مفاتيح لفك ألغاز الشرق الأوسط

مفاتيح لفك ألغاز الشرق الأوسط

المغرب اليوم -

مفاتيح لفك ألغاز الشرق الأوسط

توفيق بوعشرين

الشرق الأوسط قصة محيرة.. ألغاز عصية على الحل.. كل يوم تتغير موازين القوى. كل أسبوع يظهر لاعبون جدد.. كل شهر تنهار معادلات وتقوم أخرى، حتى إن المواطن العادي من شدة حيرته استسلم لنشرات الأخبار، ورمى بنفسه إلى تيار الأحداث الذي لا يعرف إلى أين يقوده.

ثلث العراق في يد داعش، وثلث في يد إيران، والثلث الباقي في يد الأكراد. حكومة العبادي بعثت الحشد الشعبي لقتال داعش في الشمال، فإذا بالحشد الحقيقي هو الذي يخرج في الجنوب يطالب بإسقاط الفساد وإنهاء المحاصصة الطائفية، ومحاكمة وزراء الحكومات الطائفية. الحكومة التي تصرف مليارات الدولارات ولا تستطيع تأمين الكهرباء لشعبها، هل تستطيع محاربة داعش وطردها خارج الحدود؟

بشار لم يعد يراقب إلا 20٪ من أراضي الجمهورية العربية السورية، ولولا دعم إيران وحزب الله لانهار النظام منذ سنتين. الآن بدأ يترنح بفعل تقدم المعارضة ميدانيا، وبفعل تحرك إيران مع روسيا لإنقاذ ما يمكن إنقاذه في سوريا. زيارات وليد المعلم إلى موسكو وطهران ومسقط تدل على أن المبادرة الإيرانية الجديدة لحل سياسي في المنطقة بدأت تنضج على نار هادئة. إيران التي كانت الطرف المتشدد في الأزمة السورية، أصبحت الطرف الأكثر اعتدالا بعد توقيع الاتفاق النووي مع الغرب. تغيرت قواعد اللعب.. قبل التوقيع كانت إيران دولة مارقة تدعم الإرهاب، واليوم يقول وزير خارجية فرنسا في طهران: «إن على إيران أن تساعدنا على محاربة الإرهاب، وفي مقدمته داعش». داعش نفسها تعيش على إيقاع تحولات كبيرة بعد دخول تركيا على خط المواجهة وفتح قاعدة إنجلريك أمام الطائرات الأمريكية. أردوغان الذي كان يخشى التورط في المستنقع السوري قبل إجراء الانتخابات التشريعية الأخيرة، أصبح متحمسا لضربة مزدوجة ضد داعش وضد حزب العمال الكردستاني، والهدف المرجح هو الذهاب إلى انتخابات جديدة، وخطب ود الأصوات القومية المصابة بحساسية كردية مفرطة، بعد أن فشل حزب العدالة والتنمية في الحصول على أغلبية في البرلمان تسمح له بتغيير شكل نظام الحكم، والاستمرار في خطة بناء تركيا الجديدة.

السعودية، التي كانت مملكة محافظة لا تلعب إلا في الساحة الدبلوماسية، تخوض اليوم ثلاث حروب على واجهات متحركة؛ الأولى في اليمن حيث تحالف حليفها القديم عبد الله صالح مع عدوها الجديد الحوثي، والهدف هو استئصال النفوذ الإيراني من العمق الاستراتيجي لآل سعود، والمواجهة الثانية ضد داعش في داخل المملكة، حيث يحظى الفكر الداعشي بشعبية مهمة، وخارجها، والثالثة ضد بقايا بشار الأسد في سوريا، أما الواجهة الأكبر أمام اللاعب السعودي، فهي السباق لإيجاد بديل للحماية الأمريكية التي رفع أغلبها عن الخليج.

مع كل هذه التعقيدات والتشابكات فهناك ثلاثة مفاتيح تساعد على قراءة خريطة المنطقة من هنا إلى سنوات قليلة مقبلة:

المفتاح الأول: أمريكا لم تعد اللاعب الأكبر في الشرق الأوسط. الأطراف الإقليمية، وفي مقدمتها إيران والسعودية وتركيا وإسرائيل، هم اللاعبون الأكثر تأثيرا في المنطقة، وهذا ما سماه أستاذ العلاقات الدولية، غسان سلامة، بعولمة الاقتصاد و«أقلمة السياسة»، أي أن الاقتصاد صار وسيصير أكثر عالمية، فيما السياسة ستصبح أكثر إقليمية. 

المفتاح الثاني: لا الثوابت ولا التحالفات ولا موازين القوى قارة في المنطقة. السيولة الشديدة هي سمة الوضع في الخليج. من هنا فصاعدا الزمن السياسي الإقليمي سيُصبِح متسارعا، والمتغيرات متلاحقة، والذي لا يتكيف بسرعة ومرونة مع المتغيرات سيجد نفسه على الهامش. 

المفتاح الثالث: لم تعد الدول وحدها الفاعل الرئيس في المشهد الإقليمي، صارت الجماعات والحركات والتنظيمات، خاصة المتطرفة منها، فاعلا مؤثرا في الحرب والسلم. اليوم أبوبكر البغدادي (تنظيم الدولة) وحسن نصر الله (حزب الله) وأبو محمد الجولاني (جبهة النصرة) وقاسم سليماني (فيلق القدس) فاعلون سياسيون وعسكريون في أزمات المنطقة وحروبها أكثر من بعض الدول.. أسلحتهم غير تقليدية، وخططهم لها تداعيات على وحدة الدول واستقرارها. السياسة مثل الطبيعة تخشى الفراغ، والمكان الذي لم تشغله دول المنطقة لسنوات جاء من يشغله الآن.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مفاتيح لفك ألغاز الشرق الأوسط مفاتيح لفك ألغاز الشرق الأوسط



GMT 00:10 2025 الثلاثاء ,09 أيلول / سبتمبر

أزمة النووي الإيراني.. أي مسار سنشهد؟‎

GMT 00:06 2025 الثلاثاء ,09 أيلول / سبتمبر

قمة لا غرب فيها

GMT 00:03 2025 الثلاثاء ,09 أيلول / سبتمبر

وميضٌ عربي في بحر الظلمات

GMT 00:00 2025 الثلاثاء ,09 أيلول / سبتمبر

لبنان وخطر العودة إلى العادات القديمة

GMT 23:58 2025 الثلاثاء ,09 أيلول / سبتمبر

«واقعة» صبي المنبر

GMT 23:56 2025 الثلاثاء ,09 أيلول / سبتمبر

«عيد ميلاد سعيد».. أمل جديد!

داليدا خليل تودّع العزوبية بإطلالة بيضاء ساحرة وتخطف الأنظار بأناقة لا تُنسى

بيروت ـ المغرب اليوم

GMT 04:28 2025 الخميس ,11 أيلول / سبتمبر

سيلين ديون تستعد للعودة بعد غياب طويل بسبب المرض
المغرب اليوم - سيلين ديون تستعد للعودة بعد غياب طويل بسبب المرض

GMT 16:36 2019 الخميس ,07 شباط / فبراير

عملية جراحية ناجحة للاعب الفتح أنس العمراني

GMT 08:53 2017 الأربعاء ,22 شباط / فبراير

إدماج المرأة الجميلة في التنمية!

GMT 14:17 2015 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

نصائح جمالية لصاحبات العيون المبطنة

GMT 08:40 2016 الأربعاء ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الفنانة السورية سارة نخلة تُشارك في مسلسل"هبة رجل الغراب 4"

GMT 02:49 2017 الأربعاء ,17 أيار / مايو

النواصرة يستطيع تصميم أي مجسّم من الأسلاك

GMT 21:50 2017 الثلاثاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدرهم المغربي مقابل الريال السعودي الثلاثاء

GMT 00:49 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

بن ثاير مدربا جديدا للترجي لكرة اليد
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib