أثمان سيكون على لبنان دفعها…

أثمان سيكون على لبنان دفعها…

المغرب اليوم -

أثمان سيكون على لبنان دفعها…

خير الله خير الله
بقلم - خيرالله خيرالله

عندما يتعلّق الأمر بالزيارة القصيرة التي قام بها لبيروت المبعوث الأميركي توم بارّاك بصحبة مورغان أورتاغوس التي باتت عضواً في الوفد، يصحّ التساؤل: ما الأثمان التي يتوجّب على لبنان دفعها… هذا في حال وجود نيّة حقيقية لديه لمساعدة نفسه قبل طلب مساعدة الآخرين؟

سيكون على لبنان دفع أثمان عدّة لا ثمن واحد في ضوء تمكّن إيران، في الماضي القريب، من امتلاك قرار الحرب والسلم في البلد. كان ذلك في مرحلة ما بعد بدء حرب غزّة يوم السابع من أكتوبر/تشرين الأوّل 2023. تغيّر لبنان وتغيّرت المنطقة. لم تعُد إيران تمتلك قرار الحرب والسلم في لبنان، بل لم تعد تمتلك لبنان، خصوصاً في ضوء خسارتها لسوريا.

قد يكون ذلك ما يفسّر الزيارة الأخيرة التي قام بها لبيروت علي لاريجاني الأمين العامّ لمجلس الأمن القومي الإيراني. بدا لافتاً، بُعيد مغادرته العاصمة اللبنانية، الخطاب الناريّ لنعيم قاسم الأمين العامّ لـ”الحزب” الذي هدّد فيه اللبنانيّين بـ”حرب أهليّة”.

هل أرادت “الجمهوريّة الإسلاميّة” توجيه رسالة إلى اللبنانيّين فحواها أنّ خسارتها لورقة قرار الحرب والسلم في لبنان لا تلغي امتلاكها ورقة تفجير الوضع الداخلي فيه في حال المسّ بسلاح “الحزب”؟

دليل ضعف لا قوّة

الأكيد أنّ الموقف الإيراني دليل ضعف لا دليل قوّة. من هذا المنطلق، يفترض بلبنان عدم الخوف من دفع الأثمان المترتّبة عليه، بل عليه الحديث عنها صراحة من دون خجل في حال كان مطلوباً من كبار المسؤولين في البلد التعاطي مع الواقع بدل الهرب منه.
لبنان دفع ثمن إقناع العالم والعرب، أهل الخليج على وجه التحديد، بالمشاركة في إعادة بناء ما تهدّم من قرى جنوبيّة

سيتوجّب على لبنان دفع ثمن انسحاب إسرائيل من المواقع الخمسة التي تحتلّها في الجنوب، وذلك بغضّ النظر عن الرسائل الأميركيّة المطمئنة. سيتوجّب عليه أيضاً دفع ثمن ما ارتكبه “الحزب” في سوريا حيث انضمّ إلى حرب بشّار الأسد على الشعب السوري من منطلق مذهبي وخدمةً للمشروع الإيراني ليس إلّا. سيكون على لبنان دفع ثمن إقناع العالم والعرب، أهل الخليج على وجه التحديد، بالمشاركة في إعادة بناء ما تهدّم من قرى جنوبيّة. سيتوجّب أيضاً على لبنان دفع ثمن استعادة موقعه الإقليمي وعودة الاستثمارات العربيّة والأجنبيّة إليه… وعودة كونه بين الأماكن المفضّلة التي يقصدها الخليجيون في كلّ أيّام السنة. ليس صدفة أنّ المملكة العربيّة السعودية لم ترفع بعد قرار حظر سفر مواطنيها إلى لبنان.

لبنان

طرأ تطوّر على موقف المبعوث الأميركي الذي قال صراحة إنّه بات مطلوباً من إسرائيل الإقدام على خطوة ما في اتّجاه مباشرة الانسحاب من المواقع الخمسة التي ما تزال تحتلّها في جنوب لبنان. في زيارة سابقة، حذّر بارّاك اللبنانيّين من عدم القدرة على ممارسة ضغط على إسرائيل. يبقى كلامه كلاماً في وقت لا جدال في شأن كون الاحتلال الإسرائيلي نتيجة “حرب إسناد غزّة” التي وراءها “الحزب” وإيران.

إنّ دفع لبنان للأثمان المترتّبة عليه يظلّ الطريق الأفضل والأقلّ كلفةً لتفادي كارثة جديدة تتمثّل في بقاء الاحتلال الإسرائيلي سنوات طويلة كي يبرّر “الحزب” تمسّكه بسلاحه. بات هذا السلاح، الذي عاد بالويلات على لبنان، يشكّل نقطة الضعف الأساسية في الموقف الوطني الذي عبّرت عنه الحكومة بموافقتها على قرار “حصر السلاح”، وهو قرار تاريخيّ بكلّ المقاييس.
سيكون على لبنان دفع أثمان عدّة لا ثمن واحد في ضوء تمكّن إيران، في الماضي القريب، من امتلاك قرار الحرب والسلم في البلد

خياران لا ثالث لهما

في النهاية، يجد البلد نفسه أمام خيارين لا ثالث لهما، بين دفع أثمان “حرب إسناد غزّة” وبين رفض التعاطي مع الواقع مع ما يعنيه ذلك من تعامٍ عن خطر إيجاد أعذار لـ”الحزب”، أعذار تبرّر بقاء السلاح. لبنان ليس أفضل من مصر التي اختارت في عام 1977 عندما قرّر الرئيس أنور السادات استعادة سيناء المحتلّة بالوسائل الدبلوماسية. لو كان السادات يستطيع استعادة الأرض المصريّة المحتلّة بالقوّة، لما كان ذهب إلى الكنيست وخطب فيه، ولما كان وصل به الأمر إلى توقيع معاهدة سلام مع إسرائيل في آذار 1979.

ليس مطلوباً من لبنان توقيع معاهدة سلام مع إسرائيل ولا الوصول إلى تطبيع معها. لكنّ الواقع يفرض البحث منذ الآن في كيفيّة التعاطي مع وجود أثمان لا بدّ من دفعها من أجل استعادة الأراضي المحتلّة في الجنوب بدل الاكتفاء بلغة خشبيّة لا تقدّم ولا تؤخّر. لا تقدّم هذه اللغة ولا تؤخّر، خصوصاً في ظلّ موازين القوى بين أميركا، في عهد دونالد ترامب، وإسرائيل.

جرعة من الشّجاعة

من المستحسن منذ الآن الخروج من دائرة التفكير الضيّق، وهو التفكير الذي يتعاطى مع إسرائيل بصفة كونها تابعاً لأميركا. ثمّة حاجة إلى جرعة جديدة من الشجاعة، من نوع تلك الشجاعة التي تميّزت بها حكومة نوّاف سلام في جلستَي الخامس والسابع من آب الجاري.

ليست الأولويّة في لبنان لتمكين إيران من المتاجرة بالسلم الأهليّ بعدما تاجرت طويلاً بقرار الحرب والسلم. الأولويّة لكيفيّة قطع الطريق على إيران التي لم تقتنع بأنّها خرجت من سوريا ولبنان إلى غير رجعة. الأولويّة لنوع جديد من التفكير السياسي. لا يستوعب هذا التفكير وجود أثمان لا بدّ من دفعها، في حال كان مطلوباً تحقيق انسحاب إسرائيلي من الجنوب، فحسب، بل يتجاوز ذلك إلى محاولة فهم لماذا كلّ هذه المناورات السياسيّة في مجلس الأمن التابع الأمم المتّحدة لمناسبة التمديد للقوّة الدولية في جنوب لبنان.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أثمان سيكون على لبنان دفعها… أثمان سيكون على لبنان دفعها…



GMT 00:06 2025 الأربعاء ,03 أيلول / سبتمبر

استقرار واستدامة

GMT 00:01 2025 الأربعاء ,03 أيلول / سبتمبر

نسخة ليبية من «آسفين يا ريّس»!

GMT 23:59 2025 الأربعاء ,03 أيلول / سبتمبر

بضع ملاحظات عن السلاح بوصفه شريك إسرائيل في قتلنا

GMT 23:58 2025 الأربعاء ,03 أيلول / سبتمبر

ليبيا... أضاعوها ثم تعاركوا عليها

GMT 23:55 2025 الأربعاء ,03 أيلول / سبتمبر

الأديان ومكافحة العنصرية في أوروبا

GMT 23:52 2025 الأربعاء ,03 أيلول / سبتمبر

إن كنت ناسي أفكرك!!

GMT 23:49 2025 الأربعاء ,03 أيلول / سبتمبر

سوء حظ السودان

نجمات الموضة يتألقن بإطلالات صيفية منعشة تجمع بين البساطة والأنوثة

دبي - المغرب اليوم

GMT 10:25 2016 الأربعاء ,18 أيار / مايو

أمير قطر يتسلم رسالة خطية من الرئيس السوداني

GMT 18:16 2015 الخميس ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

زيت شجرة الشاي لعلاج التهاب باطن العين

GMT 04:56 2016 الإثنين ,04 كانون الثاني / يناير

ارتفاع حركة النقل الجوي في مطارات المغرب بنسبة 1.79 %

GMT 13:04 2017 الجمعة ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مجموعة "المغانا" تتبرأ من "تيفو" مباراة المغرب والغابون

GMT 22:00 2017 الإثنين ,09 تشرين الأول / أكتوبر

ناصيف زيتون يحي صيف النجاحات وسط حضور جماهيري حاشد

GMT 19:55 2022 الخميس ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

هبوط أسعار النفط مع تنامي مخاوف الصين من فيروس كورونا

GMT 15:06 2022 الثلاثاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

أرباح "مصرف المغرب" تبلغ 438 مليون درهم

GMT 12:29 2022 السبت ,07 أيار / مايو

أفضل أنواع الهايلايتر لجميع أنواع البشرة

GMT 17:41 2022 السبت ,09 إبريل / نيسان

زلزال بقوة 4,3 درجات في إقليم الدريوْش

GMT 23:50 2022 الأربعاء ,26 كانون الثاني / يناير

"ناسا" ترصد مليون دولار لمن يحل مشكلة إطعام رواد الفضاء

GMT 20:42 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

مدريد تستعد لأشد تساقط للثلوج منذ عقود

GMT 01:34 2020 الخميس ,03 كانون الأول / ديسمبر

الحكم على المودل سلمى الشيمي ومصورها

GMT 22:23 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

مُساعد جوسيب بارتوميو يظهر في انتخابات نادي برشلونة المقبلة

GMT 15:54 2020 الخميس ,29 تشرين الأول / أكتوبر

أبرز التوقعات لعودة تطبيق الحجر الصحي الكامل في المغرب

GMT 19:12 2020 الثلاثاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

أمن طنجة يحقق في اتهامات باغتصاب تلميذ قاصر داخل مدرسة

GMT 23:35 2020 الأحد ,13 أيلول / سبتمبر

فساتين سهرة باللون الأخضر الفاتح

GMT 23:41 2020 الأربعاء ,09 أيلول / سبتمبر

بلاغ هام من وزارة "أمزازي" بشأن التعليم عن بعد
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib