الدار البيضاء- جميلة عمر
مجيد، والمنجرة، والزايدي، وباها، والبسطاوي، صقور غادروا الحياة خلال العام 2014، تاركين حزنًا عميقًا في قلوب الشعوب العربية عامة والشعب المغربي بصفة خاصة.وجوه جمعت بين السياسة والثقافة والفن وعرفنا عنهم الأخلاق السياسية والإنسانية والطيبوبة الزائدة، فهم نمادج قليلة اشتغلت بشكل فريد وبحكمة وبابتسامة دائمة.وكان آخر وجه فارق الحياة، محمد البسطاوي ممثل مغربي اعتبر من أهرام الفن المغربي، إتقانه الشديد لأدواره الصعبة والمركبة جعلته يدخل قلوب المغاربة وصدقه وحبه للمهنة جعلناه الممثل الأكثر طلبًا وحضورًا على الساحة الفنية المغربية، فنان سكن قلوب المغاربة كما سكن تلفازهم، وهذه الملحمة الفنية شاء القدر أنَّ ينهيها تاركًا حزنًا عميقًا في قلب محبيه.
وثاني الوجوه التي رحلت عبد الله باها رجل الحكمة الذي رحل في صمت؛ وكان اليد اليمنى لرئيس الحكومة المغربية عبدالإله بنكيران، والعقل المدبر لحزب المصباح، والحكيم للحكومة الحالية والعلبة السوداء لبنكيران. فالراحل كان يشد أزره ويشاركه في أمره، ولا يقطع أمرًا مصيريًا إلا بعد استشارته.
وكان باها مدرسة فريدة تمشي على رجلين، رجل أوتي الحكمة والقدرة على استخلاص الحلول لأعقد المشاكل، ولأن الحكمة والصمت غالبًا لا يفترقان، فقد عاش الرجل "الحكيم" هادئًا متواضعًا وبعيدًا عن الأضواء والصخب.
ولم يكن الراحل رجل الهندسة التطبيقية في التكنولوجيا الغذائية، بل كان أيضًا من أبرز مهندسي مسيرة الحركة الإسلامية في المغرب، لاسيما تيارها الذي يؤمن بالعمل السياسي والإصلاح من داخل المؤسسات الرسمية.
ولكن هذا الحكيم عبر الدنيا في صمت تاركًا علامات استفهام حول وفاته، وفاة فجائية صدمت رفاقه وأصدقائه، وخلقت ألف سؤال وسؤال لم يجد جوابه الطريق الصواب.
وثالث الوجوه التي رحلت أحمد الزايدي صقر السياسة وأشرس سياسي للشكر؛ وهو ضحية واد الشراط، وفاته شكلت صدمة للآلاف من المغاربة، وبرحيله فقد المغاربة شخصية مارست الصحافة والسياسة في التزام تام بالأخلاق وفي إطار احترام الآخر.
كما دخل الزايدي العمل الجماعي، فكان رجل ثقة وصولًا إلى المؤسسة التشريعية حيث بصم مقامه بها بتدخلاته الرصينة والهادفة مركزًا على جوهر الأشياء ومبتعدًا عن الحسابات الضيقة.
أما المهدي المنجرة ذاك الرجل الهادئ وأحد أكبر المراجع العربية والدولية في القضايا السياسية والعلاقات الدولية والدراسات المستقبلية، فقد عمل مستشارًا أولًا في الوفد الدائم للمغرب بهيئة الأمم، وأستاذًا محاضرًا وباحثًا في مركز الدراسات التابع لجامعة لندن، واختير للتدريس في عدة جامعات دولية في فرنسا وإنكلترا وهولندا وإيطاليا واليابان، وشغل في اليونسكو مناصب قيادية عديدة.
وإلى جانب دفاعه عن قضايا الشعوب المقهورة وحرياتها، ومناهضته للصهيونية ورفضه للتطبيع، سخر المنجرة كتاباته ضد ما أسماه بـ"العولمة الجشعة"، وألف المنجرة العديد من الدراسات في العلوم الاقتصادية والسوسيولوجيا وقضايا التنمية، أبرزها "نظام الأمم المتحدة".
وهناك أيضًا محمد مجيد، الرجل الذي غيبه الموت وهو أحد رجال المقاومة الوطنية للاستعمار الفرنسي، بدأ حياته السياسية كبرلماني، بعد ذلك دخل عالم الرياضة، حيث مارس كرة المضرب، في وقت كانت فيه هذه الرياضة حكرًا على النخبة، بعد ذلك مارس كرة السلة، ليؤسس فيما بعد الجامعة الملكية لكرة المضرب، والتي ظل رئيسًا لها لمدة 45 عامًا.
كما أرسى الراحل صرحًا متينًا لهذه الرياضة في المغرب عبر إحداث الأندية لتعميم ممارستها لدى المغاربة، وكرس حياته الأخيرة في الأعمال الاجتماعية ومد يد المساعدة للشباب دوي الاحتياجات.
ورحل أيضًا العام 2014 الإعلامي محمد الموذن، عن عمر يناهز 62 عامًا، إثر نوبة قلبية ألمت به وهو في طريقه إلى الدار البيضاء على متن سيارته.
وعمل الراحل سنوات طويلة كصحافي مقدم للأخبار في التلفزة المغربية، قبل أنَّ يضطلع بعدد من المسؤوليات في هيئة التحرير بنفس القناة، ويعد الراحل من الوجوه الإعلامية التي برزت بشكل كبير على القناة الأولى من خلال إطلالته اليومية في نشرة الثامنة سابقًا، كما غطى العديد من الأنشطة الملكية إلى جانب مصطفى العلوي.