البكاء مع السارح ليس حلا

البكاء مع السارح ليس حلا

المغرب اليوم -

البكاء مع السارح ليس حلا

توفيق بو عشرين

«نحن لا نأكل الخرفان مع الذئب ونبكي مع السارح»..
 هكذا رد رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، أمس على المعارضة التي لم تر في حصيلة نصف ولاية حكومته أي نقطة ضوء، واتهمته بأنه يبتز الدولة عندما يلوح بورقة الاستقرار الذي تحقق بعد مجيء الحكومة، واتهمته بأنه يخلط بين حصيلة الحكومة وحصيلة عمل الملك، واتهمته بأنه أفقر المغاربة وتقاعس عن محاربة الفساد، وتخصص في الزيادة في الأسعار، بل وصلت الشعبوية بحميد شباط، أمين عام حزب الاستقلال، إلى اتهام بنكيران بربط علاقات بداعش والنصرة والموساد الإسرائيلي... ولا أعرف كيف يستطيع رئيس حكومة أن يجمع بين هذه المتناقضات، لكن شباط استطاع أن يفعل ذلك بخفة دم يحسد عليها...
ابتعاد جل خطابات المعارضة عن الطابع العقلاني والموضوعي، وعجز أحزابها عن اقتراح بدائل أخرى لحل مشاكل البلاد غير تلك التي تتبناها الحكومة، سهل على بنكيران الرد عليها، وهو الذي يتقن فن البوليميك وتقطار الشمع. فعندما يلومه إدريس لشكر، الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي، على عدم انسجام الفريق الحكومي، يرد عليه بنكيران بالقول إن الانسجام موجود في حكومة مشكلة من عدة أحزاب أكبر من الانسجام الغائب داخل بعض الأحزاب الغارقة في الصراعات والمشاكل. وعندما يستكثر عليه بنشماش الدور الذي لعبه أدولفو سواريس في إسبانيا ومساهمته في انتقالها الديمقراطي، يرد عليه بنكيران بالقول: «وعلاش حكرتيني. إذا أراد الله سأكون مثل سواريس وأكثر، وسأبقى وحزبي مدة طويلة في الحكومة أكثر مما تتوقعونه». أما حميد شباط، فإنه كان الموضوع الرئيس لقفشات رئيس الحكومة، حيث لمح إليه أكثر من مرة في موضوع الاستيلاء على الأراضي والوعود التي أعطاها للناخبين بجلب البحر إلى فاس وتشييد «لاتورفيل»...
الخلاصة أن البرلمان أضاع لحظة سياسية ودستورية وبيداغوجية، وكان من المنتظر أن تشهد قبته نقاشا عميقا حول الحصيلة المؤقتة للحكومة، وأن يخرج الرأي العام بصورة أوضح عما تحقق وما لم يتحقق، لكن هذا هو واقع النخبة السياسية والحزبية في بلادنا.. الله غالب.
السيد بنكيران.. صحيح أنك لم تأكل الخراف المغدورة مع الذئب إلى الآن، لكنك تقضي الكثير من الوقت في البكاء مع السارح.. والبكاء لا يفيد كما تعلم. كان الأولى أن تحمل عصاك وتهش على الذئب، وأن تطرده من حظيرة الغنم، أو أن تمنعه من الاقتراب منها. لنضرب مثلا بالتلفزيون الذي اعترف بنكيران بأنه لم يتغير في عهد هذه الحكومة، وحكى للمغاربة قصة آخر مكالمة له مع «إمبراطور هذا التلفزيون»، فيصل العرايشي، الذي اتصل به رئيس الحكومة وقال له: «كيف تترك مظاهرة الرباط للتضامن مع عزة دون تغطية ونقل مباشر، وتستمر في إذاعة الأفلام الرديئة والأغاني البايخة؟». لم يقل لنا رئيس الحكومة بماذا رد عليه العرايشي، لكن بنكيران بعث إلينا رسالة تقول إنه لا حول ولا قوة له إزاء هذا الموظف (intouchable)، وإن إصلاح التلفزة صعب. بمعنى أن بنكيران يفضل البكاء مع السارح، عوض أخذ العصا والشروع في إقالة المسؤولين عن نكبة التلفزة... يقول بنكيران إن الحكومات السابقة عجزت عن ذلك، هذا صحيح، لكن الحكومات السابقة لم يكن بيدها دستور يعطي رئيس الحكومة صلاحيات واسعة، ولم تأت على ظهر الربيع العربي... وعلى كل حال، فإن تجاربها الفاشلة لا يمكن أن تكون قدوة لأي حكومة اليوم أو غدا.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

البكاء مع السارح ليس حلا البكاء مع السارح ليس حلا



GMT 14:43 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

سوريا الأستاذ وديع

GMT 14:41 2025 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

في حب الصحراء: شريان الحياة

GMT 14:38 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

الرئيس والممسحة

GMT 14:33 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

السلاح... أو حين يكون المكسب صفراً والهزيمة مطلقة

GMT 14:28 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

من سيلحق بكندا... في «التعامل بالمثل» مع ترمب؟

GMT 14:24 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

ترمب وخصومه في «حيْصَ بيْص»

GMT 14:23 2025 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

سموتريتش وحقد الجِمال

GMT 14:19 2025 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

القطبية الصينية ومسار «عالم الغابة»

رحمة رياض تتألق بإطلالات متنوعة تجمع بين الأناقة والجرأة

الرياض - المغرب اليوم

GMT 19:13 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

ملف الصحراء المغربية يعود للواجهة ومؤشرات حسم دولية قريبة
المغرب اليوم - ملف الصحراء المغربية يعود للواجهة ومؤشرات حسم دولية قريبة

GMT 17:49 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

بحضور النجوم إليسا تحتفل بعيد ميلادها
المغرب اليوم - بحضور النجوم إليسا تحتفل بعيد ميلادها

GMT 12:40 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الأسد السبت 26-9-2020

GMT 15:46 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

يحمل هذا اليوم آفاقاً واسعة من الحب والأزدهار

GMT 21:39 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء حذرة خلال هذا الشهر

GMT 02:05 2015 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

فوكسهول ميريفا تلاءم الكثير من الناس في مساحة صغيرة نسبيًا

GMT 01:17 2016 الإثنين ,04 كانون الثاني / يناير

بوسي سكر تُبين أنّ التصاميم العربية تُزين مجموعة شتاء 2016

GMT 02:00 2017 السبت ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

طريقة اعداد الكعكة الاسبانية بالمقادير

GMT 07:18 2021 الأربعاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

المغربي سفيان رحيمي يقود العين إلى تعزيز صدارة دوري الإمارات

GMT 09:50 2019 الثلاثاء ,07 أيار / مايو

17 فائدة غذائية تجعلك تتناول قمر الدين يوميًا
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib