سر الأردن بعد 79 عاما من الاستقلال

سر الأردن.. بعد 79 عاما من الاستقلال

المغرب اليوم -

سر الأردن بعد 79 عاما من الاستقلال

خيرالله خيرالله
بقلم - خيرالله خيرالله

في الذكرى الـ79 للاستقلال من الضروري إعطاء المملكة الأردنية حقها بصفة الدولة الوحيدة في المشرق العربي التي استطاعت بناء مؤسسات حقيقية ثابتة على الرغم من كل ما شهدته المنطقة من عواصف.

احتفل الأردن قبل أيام بالذكرى الـ79 للاستقلال. كانت الذكرى مناسبة للتأكد من أمرين. الأمر الأوّل أن المملكة بخير والآخر أنها ما زالت قادرة على مواجهة التحديات. تواجه المملكة منذ قيامها التحديات على الرغم من الظروف الإقليمية الصعبة والمعقدة. استطاعت المؤسسات التي بناها الأردن الصمود والذهاب بعيدا في التغلب على التحديات بعيدا عن المزايدات والشعارات الفارغة التي جلبت الكوارث على بلدان عدّة في المنطقة، بما في ذلك سوريا والعراق ولبنان.

أثبتت السنوات الـ79 التي مضت أن الأردن ليس ظاهرة عابرة بأيّ شكل، بل هو أكثر من ضرورة لاستقرار المنطقة. هذا ما أثبتته الأحداث مرّة تلو الأخرى كما أثبتت أن رهان ملوك الأردن، منذ الاستقلال، كان رهانا في محله، خصوصا أنّه كان رهانا على الإنسان قبل أيّ شيء آخر. كان ذلك في بلد لا يمتلك ثروات طبيعية كبيرة، إضافة إلى أنّه من أفقر بلدان العالم من زاوية امتلاك الثروة المائية.

بنى ملوك الأردن، بدءا بالملك عبدالله الأوّل، دولة حقيقية يتبين يوما بعد يوم أنّها ذات دور محوري على الصعيد الإقليمي. إنّه دور لا يمكن تجاوزه، خصوصا بعد الخطوة التي أقدم عليها الملك حسين في العام 1994. في تشرين الأول – أكتوبر من ذلك العام، وقّع الأردن اتفاق سلام مع إسرائيل في وادي عربة. حدّد الاتفاق، الذي وقّعه إسحاق رابين رئيس الوزراء الإسرائيلي من جهة والدكتور عبدالسلام المجالي رئيس الوزراء الأردني من جهة أخرى، حدود الأردن. قطع الاتفاق الطريق على مشروع “الوطن البديل” الذي كان يحلم به اليمين الإسرائيلي الذي كان لديه في كل وقت طموح تهجير مواطني الضفّة الغربية إلى شرق الأردن…

طوال 79 عاما لا يزال السؤال المطروح ذاته. ما سرّ الأردن؟ ولماذا ذلك الميل إلى الاستخفاف بالأردن؟ وهو ميل لدى الذين لا يعرفون المنطقة قبل غيرهم. يشمل ذلك في طبيعة الحال مسؤولين إسرائيليين لا يمتلكون القدرة على فهم ما هي المملكة الأردنيّة الهاشمية ولماذا استطاعت تجاوز كلّ التحديات التي مرّت بها منذ قيامها. يكمن سرّ الأردن في الموقع المحوري للبلد وقدرته الدائمة على إيجاد دور لنفسه بغض النظر عن الظروف الإقليمية وتبدلها.

◄ المؤسسات التي بناها الأردن استطاعت الصمود والذهاب بعيدا في التغلب على التحديات بعيدا عن المزايدات والشعارات الفارغة التي جلبت الكوارث على بلدان عدّة في المنطقة، بما في ذلك سوريا والعراق ولبنان

لم يمرّ بلد في المنطقة بالتحديات التي مرّ بها الأردن الذي واجه في خمسينات القرن الماضي وستيناته، الموجة الناصرية نسبة إلى جمال عبدالناصر. استطاع تجاوز تلك الموجة، لكن بعدما دفع ثمنا غاليا. كلفت الناصرية بين ما كلفته زجّ الأردن بحرب العام 1967. أدّت تلك الحرب إلى خسارة الضفّة الغربية والقدس الشرقية ووقوعهما تحت الاحتلال الإسرائيلي. حصل ذلك في ضوء جهل الضابط الريفي جمال عبدالناصر بما يدور في المنطقة والعالم. للتذكير فقط، استخف جمال عبدالناصر بالأردن وبالملك حسين قبل أن يستخف لاحقا بإسرائيل ويخوض حرب 1967 من دون أيّ استعداد جدّي لها.

استطاع الأردن حماية القضيّة الفلسطينية في كلّ وقت. لا يزال حاجزا في وجه تهجير مواطني الضفّة الغربية في ضوء الرسالة الواضحة التي وجهها قبل أشهر قليلة الملك عبدالله الثاني إلى بنيامين نتنياهو وحكومته. فحوى تلك الرسالة أن الأردن مستعد للدفاع، بكل ما لديه من قوة، عن حدوده في حال عملت إسرائيل على تهجير مواطني الضفّة الغربيّة في اتجاه أراضيه. بكلام أوضح، إن الأردن مستعد للذهاب بعيدا في مواجهة إسرائيل عندما تقتضي الحاجة ذلك.

لم يتخلّ الأردن يوما عن القضيّة الفلسطينية. أنقذ الفلسطينيين من أنفسهم في العام 1970 عندما سعت المنظمات الفلسطينية المسلحة إلى الحلول مكان الدولة الأردنية.

في 1970، قبل توقيع اتفاق السلام مع إسرائيل، قطع الملك حسين باكرا الطريق على مشروع “الوطن البديل” بعدما رفعت منظمات فلسطينية شعار “طريق القدس تمرّ بعمّان” وبعدما عبث المسلحون الفلسطينيون بالأمن الأردني وخطفت إحدى المنظمات طائرات ركاب مدنية تمتلكها شركات أوروبيّة وأخذتها إلى الأراضي الأردنية… ثمّ فجرتها في ما أسمته “مطار الثورة”!

من المفيد ملاحظة أن إسرائيل، منذ احتلالها للضفة الغربية، رفضت في كلّ وقت التوصل إلى اتفاق فك اشتباك مع الأردن على غرار الاتفاقات التي توصلت إليها مع مصر أو مع سوريا. كان هذا الرفض دليلا واضحا على رفض الدولة العبريّة التفاوض مع الأردن في ما يخص الضفة الغربية. المؤسف أنّ المجموعة العربيّة سهّلت على إسرائيل هذه المهمّة عندما اتخذت في قمة الرباط، التي انعقدت في العام  1974، قرارا يعتبر منظمة التحرير الفلسطينية “الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني”. تجاهل العرب أن مثل هذا القرار يخدم إسرائيل من الناحية القانونيّة، نظرا إلى أن الضفة الغربية كانت قبل احتلالها تحت السيادة الأردنيّة وليس تحت سيادة منظمة التحرير الفلسطينية. بفضل القرار العربي، المتعلق بتمثيل منظمة التحرير للشعب الفلسطيني، استطاعت إسرائيل اعتبار الضفة الغربية “أرضا متنازعا عليها” وليست أرضا محتلة كما واقع الحال.

لم يترك الأردن مناسبة إلّا وتصدّى فيها لمحاولة إسرائيل تصفية القضية الفلسطينية. ذهب عبدالله الثاني مرّات عدّة إلى واشنطن لتأكيد أن لا مفرّ من إقامة دولة فلسطينية مستقلة في حال كان مطلوبا جعل الاستقرار يعمّ المنطقة.

في كلّ يوم يمرّ تظهر الحاجة العربيّة إلى الأردن، خصوصا إذا نظرنا إلى ما يجري في العراق أو في سوريا وما ترتكبه إسرائيل في حق الفلسطينيين. وجد الأردن كضرورة إقليمية وحاجة عربيّة لمواجهة المخطط اليميني الإسرائيلي الذي يعتقد أنّ ما ارتكبته “حماس” في غزّة يشكّل فرصة لتصفية القضية الفلسطينية!

في الذكرى الـ79 للاستقلال، من الضروري إعطاء المملكة الأردنيّة حقها بصفة كونها الدولة الوحيدة في المشرق العربي التي استطاعت بناء مؤسسات حقيقية ثابتة أثبتت فاعليتها على الرغم من كلّ ما شهدته المنطقة من عواصف وأنواء…

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سر الأردن بعد 79 عاما من الاستقلال سر الأردن بعد 79 عاما من الاستقلال



GMT 14:25 2025 الأربعاء ,27 آب / أغسطس

الصحيفة.. والوزير

GMT 19:42 2025 الأحد ,17 آب / أغسطس

إنذار جريمة طريق الواحات!

GMT 15:53 2025 الإثنين ,04 آب / أغسطس

خريطة سعدون حمادي

GMT 15:34 2025 الإثنين ,04 آب / أغسطس

مصر للطيران!

GMT 20:44 2025 السبت ,19 تموز / يوليو

الطعن على الوجود

نجمات الموضة يتألقن بإطلالات صيفية منعشة تجمع بين البساطة والأنوثة

دبي - المغرب اليوم

GMT 10:25 2016 الأربعاء ,18 أيار / مايو

أمير قطر يتسلم رسالة خطية من الرئيس السوداني

GMT 18:16 2015 الخميس ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

زيت شجرة الشاي لعلاج التهاب باطن العين

GMT 04:56 2016 الإثنين ,04 كانون الثاني / يناير

ارتفاع حركة النقل الجوي في مطارات المغرب بنسبة 1.79 %

GMT 13:04 2017 الجمعة ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مجموعة "المغانا" تتبرأ من "تيفو" مباراة المغرب والغابون

GMT 22:00 2017 الإثنين ,09 تشرين الأول / أكتوبر

ناصيف زيتون يحي صيف النجاحات وسط حضور جماهيري حاشد

GMT 19:55 2022 الخميس ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

هبوط أسعار النفط مع تنامي مخاوف الصين من فيروس كورونا

GMT 15:06 2022 الثلاثاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

أرباح "مصرف المغرب" تبلغ 438 مليون درهم

GMT 12:29 2022 السبت ,07 أيار / مايو

أفضل أنواع الهايلايتر لجميع أنواع البشرة

GMT 17:41 2022 السبت ,09 إبريل / نيسان

زلزال بقوة 4,3 درجات في إقليم الدريوْش

GMT 23:50 2022 الأربعاء ,26 كانون الثاني / يناير

"ناسا" ترصد مليون دولار لمن يحل مشكلة إطعام رواد الفضاء

GMT 20:42 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

مدريد تستعد لأشد تساقط للثلوج منذ عقود

GMT 01:34 2020 الخميس ,03 كانون الأول / ديسمبر

الحكم على المودل سلمى الشيمي ومصورها

GMT 22:23 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

مُساعد جوسيب بارتوميو يظهر في انتخابات نادي برشلونة المقبلة

GMT 15:54 2020 الخميس ,29 تشرين الأول / أكتوبر

أبرز التوقعات لعودة تطبيق الحجر الصحي الكامل في المغرب

GMT 19:12 2020 الثلاثاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

أمن طنجة يحقق في اتهامات باغتصاب تلميذ قاصر داخل مدرسة

GMT 23:35 2020 الأحد ,13 أيلول / سبتمبر

فساتين سهرة باللون الأخضر الفاتح

GMT 23:41 2020 الأربعاء ,09 أيلول / سبتمبر

بلاغ هام من وزارة "أمزازي" بشأن التعليم عن بعد
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib