من تفجير مرفأ بيروت الى اغتيال لقمان

من تفجير مرفأ بيروت... الى اغتيال لقمان

المغرب اليوم -

من تفجير مرفأ بيروت الى اغتيال لقمان

خيرالله خيرالله
خيرالله خيرالله

ليس ما يعطي فكرة عن حجم الفراغ في لبنان اكثر من مرور ستة اشهر على تفجير مرفأ بيروت. جاء اغتيال الناشط السياسي لقمان سليم المعارض الشيعي الشرس لـ"حزب الله"، في الرابع من شباط – فبراير الجاري، أي في ذكرى مرور ستة اشهر على تفجير المرفأ، ليؤكّد الفراغ اللبناني على مستوى السلطة السياسية وجود مرجعية أخرى للبنان خارج مفهوم الدولة ومؤسساتها.  

مرت ستة اشهر، على تفجير المرفأ من دون ان تكون هناك إشارة ولو بسيطة تصدر عن الأجهزة الرسمية تشرح للبنانيين ما الذي حصل في ذلك اليوم المشؤوم. كلّ ما في الامر ان الإنجاز الوحيد الذي حقّقه "العهد القويّ"، أي "عهد حزب الله" الذي على رأسه ميشال عون وصهره جبران باسيل، يتمثل في منع حصول تحقيق دولي في كارثة ضخمة. تسببت تلك الكارثة بمقتل ما يزيد على 200 شخص وسقوط مئات الجرحى. هناك احياء بكاملها دمّرت. معظم هذه الاحياء يسكنها مسيحيون فقراء. فوق ذلك كلّه، لحقت اضرار هائلة بحيي الجميزة ومار مخايل حيث كانت توجد مئات المطاعم والحانات الصغيرة التي وفرت فرص عمل لآلاف الشبان اللبنانيين. من هذا المنطلق، ثمّة حاجة الى تحقيق دولي في كل ما يحصل في لبنان. من تفجير المرفأ... الى اغتيال لقمان سليم.

كشف "العهد القويّ" الى ايّ حد هو عاجز. اكثر من ذلك، كشف كم ان هذا العهد غير مهتم بمصير اللبنانيين وانّ هدفه الوحيد ان يخلف جبران باسيل ميشال عون في قصر بعبدا بايّ ثمن كان. ليس مهمّا ما يحل بلبنان واللبنانيين ولا ما يحلّ بالمسيحيين الذين يبحثون حاليا عن مكان يهاجرون اليه بفضل الإنجازات التي تحققت منذ 31 تشرين الاوّل – أكتوبر من العام 2016 تاريخ انتخاب مرشّح "حزب الله" رئيسا للجمهورية.

يختزل تفجير مرفأ بيروت، وصولا الى اغتيال لقمان سليم، المأساة اللبنانية بكلّ ابعادها. مطلوب قبول اللبنانيين بالأمر الواقع المتمثّل في ان لا وجود لمن يريد تحمّل مسؤولياته في السلطة. على العكس من ذلك، هناك هرب دائم من المسؤوليات ومن الحقيقة في بلد يطالب فيه "التيّار الوطني الحر" (حزب رئيس الجمهورية وصهره) بالثلث المعطّل في أي حكومة يشكّلها سعد الحريري. ليس معروفا ما المطلوب عمله بهذا الثلث المعطل في حين لا يتجرّأ أي "عوني" على شرح لماذا لا توجد كهرباء في البلد على الرغم من ان الفريق "العوني" التابع لرئيس الجمهورية وصهره يسيطر على وزارة الطاقة منذ 12 عاما. اليست هذه الأعوام كافية كي يكون هناك كهرباء في لبنان؟

يعبّر تفجير مرفأ بيروت واسكات أي شيعي يخرج عن ثقافة القطيع عن رغبة واضحة بالانتهاء من لبنان على يد مجموعة لا تؤمن بالبلد. في عهد هذه المجموعة التي تسمّى بـ"العونيين" انهار القطاع المصرفي وانهار التعليم وقضي علي أي امل في ان يعود لبنان مستشفى العرب. لم يعد في لبنان سائح واحد. يعيش لبنان في ظلّ عزلة عربية لا سابق لها، ليس هناك بلد عربي محترم مستعد لاستقبال ميشال عون. الأسوأ من ذلك كلّه ان رئيس الجمهورية يبدي استياءه من الزيارات التي يقوم بها رئيس الوزراء المكلّف سعد الحريري للخارج. كان سعد الحريري أخيرا في مصر وقبلها في دولة الامارات العربيّة المتحدة التي انتقل منها الى تركيا قبل نحو شهر.

هل عيب ان تكون هناك شخصية لبنانية مفتوحة لها أبواب العالمين العربي وغير العربي؟ في الواقع، انّ لبنان في وضع لا يحسد عليه بعدما انكشفت حقيقة "العهد القويّ" ولماذا كلّ هذا الإصرار لدى "حزب الله" على الاتيان بميشال عون رئيسا للجمهورية. لم تعد هناك اسرار في لبنان. اغلق "حزب الله"، الذي ليس سوى لواء في "الحرس الثوري" الإيراني مجلس النواب سنتين ونصف سنة كي يفرض ميشال عون رئيسا للجمهورية. اكتشف الحزب ان ميشال عون يكره رفيق الحريري وما حقّقه رفيق الحريري للبنان ولبيروت اكثر مما يكرهه هو. يكنّ ميشال عون حقدا على رفيق الحريري اكثر من الحقد الذي كان يكنّه له الموالون للنظام السوري، على رأسه بشّار الأسد، لرئيس الوزراء الراحل الذي فُجّر موكبه في الرابع عشر من شباط – فبراير 2005. يبدو كلّ هذا الكره والحقد على رفيق الحريري سبب اكثر من كاف كي يصبح ميشال عون رئيسا للجمهورية.

كان مطلوبا الّا يكون هناك تحقيق دولي في تفجير ميناء بيروت. كانت حجة ميشال عون، الذي تلقّى تقريرا قبل عشرين يوما من التفجير عن المواد الخطرة الموجود في مرفأ بيروت، أن التحقيق الدولي سيأخذ وقتا طويلا. وعد اللبنانيين بتحقيق سريع. ها قد مضت ستة اشهر على يوم الرابع من آب – أغسطس 2020 ولا وجود لتحقيق ولاي امل في معرفة ما الذي حصل حقيقة. كلّ ما هناك ان اللبنانيين يبحثون عن مكان يهاجرون اليه... ولو الى الاسكا!

كان التحقيق كفيلا بكشف من خزّن اطنان الامونيوم طوال سنوات في عنابر مرفأ بيروت ومن جاء بالامونيوم ومن حماه ومن نقل قسما منه الى خارج المرفأ. كان التحقيق الدولي سيحدّد الجهة المسؤولة عن الجريمة الكبيرة في حق عاصمة لبنان ولبنان نفسه...

صحيح ان التحقيق الدولي كان سيأخذ وقتا، لكنّ الصحيح أيضا انّه كان سيكشف الحقيقة. لقد نجح ميشال عون حيث فشل اميل لحّود الذي لم يستطع منع التحقيق الدولي في اغتيال رفيق الحريري ورفاقه. في نهاية المطاف، وعلى الرغم من السنوات الطويلة التي استغرقها التحقيق الدولي في اغتيال رفيق الحريري ورفاقه وعلى الرغم من العمل البطيء للمحكمة الدولية الخاصة بلبنان، استطاع اللبنانيون معرفة جزء من الحقيقة. استطاعوا معرفة ان قياديا في "حزب الله" اسمه سليم عيّاش لعب دورا في قتل رفيق الحريري.

بعد ستة اشهر على تفجير مرفأ بيروت، وفي غياب ايّ معلومات عن المسؤول عن الجريمة، يصحّ التساؤل: لبنان الى اين؟ اذا كان الجواب ان لبنان ذاهب الى الانهيار، فانّ الانهيار حصل. لعلّ التساؤل الأفضل ماذا بعد الانهيار؟ ما الذي يمكن عمله ببلد صار سكانه فجأة فقراء. تعرّض اللبنانيون لسرقة العصر ولديهم رئيس الجمهورية يرفض اخذ العلم بذلك... لا يريد حتّى ان يعرف ما الذي حلّ بمرفأ بيروت وماذا يعني ذلك مستقبلا، اقلّه على صعيد دور لبنان في المنطقة وفي محيطه العربي.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من تفجير مرفأ بيروت الى اغتيال لقمان من تفجير مرفأ بيروت الى اغتيال لقمان



GMT 15:07 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

العودة إلى إسحق رابين

GMT 20:14 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

بيروت والكلام المغشوش

GMT 20:11 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

التغييرات المناخية... الأمل بالطيران في بيليم

GMT 20:05 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

انتحار الصِغار و«رقمنة» اليأس

GMT 20:00 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

الحبل السُّرِّي بين العالم العربي وحل الدولة الفلسطينية

نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 10:46 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة
المغرب اليوم - أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة

GMT 00:22 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

بوتين يؤكد صاروخ بوريفيستنيك يضمن أمن روسيا لعقود
المغرب اليوم - بوتين يؤكد صاروخ بوريفيستنيك يضمن أمن روسيا لعقود

GMT 18:26 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بوريس جونسون يهاجم بي بي سي ويتهمها بالتزوير
المغرب اليوم - بوريس جونسون يهاجم بي بي سي ويتهمها بالتزوير

GMT 00:30 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

هالاند يحذر خصومه ويؤكد ما زلت أملك المزيد
المغرب اليوم - هالاند يحذر خصومه ويؤكد ما زلت أملك المزيد

GMT 13:31 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

طرق ذكية لتعليق اللوحات دون إتلاف الحائط
المغرب اليوم - طرق ذكية لتعليق اللوحات دون إتلاف الحائط

GMT 18:52 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

خبراء التغذية يوصون بمشروبات طبيعية لتحسين الأداء الإدراكي
المغرب اليوم - خبراء التغذية يوصون بمشروبات طبيعية لتحسين الأداء الإدراكي

GMT 01:36 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد حلمي وهند صبري في أول تعاون سينمائي بأضعف خلقه
المغرب اليوم - أحمد حلمي وهند صبري في أول تعاون سينمائي بأضعف خلقه

GMT 20:20 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

4 أصوات تشير إلى أعطال في محركات السيارات

GMT 06:27 2018 الثلاثاء ,05 حزيران / يونيو

دراسة تؤكّد تأثير حجم المخ على التحكّم في النفس

GMT 21:07 2018 الأربعاء ,04 إبريل / نيسان

"سباق الدراجات" يدعم ترشح المغرب للمونديال

GMT 01:40 2018 السبت ,10 آذار/ مارس

رجل يشكو زوجته لسوء سلوكها في طنجة

GMT 05:32 2017 الأربعاء ,03 أيار / مايو

محمود عباس فى البيت الأبيض.. من دون فلسطين!

GMT 06:27 2016 الجمعة ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

باكستان تُبعد صاحبة صورة ناشيونال جيوغرافيك الشهيرة

GMT 04:19 2016 الإثنين ,05 كانون الأول / ديسمبر

"فرزاتشي Versaci" تطلق مجموعتها الساحرة لعام 2017
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib