الإرهاب وثمن مكافحة الإرهاب

الإرهاب وثمن مكافحة الإرهاب

المغرب اليوم -

الإرهاب وثمن مكافحة الإرهاب

بقلم ـ ادريس الكنبوري

 أن توضع دولة في الدائرة الأقرب إلى الخطورة والأقصر مسافة من تهديدات الجماعات التكفيرية، فذاك مؤشر واضح -ولا يقبل التشكيك- على أن السلطات الأمنية ومن خلفها أصحاب القرار السياسي في هرم الدولة، عازمون على محاربة الإرهاب وتجفيف منابع التطرف. المغرب من الدول التي تنجح باستمرار في تفكيك الشبكات الإرهابية ضمن عمليات استباقية مشهود لها بالمهارة وحسن التخطيط، لكن ذلك لا يجعله في منأى عن الإرهاب الذي يمد أذرعه إلى أكثر الدول الغربية تطورا في المجال الأمني.


كلما ازداد انخراط المغرب في استراتيجية مكافحة الإرهاب والتطرف ازدادت المخاطر الإرهابية التي تحدق بأمنه الداخلي؛ ذلك لأن سياسة مكافحة الإرهاب لها ثمن، وهذا الثمن هو التحرش المستمر للتنظيمات الإرهابية بالأمن الوطني للمغرب، ومحاولة زعزعة استقراره.

ولا يكاد يمضي شهر واحد دون أن تعلن الأجهزة الأمنية المغربية عن تفكيك خلية إرهابية جديدة، وهو مسلسل مستمر منذ ما يزيد على عشر سنوات تقريبا، لكنه شهد تناميا ملحوظا منذ العام 2014، حين تم إنشاء ما يسمى دولة الخلافة على يد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، والتي تختصر بداعش كما هو شائع ومعروف.

المعهد الملكي للدراسات الاستراتيجية، وهو مركز بحثي رسمي، كشف في النسخة الخامسة من تقريره الاستراتيجي حول المغرب أن هذا الأخير انتقل -بحسب المؤشر الخاص بالتهديد الإرهابي- من المنطقة الخضراء إلى المنطقة البرتقالية، في الفترة ما بين 2002 و2016.

وبحسب المؤشر نفسه الذي يشمل 165 دولة، فإن المغرب انتقل من المرتبة 119 عالميا، أي بعيدا عن المراتب الأولى للدول الأكثر تعرضا للتهديد الإرهابي، ليصبح في المرتبة 95 على الصعيد العالمي. وفسر التقرير هذا الانتقال بالانخراط القوي للدولة المغربية في الحرب على التنظيمات الإرهابية.

ما يقوله التقرير تسنده الوقائع الفعلية. فالمكتب المركزي للأبحاث القضائية، الذي أنشئ عام 2015 في إطار تطوير الحكامة الأمنية الجيدة بالمغرب ليكون آلية لمواجهة الإرهاب والجريمة المنظمة، أعلن أنه جرى منذ العام 2002 تفكيك ما يزيد على 174 خلية إرهابية، تشمل مختلف المدن في المملكة، 60 منها مرتبطة بالحرب في العراق وسوريا والتنظيمات المسلحة في الساحتين السورية والعراقية، وخاصة تنظيم داعش.

كما تمكن المكتب من إجهاض حوالي 352 مخططا تخريبيا كان يستهدف المساس بأمن البلاد ومؤسساتها. ويقول عبدالحق الخيام، مدير المكتب، إن هناك ما يناهز 1664 مقاتلا مغربيا في الخارج، 929 منهم ينشطون في صفوف تنظيم داعش الإرهابي، و100 ضمن تنظيم “شام الأندلس” و50 بتنظيم “جبهة فتح الشام- تنظيم النصرة”، فيما يتوزع الباقون على عدد من التنظيمات الإرهابية بالمنطقة.

وهذه الأرقام ليست نهائية، لأننا بإضافة المغاربة الموجودين في البلدان الأوروبية الذين التحقوا بالجماعات الإرهابية في سوريا والعراق، نكون أمام أرقام مختلفة تزيد قليلا أو كثيرا. فالواضح أن التنظيمات الإرهابية باتت في الأعوام الأخيرة أكثر تركيزا على المنطقة المغاربية، بما فيها المغرب بوجه خاص، بالنظر إلى التحولات السوسيولوجية والسياسية التي حصلت إبان وبعد ما سمي بالربيع العربي، وجعلت الشباب المغاربي أكثر هشاشة وقابلية للانسياق وراء الخطابات المتطرفة.

وبسبب الخصوصية التي تميز المغرب، والاستقرار الذي حافظ عليه خلال تلك التحولات ما بعد عام 2010، فإن الجماعات الإرهابية تستهدفه باعتباره الحلقة الأقوى في المحيط المغاربي غير المستقر، بما يمنحها جبهة جديدة في ما تسميه في أدبياتها بالجهاد العالمي.

انتهج المغرب في السنوات الماضية استراتيجية استباقية فعالة في مواجهة الظاهرة الإرهابية، تمثلت في تعزيز قدراته الأمنية والعسكرية، وخلق المكتب المركزي للأبحاث القضائية، والجمع بين جهاز المخابرات الداخلية وجهاز الأمن الوطني، وإنشاء مخطط “حذر” للتنسيق بين مختلف أسلاك الأمن الداخلي، هذا علاوة على آليات التعاون الأمني المشترك مع عدد من البلدان الأوروبية، وخصوصا جارته الشمالية إسبانيا التي تضم عددا كبيرا من الجاليات المغربية، وتبسط سيطرتها على المدينتين المغربيتين سبتة ومليلية المحتلتين، حيث يعيش المغاربة في ظروف اجتماعية صعبة تدفع الجماعات الإرهابية إلى استقطابهم.

وقد مكنت تلك الاستراتيجية الواسعة من إجهاض مخططات إرهابية عدة، وأعطت المغرب على الصعيد الدولي والإقليمي صورة البلد القوي المسلح بإمكاناته الذاتية، على الرغم من غياب التنسيق في المحيط المغاربي الذي كان يمكن أن يضمن قدرا أكبر من الأمن المغاربي المشترك والأمن الوطني للدول المشكلة له؛ ومع ذلك فإن التحدي الإرهابي لم ينته بعد.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإرهاب وثمن مكافحة الإرهاب الإرهاب وثمن مكافحة الإرهاب



GMT 15:23 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

عفواً سيّدي الجلاد

GMT 15:21 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

الفوسفات والذنيبات والمسؤولية المجتمعية تصل البربيطة

GMT 15:18 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أبو دلامة وجي دي فانس

GMT 15:07 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

العودة إلى إسحق رابين

GMT 14:59 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

من الساحل إلى الأطلسي: طريق التنمية من أجل الاستقرار

GMT 14:52 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

فضيحة في تل أبيب!

GMT 14:45 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر تفرح بافتتاح المتحف الكبير (1)

GMT 14:42 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

شخص غير مرغوب فيه

نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 10:46 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة
المغرب اليوم - أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة

GMT 13:31 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

طرق ذكية لتعليق اللوحات دون إتلاف الحائط
المغرب اليوم - طرق ذكية لتعليق اللوحات دون إتلاف الحائط

GMT 00:22 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

بوتين يؤكد صاروخ بوريفيستنيك يضمن أمن روسيا لعقود
المغرب اليوم - بوتين يؤكد صاروخ بوريفيستنيك يضمن أمن روسيا لعقود

GMT 18:26 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بوريس جونسون يهاجم بي بي سي ويتهمها بالتزوير
المغرب اليوم - بوريس جونسون يهاجم بي بي سي ويتهمها بالتزوير

GMT 21:54 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

تفاصيل خطة تشكيل القوة الدولية لحفظ الأمن في غزة
المغرب اليوم - تفاصيل خطة تشكيل القوة الدولية لحفظ الأمن في غزة

GMT 18:52 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

خبراء التغذية يوصون بمشروبات طبيعية لتحسين الأداء الإدراكي
المغرب اليوم - خبراء التغذية يوصون بمشروبات طبيعية لتحسين الأداء الإدراكي

GMT 01:36 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد حلمي وهند صبري في أول تعاون سينمائي بأضعف خلقه
المغرب اليوم - أحمد حلمي وهند صبري في أول تعاون سينمائي بأضعف خلقه

GMT 20:20 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

4 أصوات تشير إلى أعطال في محركات السيارات

GMT 06:27 2018 الثلاثاء ,05 حزيران / يونيو

دراسة تؤكّد تأثير حجم المخ على التحكّم في النفس

GMT 21:07 2018 الأربعاء ,04 إبريل / نيسان

"سباق الدراجات" يدعم ترشح المغرب للمونديال

GMT 01:40 2018 السبت ,10 آذار/ مارس

رجل يشكو زوجته لسوء سلوكها في طنجة

GMT 05:32 2017 الأربعاء ,03 أيار / مايو

محمود عباس فى البيت الأبيض.. من دون فلسطين!

GMT 06:27 2016 الجمعة ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

باكستان تُبعد صاحبة صورة ناشيونال جيوغرافيك الشهيرة

GMT 04:19 2016 الإثنين ,05 كانون الأول / ديسمبر

"فرزاتشي Versaci" تطلق مجموعتها الساحرة لعام 2017

GMT 07:02 2017 الجمعة ,20 تشرين الأول / أكتوبر

فيلم الرعب الأميركي "Happy Death Day" الأول على شباك التذاكر
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib