الرئيسية » عالم الاقتصاد والمال
ارتفاع أسعار الذهب وقلة الاستثمارات يجعلان الحياة صعبة لعمال المناجم في مدغشقر

أنتاناناريفو - جاد منصور

ينتشر على طول نهر مدغشقر المئات من الناس، يضربون بأعمدة خشبية على الأرض الحمراء، هؤلاء هم عمال مناجم الذهب الذين يأخذون عينات للتربة الجافة من المعدن النفيس، جنبا إلى جنب مع عمال آخرين يقومون بإزالة أكوام من التراب بعناية من خلال مناخل معدنية محلية الصنع.
ماريا، 45 عاما، تحمل طبقاً بلاستيكياً. "أترون ؟ ها هو" مشيرة إلى شظايا صغيرة لامعة. "الآن نحن نعلم أن هناك ذهبًا في هذه البقعة، والآن زوجي سوف يستمر في الحفر أعمق لمعرفة ما إذا كان يمكننا أن نجد أكثر من ذلك، ربما نجد وربما لا. مع هذا العمل ليس هناك ما يضمن ".
نجل ماريا البالغ من العمر 10 سنوات، راؤول، يستلقي في ظل شتلة معلقة بصخرة. تقول أنها اضطرت إلى إخراجه من المدرسة بعد أن اصابه الصرع. "لا يوجد احد يعتني به في المنزل فكان لابد من اصطحابه الى هنا. ليس من الجيد بالنسبة له أن يتعرض للشمس طوال اليوم ولكن ماذا يمكنني أن أفعله؟ إذا حدثت له نوبة، فأنه يحتاجني معه ".
ليس من المتوقع أن يعمل راؤول، ولكن العديد من الأطفال الآخرين يشاركون في نفس العمل مع والديهم. يونس، وهو أب لطفلين، تتراوح أعمارهم بين التاسعة و الثالثة عشر، يضعان اعمدة في الأرض بجانبه، قائلا: "هذا العمل شاق ونحن نعرف أنه ليس مناسبًا للأطفال، ولكن ماذا يمكننا أن نفعل؟
ويضيف يونس: الأطفال هنا يذهبون فقط إلى المدرسة إذا كان والداهم يمتلكون المال، ولكن معظمنا لا نملكه. نحن فقط نحصل على الأموال عندما نجد الذهب. الأسبوع الماضي بعنا غراماً وحصلنا على 70000 أرياري "حوالي 20 دولاراً" ولكنه قُسم بين أربعة منا."

ويتم استخراج معظم الذهب في مدغشقر بهذه الطريقة. هناك ما يقدر ب 15,000  مستخرج للذهب في البلاد، التي تنتج 3-4 طن من الذهب سنوياً. أصبح عمال المناجم الحرفيين فقط جزءاً معترفاً به في هذه الصناعة في عام 2006 بعد اصدار قانون التعدين الجديد الذي يهدف إلى تحسين مستوياتهم.
وبموجب التشريع، فإن عمال المناجم يجب عليهم شراء تصريح سنوي بمبلغ يقل قليلاً عن دولارين ، في حين أن التجار الذين يجمعون الذهب عليهم دفع حوالي 50 دولاراً في السنة، تلك الأموال من المفترض أن تذهب مباشرة إلى مكتب رئيس البلدية المحلية لدفع ثمن الخدمات الأساسية مثل الطرق والعيادات.
ومع ذلك، يقول العديد من عمال المناجم أنهم لا يستطيعون استخراج تصاريح العمل ويخاطرون بالعمل بدونها. هناك بعض العمال الآخرين يُدفع لهم من قبل السكان المحليين للتنقيب لهم مقابل الحصول على أجور ضئيلة، وهو أمر غير مسموح به بموجب قانون، ولكن وفقا لعمال المناجم، لا يزال هذا يحدث في كثير من الأحيان. كما يوضح يونس: "أنت تكسب أقل إذا كنت تعمل لحساب شخص آخر ولكن على الأقل يتم دفع المال بشكل منتظم."

وارتفع الطلب على الذهب بنسبة 21٪ في الربع الأول من هذا العام، ليصل إلى أعلى مستوياته في ثلاث سنوات في يونيو/حزيران الماضي، ولكن القليل من تلك الثروة تذهب إلى هذه العائلات.
ماريا بالاس تملك متجرًا للمجوهرات في مدغشقر، وتقوم بتصديره إلى الصين، الهند وأوروبا. جد زوجها، مودي، قام بفتح متجر في عام 1922. تقول ماريا أن عائلتها قد قامت بالضغط على الحكومة لفترة طويلة لتحسين سلامة العمال.
وتقول: "نحن نعلم أن عمال المناجم فقراء للغاية، وأن عملهم خطير"، كما تقول "في بعض الأحيان يحفرون بأعماق كبيرة، ومن ثم تحدث انهيارات أرضية ويلقون حتفهم. إن كان لدينا شركات كبيرة ومستثمرون أجانب لتشغيل المناجم فحينها سوف يضطرون إلى تحسين المعايير".
وتضيف "اليوم نحن ندفع 90.000 ارياري في الغرام "30 دولاراً". قبل عشر سنوات كنا ندفع 3 دولارات للغرام. نحن ندفع أكثر ولكن أين هي التحسينات في هذه الصناعة؟
وتقول "ولكن أعرف أن هناك أماكن في هذه البلد لا يريدون أن يكون هناك رقابة على التعدين. شركات خاصة تقوم بجمع الذهب، ومن الممكن أن يأخذوا  50 كيلوغراماً فقط في يوم واحد، ومن ثم يتم تصديره بشكل غير قانوني دون ضرائب أو جمارك. هذا هو السبب الحقيقي وراء تخلف هذه الصناعة".
نقص الاستثمار الأجنبي سببه الانقلاب السياسي الذي تسبب في مغادرة وكالات المساعدات الكبرى من مدغشقر في عام 2009. عادت وكالات المساعدات الي مدغشقر فقط في عام 2012، ولكن معظم المستثمرين الأجانب لم يعودوا بعد، ومع استمرار الصراع السياسي والفساد على نطاق واسع، حلت مدغشقر في المرتبة 123 في مؤشر مدركات الفساد الصادر عن منظمة الشفافية الدولية.

وكالة المساعدات الألمانية "GIZ " تعمل مع شركات التعدين الصغيرة لتعزيز طرق أكثر أماناً وصديقة للبيئة في عملية استخراج المعادن. يقول مدير الوكالة في مدغشقر، آلان والش أن قطاع التعدين غير منظم وغير رسمي، وأن عدم الاستقرار السياسي يجعل الأمر صعبًا للغاية بالنسبة للمستثمرين.
واضاف "لكن أنا متأكد من أن الاستثمار سوف يساعد بالتأكيد، سواء من حيث استغلال الموارد بشكل أكثر أمانا وصديق للبيئة فضلا عن منع الصادرات غير المشروعة. نحن نشهد زيادة النزاعات على الموارد بين عمال المناجم المحليين. ينصب تركيزنا على حماية البيئة المحلية وعلى تعزيز مهارات وقدرات المنقبين على نطاق صغير ".
في ورشة بالاس العديد من الحرفيين كبار السن يصنعون خواتم، أساور وقلائد ذهبية باستخدام طرق تقليدية. ماريا بالاس تقول: "اباء هؤلاء الرجال عملوا مع جد زوجي. نحن لسنا بحاجة لتعليمهم لأن المهارات تتوارث عبر الأجيال. يمكن أن تستغرق عُمرا كاملا لتصبح ماهراً. نحن ندفع لعمالنا بشكل جيد للغاية. ولكن أنا دائماً أقول أننا لا ندفع ثمن العمل، نحن ندفع ثمن الثقة." فلدينا في مدغشقر الكثير من المعادن والأحجار الكريمة، ولكن من دون الثقة ليس لدينا أي شيء ".

 

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

سوريا تصدر أول شحنة من النفط الخام منذ أربعة…
بورصة الدار البيضاء تحطم الأرقام القياسية وتعزز مكانة المغرب…
تركيا تعلن قطع جميع علاقاتها التجارية مع إسرائيل احتجاجاً…
شركة أسترالية تبدأ استكشاف الذهب والمعادن الاستراتيجية في المغرب
المغرب يزيد واردات القمح نتيجة الجفاف وتراجع الإنتاج المحلي

اخر الاخبار

استدعاء السفير الإسباني من إسرائيل إثر اتهامات رسمية بمعاداة…
بنيامين نتنياهو يتهرب من الحضور للإدلاء بشهادته أمام المحكمة…
الملف النووي الإيراني يسيطر على اجتماعات الوكالة الدولية للطاقة…
وزير الدفاع الإسرائيلي يوجه رسالة لحماس الاختيار بين إلقاء…

فن وموسيقى

الممثلة الفرنسية أديل إينيل تُبحر ضمن "أسطول الصمود العالمي"…
داليا البحيري تكشف معاناتها في صيف الساحل بين المرض…
منى واصف تتوج بلقب سفيرة السلام في العالم تقديراً…
مي عز الدين تكشف العديد من أسرار حياتها الشخصية…

أخبار النجوم

محمد منير يشعل الحنين بصوته في أغنية فيلم ضي…
أنغام تكشف موعد حفلها المقبل في العاصمة البريطانية لندن
ياسر جلال يكشف عن إنتهائه من تصوير مسلسله الجديد…
يسرا تطلق حملة جديدة تشوّق بها الجمهور لفيلمها الجديد

رياضة

مفاجأة في الميركاتو ناد سعودي يضع محمد الشناوي ضمن…
إنفانتينو يصف تأهل المنتخب المغربي إلى نهائيات كأس العالم…
ميسي يكشف أسباب تفكيره في إعتزال اللعب الدولي قبل…
فيفا يكشف أرقام سوق الانتقالات العالمية والأندية تنفق 97…

صحة وتغذية

دراسة امريكية مكملات الكالسيوم وفيتامين D لا تقلل من…
الكبد الدهني التهديد الصامت الذي قد يقود إلى تليف…
وزارة الصحة المغربية تعرض النسخة النهائية من مرسوم الأدوية…
رائحة الفم الكريهة مؤشر مبكر لمضاعفات السكري وأمراض اللثة

الأخبار الأكثر قراءة

البرتغال تدرس استيراد الكهرباء من المغرب لدعم شبكتها الطاقية
المغرب يخصص تمويلات بقيمة 9.5 مليار درهم لمحدودي الدخل
الملك محمد السادس يؤكد أن المغرب يشهد نهضة صناعية…
الذهب يتراجع بفعل صعود الدولار وانحسار مخاوف بشأن الرسوم…
الجواهري يطلع الملك على تطورات الوضع الاقتصادي والمالي والنقدي…