«فلقة» للوزراء الأربعة

«فلقة» للوزراء الأربعة

المغرب اليوم -

«فلقة» للوزراء الأربعة

توفيق بو عشرين


خرج أربعة وزراء من حكومة بنكيران الثالثة، ويستعد آخرون لأخذ مكانهم. أمس نزل بلاغ الديوان الملكي يخبر الرأي العام بأن الملك محمد السادس قبل استقالة وزيرين (الشوباني وبنخلدون)، وقبل طلب إعفاء عبد العظيم الكروج من منصبه، علاوة على قبول استقالة وزير رابع، محمد أوزين، الذي استقال هو الآخر عقب فضيحة ملعب مولاي عبد الله بداية هذه السنة، وأن الجالس على العرش يطلب من رئيس حكومته أن يقترح أسماء جديدة لتعويض القديمة حسب ما ينص عليه الدستور…

ما هي الرسائل التي حملها البلاغ الملكي الذي أعطى الضوء الأخضر لخروج الوزراء من مكاتبهم؟

أولا: الوزراء الأربعة الذين غادروا مناصبهم الوزارية لم يفعلوا ذلك زهدا أو طوعا، أو اعترافا بالخطأ والتقصير وسوء التقدير. ثلاثة منهم جاءت الإشارات الملكية من أعلى تفيد بضرورة خروجهم من الحكومة، وواحد، أي الكروج، جاءت المبادرة من رئيس الحكومة لدفعه إلى خارج الفريق الوزاري. هذا بغض النظر عما يقوله الدستور أو ما لا يقوله… هذا معناه أن السلطات العليا في البلاد أصبحت تتفاعل أكثر مع الرأي العام والصحافة والفايسبوك وتويتر ومواقع النيت، ومشاعر الناس وآرائهم حول السلط وحول الوزراء.. الكروج أثار استياء الناس لأنه أخذ علبة شوكولاتة كبيرة إلى منزله بمناسبة عقيقة ابنه، وبعث بالفاتورة إلى الوزارة لتؤديها عنه، ورغم أنه نفى الأمر في البداية، وحاول تطويق الفضيحة، فإنه وجد نفسه أمام عاصفة استياء كبرى. زميله في الحركة الشعبية، محمد أوزين، وجد نفسه في ورطة أكبر من البرك المائية التي أغرقت ملعب مولاي عبد الله بمناسبة إقامة مباراة دولية لكرة القدم، وبعد أن ظل يكابر ويعاند لأسابيع، اضطر في الأخير للرضوخ للأمر الواقع، والخروج من الوزارة، أما الكوبل الحكومي، الوزير والوزيرة اللذان كانا على وشك الزواج، فإنهما وجدا نفسيهما وسط بحر من الانتقادات لتشجيع الوزير لتعدد الزوجات في بلاد تنحو نحو التضييق على هذه العادة الشرقية، وقبول الوزيرة أن تكون ضرة لامرأة أخرى… وهكذا غادر هذا الفريق الصغير سفينة الحكومة بعقوبة سياسية، لكن الذي ربح من هذه النازلة هو الرأي العام والصحافة وسلطتها الرابعة…

ثانيا: باستثناء الكروج الذي أقيل من مهامه ولم يستقل، فإن وزير العلاقة مع البرلمان، الحبيب الشوباني، والوزيرة المنتدبة في وزارة التعليم العالي، سمية بنخلدون، ومحمد أوزين، وزير الشباب والرياضة، سمح لهم بالخروج من الوزارة بأقل الأضرار، أي بنوع من حفظ ماء وجوههم، بادعاء أنهم قدموا استقالاتهم ولم يقالوا، والواقع غير هذا، فهؤلاء الوزراء بقوا متشبثين بكراسيهم إلى آخر لحظة، وعندما وصلت الإشارات من أعلى تفيد بضرورة أن يدفعوا فاتورة أخطائهم، عندها فقط استسلموا للأمر الواقع، وحرروا استقالاتهم باستثناء الكروج، الذي لم يعرف كيف يخرج، أو لم يجد من يدافع عنه ليغادر وقد مسح آثار الشوكولاطة على فمه. 

ثالثا: واقعة خروج الوزراء من حكومة بنكيران على إثر فضائح أو ورطات سياسية أو سوء تدبير إداري أو سياسي.. هذه الواقعة تلقي الضوء على إشكالية اختيار الأحزاب للنخب التي تمثلها في الحكومة، وشروط الاستوزار ومعاييره وضوابطه ومؤهلاته.. هذه معضلة كبيرة. في السابق، كانت الكلمة الأولى والأخيرة للقصر في اختيار الوزراء الذين يدخلون إلى الحكومة، رغم أن هذه العملية لم تكن تسلم من سوء اختيار، وحتى من طرائف، لكن بعد دستور 2011 صار للأحزاب، أو بالأحرى لقياداتها، هامش أكبر لاختيار الوزراء الذين يمثلون الحزب في الحكومة، وهنا وقعت كوارث، حيث حمل زعماء أحزاب لوائح للاستوزار يندى لها الجبين، بعض من فيها استوزر والبعض الآخر لم يصل إلى الحكومة…

والأكثر مدعاة للسخرية في هذه العملية أن زعماء الأحزاب لا يتدخلون لإجبار وزرائهم على الاستقالة بعد أن يتورطوا في فضائح كبيرة أو صغيرة، كما أن أغلبية الأحزاب لا تراقب أداء وسمعة وزرائها، حيث يصير هؤلاء جنرالات في الحكومة لا يحاسبهم أحد من قواعد الحزب ولا من هيئاته، إن كانت لجل الأحزاب المغربية هيئات أصلا.

أمام المغرب طريق طويل لتأهيل الحقل الحزبي للرقي بنخبه لتستحق أن تجلس على كرسي الوزارة، وأن تمثل 34 مليون نسمة…

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«فلقة» للوزراء الأربعة «فلقة» للوزراء الأربعة



GMT 20:14 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

بيروت والكلام المغشوش

GMT 20:11 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

التغييرات المناخية... الأمل بالطيران في بيليم

GMT 20:05 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

انتحار الصِغار و«رقمنة» اليأس

GMT 20:00 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

الحبل السُّرِّي بين العالم العربي وحل الدولة الفلسطينية

GMT 19:47 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

عالم من الضواري

GMT 14:43 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

سوريا الأستاذ وديع

GMT 14:41 2025 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

في حب الصحراء: شريان الحياة

GMT 14:38 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

الرئيس والممسحة

رحمة رياض تتألق بإطلالات متنوعة تجمع بين الأناقة والجرأة

الرياض - المغرب اليوم

GMT 21:29 1970 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

العاهل المغربي يدعو الرئيس الجزائري إلى حوار صادق وبناء
المغرب اليوم - العاهل المغربي يدعو الرئيس الجزائري إلى حوار صادق وبناء

GMT 08:58 2025 السبت ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

الفنانة شمس البارودي تكشف عن تفاصيل أزمتها الصحية
المغرب اليوم - الفنانة شمس البارودي تكشف عن تفاصيل أزمتها الصحية

GMT 17:25 2013 الإثنين ,11 آذار/ مارس

"ماوس" تطفو اعتمادًا على دوائر مغناطيسية

GMT 09:48 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

مطعم "الشلال" يسعى إلى جذب زبائنه بشتى الطرق في الفليبين

GMT 23:15 2023 السبت ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سان جيرمان يكتسح ستراسبورغ بثلاثية في الدوري الفرنسي

GMT 08:04 2023 الأربعاء ,18 تشرين الأول / أكتوبر

سلطنة عمان تحذر مواطنيها من خطورة السفر إلى لبنان

GMT 22:31 2023 الخميس ,12 تشرين الأول / أكتوبر

المغربي مهدي بنعطية مرشح لمنصب مدير رياضي بفرنسا

GMT 08:16 2023 الأربعاء ,13 أيلول / سبتمبر

أبرز الأخطاء الشائعة في ديكورات غرف النوم الزوجيّة

GMT 16:04 2023 الإثنين ,11 أيلول / سبتمبر

150 قتيلا جراء الفيضانات والأمطار الغزيرة في ليبيا
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib