هل تعب بنكيران

هل تعب بنكيران؟

المغرب اليوم -

هل تعب بنكيران

توفيق بو عشرين

«إننا لا نعض بالنواجذ على المناصب، وإذا فقدت هذه الحكومة الدعم الرسمي والشعبي فإنني مستعد للخروج منها»… هذا أحد التصريحات القوية التي أدلى بها عبد الإله بنكيران في آخر اجتماع للأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية…

أمس، في تجمع خطابي بالدار البيضاء بمناسبة فاتح ماي الذي أضربت بعض النقابات هذا العام عن الاحتفال به، قال بنكيران للمواطنين: «لقد حضرت هذا التجمع لأبث شكواي إلى المواطنين، لأني أنا الآخر لدي ملف مطلبي. المعارضة اشتكتني إلى الملك من أجل إسكاتي، وهو الأمر الذي لا يمكن أن يحصل لأن الشعب هنا، وهو رأى صدق الحكومة وجديتها وانحيازها إلى الإصلاح. الحمد لله، رد الملك كان في المستوى». ما هي أسباب نزول هذا التلويح بمغادرة رئاسة الحكومة؟ ولماذا رجع بنكيران إلى موضوع الشكاية التي وضعها لشكر وشباط والباكوري والأبيض في القصر الملكي بالرباط الشهر الماضي؟ 

أسباب النزول هي أن رئيس الحكومة يشعر بأن المعارضة لا تريد لهذه التجربة أن تنتهي نهايتها الطبيعية، وهو الأمر الذي عبر عنه أول أمس حميد شباط، الذي دعا إلى انتخابات تشريعية سابقة لأوانها هذه السنة لأن عباس الفاسي، حسب زعمه، هو أيضاً لم يكمل ولايته على رأس الحكومة بعد أن داهمه الربيع العربي، وعلى بنكيران، حسب شباط، أن يذهب إلى بيته لأن احتجاجات الشعب داهمته!

لم يغضب بنكيران وينزعج من المعارضة ولا من لشكر وشباط، فهو يعرف أن الاثنين ظاهرتان صوتيتان، وأن شعبيتهما في الشارع جد متدنية.. بنكيران منزعج من غياب الدعم الرسمي الكبير لتجربته، فهو يعتقد أنه قدم خدمة كبيرة لاستقرار المغرب، ولتوازناته المالية، ولطبخة «الإصلاح في ظل الاستقرار».. لكنه يرى الآن المعارضة تتهجم عليه، والإدارة تعرقل عمله، والإعلام المخدوم يشن الحملات ضده، والنقابات تحاصره، وأكثر من هذا يشعر رئيس الحكومة بأن أطرافا عديدة تسعى، بالمكيدة والدسائس، إلى إفساد علاقته بالقصر، باعتبار أن هذه العلاقة هي المفتاح الذهبي لهذه التجربة في الظروف الحالية…

أحزاب المعارضة لم تكتفِ بالأسلحة المشروعة التي تستعملها المعارضات في الأنظمة الديمقراطية في البرلمان والشارع والإعلام، بل ذهبت إلى استعمال الأسلحة المحظورة عن طريق إقحام الملكية في الصراعات الحزبية، ومحاولة توريط القصر في نزاعات لا تدخل في اختصاصه ولا في مهامه، فلو تجاهل الملك هذه الشكاية فإن هذا الموقف سيعتبر انحيازا إلى الحكومة، ولو استجاب للشكاية فستسوقها المعارضة كنصر على الحكومة… هل رأيتم الورطة التي وضعت المعارضة فيها الدستور والمؤسسات والبرلمان والحياة السياسية برمتها؟ بنكيران عندما شعر بأن هناك من يريد أن يقفل فمه، وأن هناك من يريد أن يستعين عليه بحرمة القصر.. صعد إلى الجبل، وزاد من حدة هجومه على المعارضة ورموزها، وهذا ما يهدد الحياة السياسية بأن تصير حلبة للمهاترات والضربات المشروعة وغير المشروعة، وحماما لتبادل الاتهامات والشتائم والتجريح الشخصي بعيدا عن خطاب العقل والبرنامج والتصور والأفكار والأرقام والمستقبل…

إذا لم ينجح المغرب في تنزيل بنود الدستور مع هذه الحكومة، وإذا لم تولد مؤسسة رئاسة الحكومة في هذه التجربة التأسيسية، فإنها لن تولد مع رئيس حكومة مقبل، لأن أي أحد آخر سيجد نفسه أمام سوابق وأعراف دستورية يصعب القفز فوقها، ومن هنا فإن كل مكتسبات الحراك المغربي والدستور الجديد ستتبخر في الهواء. بنكيران عابر لكن المغرب باقٍ، وحزب العدالة والتنمية لن يخلد في السلطة، لكن التجربة الديمقراطية يجب أن ترسخ أقدامها في التربة المغربية حتى لا تزعزعها رياح الربيع ولا عواصف الخريف. المصلحة العامة تقتضي الانتهاء من الصراع على السلطة بالطرق غير المشروعة، والتفرغ للتنمية وترك صندوق الاقتراع يقول كلمته.. وعندما يحكم هذا الصندوق فلا معقب لحكمه. البلد ينزف وفيه أعطاب كثيرة، وخصاص كبير في كل شيء، والمخاطر المحيطة بنا في منطقة تغلي كبيرة ومعقدة، وعلى الحكومات أن تشعر بالاستقرار وأن تتفرغ للعمل الجاد، وألا تدخل في حروب استنزاف على كل الجبهات، وفي نهاية كل ولاية، وليس قبلها، على الناس أن يحكموا على الحصيلة.. «واللي قال العصيدة باردة يوضع فيها يده»…

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل تعب بنكيران هل تعب بنكيران



GMT 20:14 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

بيروت والكلام المغشوش

GMT 20:11 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

التغييرات المناخية... الأمل بالطيران في بيليم

GMT 20:05 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

انتحار الصِغار و«رقمنة» اليأس

GMT 20:00 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

الحبل السُّرِّي بين العالم العربي وحل الدولة الفلسطينية

GMT 19:47 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

عالم من الضواري

GMT 14:43 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

سوريا الأستاذ وديع

GMT 14:41 2025 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

في حب الصحراء: شريان الحياة

GMT 14:38 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

الرئيس والممسحة

رحمة رياض تتألق بإطلالات متنوعة تجمع بين الأناقة والجرأة

الرياض - المغرب اليوم

GMT 21:29 1970 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

العاهل المغربي يدعو الرئيس الجزائري إلى حوار صادق وبناء
المغرب اليوم - العاهل المغربي يدعو الرئيس الجزائري إلى حوار صادق وبناء

GMT 17:25 2013 الإثنين ,11 آذار/ مارس

"ماوس" تطفو اعتمادًا على دوائر مغناطيسية

GMT 09:48 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

مطعم "الشلال" يسعى إلى جذب زبائنه بشتى الطرق في الفليبين

GMT 23:15 2023 السبت ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سان جيرمان يكتسح ستراسبورغ بثلاثية في الدوري الفرنسي

GMT 08:04 2023 الأربعاء ,18 تشرين الأول / أكتوبر

سلطنة عمان تحذر مواطنيها من خطورة السفر إلى لبنان

GMT 22:31 2023 الخميس ,12 تشرين الأول / أكتوبر

المغربي مهدي بنعطية مرشح لمنصب مدير رياضي بفرنسا

GMT 08:16 2023 الأربعاء ,13 أيلول / سبتمبر

أبرز الأخطاء الشائعة في ديكورات غرف النوم الزوجيّة

GMT 16:04 2023 الإثنين ,11 أيلول / سبتمبر

150 قتيلا جراء الفيضانات والأمطار الغزيرة في ليبيا
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib