معارضة الأعتاب الشريفة

معارضة الأعتاب الشريفة

المغرب اليوم -

معارضة الأعتاب الشريفة

توفيق بوعشرين


المعارضة تشكو عبد الإله بنكيران إلى الملك.. «ياك لاباس»؟ ماذا فعل رئيس الحكومة يستحق أن تقدم به شكاية إلى القصر؟ المعارضة تقول إنه يوظف اسم الملك ومركزه السامي في الصراعات الحزبية، وإنه في الدشيرة الجهادية قال: «إن الملك أنقذ الحكومة من السقوط». وماذا أيضاً؟ المعارضة تقول إن بنكيران يخوض حملة سابقة لأوانها، وإنه يهاجم بشراسة الاستقلال والاتحاد والبام والدستوري…

ينطبق على المعارضة المثل المغربي الذي يقول: «ضربني وبكى وسبقني واشكى». أيتها المعارضة المحترمة، لا بد أن نقول لكم إن ما قمتم به يوم الجمعة من وضع طلب في الديوان الملكي لمقابلة الملك للشكوى من زعيم الأغلبية لعب «غير نظيف»، وإنكم مثل ذلك الذي لعب القمار وخسر كل ما في جيبه، ثم رفع صوته بالصراخ والنحيب وهو يردد: ‘‘أرجعوا إلي أموالي.. إن القمار حرام في الشرع’’…

إذا كنا انتقدنا رئيس الحكومة لأنه يعطل دفتر الإصلاحات الديمقراطية، ولأنه لا يفعل الدستور، ويتسبب في إحراج المملكة عندما يقول ‘‘إن الملك رئيسي’’، فلا بد، بالمثل، أن ننتقد هذه المعارضة الهجينة التي تريد أن تمس أصول اللعب الديمقراطي، وتبحث عن طرق غير دستورية، وغير ديمقراطية، لتكبيل رجل بنكيران، ومنعه من خوض المنافسة معها في الميدان…

والآن لنستعرض حجج المعارضة ودوافعها للشكوى من بنكيران إلى القصر الملكي.

أولا: ليس بنكيران وحده من يستعمل اسم الملك في خطاباته وتجمعاته وحواراته، بل كل الأحزاب تفعل ذلك في المعارضة والأغلبية. هل نسي لشكر أنه قال في التلفزة: «إن الحكومة حكومة صاحب الجلالة والمعارضة معارضة صاحب الجلالة أيضاً»؟ وكان هذا من إبداعات الزعيم الجديد للاتحاد. هل نسي الاتحاد أنه قبل أسابيع طلب تحكيما ملكيا في موضوع الانتخابات، واضعا الدستور والمؤسسات على الرف، ومستنجدا بصلاحيات السلطان الذي يقوم بالتحكيم بين القبائل المتناحرة؟ هل نسي أن جل خطاباته في البرلمان تستشهد بالخطب الملكية…

هل نسي البام أنه حزب تأسس بدعوى تطبيق المشروع الملكي، وأن الجرار منذ خرج من بنجرير وهو يقول للناس إنه جاء لاستكمال مشروع الإنصاف المصالحة، وتنزيل تقرير الخمسينية وتثبيت مدونة الأسرة، وأن الدليل على هذا الارتباط بين الحزب والقصر هو الوافد الجديد الذي يتزعمه صديق الملك فؤاد عالي الهمة، قبل أن ينزل هذا الأخير من الجرار للأسباب التي يعرفها الجميع؟

ألم يلعب حزب الاستقلال ورقة القصر قبل الانسحاب من الحكومة، ووضع شباط قرار خروجه من الحكومة بيد الملك، وانتظر منه أن يقرر بشأنه خارج التقاليد الدستورية وروح وثيقة 2011؟

إذن، الجميع يسعى ويريد ويرغب ويتمنى أن يلعب ورقة القصر لصالحه، فلماذا تحرّمون على بنكيران ما تحلونه لأنفسكم؟ هذا اسمه نفاق سياسي… الثقافة السياسية لدى النخبة هي التي يجب أن تُساءل هنا، وقدرة الأحزاب على العيش باستقلالية هي المتهمة هنا.. الباقي مناورات سياسية لا أكثر…

ثانيا: لماذا خرجت المعارضة من القصر الملكي دون أن تكتب بلاغا تشرح فيه الداعي إلى طلب اللقاء مع الملك وما جرى فيه؟ لمَ تكتموا على الخبر وكأنه سر من أسرار الدولة، أو عمل مشين لا يحبون أن يطلع عليه الرأي العام؟ إذا كان بنكيران يقسو عليكم، وعلى البام بالخصوص، فهذا شأنكم.. العبوا معه في الميدان بعيدا عن القصر، وإذا كان شباط قد اتهم رئيس الحكومة بالولاء لداعش والموساد فلماذا يشتكي رد فعله الآن؟ وإذا كان لشكر قد شبه بنكيران بهتلر، فلماذا يغضب عندما يرد عليه ويصفه بالبلطجي؟ وإذا كان البام قد ولد لمحاربة العدالة والتنمية، فلماذا يطلب الهدنة الآن بعد أن وجه بنكيران مدفعيته إلى شبكة إلياس العمري؟

أيها السادة، في الحكومة والمعارضة، يحزننا أن نقول لكم إنكم لا تستطيعون أن تواكبوا مغرب اليوم، وإن الدستور أكبر منكم، وإنكم رهائن للماضي، وإن لجوءكم المتكرر إلى التمسح بالأعتاب الشريفة دليل على الضعف والارتباك والحنين إلى زمن الحسن الثاني، وإنكم مازلتم تراهنون على عودة الأيام الخوالي، حيث كان كل شيء يرتب ويتفاوض حوله في الكواليس قبل ولادته الطبيعية. أيها السادة، هناك البرلمان والمحكمة وصناديق الاقتراع والرأي العام والإعلام، وهذه هي الأماكن الطبيعية لمحاكمة بنكيران والشكوى منه…

إن الدستور الجديد أعطى الملك أدوارا كثيرة يلعبها في الحقل السياسي والديني والعسكري والأمني، لكن ليس من بين هذه المهام الدخول بالخيط الأبيض بين الحكومة أو المعارضة، أو تعطيل قانون الأغلبية والأقلية، أو المس بالتنافسية بين الأحزاب. الملك يحتاج إلى من يحمل معه عبء هذه البلاد لا إلى من يحمله مهام أخرى ليست من وظيفته.. والملك يحتاج إلى من يدفع معه العربة إلى الأمام لا إلى من يركب العربة ويطلب من القصر أن يدفعها به…

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

معارضة الأعتاب الشريفة معارضة الأعتاب الشريفة



GMT 20:14 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

بيروت والكلام المغشوش

GMT 20:11 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

التغييرات المناخية... الأمل بالطيران في بيليم

GMT 20:05 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

انتحار الصِغار و«رقمنة» اليأس

GMT 20:00 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

الحبل السُّرِّي بين العالم العربي وحل الدولة الفلسطينية

GMT 19:47 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

عالم من الضواري

GMT 14:43 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

سوريا الأستاذ وديع

GMT 14:41 2025 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

في حب الصحراء: شريان الحياة

GMT 14:38 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

الرئيس والممسحة

رحمة رياض تتألق بإطلالات متنوعة تجمع بين الأناقة والجرأة

الرياض - المغرب اليوم

GMT 21:29 1970 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

العاهل المغربي يدعو الرئيس الجزائري إلى حوار صادق وبناء
المغرب اليوم - العاهل المغربي يدعو الرئيس الجزائري إلى حوار صادق وبناء

GMT 17:25 2013 الإثنين ,11 آذار/ مارس

"ماوس" تطفو اعتمادًا على دوائر مغناطيسية

GMT 09:48 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

مطعم "الشلال" يسعى إلى جذب زبائنه بشتى الطرق في الفليبين

GMT 23:15 2023 السبت ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سان جيرمان يكتسح ستراسبورغ بثلاثية في الدوري الفرنسي

GMT 08:04 2023 الأربعاء ,18 تشرين الأول / أكتوبر

سلطنة عمان تحذر مواطنيها من خطورة السفر إلى لبنان

GMT 22:31 2023 الخميس ,12 تشرين الأول / أكتوبر

المغربي مهدي بنعطية مرشح لمنصب مدير رياضي بفرنسا

GMT 08:16 2023 الأربعاء ,13 أيلول / سبتمبر

أبرز الأخطاء الشائعة في ديكورات غرف النوم الزوجيّة

GMT 16:04 2023 الإثنين ,11 أيلول / سبتمبر

150 قتيلا جراء الفيضانات والأمطار الغزيرة في ليبيا
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib