الرباط - المغرب اليوم
أكد رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، أن سؤال المواطن حول استمرار وجود مناطق لم يشعر فيها بالأثر الكافي للتنمية، يبقى حاضراً بقوة، ويطرح في كل زيارة ميدانية وفي كل لقاء مباشر أو نقاش مسؤول، موضحا أن جزءاً كبيراً من الإشكال يكمن في ما سماه “الفوارق الصامتة”، وهي الفوارق التي تجعل المواطن يعيش ظروفاً صعبة دون أن يسمع صوته، رغم المجهود الكبير الذي تبذله الدولة.
وقال رئيس الحكومة خلال تعقيبه على التدخلات في جلسة المساءلة الشهرية بمجلس المستشارين، الثلاثاء، إن المغرب اليوم يمر بمرحلة بناء مغرب جديد، مغرب الإنصاف وتكافؤ الفرص، ومغرب القيمة المضافة والكرامة اليومية للمواطن، مشدداً على أن أوراش التنمية الكبرى يجب أن تصل مباشرة إلى المواطنين في الثقة، والكرامة، والقرب، ليكون مغرب الغد مغرباً واحداً، متضامناً، بلا مهمشين أو محظوظين، مغرباً يعرف كل مواطن فيه حقه في التنمية، وفي الأمل، وفي المستقبل.
وأشار أخنوش إلى أن الدولة قامت بمجهود ضخم، لكن الأثر النهائي يتحقق لدى الفاعل المحلي، الذي يترجم الرؤية الملكية على الأرض، ويرى التفاصيل اليومية التي تحدد شعور المواطن بحضور الدولة من عدمه، مستشهدا برئيس الحكومة أمثلة عدة على ذلك: “فالمستشفى الجهوي لن يحقق أثره إذا لم يكن هناك نقل صحي محلي ومسالك فرعية سالكة، والمدرسة الجديدة لن تفيد التلميذ إذا لم تتوفر النقل المدرسي والطريق سالكة، وتبقى المشاريع الكبرى كطرق وطنية أو ربط بالماء دون جدوى إذا كانت المسالك القروية متدهورة أو الصيانة غائبة”.
وسجل رئيس الحكومة أن الفاعل المحلي هو محور التنمية، وليس فقط الوالي أو العامل، بل يشمل رئيس الجهة، ورئيس الجماعة، والمنتخب، والمصالح اللاممركزة، والجمعيات، وحتى الفاعل الاقتصادي المحلي. وهذا ما يعكسه التوجيه الملكي التاريخي يوم 31 أكتوبر حين قال جلالة الملك: “مغرب ما قبل 31 أكتوبر ليس هو مغرب ما بعد 31 أكتوبر”، مشيراً إلى بداية عهد جديد قائم على الجدية، والالتقائية، والمسؤولية، وتحقيق التنمية عبر مسار مشترك بين الجميع.
وفي هذا السياق، كشف أخنوش عن إطلاق الحكومة لمشاورات واسعة في الأقاليم والجهات للاستماع للفاعلين المحليين، والمنتخبين، والمجتمع المدني، والمواطنين، بهدف جمع انتظارات كل مجال من قلب الميدان وليس من المركز، لافتا إلى أن المجالس المنتخبة لم تعد اليوم مؤسسات إدارية وسطية تنتظر التعليمات، بل أصبحت فاعلاً محورياً في قيادة التحول، قادرة على اتخاذ القرار وترسيخ العدالة المجالية، مدعومة سياسياً ومواردياً، لضمان تحقيق نتائج ملموسة.
وأبرز رئيس الحكومة إلى أن المرحلة الجديدة تعني تغييرات ملموسة في العقليات وطريقة العمل، وترسيخ ثقافة النتائج المبنية على معطيات ميدانية دقيقة، مستعينة بالتكنولوجيات الرقمية، مشددا على ضرورة تمكين الجهات من صلاحيات تخطيطية وتدبيرية أوسع، وتوفير موارد مالية مستقرة، وإحداث آليات تعاقدية واضحة بين الدولة والجهات، وبين الجهات والفاعلين الاقتصاديين، لضمان تنفيذ المشاريع وفق التزامات قابلة للقياس.
وأكد أخنوش أن الحكومة المغربية في السنة الأخيرة من ولايتها ستعطي زخماً إضافياً للتنزيل الميداني، خصوصاً في قطاع الصحة، من خلال تحسين مسار الرعاية الصحية عبر المجموعات الصحية الترابية، وتحديث البنيات التحتية والتجهيزات، وتجويد خدمات الاستقبال والعلاج، واستقطاب الموارد البشرية إلى المناطق الأقل جاذبية، وفق حاجيات الساكنة وخصوصيات المجالات الترابية.
وفي قطاع التعليم، أورد أخنوش أن الحكومة ستستمر في مقاربة شمولية تربط بين البنية التحتية وجودة التعلم، من خلال تأهيل المؤسسات المدرسية، وتحسين بيئة التمدرس، وتوفير خدمات النقل والإيواء والإطعام المدرسي، بما يضمن تكافؤ الفرص، ويتيح لكل تلميذ الاستفادة الحقيقية من المدرسة، بعيداً عن مجرد المبنى أو التجهيزات.
وأكد رئيس الحكومة أن الفاعل المحلي يجب أن يكون حاضراً، مسؤولا، مبادراً، فعّالاً، وقريباً من المواطنين، لا مجرد مسير تقني أو إداري. فالمواطن لا يحس بالتنمية إلا عندما تدخل إلى حياته اليومية، إلى منزله، إلى دواره ومحيطه. وأوضح أن أي خلل صغير في المسالك، أو تأخر في النقل المدرسي، أو نقص في الرعاية الصحية، يمكن أن يغيّر الثقة بالمؤسسات ويؤثر على حياة الأسر بشكل مباشر.
وشدد أخنوش على أن المرحلة الجديدة ليست مجرد إنجاز مشاريع، بل تحقيق أثر ملموس، حيث “النية لا تكفي… والنتائج هي الحكم”، مؤكداً ضرورة أن تكون الجهوية المتقدمة فعلية، والعقود الجهوية واضحة وملزمة، وأن تكون لدى الجماعات الوسائل البشرية والمالية، والمصالح اللاممركزة منسجمة ومتعاونة، والتواصل مع المواطن مباشراً وشفافاً.
قد يهمك أيضــــــــــــــا
عزيز أخنوش يستعرض منجزات حكومته في الدعم الاجتماعي والتغطية الصحية والتعليم والنمو الاقتصادي