أوباما يدخل إلى البازار الإيراني

أوباما يدخل إلى البازار الإيراني

المغرب اليوم -

أوباما يدخل إلى البازار الإيراني

توفيق بوعشرين

إيران على أبواب توقيع اتفاق تاريخي مع القوى الغربية الكبرى في سويسرا.. قطار التسوية على وشك أن يدخل إلى محطته الأخيرة.. بعد أشهر عصيبة من المفاوضات والتهديدات والضغوطات والمساومات، لم يبق أمام الرئيس الأمريكي أوباما إلا تخطي اعتراضات الكونغرس وصقور الحزب الجمهوري، الذين يستمعون إلى إسرائيل أكثر مما يستمعون إلى ناخبيهم أو إلى مصلحة بلدهم، والرئيس الإيراني، حسن روحاني، لم يبق أمامه إلا أن يقنع جمهور المرشد الأعلى بالاتفاق مع أمريكا، التي طالما رفع صوته بشعار الموت لها، وطالما حلم بحيازة السلاح النووي فخر الأمم، والعصا الطويلة التي يحتاج إليها كل من يوجد في الشرق الأوسط المضطرب.. «عليك أن تخيف أعداءك ليعطوك سلام الجبناء»، هذه هي القاعدة هناك…

كلما تقدمت المفاوضات بين إيران والغرب ازداد العويل والصراخ في البيت الخليجي، حتى إن 90 في المائة من مبررات الحرب السعودية على اليمن تجد تفسيرها في التقدم الحاصل في الملف النووي الإيراني.

أوباما حاكم في نهاية ولايته، وهو رجل واقعي، لهذا لسان حاله يقول: «إن الاتفاق الذي على وشك أن يكتب لن يمنع إيران من حيازة السلاح النووي، لكنه سيؤخر هذا الموعد بـ15 سنة، وسيفتح أمام طهران الباب لتتصالح مع العالم، وتضع مصالحها الاقتصادية في كفة وطموحها النووي في كفة أخرى».

الخبراء الاستراتيجيون يقولون إن أمريكا ما كانت لتضمن تأخير المشروع النووي الإيراني 15 سنة لو شنت الحرب على طهران، لكنها بالجزرة والمفاوضات والمساومات استطاعت أن تحصل على وقت كافٍ لكي تجمد إيران جهودها الحثيثة نحو الوصول إلى تركيب القنبلة النووية، بعد أن توصل العلماء الإيرانيون إلى هذه التقنية بعد جهد كبير ومال كثير ووقت طويل. هذه هي الواقعية في العلاقات الدولية، إذا لم تكن تستطيع أن تمنع خصمك من الوصول إلى هدفه فأخره عن الوصول إليه عسى أن تغير الظروف الدولية وجهته، والخصم الذي لا تحاربه اجلس معه إلى طاولة المفاوضات وقلل خسائرك معه، عسى أن يتغير مع الوقت.. هذه هي السياسة البراغماتية التي يعتبر الأمريكيون أساتذتها بلا منازع…

السعودية غاضبة من الاتفاق لأنه أكثر من توقيع على تفاهم لرفع الحظر الاقتصادي عن إيران، والقبول بالولد المشاغب في العائلة الغربية بعد 36 سنة من الحرب الباردة والساخنة على ثورة الملالي. السعودية تنظر بعيدا -وهي محقة في ذلك- إنها تنظر إلى تحالف أمريكي إيراني آت، بعد أن أعاد الأمريكيون اكتشاف الإيرانيين في الحرب على طالبان في أفغانستان، ثم في الحرب على داعش في العراق. هذا كان أكبر تحول وقع في المنطقة منذ عشرات السنين.. الإيرانيون والأمريكيون يحاربون جنبا إلى جنب أعداءهما. يعرف المحاربون أن صداقة الحرب تدوم طويلا، لهذا الرياض غاضبة من أوباما الذي تخلى عن التحالف معها، وهي مركز العالم الإسلامي السني، وراح يلعب مع ملالي إيران الشيعة!

الطرف الثاني الأكثر انزعاجا ورفضا لأي تطبيع غربي-إيراني هو نتنياهو، الذي جرب كل الأسلحة للضغط على أوباما ودفعه إلى الانسحاب من طاولة المفاوضات في لوزان السويسرية، لأن اتفاقا كاملا بين الغرب وطهران معناه إعطاء اللاعب الإيراني وسائل جديدة لكي يساند حماس وحزب الله والجهاد، وأن يستمر في حمل شعار تحرير فلسطين، وهو ما تريد إسرائيل القضاء عليه نهائيا…

إيران التي قبلت بتأجيل حلمها النووي، وإخراج جزء من اليورانيوم المخصب خارج أراضيها، لن تعطي أمريكا بالمفاوضات ما عجزت هذه الأخيرة عن أخذه بالضغوطات والحصار وحروب الوكالة التي خاضها صدام حسين ضدها. أبدا، إيران تشتري الوقت، وتبحث عن استرجاع ملياراتها المجمدة في الخارج، وتبحث عن بيع، ليس المشروع النووي الذي بدأ منذ عهد الشاه، بل النفوذ الإقليمي الذي استثمرت فيه منذ عقود، والآن حان الوقت للدخول إلى البازار الدولي لعرضه للبيع…

الغرب يريد احتواء إيران بعد أن فشل في إسقاط نظامها بطرده من المنتظم الدولي، هو يعول غداً على الأنترنت وماكدونالد والموسيقى وفايسبوك وغوغل وتأشيرات السفر إلى أمريكا، وكل أيقونات نمط العيش الغربي من أجل اختراق إيران. أمريكا تعرف درجة تعلق الشباب الإيراني بالثقافة الغربية، والأمريكية بالتحديد، لهذا فإن الغرب يريد أن يفتح الباب أمام إيران في اتجاهين؛ الأول لخروج الملالي من الحصار وإعادة اعتمادهم وسط الأسرة الدولية، والثاني لخروج الشباب والنساء من وصاية رجال الدين إلى العالم، عسى أن ترفع الثورة الخضراء، التي قمعها النظام قبل خمس سنوات، رأسها من جديد…

عرب الخليج مساكين، وضعوا أنفسهم في معادلة «خاسر خاسر».. إذا استمر الحصار الغربي على إيران سيعانون جراء توسع هذه الأخيرة في الإقليم العربي تعويضا عما تخسره في الساحة الدولية، وإذا جرى تطبيع علاقة الغرب بطهران، فالعرب هم الخاسرون لأن الاتفاق سيكتب على أظهرهم وعلى حساب مصالحهم…

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أوباما يدخل إلى البازار الإيراني أوباما يدخل إلى البازار الإيراني



GMT 20:14 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

بيروت والكلام المغشوش

GMT 20:11 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

التغييرات المناخية... الأمل بالطيران في بيليم

GMT 20:05 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

انتحار الصِغار و«رقمنة» اليأس

GMT 20:00 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

الحبل السُّرِّي بين العالم العربي وحل الدولة الفلسطينية

GMT 19:47 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

عالم من الضواري

GMT 14:43 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

سوريا الأستاذ وديع

GMT 14:41 2025 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

في حب الصحراء: شريان الحياة

GMT 14:38 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

الرئيس والممسحة

رحمة رياض تتألق بإطلالات متنوعة تجمع بين الأناقة والجرأة

الرياض - المغرب اليوم

GMT 21:29 1970 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

العاهل المغربي يدعو الرئيس الجزائري إلى حوار صادق وبناء
المغرب اليوم - العاهل المغربي يدعو الرئيس الجزائري إلى حوار صادق وبناء

GMT 17:25 2013 الإثنين ,11 آذار/ مارس

"ماوس" تطفو اعتمادًا على دوائر مغناطيسية

GMT 09:48 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

مطعم "الشلال" يسعى إلى جذب زبائنه بشتى الطرق في الفليبين

GMT 23:15 2023 السبت ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سان جيرمان يكتسح ستراسبورغ بثلاثية في الدوري الفرنسي

GMT 08:04 2023 الأربعاء ,18 تشرين الأول / أكتوبر

سلطنة عمان تحذر مواطنيها من خطورة السفر إلى لبنان

GMT 22:31 2023 الخميس ,12 تشرين الأول / أكتوبر

المغربي مهدي بنعطية مرشح لمنصب مدير رياضي بفرنسا

GMT 08:16 2023 الأربعاء ,13 أيلول / سبتمبر

أبرز الأخطاء الشائعة في ديكورات غرف النوم الزوجيّة

GMT 16:04 2023 الإثنين ,11 أيلول / سبتمبر

150 قتيلا جراء الفيضانات والأمطار الغزيرة في ليبيا
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib