القاهرة - المغرب اليوم
في تصريحات بارزة تعبّر عن موقف حركة حماس من الاتفاق الأخير لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، قال خليل الحيّة، القيادي البارز في الحركة ورئيس وفدها المفاوض، إنّ الاتفاق "سيصمد"، مؤكداً أن الحركة "مصمّمة على المضي فيه إلى نهايته". جاءت تصريحاته خلال مقابلة إعلامية فجر الثلاثاء، أُجريت معه في العاصمة المصرية، في وقت تتواصل فيه التحركات الدولية لتثبيت الاتفاق وضمان تنفيذه الكامل.
وأوضح الحيّة أن الإرادة في الالتزام بالاتفاق قوية، وأن الحركة تسعى جاهدة لأن يصمد هذا الاتفاق، مشيرًا إلى أن هناك جهداً دولياً كبيراً بُذل للوصول إليه. كما ثمّن دور الوسطاء في مصر وقطر وتركيا، مشيرًا إلى أن الإرادة الدولية، إلى جانب "التظاهرة الكبرى" التي رعتها مصر بحضور الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تشكّل ضمانة حقيقية لإنهاء الحرب في غزة، على حد تعبيره.
وفي ما يخص ملفّ جثامين عدد من الرهائن الإسرائيليين الذين توفّوا داخل قطاع غزة، أكد الحيّة أن حماس "جادّة" في تنفيذ ما ورد في الاتفاق بشأن هذا الملف، موضحًا أنه "ليس لدينا أي مطمح أو رغبة في أن يبقى أحد"، في إشارة إلى الجثامين، مضيفًا: "نريد أن تعود جثامينهم إلى ذويهم، كما نأمل أن تعود جثامين شهدائنا إلى ذويهم ليدفنوا بكرامة".
لكنه استدرك قائلاً إن الأمر يواجه "صعوبات بالغة" بسبب حجم الدمار الكبير الذي خلّفته الحرب في القطاع، لاسيما أن بعض الجثامين مدفونة تحت أنقاض الأبنية المدمّرة. وأشار إلى أن استخراجها يتطلب "وقتاً ومعدات كبيرة"، إلا أنه أعرب عن ثقته بأن "الإرادة والتصميم" سيساهمان في إنهاء هذا الملف بالكامل في نهاية المطاف.
وفيما يخص تنفيذ إسرائيل لبنود الاتفاق، قال الحيّة إنّها التزمت بإدخال الكميات المتفق عليها من المساعدات الإنسانية، معربًا عن أمله في أن تتدخّل الأطراف الوسيطة لدعم إدخال مزيد من المساعدات، لا سيّما في ما يتعلق بالإيواء والمستلزمات الطبية مع اقتراب فصل الشتاء.
في المقابل، جاءت تصريحات الحيّة بالتزامن مع تحذيرات شديدة اللهجة أطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي قال إن حماس أمامها "فرصة صغيرة" لاحترام اتفاق وقف إطلاق النار، ملوّحاً بـ"القضاء" عليها في حال الإخلال به. وأوضح ترامب، خلال تصريحات أدلى بها في البيت الأبيض، أن الاتفاق يضمن أن يكون "سلوك حماس جيداً جداً"، مهددًا بأن "القضاء عليهم سيتمّ إذا اضطررنا لذلك، وهم يدركون ذلك جيداً".
وأشار ترامب إلى أن القوات الأمريكية لن تشارك بشكل مباشر في أي مواجهة، مؤكدًا أن هناك عشرات الدول مستعدة للمشاركة في قوة دولية لحفظ الاستقرار في غزة. كما لفت إلى أن إسرائيل ستكون "مستعدة للتدخل خلال دقيقتين إذا طلبنا منها"، لكنه شدد على أنه لم يطلب ذلك حتى الآن، مضيفًا: "سنمنحهم فرصة صغيرة، ونأمل أن يكون هناك عنف أقل".
الرئيس الأمريكي أكد أيضًا أن حماس باتت "أضعف بكثير"، خاصة بعد الضربات الأمريكية والإسرائيلية في وقت سابق من العام، مشيراً إلى غياب الدعم الإيراني الفعّال للحركة في المرحلة الحالية. وحذر في هذا السياق من تنفيذ أي عمليات إعدام ميدانية في غزة، مطالبًا الحركة بـ"تحسين سلوكها" بشكل فوري.
إلى ذلك، أفادت وسائل إعلام أمريكية وإسرائيلية أن نائب الرئيس الأمريكي، جاي دي فانس، غادر واشنطن في زيارة رسمية إلى إسرائيل تستمر حتى الخميس، حيث سيلتقي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وأشارت مصادر إلى أن زيارة فانس لقطاع غزة، التي كانت مقررة، قد ألغيت لأسباب أمنية، وسيتم الاكتفاء بإطلاعه على الوضع عبر شاشات ميدانية.
من جانبه، عقد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لقاءً مع المبعوثين الأمريكيين ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر، اللذين يشرفان على خطة وقف إطلاق النار. وبحث المجتمعون التحديات الإقليمية والفرص المستقبلية، حيث أشار نتنياهو إلى إمكانية توقيع اتفاقيات سلام جديدة في المنطقة، بدعم مباشر من الرئيس الأمريكي ترامب.
وفي تصريحات لشبكة "سي بي إس"، قال كوشنر إن على إسرائيل أن تساعد الفلسطينيين على "الازدهار" إذا أرادت فعلاً أن تندمج في الشرق الأوسط بشكل أكبر، مضيفاً أن الرسالة التي تم توجيهها للقيادة الإسرائيلية واضحة، وهي أن التكامل الإقليمي يتطلب تمكين الشعب الفلسطيني وتحسين ظروفه المعيشية بعد انتهاء الحرب.
ميدانيًا، أعاد الجيش الإسرائيلي فتح معبري كرم أبو سالم وكيسوفيم، في خطوة تعكس محاولة تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار، بينما ظل معبر رفح الحدودي بين غزة ومصر مغلقًا حتى إشعار آخر.
في ظل هذه التطورات المتسارعة، تبقى الأنظار متجهة نحو تنفيذ الاتفاق على الأرض، ومدى قدرة جميع الأطراف على الالتزام بتفاصيله وسط التحديات الإنسانية والسياسية والأمنية، بينما تبدي حركة حماس من جهة، والإدارة الأمريكية من جهة أخرى، مواقف متباينة تجمع بين التهديد والضمانات، مما يجعل المرحلة المقبلة مفصلية في تحديد مستقبل الاستقرار في قطاع غزة.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
خليل الحية يؤكد تسلم ضمانات لإنهاء الحرب بشكل كامل