لماذا بعث الملك بنكيران إلى شرم الشيخ

لماذا بعث الملك بنكيران إلى شرم الشيخ؟

المغرب اليوم -

لماذا بعث الملك بنكيران إلى شرم الشيخ

توفيق بو عشرين

يحزم رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، حقائبه اليوم ويتوجه إلى شرم الشيخ لتمثيل الملك محمد السادس في قمة عربية خاصة، مكانا وزمانا وجدول أعمال…

منذ جاء الملك إلى العرش قبل عقد ونصف وهو زاهد في حضور القمم العربية، حيث لم يحضر سوى ثلاث مرات؛ واحدة كانت في الجزائر والثانية في لبنان والثالثة في الأردن، أما باقي القمم العربية فلم يحضرها، ولم يفته شيء فيها لأن جل جلسات العرب كلام في كلام، وعندما تغيب القرارات الكبرى تحضر المناوشات بين الرؤساء والملوك والأمراء العرب. الجامعة العربية لم تعد تجمع الأنظمة العربية على شيء، إذن، ما فائدة الاجتماعات والسفر والخطب الطويلة و«تقطار الشمع» على هذا أو ذاك؟ فليست لدى العرب رؤية موحدة أو قريبة للأمن القومي لبلدانهم، ولا دولهم تمتلك قراراتها مائة في المائة لتقرر في الاتحاد أو التعاون أو التنسيق المشترك. العرب مختلفون حول إيران ونفوذها في المنطقة، وحول أمريكا ومخططاتها في الشرق الأوسط، وحول إسرائيل وسياستها إزاء الفلسطينيين، وحول البترول وثمنه في السوق الدولي، وحول الإخوان المسلمين، وهل ندخلهم إلى السجن أم إلى الحكم…

لنعد إلى المغرب.. فهموم العرب لا تنتهي، وقانا الله شرها. إقدام الملك محمد السادس على بعث رئيس حكومته إلى شرم الشيخ لتمثيله وتمثيل المملكة في جامعة العربان أراه رسالة من ثلاث فقرات، وهي بالترتيب كما يلي: 

أولا: يريد الملك رفع تمثيلية المغرب في القمة العربية الجديدة، وعدم الاقتصار على وزير الخارجية، وذلك لإرضاء مصر مستضيفة القمة، والسعودية والإمارات اللتين تراهنان على استصدار بيانات إدانة للحوثيين وداعش وإيران، ولمَ لا الدفع باتجاه تسليح الجنرال المتقاعد خليفة حفتر، وإفشال مفاوضات الصخيرات التي ترعاها الأمم المتحدة. إذن، بعث رئيس الحكومة إلى شرم الشيخ فيه رسالة من الجالس على العرش تقول: «أنا لا أخضر هذه الاجتماعات للأسباب التي تعرفونها، لكنني مهتم بجدول الأعمال وبجهود محاربة الإرهاب، وبالحد من انتشار العنف المسلح في المنطقة».

ثانيا: الملك يبعث رئيس حكومته الملتحي إلى عاصمة كره الإسلاميين، أي مصر، وهذا معناه أن القصر يعطي هدية لبنكيران ليسوق صورة أخرى عنه باعتباره زعيم حزب محافظ، إسلامي لكنه ليس أصوليا.. حزب مغربي ليست له علاقة، من قريب أو بعيد، بالإخوان المسلمين، وإن كانت الأخونة ليست جريمة ولا تهمة. حضور بنكيران وسط أمراء الخليج والرؤساء العرب وكتيبة السيسي معناه أن القصر يريد أن يمحو هذه الحساسية العربية والخليجية التي لدى البعض من بنكيران وحكومته، ويريد الملك أن يقول للجميع: «إن هذا هو رئيس حكومة المغرب وعليكم أن تتعاملوا معه، أحببتموه أم لم تحبوه». 

ثالثا: الرسالة الأخيرة وراء تكليف بنكيران بتمثيل الدبلوماسي الأول في المغرب هي أن الملك يظهر للعرب خصوصية المغرب، وقدرته على تخطي آثار الربيع العربي، وانفتاحه الديمقراطي حتى على الإسلاميين، الذين يشكلون عقدة في منشار جل الأنظمة العربية. الملك يقول لهم: «ها هو إسلامي على وشك إكمال ولايته في الحكومة، وإن المغرب لا يخاف الإسلاميين ولا العلمانيين ولا اليساريين ولا الليبراليين، وإن انفتاحا ديمقراطيا تنتعش فيه تعددية حقيقية ممكن رغم كل الإكراهات، وإن سقف المغرب أقوى مما تظنون»…

من جهة أخرى، على بنكيران أن يوظف هذه المناسبة وهذه الهدية التي أعطيت له لتمثيل المغرب في تجمع العرب المصابين بالحساسية من الربيع العربي، وأن يتحدث معهم عن أفكاره وخططه ومنجزاته وأجندته، وأن يطمئنهم إلى أنه لا يسعى إلى خلافة إسلامية ولا إلى أسلمة الدولة والمجتمع، وأنه يقود حزبا محافظا وليس أصوليا، وأن حزبه يتشبث بالهوية المغربية بكل أبعادها الدينية والثقافية والاجتماعية واللغوية، من جهة، ويتشبث بالديمقراطية والتعددية وحرية المجتمعات في الاختيار من جهة أخرى، وأن إسلاميي المغرب مثل شاي الصين الذي دخل إلى البراد المغربي، كما قال بنكيران للمستثمرين الخليجيين في الدار البيضاء قبل أشهر.. جزء من فكرهم دخل من المشرق لكنه تمغرب حتى ما عاد أحد من الخارج يعرفه. إذا نجح في نقل هذه الفكرة يكون قد نجح في مهمة تمثيل المغرب، وتغيير الصور النمطية عن حزبه، والباقي مع الأيام.

وقديما قال الشاعر العربي:

ومن نكد الدنيا على الحر أن يرى

عدوا له ما من صداقته بد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لماذا بعث الملك بنكيران إلى شرم الشيخ لماذا بعث الملك بنكيران إلى شرم الشيخ



GMT 14:43 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

سوريا الأستاذ وديع

GMT 14:41 2025 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

في حب الصحراء: شريان الحياة

GMT 14:38 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

الرئيس والممسحة

GMT 14:33 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

السلاح... أو حين يكون المكسب صفراً والهزيمة مطلقة

GMT 14:28 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

من سيلحق بكندا... في «التعامل بالمثل» مع ترمب؟

GMT 14:24 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

ترمب وخصومه في «حيْصَ بيْص»

GMT 14:23 2025 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

سموتريتش وحقد الجِمال

GMT 14:19 2025 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

القطبية الصينية ومسار «عالم الغابة»

رحمة رياض تتألق بإطلالات متنوعة تجمع بين الأناقة والجرأة

الرياض - المغرب اليوم

GMT 14:25 1970 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

غارات إسرائيلية توقع قتلى وجرحى في خان يونس ومدينة غزة
المغرب اليوم - غارات إسرائيلية توقع قتلى وجرحى في خان يونس ومدينة غزة

GMT 18:50 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

أروى جودة تتعرض لموقف محرج في «الجونة»

GMT 21:59 2019 الإثنين ,11 آذار/ مارس

"كيا" تطلق سيارة كهربائية متطورة قريبا

GMT 02:14 2019 الجمعة ,18 كانون الثاني / يناير

برج "برواز دبي" يَجذب مليون زائر في عام واحد

GMT 21:28 2018 الثلاثاء ,25 أيلول / سبتمبر

سفير المغرب في هولندا يكرم البطل التجارتي

GMT 02:30 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

"50 فكرة عن" الاقتصاد" كتاب حول النظم الاقتصادية

GMT 02:02 2018 الخميس ,22 آذار/ مارس

عمرو عمارة يبيّن أسباب تسوس الأسنان

GMT 15:25 2018 السبت ,27 كانون الثاني / يناير

الفنادق الأكثر جاذبية في العالم خلال عام 2018
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib