حرب لا ناقة لنا فيها ولا جمل

حرب لا ناقة لنا فيها ولا جمل

المغرب اليوم -

حرب لا ناقة لنا فيها ولا جمل

توفيق بو عشرين


«في الحرب تصبح الحقيقة ثمينة إلى درجة أنها تحاط بحراسة مشددة من الكذب»، هكذا علق ونستون تشرتشل، وقد كان سياسيا قاد جيش بريطانيا نحو نصر كبير على هتلر في الحرب العالمية الثانية، أي أنه كان يعرف الحرب والسياسة معا.

هنري لويس قال ما هو أفظع عن الحرب.. قال: «الحرب تخلف للبلاد ثلاثة جيوش؛ جيش القتلى، وجيش المعاقين، وجيش اللصوص». جورج بوش كان الأسوأ في الكذب أثناء الحرب. عندما جهز كتائبه لغزو العراق دون إذن من أحد قال للصحافيين: «إن كل الاستعدادات التي ترونها للحرب على صدام حسين ما هي إلا جهود لتحقيق السلام». ضحك الجميع من هذا القول لكن العراقيين بكوا ومازالوا يبكون إلى الآن…

محاربة الظلم أهم من قتل الناس، ومحاربة الفقر أهم من محاربة الإرهاب، والمنتصر لا ينتصر مادام المغلوب لا يعترف بهزيمته.

ها هم العرب يركبون الطائرات الحربية لكن في اتجاه صنعاء وليس في اتجاه تل أبيب، يا لها من مفارقة.. في الأربعين سنة الأخيرة لم يقاتل العرب في حرب ضروس سوى إيران (8 سنوات والسعودية ومصر والخليج والمغرب والأردن تساند صدام حسين في حربه ضد إيران، وهي حرب كلفت السعودية لوحدها 200 مليار دولار)، وها هي الأيدي على الزناد مرة أخرى، والعدو دائماً هو إيران وليس إسرائيل وليس أمريكا وليس أوروبا. لم تخلق الحرب الحديثة في المنطقة إلا لتكون حربا بين المسلمين، العرب ضد الفرس، السنة ضد الشيعة، وهذه المرة فوق الأرض اليمنية، وكأن اليمن خرج من القرون الوسطى حتى يأتي من يرجعه إليها على ظهر الدمار والخراب والموت…

لا يوجد عاقل في العالم يؤيد الحرب مهما كانت مبرراتها، فما بالك وهي حرب خارج القانون الدولي الذي لا يسمح لأي دولة بالهجوم على دولة أخرى إلا في حالة واحدة، الدفاع عن النفس ورد العدوان، لهذا وقف العالم في وجه بوش عندما ذهب إلى الحرب على العراق دون إذن من مجلس الأمن، ولهذا فشل في الحرب والسلم معا…

من يصدق أن السعودية تحارب من أجل الشرعية في اليمن، ومن أجل إعادة الرئيس الشرعي إلى كرسي الحكم في صنعاء؟ الرياض أصلا لا تؤمن بشيء اسمه الشرعية السياسية أو الدستورية، ونظام الحكم فيها نظام يعود إلى القرون الوسطى، حيث الغالب يقهر المغلوب، إلى أن يأتي من هو أقوى منه فيجلس محله. هذا لا يعني أن طهران تدعم الحوثيين لأنهم ليبراليون سيقيمون دولة الحق والقانون في صنعاء. أبدا، الحوثي أكثر تخلفا من خصومه، وعلي عبد الله صالح هو رأس الفتنة في كل هذه الفوضى غير الخلاقة، لكن الحرب ليست هي الحل، والتجييش الطائفي ليس هو الحل، والقنابل من السماء ليست حلا، وتدمير اليمن ليس حلا… 

الحوثي فصيل متخلف من زمن مضى لهذا وقع في مصيدة علي عبد الله صالح الذي حاربه لعقود، ثم رجع ووظفه في حرب أكبر منه. أنصار الله بلعوا طعم إيران، وتصوروا أنهم أصبحوا قوة عظمى، وأنهم سيبلعون اليمن وهم لا يشكلون سوى 4٪ من سكانه، وأنهم سيزرعون شوكة إيرانية في الخاصرة السعودية، فجروا المنطقة إلى أتون الحرب التي ستأتي على الأخضر واليابس، إن بقي أخضر في اليمن غير القات الذي يخدر عقول اليمنيين منذ عقود… 

من يصدق أن السيسي الذي سحق شرعية محمد مرسي بحذائه العسكري في القاهرة سيدافع عن شرعية عبد ربه منصور هادي في اليمن؟ إنها حرب لا أبطال فيها ولا مجد، وبفضلها ما عاد الإنسان قادرا على أن يتخذ موقفا مع هذا أو ضد ذاك…

أيها السادة، هذه حرب بين أنظمة عربية قادمة من أيام الجاهلية، وليست حربا بين الشعوب. هذه حرب أطماع وليست حرب مبادئ. هذه حرب نفوذ وليست حرب مذاهب. هذه حرب أنظمة غير ديمقراطية لا تعرف كيف تتحاور وتتفاوض وتتنازل لبعضها البعض لإنقاذ حياة البشر، لهذا لا تقفوا مع أحد فيها، ولا تؤيدوا هذا ضد ذاك، ولا تعتبروا أن الحرب حربكم، فليس لكم فيها ناقة ولا جمل…

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حرب لا ناقة لنا فيها ولا جمل حرب لا ناقة لنا فيها ولا جمل



GMT 20:14 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

بيروت والكلام المغشوش

GMT 20:11 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

التغييرات المناخية... الأمل بالطيران في بيليم

GMT 20:05 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

انتحار الصِغار و«رقمنة» اليأس

GMT 20:00 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

الحبل السُّرِّي بين العالم العربي وحل الدولة الفلسطينية

GMT 19:47 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

عالم من الضواري

GMT 14:43 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

سوريا الأستاذ وديع

GMT 14:41 2025 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

في حب الصحراء: شريان الحياة

GMT 14:38 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

الرئيس والممسحة

رحمة رياض تتألق بإطلالات متنوعة تجمع بين الأناقة والجرأة

الرياض - المغرب اليوم

GMT 21:29 1970 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

العاهل المغربي يدعو الرئيس الجزائري إلى حوار صادق وبناء
المغرب اليوم - العاهل المغربي يدعو الرئيس الجزائري إلى حوار صادق وبناء

GMT 17:25 2013 الإثنين ,11 آذار/ مارس

"ماوس" تطفو اعتمادًا على دوائر مغناطيسية

GMT 09:48 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

مطعم "الشلال" يسعى إلى جذب زبائنه بشتى الطرق في الفليبين

GMT 23:15 2023 السبت ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سان جيرمان يكتسح ستراسبورغ بثلاثية في الدوري الفرنسي

GMT 08:04 2023 الأربعاء ,18 تشرين الأول / أكتوبر

سلطنة عمان تحذر مواطنيها من خطورة السفر إلى لبنان

GMT 22:31 2023 الخميس ,12 تشرين الأول / أكتوبر

المغربي مهدي بنعطية مرشح لمنصب مدير رياضي بفرنسا

GMT 08:16 2023 الأربعاء ,13 أيلول / سبتمبر

أبرز الأخطاء الشائعة في ديكورات غرف النوم الزوجيّة

GMT 16:04 2023 الإثنين ,11 أيلول / سبتمبر

150 قتيلا جراء الفيضانات والأمطار الغزيرة في ليبيا
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib