اعصار ويكيليكس يضرب في السعودية هذه المرة

اعصار ويكيليكس يضرب في السعودية هذه المرة

المغرب اليوم -

اعصار ويكيليكس يضرب في السعودية هذه المرة

توفيق بوعشرين

لم تجد وزارة الخارجية السعودية من حيلة للرد على زلزال ويكيليكس الذي عرى أسرار المملكة، ونشر مئات الآلاف من الوثائق السرية والمراسلات الداخلية، سوى دعوة المواطن السعودي الواعي إلى عدم الدخول إلى موقع ويكيليكس، وصرف النظر عن الموضوع لما قد يكون في الأمر من إضرار بالأمن القومي وصورة المملكة، على حد تعبير بيان وزارة الخارجية في الرياض أول أمس. هذا التنبيه الساذج قد يكون أكبر محرض على المزيد من الفضول لدى السعوديين وغيرهم للدخول إلى موقع ويكيليكس، والاطلاع على أسرار المملكة التي عرفت بالكتمان والابتعاد عن الأضواء…

بعد خمس سنوات من وصول قراصنة ويكيليكس إلى أرشيف وزارة الخارجية الأمريكية، ها هو السيناريو نفسه يتكرر مع وزارة الخارجية السعودية، حيث أعلن الموقع الأشهر في العالم، الذي يعري أسرار الدول، توصله بأكثر من نصف مليون وثيقة سرية من خزانة الخارجية السعودية، وأنه سيشرع في نشرها على حلقات بعد أن صنفها ووضع لها محرك بحث يسهل وصول الجمهور الواسع إليها حسب اهتمام كل واحد. إنها ضربة موجعة للدبلوماسية السعودية التي تخوض حروبا على جبهات كثيرة هذه الأيام؛ ضد إيران ونفوذها في المنطقة، وضد ما بقي من النظام السوري في دمشق، وضد السياسة الخارجية الجديدة في البيت الأبيض، حيث لم تعد واشنطن تنظر إلى الرياض من منظار براميل النفط واحتياطاتها الضخمة في الصحراء.

الاطلاع الأولي على آلاف الوثائق التي تسربت إلى حد الآن من مخازن الأسرار السعودية يسمح بإبداء ثلاث ملاحظات…

أولا: هناك بيروقراطية كبيرة، وتركيز شديد في صناعة واتخاذ القرار في مملكة آل سعود، حتى إن إجراءات استقبال مطربة لبنانية مثل نانسي عجرم، أو تمويل صحافي صغير في لبنان أو مصر، أو دخول ضيوف إلى مكة المكرمة للعمرة أو الحج، كل هذا يحتاج إلى الرجوع إلى المقام العالي، إلى الجالس على العرش لإبداء المتعين. الوثائق والمراسلات التي نشرت إلى الآن تكشف أن أقدم وزير خارجية في العالم، سعود الفيصل، لا يستطيع أن يبت في أمور شكلية وقضايا تظهر تافهة دون الرجوع إلى الديوان الملكي، وهذا الأمر يعري تعقيدات وأزمة الحكم الفردي في العالم العربي، وغياب المؤسسات وما يتسبب فيه ذلك من مشاهد كاريكاتورية.

ثانيا: يظهر من الوثائق، التي نشرت إلى الآن 70 ألف وثيقة من أصل أكثر من نصف مليون، أن بيت الحكم السعودي لا يتعامل مع وسائل الإعلام سوى بدفتر شيكاته، وهو ما سماه الإعلام المناوئ للرياض بـ«صناعة شراء الصمت»، وهكذا نقرأ في الوثائق كيف يوصي السفير السعودي في بيروت خيرا بقناة MTV المسيحية التي تعاني صعوبات مالية، كما أن نقيب الصحافيين اللبنانيين -يا حسرة- اختصر الطريق وبعث رسالة إلى السعوديين يقول فيها إن إيران تعطي حزب الله مليار دولار في السنة، ويقول تصريحا لا تلميحا: «ماذا أنتم فاعلون معنا؟ نحن لا نريد أن نقف في الشباك الإيراني، نحن نفضل عليه السعودي».

أيضًا، كشفت الوثائق تلقي صحافيين مصريين أموالًا من السعودية، وسعي أغلبهم إلى الضرب على وتر رفضهم الدعم الإيراني لهم؛ حيث كشف “ويكيليكس” وثيقة خاصة بالسفارة السعودية تحت عنوان “سري وعاجل”، تتحدث عن أن سفير المملكة في القاهرة أفاد بأن الصحافي مصطفى بكري، المقرب من الجيش، طلب دعمًا من السعودية تضمن: “إصدار صحيفته بشكل يومي بدلًا من أسبوعي، وتشكيل حزب سياسي، وإطلاق قناة فضائية تكون صوتًا قويًا ضد الشيعة وتساند مواقف المملكة”.

لا مكان للقناعات المشتركة، لا مكان للتواصل الذكي وترك وسائل الإعلام تعبر عن رأيها.. هناك لغة واحدة فقط، البيع والشراء، والنتيجة ما نراه من أضرار بادية على صورة المملكة رغم المبالغ الطائلة التي تصرفها يميناً وشمالا.

ثالثا: يتضح من خلال الاطلاع على عدد كبير من المراسلات الدبلوماسية والاستخباراتية السعودية أن الهاجس الأكبر لآل سعود، خاصة في العهد السابق، هو إيران ونفوذها المتزايد في المنطقة العربية، حيث إن الرياض أصبحت تصنف الأصدقاء من الأعداء حسب قربهم أو بعدهم من طهران. وهكذا تتأكد الحقيقة التي تقول إن السعودية ودول الخليج أصبح عدوهم الرئيس هو إيران وليس إسرائيل، وأن هذه الأخيرة يمكن القبول بها في المنظومة العربية لكن إيران خط أحمر. وحتى عندما أقبلت واشنطن على الحوار مع طهران فإن دول الخليج ازدادت رفضا لملالي إيران، مع ما يستتبع ذلك من تحريك للخطاب الطائفي المدمر، واستدعاء فقه الحرب الأهلية بين السنة والشيعة. بلا شك إيران لها أطماع في المنطقة العربية، وهي تتمدد في البطن الرخو للعرب، وتتدخل في شؤونه، وتلعب على إحساس الأقليات الشيعية بـ«الحكرة» في أنظمة غير ديمقراطية، لكن هذا كله بسبب ضعف العرب وليس قوة إيران، وبسبب إعلان الحرب على الثورة الإيرانية منذ ميلادها سنة 1979، وتحريض أمريكا ضدها، وتشديد الحصار عليها، وهو الأمر الذي دفعها إلى الرد من مدفعية المذهب وقوس التدخل في الشأن العراقي واللبناني والبحريني والسوري واليمني… لا يتضح بتاتا في الوثائق التي نشرت أن هناك من يدعو صانع القرار السعودي إلى الجلوس مع إيران حول طاولة الحوار أو التفاوض، وكأن العلاقة الوحيدة الممكنة بين المسلمين هي الحرب، فيما أعداؤهم يتفرجون… غدا نسلط الضوء على علاقة الرياض بالرباط من خلال هذا الكنز المعلوماتي الذي كشفه ويكيليكس

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اعصار ويكيليكس يضرب في السعودية هذه المرة اعصار ويكيليكس يضرب في السعودية هذه المرة



GMT 20:14 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

بيروت والكلام المغشوش

GMT 20:11 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

التغييرات المناخية... الأمل بالطيران في بيليم

GMT 20:05 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

انتحار الصِغار و«رقمنة» اليأس

GMT 20:00 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

الحبل السُّرِّي بين العالم العربي وحل الدولة الفلسطينية

GMT 19:47 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

عالم من الضواري

GMT 14:43 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

سوريا الأستاذ وديع

GMT 14:41 2025 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

في حب الصحراء: شريان الحياة

GMT 14:38 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

الرئيس والممسحة

رحمة رياض تتألق بإطلالات متنوعة تجمع بين الأناقة والجرأة

الرياض - المغرب اليوم

GMT 21:29 1970 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

العاهل المغربي يدعو الرئيس الجزائري إلى حوار صادق وبناء
المغرب اليوم - العاهل المغربي يدعو الرئيس الجزائري إلى حوار صادق وبناء

GMT 08:58 2025 السبت ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

الفنانة شمس البارودي تكشف عن تفاصيل أزمتها الصحية
المغرب اليوم - الفنانة شمس البارودي تكشف عن تفاصيل أزمتها الصحية

GMT 17:25 2013 الإثنين ,11 آذار/ مارس

"ماوس" تطفو اعتمادًا على دوائر مغناطيسية

GMT 09:48 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

مطعم "الشلال" يسعى إلى جذب زبائنه بشتى الطرق في الفليبين

GMT 23:15 2023 السبت ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سان جيرمان يكتسح ستراسبورغ بثلاثية في الدوري الفرنسي

GMT 08:04 2023 الأربعاء ,18 تشرين الأول / أكتوبر

سلطنة عمان تحذر مواطنيها من خطورة السفر إلى لبنان

GMT 22:31 2023 الخميس ,12 تشرين الأول / أكتوبر

المغربي مهدي بنعطية مرشح لمنصب مدير رياضي بفرنسا

GMT 08:16 2023 الأربعاء ,13 أيلول / سبتمبر

أبرز الأخطاء الشائعة في ديكورات غرف النوم الزوجيّة

GMT 16:04 2023 الإثنين ,11 أيلول / سبتمبر

150 قتيلا جراء الفيضانات والأمطار الغزيرة في ليبيا
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib