محمّد السادس العين الساهرة

محمّد السادس... العين الساهرة

المغرب اليوم -

محمّد السادس العين الساهرة

خيرالله خيرالله
بقلم : خيرالله خيرالله

يأتي الخطاب المهمّ الذي ألقاه الملك محمّد السادس في افتتاح السنة الأخيرة من الولاية التشريعيّة لمجلسي البرلمان المغربي في سياق واضح كل الوضوح. يؤكّد الخطاب أول ما يؤكد تجاوز المغرب أسبوع الاحتجاجات التي شهدتها مدن مغربيّة عدّة، من وجدة... إلى أغادير بسبب تدني مستوى الخدمات في مجال التعليم والصحّة.

تكمن خطورة هذه الاحتجاجات في وجود قوى متربّصة بالمغرب أرادت استغلال الاحتجاجات وتوظيفها في اتجاه مسلك عنفي مرفوض من المواطن المغربي.

استطاع المواطن المغربي فهم أن البلد بلد مؤسسات راسخة قبل أي شيء آخر وأنّ النهج الذي يسير عليه محمّد السادس يستهدف أوّلا وأخيرا القضاء على أي فوارق بين فئات المجتمع المغربي وبين المناطق.

يوجد رابط قوي ثابت بين الشعب والعرش. جعل ذلك من خطاب العاهل المغربي أمام مجلسي البرلمان مصدر راحة واطمئنان لكل مواطن.

أراد العاهل المغربي التأكيد، بكل بساطة أن مسيرة التنمية في المغرب مستمرّة وأن هناك عيناً ساهرة على تلك المسيرة وذلك على الرغم من وجود ثغرات معيّنة. بين هذه الثغرات عجز الحكومة الحالية عن التواصل المباشر مع المواطن. لذلك جاء محمّد السادس ليطمئن المواطن إلى وجود «توازن بين المشاريع الوطنيّة الكبرى والبرامج الاجتماعيّة لتحقيق تنمية شاملة».

بعيداً عن المزايدات والمزايدين والاصطياد في الماء العكر، يمكن تلخيص خطاب العاهل المغربي بأنه خطاب طمأنة المواطن المغربي إلى أنّه في يد أمينة. يرتكز ذلك على البُعد السياسي في خطاب محمّد السادس الذي يعكس «حرص المؤسسة الملكية على استمرار العمل التشريعي وتحمل السلطة الاشتراعية المسؤولية إلى آخر لحظة في عمر البرلمان».

معنى ذلك أن الشارع لا يسقط البرلمان وأنّ هناك مواعيد فرضها الدستور لا يمكن تجاوزها. في حال فشل البرلمان، يمكن محاسبته عن طريق الانتخابات المقررة السنة المقبلة. إنّه احترام دقيق لعمل المؤسسات والمواعيد الدستورية لا أكثر، كما في كلّ دولة تحترم نفسها وتحترم القانون والدستور.

هناك، إضافة إلى ذلك إبراز للدور المحوري للبرلمان والأحزاب في «تفعيل الديمقراطية، وتقوية ثقة المواطن في المؤسسات». هناك أيضا، في الخطاب الملكي «تأكيد للتكامل بين الدبلوماسية البرلمانية والرسمية، وتوسيع مساحة الفعل السياسي في الدفاع عن القضايا الوطنية».

توجد قضايا كبرى لا يستطيع المغرب تجاهلها، من بينها موضوع مغربيّة الصحراء حيث حققت المملكة خطوات كبيرة إلى الأمام، وهي خطوات تحتاج إلى دعم من كلّ القوى الفاعلة في البلد.

في الوقت ذاته، توجد في الخطاب «دعوة ضمنية إلى نموذج جديد من الحكامة السياسية يرتكز على النتائج والمحاسبة بدل الخطابات والشعارات».

أما في ما يخص البُعد الاقتصادي، فقد كان في الخطاب تركيز على «عدالة توزيع الثروات ومردودية الاستثمار العمومي». كذلك، الدعوة إلى «تشجيع الأنشطة الاقتصادية المحلية وخلق فرص عمل، خصوصا في المناطق الهشة». كان هناك «إبراز لأهمية الاقتصاد الأزرق (البحري) وتثمين السواحل الوطنية في التنمية، وتشجيع على مقاربة تنموية رقمية وفعّالة ترتكز على المعطيات الميدانية والتكنولوجيا».

في ما يخص البعد الاجتماعي، تضمّن الخطاب دعوة قوية إلى «تحقيق العدالة الاجتماعية والمجالية كركيزة للتنمية المستدامة». أشار إلى «التركيز على توفير التعليم والصحة وفرص الشغل في المناطق الفقيرة».

كذلك، أشار إلى «تعزيز الوعي والتمكين الحقوقي للمواطنين عبر التأطير والتواصل من طرف الفاعلين السياسيين والإعلاميين» مع «تأكيد ضرورة العدالة في الخدمات بين العالم الحضري والقروي».

يوجد حضور للعرش على كل المستويات والمجالات في المغرب. من الواضح أن محمّد السادس يعرف تماماً ما يدور في البلد وهو على علم بكل شاردة وواردة في المملكة بما يعني اهتماماً شخصياً بالمواطن المغربي وهمومه. لذلك كانت في الخطاب دعوة إلى «توازن بين المشاريع الوطنية الكبرى والبرامج الاجتماعيّة لتحقيق تنمية شاملة».

بكلام أوضح، لا بد من وجود توازن بين المشاريع الكبرى، بما في ذلك تلك المرتبطة بتهيئة المغرب لاستقبال كأس العالم لكرة القدم، مع إسبانيا والبرتغال، في السنة 2030 من جهة وما يهمّ المواطن المغربي من جهة أخرى على صعيد التعليم والصحّة والخدمات الاجتماعيّة بشكل عام.

كان خطاب محمّد السادس في مجلسي البرلمان خطاب الرؤية الواضحة والشاملة. كان عملياً خطاب التوازن الذي يأخذ في الاعتبار خصوصية المغرب والحاجة إلى توعية المواطن إلى أن المغرب الصاعد يحتاج إلى تواصل دائم بين الحكومة والمواطن وأعضاء البرلمان. هذه «مسؤولية الأحزاب السياسية أيضاً» و«المنتخبين في مختلف المجالس المنتخبة على كل المستويات في كل المناطق، إضافة إلى وسائل الإعلام وفعاليات المجتمع وكلّ القوى الحيّة للأمّة»، على حدّ تعبير العاهل المغربي.

وضع محمّد السادس كلّ مَنْ في البلد أمام مسؤولياته. توجد أهمّية لكلّ كلمة قالها في وقت يواجه البلد استحقاقات كبيرة وتحديات جسام مع اقتراب الذكرى الـ50 لـ«المسيرة الخضراء» التي سمحت للمغرب باستعادة أقاليمه الصحراوية سلمياً. لا يمرّ شهر إلّا وتزداد القضية الوطنية للمغرب قوّة. يترافق ذلك مع مزيد من الاختراقات يحققها المغرب بأفريقيا.

هناك حسد ليس بعده حسد من النجاح المغربي. يفسّر هذا النجاح كلّ هذا التجييش الهادف إلى الإساءة إلى المغرب من داخل المغرب. الثابت أن قوى خارجية تعمل على الإضرار بالمغرب ومسيرته. كلّ ما فعله محمّد السادس، عبر خطابه في البرلمان، بمجلسيه، أن أكّد أن المسيرة المغربيّة مستمرة.

المغرب مستمرّ في الصعود في ظلّ مؤسسات ثابتة ومواعيد دستوريّة لا يمكن تجاوزها، بما في ذلك موعد الانتخابات الاشتراعية المقبلة. بعد هذه الانتخابات المتوقّعة، سيكون لكل حادث حديث، سيتحدد مَنْ سيُشكل الحكومة الجديدة وهل ستكون أفضل من الحكومة الحالية التي يبدو أنّها باقية ما دامت تتمتع بثقة أكثرية نيابيّة انبثقت عن انتخابات 2022.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

محمّد السادس العين الساهرة محمّد السادس العين الساهرة



GMT 14:43 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

سوريا الأستاذ وديع

GMT 14:41 2025 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

في حب الصحراء: شريان الحياة

GMT 14:38 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

الرئيس والممسحة

GMT 14:33 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

السلاح... أو حين يكون المكسب صفراً والهزيمة مطلقة

GMT 14:28 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

من سيلحق بكندا... في «التعامل بالمثل» مع ترمب؟

GMT 14:24 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

ترمب وخصومه في «حيْصَ بيْص»

GMT 14:23 2025 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

سموتريتش وحقد الجِمال

GMT 14:19 2025 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

القطبية الصينية ومسار «عالم الغابة»

رحمة رياض تتألق بإطلالات متنوعة تجمع بين الأناقة والجرأة

الرياض - المغرب اليوم

GMT 19:13 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

ملف الصحراء المغربية يعود للواجهة ومؤشرات حسم دولية قريبة
المغرب اليوم - ملف الصحراء المغربية يعود للواجهة ومؤشرات حسم دولية قريبة

GMT 11:50 2025 الخميس ,30 تشرين الأول / أكتوبر

إسرائيل تواصل قصف غزة رغم تعهدها بوقف إطلاق النار
المغرب اليوم - إسرائيل تواصل قصف غزة رغم تعهدها بوقف إطلاق النار

GMT 17:49 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

بحضور النجوم إليسا تحتفل بعيد ميلادها
المغرب اليوم - بحضور النجوم إليسا تحتفل بعيد ميلادها

GMT 19:34 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

الشيخة حسينة تتحدث لأول مرة منذ الهروب
المغرب اليوم - الشيخة حسينة تتحدث لأول مرة منذ الهروب

GMT 15:55 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 02:18 2018 الثلاثاء ,23 كانون الثاني / يناير

سهام العزوزي تتوج بلقب مسابقة "ميس أمازيغ" في دورتها الخامسة

GMT 14:13 2016 الإثنين ,31 تشرين الأول / أكتوبر

فرقة «رضا» تتألق في الأقصر عاصمة السياحة لعام 2016

GMT 23:59 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

تعرف على تفاصيل طلاق "أبو جاد" وزوجته سارة

GMT 19:07 2019 السبت ,22 حزيران / يونيو

الكرنب يحتوي على مغذيات تحارب مرض الخرف

GMT 13:24 2019 السبت ,01 حزيران / يونيو

ودي تكشف عن موديلات S من سياراتها Q5 وA6 وA7

GMT 14:44 2019 الثلاثاء ,01 كانون الثاني / يناير

حرّاس صدام حسين يكشفون تفاصيل اللحظات الأخيرة في حياته

GMT 07:20 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

الأغذية منخفضة الكربوهيدرات تسهم في علاج السكري

GMT 16:22 2018 الأربعاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

العروبة الإماراتي يتعاقد مع ياسين الصالحي لموسم واحد

GMT 20:51 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

قطر تستعد لتنظيم بطولة العالم للجمباز بمشاركة إسرائيلية
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib