السلفي والشيعي والكوميسير

السلفي والشيعي والكوميسير

المغرب اليوم -

السلفي والشيعي والكوميسير

توفيق بو عشرين


بشكل مفاجئ ودون مقدمات، فتح الكوميسير عرشان حزبه لوجوه سلفية جهادية وشيعية وأصولية متشددة للدخول والاستقرار في خيمة الحزب الذي ولد من رحم الحركة الشعبية وعطف إدريس البصري، وزير الداخلية السابق الذي كان مولعا بتفريخ الأحزاب وبلقنة المشهد السياسي، حتى يسهل اللعب فيه بسهولة…

لماذا يقلب الكوميسير عرشان اتجاه الحزب 180 درجة؟ الحزب الذي تأسس سنة 1996 عرف عنه أنه حزب إداري لا يزعج أحدا، يرشح الأعيان عند كل انتخابات، والمخزن لا يبخل على من يقف في بابه، فلماذا يتجه عرشان إلى وجوه سلفية وشيعية وأصولية لإعادة الحياة إلى مفاصل الحزب الميتة؟ الجواب التقليدي هو أن جهات في السلطة دفعت الكوميسير المتقاعد إلى محاولة احتواء هذه العناصر، وضبط إيقاعها وإدخالها إلى اللعبة من أجل تطبيق الحكمة الإفريقية التي تقول: «إن اللبؤة تلاعب أطفالها طوال النهار لكي لا يبتعدوا عنها»… نظرية المؤامرة هذه تزعم أن هذه الالتفاتة من الدولة غرضها تأطير الحالة السلفية الجهادية الهجينة عن طريق أحزاب الإدارة.. كما فعل الخالدي مع السلفيين، ها هو عرشان يقدم خدماته أيضاً لصناع المرحلة، والغرض هو جعل «البلوك الإسلامي» متعددا لا مفردا، أي ألا يبقى الصوت الانتخابي المحافظ له قبلة واحدة هي لوائح العدالة والتنمية، بل أن تتوزع دماء الأصوات المحافظة على قبائل من الأحزاب الإسلامية الحقيقية والصورية…
كاتب هذه السطور لا يلتفت كثيرا إلى نظرية المؤامرة، رغم أن السياسة لا تخلو من مؤامرات، بل يرى أن خطب ود السلفيين من قبل أحزاب مفلسة هدفه البحث عن منجم جديد للأصوات.. موقع جديد في الساحة السياسية.. أوراق للضغط وإثارة الانتباه، بعد أن جمع حزب البام الحب والتبن من الساحة الانتخابية، واستقطب جل الأعيان وأصحاب الشكارة، ولم يترك للأحزاب المسماة إدارية شيئا تأكله من فوق الطاولة التي أصبحت أكبر من الخالدي وعرشان والقادري والأبيض، وغيرهم من وجوه العهد القديم…
هذه الكائنات السياسية لا تعرف عملا تقوم به غير تنشيط دكاكين سياسية قبل أسابيع من انطلاق الحملة الانتخابية، فهي لا تتوفر على برنامج ولا على إيديولوجيا ولا على اختيارات سياسية أو اقتصادية، هي تأكل من أمراض الديمقراطية المغربية، وعندما ستتعافى هذه الديمقراطية فإن هذه الأحزاب ستنقرض، لكن، وبما أن المشهد السياسي المغربي هش، فإن الكوميسير بحاسته البوليسية شم الرياح الآتية، وها هو يتموقع في الساحة السلفية من أجل الاستعداد للمباراة المقبلة…
الذي لا ينتبه إليه عرشان والخالدي وغيرهما هو أن خطب ود السلفيين والتحول إلى مغازلتهم، يعني أن المشهد السياسي أصبح عقيما تماماً، مثل دخول الأعيان وأصحاب السوابق إلى المكاتب السياسية واللجان التنفيذية للأحزاب التقليدية.. اللجوء إلى المنجم السلفي لاستقطاب الأصوات عنوان أزمة كبيرة ولعبة خطرة لا تخلو من مفاجأة…
عوض أن تتجه الأحزاب إلى الشباب وإلى القوى الحية، وإلى نخب الطبقات الوسطى لإقناعها بعروض سياسية جديدة تطل على المستقبل، فضلت هذه الأحزاب ومن يقف وراءها أن تمد يدها إلى القوى الميتة التي تنظر إلى الماضي، والتي تحمل معها إعاقات الفكر الطائفي والأصولي المتعصب، فقط لأن لها أصواتا مرتفعة وتحدث الضجة أينما حطت الرحال في مجتمع يعاني آفتي الجهل والفقر.. يخطبون ود السلفيين وعينهم على حسابات انتخابية ضيقة..
بلاد عرفت حراكا شبابيا ليبراليا ويساريا ومحافظا كبيرا منذ أربع سنوات حراك استطاع أن يغير الدستور ويحيي قوة الشارع، ويعيد تنشيط دفتر المطالب الإصلاحية، ومع ذلك عجزت الأحزاب التقليدية والإدارية عن استقطاب هذا الحراك أو التصالح معه، أو إقناعه بركوب قطارات هذه الأحزاب.. هذا هو عمق المأزق الذي تعبر عنه هجرة السلفي والشيعي والأصولي إلى خيمة عرشان، والباقي تفاصيل

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السلفي والشيعي والكوميسير السلفي والشيعي والكوميسير



GMT 20:14 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

بيروت والكلام المغشوش

GMT 20:11 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

التغييرات المناخية... الأمل بالطيران في بيليم

GMT 20:05 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

انتحار الصِغار و«رقمنة» اليأس

GMT 20:00 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

الحبل السُّرِّي بين العالم العربي وحل الدولة الفلسطينية

GMT 19:47 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

عالم من الضواري

GMT 14:43 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

سوريا الأستاذ وديع

GMT 14:41 2025 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

في حب الصحراء: شريان الحياة

GMT 14:38 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

الرئيس والممسحة

رحمة رياض تتألق بإطلالات متنوعة تجمع بين الأناقة والجرأة

الرياض - المغرب اليوم

GMT 21:29 1970 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

العاهل المغربي يدعو الرئيس الجزائري إلى حوار صادق وبناء
المغرب اليوم - العاهل المغربي يدعو الرئيس الجزائري إلى حوار صادق وبناء

GMT 17:25 2013 الإثنين ,11 آذار/ مارس

"ماوس" تطفو اعتمادًا على دوائر مغناطيسية

GMT 09:48 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

مطعم "الشلال" يسعى إلى جذب زبائنه بشتى الطرق في الفليبين

GMT 23:15 2023 السبت ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سان جيرمان يكتسح ستراسبورغ بثلاثية في الدوري الفرنسي

GMT 08:04 2023 الأربعاء ,18 تشرين الأول / أكتوبر

سلطنة عمان تحذر مواطنيها من خطورة السفر إلى لبنان

GMT 22:31 2023 الخميس ,12 تشرين الأول / أكتوبر

المغربي مهدي بنعطية مرشح لمنصب مدير رياضي بفرنسا

GMT 08:16 2023 الأربعاء ,13 أيلول / سبتمبر

أبرز الأخطاء الشائعة في ديكورات غرف النوم الزوجيّة

GMT 16:04 2023 الإثنين ,11 أيلول / سبتمبر

150 قتيلا جراء الفيضانات والأمطار الغزيرة في ليبيا
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib