الرئيسية » تحقيقات وأخبار بيئية
الخسائر البيئية لحرب السودان

الخرطوم - المغرب اليوم

تشير تقديرات خبراء مختصين إلى جانب بيانات تحليلية مستخلصة من دراسة أعدها المرصد الدولي لرصد الأبعاد البيئية للصراعات ومقره لندن، إلى أن الخسائر البيئية الناتجة عن الحرب المستمرة في السودان منذ منتصف أبريل 2023 قد تتجاوز 10 مليارات دولار، إلى جانب التكلفة البشرية الكبيرة التي قد تنجم عن الأثر البيئي للحرب.وألقى القتال المحتدم في أكثر من 70 بالمئة من مناطق البلاد بتبعات وضغوط بيئية خطيرة شملت كافة أنحاء البلاد.

وتتمثل أبرز ملامح الأثر البيئي للحرب في التسربات الناجمة عن استخدام محتمل لأسلحة كيميائية، والتدمير الذي لحق بالعديد من المنشآت الخطرة، بما في ذلك مصافي النفط، والمناطق الصناعية، والمختبرات والمنشآت الكيميائية، ومحطات الطاقة، إضافة إلى تلوث مياه الشرب واختلاط مكونات الأسلحة والمتفجرات بحطام المباني، خصوصا في العاصمة الخرطوم. كما شملت الآثار البيئية زيادة إزالة الغابات وتدهور الزراعة.

وتضررت أيضا البنية التحتية لمعالجة المياه والصرف الصحي أثناء القتال، وذلك بسبب انقطاع التيار الكهربائي والإهمال، بالإضافة إلى الضربات المباشرة التي تعرضت لها العديد من المحطات.وبحلول مارس 2024، كانت محطة واحدة فقط تعمل من أصل 13 محطة لمعالجة المياه في ولاية الخرطوم.وقوضت الحرب قدرة البلاد المحدودة على التكيف والاستجابة مع تغير المناخ، مع توقف العديد من البرامج الرامية إلى معالجة هذا التحدي.


التسرب الكيميائي

وبرزت مخاوف التسرب الكيميائي بشكل لافت خلال الشهرين الماضيين، على خلفية تقارير تحدثت عن استخدام الجيش السوداني أسلحة كيميائية في العاصمة وعدد من مناطق إقليم دارفور، وهو ما ربطه البعض بظهور أمراض غريبة أدت إلى مقتل المئات خلال الأسابيع الماضية.كما كشفت تقارير عن تعرض مواقع تخزين مبيدات في مناطق زراعية للتلف والنهب، مما يزيد من خطر تعرض السكان لها.

وزاد الصراع من الآثار البيئية لتعدين الذهب، بما في ذلك تدهور الأراضي، وارتفاع معدلات التعرية والطمي، والتلوث بالسيانيد والزئبق، الذي يشكل مصدرا رئيسيا للتلوث البيئي.وفقا لتقرير المرصد الدولي للصراعات والبيئة، وقعت منذ اندلاع القتال في أبريل 2023 وحتى يناير 2024 نحو 401 حادثة مرتبطة بمخاوف بيئية في المناطق الصناعية الرئيسية بالعاصمة الخرطوم، التي تتداخل فيها المواقع الصناعية الخطرة بشكل وثيق مع الأحياء السكنية، مما يزيد من خطر تعرض السكان المحليين للملوثات عند تضررها.

وتوقع التقرير وجود آثار بيئية مستقبلية خطيرة للحريق الذي طال مصفاة النفط الرئيسية في منطقة الجيلي، على بعد 45 كيلومترا شمال الخرطوم.وقال التقرير: "أدت الأضرار التي لحقت بالمصفاة ومرافقها التخزينية إلى تلوث واسع في المناطق المحيطة، بينما أدت حرائق النفط الكبيرة إلى تدهور جودة الهواء، وانبعاث غازات وملوثات خطرة".

انبعاثات الحطام

ساهم الاستخدام الواسع للأسلحة المتفجرة في المناطق الحضرية في إلحاق أضرار جسيمة، يتوقع أن تستمر تأثيراتها لفترة طويلة. وتعرضت مناطق سكنية وخدمية واسعة في الخرطوم لدمار كبير أدى إلى تراكم مواد بناء مسحوقة مثل الأسبستوس، التي يعتقد أن بعضها اختلط بمواد سامة من مكونات الأسلحة والمتفجرات التي استخدمت بشكل مكثف في القتال خلال الأشهر الماضية.

يزيد كل هذا من مخاطر استنشاق السكان العائدين مواد ملوثة، في حين يمكن أن يسبب التخلص من كميات كبيرة من الركام آثارا بيئية خطيرة ما لم يدار بشكل صحيح، خصوصا مع اختلاط الذخائر غير المنفجرة والمتفجرة بالحطام.وبناءً على ما رصده التقرير من وجود نحو 100 ألف طن من الحطام في منطقة تبلغ مساحتها نحو 57 كيلومترا مربعا، فإن إجمالي الحطام الناجم عن الحرب في العاصمة الخرطوم، التي تبلغ مساحتها نحو 22 ألف كيلومتر مربع، يمكن أن يصل إلى أكثر من 38 مليون طن.

الغطاء الغابي

قبل اندلاع الحرب، قدّرت سلطات الغابات في السودان الخسائر السنوية في القطاع بنحو 500 مليون دولار جراء القطع الجائر للأشجار المستخدمة في الوقود. وفي أعقاب اندلاع الحرب الحالية، اتسعت أنشطة القطع الجائر للغابات في ظل الفوضى التي عمت البلاد، وزيادة الحاجة إلى الموارد، واستخدام الأخشاب في الطهي في ظل ندرة وغلاء غاز الطبخ.واعتبر خبراء شاركوا في منتدى "حوا" للخسائر البيئية والبشرية لإزالة الغابات في زمن الحرب، الذي نظمه "التحالف الأخضر السوداني" خلال الأسبوع الأول من يونيو، أن ظاهرة إزالة الغابات الواسعة النطاق تعد واحدة من أبرز التداعيات الكارثية للحرب في السودان.

وقال أحمد الأمين قسومة، الأمين العام لمنظمة "إعلاميون من أجل البيئة"، إن السودان يواجه مهددات بيئية إضافية وفريدة تتجاوز التحديات التقليدية لتشمل آثار الصراع الدائر، الذي يفرض ضغوطا غير مسبوقة على الموارد الطبيعية.وأشار قسومة إلى أن مخاطر كبيرة تواجه الغابات في السودان في ظل غياب السياسات التعويضية المستدامة، مما ساهم في تفاقم الأزمة البيئية وأدى إلى تدهور الغطاء الشجري بشكل ملحوظ.

وأوضح: "شهدت البلاد تسارعًا في وتيرة إزالة الغابات لأغراض توفير الوقود للطهي، وبناء المآوي للنازحين واللاجئين، وتوسيع المساحات الزراعية بشكل غير منظم".وبعد الحرب التي أدت إلى انفصال جنوب السودان عام 2011، تراجعت مساحات الغابات بمقدار الثلثين، حيث تقدر حاليا بنحو 52 مليون فدان. ووفقا لعبد العظيم ميرغني، المدير الأسبق للهيئة القومية للغابات، فإن فقدان شجرة واحدة نتيجة للقطع الجائر قد يكلف ما لا يقل عن 50–150 دولارا، فضلا عن الخسائر البيئية طويلة الأمد.

وقال ميرغني لموقع "سكاي نيوز عربية" إن قطع الأشجار يحمل تكلفة اقتصادية وبيئية كبيرة؛ إذ يفقد المجتمع المحلي مصدر دخل محتملا من منتجات مثل الصمغ أو الخشب تقدر قيمتها بين 10–50 دولارا سنويا للشجرة الواحدة، إضافة إلى تكاليف الاستبدال والرعاية التي قد تصل إلى 10 دولارات.وأشار ميرغني إلى أن القطع الجائر يزيد من مخاطر التصحر وانبعاثات الكربون.

قد يهمك أيضــــــــــــــا

اتهامات متبادلة بين الجيش السوداني والجيش الوطني الليبي إثر هجوم في منطقة المثلث الحدودي

الجيش السوداني يتهم حفتر بدعم هجمات الدعم السريع

 

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

الهيئة النووية السعودية تؤكد عدم رصد أي آثار إشعاعية…
صور الأقمار الصناعية تكشف نشاطًا غير عادي قرب منشأة…
تقديرات تشير إلى أن الخسائر البيئية لحرب السودان قد…
تصاعد التوتر بين إسرائيل وإيران يثير مخاوف في لبنان…
يينا المغربية وايميا باور الإماراتية توقعان شراكة لإنشاء محطة…

اخر الاخبار

وزارة الخارجية المغربية تُعين 22 قنصلاً عاماً جديداً
الإكوادور تعزز علاقتها مع المغرب بافتتاح سفارتها في الرباط
الملك محمد السادس يُهنئ ترامب بمناسبة اليوم الوطني لبلاده…
الملك محمد السادس يأمر بإطلاق العمل بـ13 مركزا جديدا…

فن وموسيقى

أحمد السقا يؤكد أنه بلا منافس في السينما ويكشف…
ماجدة الرومي تُعبر عن مشاعر محبة وامتنان عميقة تجاه…
صابر الرباعي يؤكد أن مهرجان موازين في المغرب نموذج…
نيللي كريم تكشف تفاصيل إصابتها بالسرطان في وجهها وتحكي…

أخبار النجوم

مي كساب تُثير الجدل بتصريحاتها عن الرجال وتكشف كواليس…
لطيفة تؤكد أن ألبومها الجديد يُمثل نقلة نوعية في…
أصالة تكشف كواليس ألبومها الجديد "ضريبة البُعد"
كريم عبد العزيز يخوض أولى تجاربه في الدراما الصعيدية…

رياضة

ياسين بونو وحكيمي يدخلان التشكيلة المثالية لثمن نهائي مونديال…
غوارديولا يُعرب عن حزنه بعد خروج مانشستر سيتي أمام…
المغربي أشرف حكيمي يقود باريس سان جرمان لربع نهائي…
الأردن يرفض مواجهة إسرائيل في مونديال السلة وعقوبات محتملة…

صحة وتغذية

بارقة أمل للنساء علاج واعد لأكثر أنواع سرطان الثدي…
شركة مايكروسوفت تعلن عن تقدم غير مسبوق في الذكاء…
دراسة تحذر السيجارة الإلكترونية تؤثر على جينات الفم
6 مشروبات تنظف الأمعاء عند تناولها على معدة فارغة

الأخبار الأكثر قراءة

الحكومة المغربية تُطلق دعماً مباشراً لحماية القطيع الوطني وبرنامجا…
بداية موسم الحصاد في المغرب مع توقعات بمحصول جيد…
المغرب يسجل ارتفاعاً بأكثر من 5% في الطاقة المتجددة…
أحمد البواري يتفقد مشاريع مهيكلة بجهة الداخلة–وادي الذهب في…
وزير الفلاحة المغربي يؤكد أن الحكومة تعتزم دعم الشباب…