أردوغان والفتوحات الأفريقية

أردوغان والفتوحات الأفريقية

المغرب اليوم -

أردوغان والفتوحات الأفريقية

بقلم - ادريس الكنبوري

نهض المشروع الديني لحزب العدالة والتنمية على إعادة بعث المشروع العثماني باعتباره يتخطى السياج الوطني التركي، ذلك أن الأيديولوجيا الدينية للتنظيم جعلته في تماس مع الفكرة الإسلامية في العالم العربي والقارة الأفريقية.

أحيت جولة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الأفريقية، التي بدأها بالسودان وأنهاها بزيارة تونس عبر تشاد، التساؤلات حول الأحلام العثمانية في القارة السمراء، ومحاولة توظيف العلاقات التركية- الأفريقية في مناكفة المحور العربي السني، والاستعانة بفتح الأسواق الأفريقية أمام الاقتصاد التركي في تجاوز الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد، بعد أن تبخّرت أحلام أردوغان في إنعاش الاقتصاد التركي الذي كان يريد به مقايضة الاستبداد بالرفاه وكسب الرأي العام الداخلي، بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة في يوليو من العام الماضي.

حلم أردوغان في إعادة اكتشاف أفريقيا والتغلغل فيها ليس جديدا. يمكن القول إن الفكرة ولدت مع وصول حزب العدالة والتنمية إلى الحكم عام 2002. فقد نهض المشروع الديني للحزب على إعادة بعث المشروع العثماني باعتباره يتخطى السياج الوطني التركي، ذلك أن الأيديولوجيا الدينية للتنظيم جعلته في تماس مع الفكرة الإسلامية في العالم العربي والقارة الأفريقية.

وفي حين كانت الحكومات التركية السابقة تتجه بأنظارها ناحية القارة الأوروبية، وكانت العلمانية مرادفة للنزعة الوطنية، صارت الأيديولوجيا الدينية مرادفة للتوسع، مستندة على مبدأ مفاده أن الانتشار خارج النطاق التركي مرتبط بمنافسة العالم العربي وطرح المشروع القومي التركي بديلا عن القومية العربية، لكن بغطاء الدين الذي يشكل القاسم المشترك بين القوميتين.

في عام 2001 أصدر أحمد داود أوغلو كتابه “العمق الاستراتيجي” الذي رسم فيه معالم السياسة الخارجية التركية لحزب العدالة والتنمية، حتى قبل أن يصل هذا الأخير إلى الحكم، وقبل أن يصبح أوغلو نفسه وزيرا للخارجية في عهده.

وقد وضع الكتاب تصورا غير مسبوق في ما يتعلق بالسياسة الخارجية التي يجب على تركيا أن تنتهجها بهدف الخروج من السياج المحلي ومن الإطار الذي وضعت فيه تركيا منذ الحرب العالمية الأولى، أي منذ نشأة الدولة التركية الحديثة على يد مصطفى كمال أتاتورك.

اعتمدت السياسة الخارجية لحزب العدالة والتنمية على الثوابت والمتغيرات، وقد هندس أوغلو في كتابه، الذي لا بد أنه حظي بمناقشات واسعة داخل الحزب ولتعديلات من هذا الأخير، ثوابت هذه السياسة، فيما ظلت المتغيرات بيد الحكومة بشكل يُراعى فيها أخذ التحولات الإقليمية والدولية بعين الاعتبار.

فيما يتعلق بأفريقيا، كانت رؤية الحزب تعتمد على ثلاثة محاور: المحور الديني والمحور الدبلوماسي والمحور الاقتصادي. فهم حزب العدالة والتنمية أن السياسة الخارجية ليست نظريات باردة فحسب، بل فيها الجانب الرمزي الذي يمنح لتلك السياسة طابع “الفرجة”.

وهكذا قام أردوغان في أغسطس 2011 بزيارة للصومال الذي كان يجتاز وضعية صعبة بسبب المجاعة والجفاف.

حرص أردوغان على أن يعطي لتلك الزيارة هالة إعلامية عبر التركيز على المسحة الإنسانية فحمل معه زوجته وابنته، ليظهر للأفارقة أن الأمر ليس مجرد خطوة دبلوماسية بل هو نوع من تقاسم مصير الصوماليين. وقبل أن يعود إلى أنقرة كانت تركيا قد فتحت سفارة لها في مقديشو.

وتبدو الجولة الأخيرة لأردوغان في ثلاثة بلدان أفريقية فرصة أخرى لتشديد الطوق التركي على القارة، وفتح جبهة جديدة ضد المحور العربي السني، العنصر الأهم فيها بالنسبة إلى أنقرة هو جذب السودان إلى المحور التركي- الإيراني- القطري. وفيما يعتقد عمر حسن البشير أنه حصل على حفنة من المساعدات نظير تسليم جزيرة السواكن إلى تركيا، لا يدرك بأنه من وراء ذلك يفتح الباب أمام التأثير الجيواستراتيجي لتركيا في المنطقة، ويرهن مستقبل السودانيين مقابل نزوة سياسية ستذهب ريحها.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أردوغان والفتوحات الأفريقية أردوغان والفتوحات الأفريقية



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

شريهان تتألق بالملابس الفرعونية في احتفالية افتتاح المتحف المصري الكبير

القاهرة _ المغرب اليوم

GMT 21:19 2025 الأحد ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

هولندا تعيد تمثالاً فرعونيًا عمره 3500 عام إلى مصر
المغرب اليوم - هولندا تعيد تمثالاً فرعونيًا عمره 3500 عام إلى مصر

GMT 17:55 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

بوادر هدنة في السودان وتوقعات بلقاء قريب بين البرهان وحميدتي
المغرب اليوم - بوادر هدنة في السودان وتوقعات بلقاء قريب بين البرهان وحميدتي

GMT 18:48 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

مايكروسوفت توقع صفقة حوسبة ضخمة بقيمة 9.7 مليار دولار
المغرب اليوم - مايكروسوفت توقع صفقة حوسبة ضخمة بقيمة 9.7 مليار دولار

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 13:46 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

القلق يسيطر علي إدارة اتحاد طنجة بسبب النتائج السلبية

GMT 09:54 2019 السبت ,16 آذار/ مارس

ديكورات حدائق منزلية صغيرة خارجية مميزة

GMT 08:36 2018 الثلاثاء ,06 شباط / فبراير

تعرفي على كيفية صنع صبغات شعر طبيعية لتغيير لونه

GMT 07:36 2018 الثلاثاء ,06 شباط / فبراير

"مرسيدس الفئة S" تمثل أفضل سيارة في العالم

GMT 09:53 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

AZZARO WANTED العطر المناسب للرجل الذي لا يعرف المستحيل

GMT 14:11 2017 الثلاثاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

أتلتيكو مدريد يلجأ إلى أسلوب ذكي ليحشد الجماهير في الملعب

GMT 07:50 2017 السبت ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل المعاطف للشتاء بأسعار معقولة وألوان حيادية
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib