أنا داعشي وهذه قصتي

أنا داعشي وهذه قصتي

المغرب اليوم -

أنا داعشي وهذه قصتي

توفيق بو عشرين

داعش تنظيم سياسي، قبل أن يكون دينياً. لهذا، هو ظاهرة سوسيولوجية، وليست إيديولوجية. كيف ذلك؟
بغض النظر عن ظروف ميلاد هذا التنظيم المنشق عن القاعدة، والأسباب التي ساعدت الوحش على النمو والتمدد. وكيف سمحت له دول وقوى وأطراف باحتلال مساحاتٍ في العراق وسورية، لأغراضٍ متعددة، منها ضرب الثورة السورية، وتشويه سمعة الربيع العربي، وتخويف الغرب من قوىً قد تفرزها تحولات المنطقة. مع هذا، يطرح التحاق آلاف الشباب العرب بخيمة داعش سؤالاً خطيراً عن الدواعي التي تسوقهم للقتال تحت راية البغدادي السوداء؟  
شاب مغربي عاد من جحيم الحرب مع داعش في سورية. يحكي، هنا، قصته، في استجوابه لدى الشرطة المغربية وأمام القضاء، بتهمة الانتماء إلى تنظيم إرهابي، والانضمام إلى عصابة إجرامية:
 مضى على التزامي بالصلاة والآداب الإسلامية أسبوع. قبلها، كنت لا أهتم بالتديّن ولا بشعائره، كنت لاهياً، مقبلاً على مباهج الحياة بلا تحفظ. التزمت بمظاهر التديّن على يد جماعةٍ سلفيةٍ صغيرةٍ في حيٍّ شعبي سكنته مع عائلتي الفقيرة، لم تمض إلا أيام على رفقتهم (الإخوان السلفيين)، حتى وجدتهم يقترحون عليّ التوجه إلى سورية، للجهاد ضد جيش الأسد الذي يقتل الأطفال والنساء. طلبوا مني مشاهَدة نشرات الأخبار وفيديوهات من "يوتوب"، عن مجازر يرتكبها النظام (العلوي) ضد السنة. ولأني في العشرين، وعاطل عن العمل وعلاقتي بالأسرة ليست على ما يرام، وافقت على رحلة (الجهاد) خارج الحدود من باب العاطفة، وفضول اكتشاف التجربة، واكتساب لقب مجاهد. أعطيتُ تذكرة سفر إلى تركيا و600 دولار، لم أفكّر كثيراً حتى اتخذت قراري، توجهت بالطائرة إلى اسطنبول ثم أنطاكيا. ثم وجدتني أمام مرشد سوري، أخذ مغاربةً، كانوا معي في الرحلة، إلى جبهات القتال. هناك، وزّعونا على أكثر من تنظيم (الدولة الإسلامية، النصرة، أحرار الشام، ...). كان نصيبي تنظيم الدولة الإسلامية. تدربت على الأسلحة في معسكراتهم، وأصبحت جندياً يقاتل مجموعاتٍ أخرى مسلحة، ليس منها جيش الأسد. كانوا يوفرون لنا الأكل والشرب والسلاح، ودروساً دينية عن الجهاد وفضائله، و300 دولار في الشهر. استمر الوضع هكذا إلى يومٍ وجدت نفسي أقاتل مغربياً آخر، جاء معي في الطائرة نفسها! سألت المسؤول عن كتيبتنا: كيف أقتل أخاً لي في الدين والوطن والمذهب؟ قال لي إن هذا من جبهة النصرة، وهؤلاء رفضوا بيعة الإمام الشرعي البغدادي، فقِتالهم مقدّم على قتال الكفار والروافض. صُدمت، وعرفت أني في ورطة. عقلي الصغير وثقافتي الدينية، على محدوديتها، لم تقبل أن أقتل مغربياً لم يُبايع الإمام الشرعي. كان يمكن أن أكون مكانه يوم وزّعونا على الجماعات المسلحة.  طلبت من المسؤول عن كتيبتنا أن يسمح لي بالعودة إلى المغرب، فرفض وهدّدني، ولأن جواز سفري كان بحوزته، بقيت عالقاً إلى أن وجدت حيلة، هي الاتصال بعائلتي في المغرب، وطلبت منهم أن يتصلوا بي، ويخبروني أن والدي يحتضر، ويطلب رؤيتي. هكذا، سمح لي تنظيم الدولة بالسفر إلى المغرب، بعد أن التزمت بالرجوع إلى ساحة (الجهاد).
.. هذه إحدى قصصٍ كثيرة عن التحاق شبابٍ بداعش، تقدم "بروفايلاً سوسيولوجياً"، أظنه يصلح لتحليل دوافع مقاتلين لدى البغدادي، صغر السن، الفقر، البطالة، الهشاشة النفسية، التعاطف مع ضحايا النظام السوري.
لا يوجد عالم ديني معترف به يؤيد داعش. لا يوجد كتابٌ واحد للبغدادي أو لتنظيمه. ما نراه صور وفيديوهات وأعمال انتقام بشعة وعنف مريع ينفجر بين يدي مخلوقاتٍ شوّه الفقر والاستبداد وفشل التعليم وإخفاق الاندماج نفوسها وعقولها، فوجدت باباً في العراق وسورية للانتقام، لنفسها ولوجودها الذي بلا معنى، فالتحقت بكتيبة القتل، عسى الجهاد المفترى عليه يعوّض صاحبه على وظيفةٍ لم يعثر عليها. ولعل الشهرة تحت السيف تعوّض صاحبها كرامةً، واعتباراً لم يجده في حياته القصيرة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أنا داعشي وهذه قصتي أنا داعشي وهذه قصتي



GMT 14:43 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

سوريا الأستاذ وديع

GMT 14:41 2025 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

في حب الصحراء: شريان الحياة

GMT 14:38 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

الرئيس والممسحة

GMT 14:33 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

السلاح... أو حين يكون المكسب صفراً والهزيمة مطلقة

GMT 14:28 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

من سيلحق بكندا... في «التعامل بالمثل» مع ترمب؟

GMT 14:24 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

ترمب وخصومه في «حيْصَ بيْص»

GMT 14:23 2025 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

سموتريتش وحقد الجِمال

GMT 14:19 2025 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

القطبية الصينية ومسار «عالم الغابة»

رحمة رياض تتألق بإطلالات متنوعة تجمع بين الأناقة والجرأة

الرياض - المغرب اليوم

GMT 19:13 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

ملف الصحراء المغربية يعود للواجهة ومؤشرات حسم دولية قريبة
المغرب اليوم - ملف الصحراء المغربية يعود للواجهة ومؤشرات حسم دولية قريبة

GMT 17:49 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

بحضور النجوم إليسا تحتفل بعيد ميلادها
المغرب اليوم - بحضور النجوم إليسا تحتفل بعيد ميلادها

GMT 18:50 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

أروى جودة تتعرض لموقف محرج في «الجونة»

GMT 21:59 2019 الإثنين ,11 آذار/ مارس

"كيا" تطلق سيارة كهربائية متطورة قريبا

GMT 02:14 2019 الجمعة ,18 كانون الثاني / يناير

برج "برواز دبي" يَجذب مليون زائر في عام واحد

GMT 21:28 2018 الثلاثاء ,25 أيلول / سبتمبر

سفير المغرب في هولندا يكرم البطل التجارتي

GMT 02:30 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

"50 فكرة عن" الاقتصاد" كتاب حول النظم الاقتصادية

GMT 02:02 2018 الخميس ,22 آذار/ مارس

عمرو عمارة يبيّن أسباب تسوس الأسنان

GMT 15:25 2018 السبت ,27 كانون الثاني / يناير

الفنادق الأكثر جاذبية في العالم خلال عام 2018
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib