ما يمكن أن توصف به، بأنّها خطوة تاريخية. حدّدت الحكومة موعداً للانتهاء من سلاح “الحزب”. للمرّة الأولى منذ توقيع اتّفاق القاهرة المشؤوم في تشرين الثاني من عام 1969، هناك حكومة لبنانيّة تجرؤ على المسّ بالسلاح غير الشرعي، أي بسلاح حزب تابع لـ”الجمهوريّة الإسلاميّة” في إيران.

يظلّ أهمّ ما في موقف الحكومة اللبنانية التزام موعد محدّد، هو نهاية السنة، لإعلان أنّ لبنان صار خالياً من السلاح غير الشرعي، أي من السلاح الإيراني الذي ورث السلاح الفلسطيني بعد عام 1982. هل تحديد الموعد وراء جنون “الحزب” وردّات فعله الخارجة عن كلّ عقل ومنطق؟
لا تقدّم الزيارة التي قام بها علي لاريجاني الأمين العامّ لمجلس الأمن القومي الإيراني لبيروت ولا تؤخّر

المنطقة كلّها تغيّرت

عمليّاً يتصالح لبنان مع نفسه ومع واقع أن لا وجود لدولة قابلة للحياة في حال لم يكن جيشها يحتكر السلاح. متى يتصالح “الحزب”، بدوره، مع لغة العقل والمنطق، علماً أن لا شيء يمنعه من ذلك باستثناء أنّه يتبيّن يوماً بعد يوم أنّ طهران تمسك تماماً بقراره؟ هل جاء لاريجاني، الذي استعاد مكانته في طهران، لجعل “الحزب” يبتلع جرعة تواضع ناجمة عن الهزيمة التي مُني بها، وهي جزء لا يتجزّأ من الهزيمة الإيرانيّة الكبرى على الصعيد الإقليمي.

عاجلاً أم آجلاً، ستكون هناك مصالحة بين “الحزب” والواقع، لا لشيء إلّا لأنّ عوامل إقليمية ودولية تتحكّم بالوضع اللبناني فيما موقع “الجمهوريّة الإسلاميّة” يتراجع في المنطقة وما هو أبعد من المنطقة. يدلّ على ذلك الاتّفاق الذي توصّلت إليه أرمينيا وأذربيجان برعاية أميركيّة من أجل إقامة ممرّ يربط أذربيجان بجيب تابع لها داخل الأراضي الأرمينية. كان الاتّفاق الذي وُقّع بحضور الرئيس دونالد ترامب ضربة لإيران في منطقة كانت تعتقد أنّ لها دوراً تلعبه فيها، خصوصاً في ضوء قربها من أرمينيا.

ما يفترض بـ”الحزب” أخذ العلم به، هذا إذا كان مسموحاً له، إيرانيّاً، أخذ العلم بحدث أو تطوّر ما على صعيد الإقليم أو العالم، هو أنّ المنطقة كلّها تغيّرت. لا يعود ذلك إلى أنّ “الجمهوريّة الإسلاميّة” خسرت سوريا والنظام العلويّ الذي أسّسه حافظ الأسد نهائيّاً وأن لا عودة لها إليها فحسب، بل لأنّه بات عليها الدفاع عن نظامها داخل إيران نفسها. في أحسن الأحوال، سيبقى لدى إيران بعض النفوذ في العراق حيث بات مطروحاً مصير سلاح “الحشد الشعبي”، وهو مجموعة من الميليشيات العراقيّة التابعة لـ”الحرس الثوري”.

يلعب الوقت لمصلحة لبنان وليس لمصلحة “الحزب” وإيران. يعود ذلك إلى أن لا وجود لـ”الحزب” من دون إيران التي ستجد أنّ عليها في المستقبل القريب الإقدام على خيارات جديدة. ثمّة ثمن سيتوجّب على “الجمهوريّة الإسلاميّة” دفعه في ضوء خسارتها كلّ الحروب التي خاضتها على هامش حرب غزّة التي كان لها أصلاً دور في افتعالها من خلال العلاقة القويّة، بل العضويّة، التي ربطتها بـ”حماس”. يبدو تراجع النفوذ الإيراني في لبنان جزءاً من هذا الثمن الذي لا تزال طهران ترفض دفعه.

لا حاجة إلى الدخول في تفاصيل الوضع الداخلي الإيراني، بما في ذلك أزمة المياه التي يعاني منها البلد. طهران نفسها يمكن أن تكون من دون مياه في المستقبل القريب، باعتراف رئيس الجمهورية مسعود بزشكيان، حسب تقرير في “فورين بوليسي” نُشر قبل أيّام. صرفت “الجمهوريّة الإسلاميّة” الأموال على ميليشياتها في المنطقة وعلى برنامجها النووي… ولم تجد وقتاً لمعالجة أزمة المياه التي باتت تهدّد ملايين الإيرانيين الذين يعيش نصفهم تحت خطّ الفقر!
عاجلاً أم آجلاً، ستكون هناك مصالحة بين “الحزب” والواقع، لا لشيء إلّا لأنّ عوامل إقليمية ودولية تتحكّم بالوضع اللبناني فيما موقع “الجمهوريّة الإسلاميّة” يتراجع في المنطقة

ياسين جابر والكلام الشّجاع

إيران لم تعد إيران. “الحزب” الذي خسر “حرب إسناد غزّة” لن يعود الحزب نفسه الذي كان يحكم لبنان في الأمس القريب. هذا الحزب، الذي أوصل ميشال عون وجبران باسيل إلى موقع رئيس الجمهورية وجعل من جبران باسيل، عندما كان وزيراً للخارجية، ممثّلاً لوزير الخارجية الإيراني وناطقاً باسمه في اجتماعات مجلس جامعة الدول العربيّة، بات مضطرّاً إلى أخذ حجمه الحقيقي.

لن تفيد “الحزب” التظاهرات الليلية التي يقوم بها أنصاره مستخدمين درّاجات ناريّة ومطلقين هتافات ذات طابع مذهبيّ. لن يفيده في شيء التركيز على تخوين نوّاف سلام السنّيّ ومراعاة رئيس الجمهوريّة المسيحي في الوقت ذاته. لن تفيده خصوصاً عنتريّات رئيس “كتلة الوفاء للمقاومة” محمد رعد، وهي عنتريّات تُستخدم للتغطية على حال الضياع والضعف التي يعاني منها.

طُويت صفحة “الحزب” في لبنان وطُويت معها صفحة إيران مثلما طُويت صيف عام 1982 صفحة السلاح الفلسطيني وفي نيسان 2005 صفحة الوجود العسكري والأمنيّ السوري.

ما تغيّر في المنطقة بعد “طوفان الأقصى” غيّر لبنان. لن تتمكّن إيران، انطلاقاً من لبنان، تغيير ما تغيّر في المنطقة. يوجد بين أبناء الطائفة الشيعية من يفهم ذلك جيّداً وفي العمق. الدليل هو الكلام الشجاع الصادر عن وزير المال ياسين جابر الذي تحدّث في النبطية بصفة كونه مواطناً لبنانياً طبيعياً عن “حصريّة السلاح” مؤكّداً أنّ بين الشيعة من يريد العيش في الواقع… بدل العيش في عالم الأوهام الإيرانيّة وغير الإيرانيّة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الوقت في مصلحة لبنان… وليس مع “الحزب” وإيران الوقت في مصلحة لبنان… وليس مع “الحزب” وإيران



GMT 00:06 2025 الأربعاء ,03 أيلول / سبتمبر

استقرار واستدامة

GMT 00:01 2025 الأربعاء ,03 أيلول / سبتمبر

نسخة ليبية من «آسفين يا ريّس»!

GMT 23:59 2025 الأربعاء ,03 أيلول / سبتمبر

بضع ملاحظات عن السلاح بوصفه شريك إسرائيل في قتلنا

GMT 23:58 2025 الأربعاء ,03 أيلول / سبتمبر

ليبيا... أضاعوها ثم تعاركوا عليها

GMT 23:55 2025 الأربعاء ,03 أيلول / سبتمبر

الأديان ومكافحة العنصرية في أوروبا

GMT 23:52 2025 الأربعاء ,03 أيلول / سبتمبر

إن كنت ناسي أفكرك!!

GMT 23:49 2025 الأربعاء ,03 أيلول / سبتمبر

سوء حظ السودان

نجمات الموضة يتألقن بإطلالات صيفية منعشة تجمع بين البساطة والأنوثة

دبي - المغرب اليوم

GMT 10:25 2016 الأربعاء ,18 أيار / مايو

أمير قطر يتسلم رسالة خطية من الرئيس السوداني

GMT 18:16 2015 الخميس ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

زيت شجرة الشاي لعلاج التهاب باطن العين

GMT 04:56 2016 الإثنين ,04 كانون الثاني / يناير

ارتفاع حركة النقل الجوي في مطارات المغرب بنسبة 1.79 %

GMT 13:04 2017 الجمعة ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مجموعة "المغانا" تتبرأ من "تيفو" مباراة المغرب والغابون

GMT 22:00 2017 الإثنين ,09 تشرين الأول / أكتوبر

ناصيف زيتون يحي صيف النجاحات وسط حضور جماهيري حاشد

GMT 19:55 2022 الخميس ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

هبوط أسعار النفط مع تنامي مخاوف الصين من فيروس كورونا

GMT 15:06 2022 الثلاثاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

أرباح "مصرف المغرب" تبلغ 438 مليون درهم

GMT 12:29 2022 السبت ,07 أيار / مايو

أفضل أنواع الهايلايتر لجميع أنواع البشرة

GMT 17:41 2022 السبت ,09 إبريل / نيسان

زلزال بقوة 4,3 درجات في إقليم الدريوْش

GMT 23:50 2022 الأربعاء ,26 كانون الثاني / يناير

"ناسا" ترصد مليون دولار لمن يحل مشكلة إطعام رواد الفضاء

GMT 20:42 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

مدريد تستعد لأشد تساقط للثلوج منذ عقود

GMT 01:34 2020 الخميس ,03 كانون الأول / ديسمبر

الحكم على المودل سلمى الشيمي ومصورها

GMT 22:23 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

مُساعد جوسيب بارتوميو يظهر في انتخابات نادي برشلونة المقبلة

GMT 15:54 2020 الخميس ,29 تشرين الأول / أكتوبر

أبرز التوقعات لعودة تطبيق الحجر الصحي الكامل في المغرب

GMT 19:12 2020 الثلاثاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

أمن طنجة يحقق في اتهامات باغتصاب تلميذ قاصر داخل مدرسة

GMT 23:35 2020 الأحد ,13 أيلول / سبتمبر

فساتين سهرة باللون الأخضر الفاتح

GMT 23:41 2020 الأربعاء ,09 أيلول / سبتمبر

بلاغ هام من وزارة "أمزازي" بشأن التعليم عن بعد
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib