ثلاثة أخبار سيئة لـ«بورشوة»
أخر الأخبار

ثلاثة أخبار سيئة لـ«بورشوة»

المغرب اليوم -

ثلاثة أخبار سيئة لـ«بورشوة»

توفيق بوعشرين

في أسبوع واحد نزلت ثلاثة أخبار سيئة على رأس «بورشوة»، أي حزب الفساد والرشوة والابتزاز والاغتناء غير المشروع في المغرب، والبداية من ملف ثقيل فجرته لجنة سلامة المعاملات المالية في الولايات المتحدة الأمريكية، وملخصه أن شخصا أمريكيا من أصل قطري اسمه وليد حاتوم وضع مبلغا ضخما (3.1 ملايير سنتيم) كرشوة في يد مسؤولين مغاربة وقطريين لتسهيل عملية الحصول على صفقة في طنجة لإنشاء فنادق وعقارات بملايين الدولارات تابعة لشركة ديار القطرية، لولا يقظة هذه الأخيرة التي اكتشفت أن وليد حاتوم يلعب مع مسؤولين مغاربة للاستيلاء على الصفقة، البالغة قيمتها 25 مليون دولار، ومن ثم بلغت عنه السلطات الأمريكية، مادامت الشركة التي يديرها مقرها في أمريكا، ما دفع لجنة سلامة المعاملات المالية في واشنطن إلى التحرك بسرعة، ما أسفر عن توقيف الصفقة المشبوهة وسحب المشروع من وليد حاتوم…

هذا معناه أن حزب الرشوة في المغرب صار تحت عيون أجنبية مادامت العيون المغربية نائمة أو كفيفة لا ترى إلا الرشوة الصغيرة المنتشرة في الإدارات المغربية، لا ننتظر مرة أخرى من النيابة العامة أن تفتح تحقيقا في التقرير الأمريكي، فهذا ما لا يقدر عليه أي وكيل ملك في المغرب، وإلا وضع رأسه في عش النحل… والقضاء في بلادنا عودنا على أنه يقتص، في الغالب الأعم، من الضعفاء والفقراء ومن لا حماية لهم، أما الأقوياء والأغنياء وأصحاب السلطة والمكانة فإنهم موقرون، على طريقة ظهائر التوقير التي كانت تصدر للأعيان زمن الاستعمار…

الحادث الثاني الذي كدر صفو الفساد هذا الأسبوع هو أن إدارة الأمن الوطني والدرك الملكي، وتحت تأثير قصف القناصة الذين يحملون الكاميرات الخفية ويسجلون رجال الشرطة والدرك وهم يزاولون النشاط إياه، أي تقاضي رشاوى مقابل عدم تحرير مخالفات السير للمواطنين.. عندما كثرت عمليات استهداف القوات العمومية، عمدت إدارة الشرطة والدرك إلى خطة هجومية لصد الغارات، فزودت فرقة خاصة بكاميرات خفية، وطلبت منهم تصوير المواطنين وهم يعرضون رشاوى على الشرطة والدرك، في محاولة لرد التهمة عنهم، والادعاء أن القضية فيها راشٍ ومرتشٍ، وأن رجل الشرطة لا يأخذ شيئا لا يعرض عليه، وأن المبادرة تأتي من المواطن قبل أن يستسلم الشرطي أو الدركي للعرض الذي يقدم إليه… أيا تكن الحقيقة، ودون البحث عن تبرير لهذا السلوك من هنا أو هناك، الإيجابي في كاميرات المواطنين والكاميرات المضادة للشرطة هو أن التواطؤ والاتفاق الضمني الذي كان حاصلا بين الراشي والمرتشي سيتزعزع، وسيدفع الشك بين المواطن الذي يعرض الرشوة والشرطي الذي يأخذها إلى الخوف، أي خوف كل طرف من كاميرا الطرف الآخر، وهذا قد يقلل من قوة الاتفاق على خرق القانون ولو مؤقتا، وهذا من شأنه أن يكون بداية لتغيير العادات السيئة لدى الطرفين، فالخوف من الفضيحة ومن المتابعة القضائية هو الذي سيقلق هذه التجارة المزدهرة على الطرقات في المغرب.

الخبر الثالث السيئ الذي نزل فوق رأس حزب الفساد هذا الأسبوع هو قرار رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، إحالة مراد عابد، المدير السابق لوكالة الشراكة من أجل التنمية، على القضاء، والتهمة (المتهم بريء إلى أن تثبت إدانته) هي تبديد أموال عمومية من حساب الألفية الأمريكي، الذي أعطي للمغرب في الفترة الممتدة بين 2008 و2013. مرة أخرى جاء التقرير بوجود فساد في تدبير الحساب، الذي تبلغ قيمته 697 مليون دولار، من أمريكا، التي تتابع صرف المنحة المقدمة للمغرب، فعمد بنكيران بسرعة إلى اتخاذ إجراءين؛ الأول هو إقالة مراد عابد من منصبه ودفع ملفه إلى القضاء، والإجراء الثاني هو تعويض حساب الألفية بملايين الدراهم عما خسره نتيجة الاختلالات التي طبعت عملية صرف هذه المنحة، وذلك لتلافي نقطة سوداء في ملف المغرب الذي ترشح مرة أخرى للظفر بمنحة جديدة هذه السنة…

هذه الوقائع الثلاث تكشف، من جهة، حجم الفساد والرشوة المنتشرين في بلادنا، وهذا شيء معروف، يعرفه رجل الشارع قبل غيره، والأسباب كثيرة، منها ما هو سياسي وما هو اقتصادي وما هو إداري وما هو ثقافي. من جهة ثانية، تكشف هذه الوقائع غياب جهاز فعال وقوي لملاحقة الرشوة، وكشفها، وفضحها. لقد رأينا، سواء في قضية ديار القطرية أو حساب الألفية، أن الأمريكيين هم من اكتشفوا الرشوة في بلادنا، أما نحن فنتعايش معها، ومنا من يبررها، ومنا من يحميها ويدافع عنها ويوفر لها كل سبل الراحة. هذه التقارير يجب أن يقرأها البرلمان وهو يناقش قانونا جديدا للهيئة الوطنية لمحاربة الرشوة، التي تبدو اليوم وكأنها فزاعة من بلاستيك في حقل قمح، لم تعد تخيف أي طير يتربص بالمحصول، لأن الجميع عرف أن الفزاعة خدعة بصرية، وأنها لا تتحرك من مكانها، وليست لديها القدرة ولا الإمكانية لكي تحمي الحقل من المتربصين…

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ثلاثة أخبار سيئة لـ«بورشوة» ثلاثة أخبار سيئة لـ«بورشوة»



GMT 15:50 2025 الأحد ,13 تموز / يوليو

إيران تستعيد وعيها سعودياً

GMT 10:20 2025 الأحد ,13 تموز / يوليو

فلسفة الوشكية

GMT 10:18 2025 الأحد ,13 تموز / يوليو

السلاح زينة الرجال... ولكن؟

GMT 10:16 2025 الأحد ,13 تموز / يوليو

«أرضنا» التي تبحث عن أصحاب...

GMT 10:12 2025 الأحد ,13 تموز / يوليو

غزة إذ تنهض وترقص

GMT 10:07 2025 الأحد ,13 تموز / يوليو

متى نطفئ حريق مها الصغير؟!

GMT 20:41 2019 الجمعة ,06 أيلول / سبتمبر

تشعر بالغضب لحصول التباس أو انفعال شديد

GMT 16:12 2018 السبت ,27 كانون الثاني / يناير

اجتماع لروساء الرجاء البيضاوي للخروج من أزمة النادي

GMT 11:07 2019 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

المدرب طاليب يكسب ثقة مسؤولي وجمهور الجيش

GMT 15:55 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

تعرف على أفضل العطور النسائية لعام 2019

GMT 06:50 2018 الأربعاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على أفضل المعالم السياحية في "كوتا كينابالو"

GMT 04:58 2018 الأربعاء ,11 تموز / يوليو

"البرغموت" المكون الثابت لجميع العطور
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib