الرئيسية » أخبار التكنولوجيا

بكين -المغرب اليوم

تتبنّى بكين نهجاً في السياسات الصناعية لمساعدة شركات الذكاء الاصطناعي التابعة لها على سد الفجوة بينها وبين نظيراتها في الولايات المتحدة.

عقد من الزمن لسد الفجوة الصناعية

كيف تسدّ السياسات الصناعية الفجوة مع الولايات المتحدة؟ في السنوات الأخيرة، انطلقت الصين في رحلة طموحة لتحويل نفسها إلى قوة عظمى عالمية في مجال الذكاء الاصطناعي. هذه الخطوة ليست تطوراً بين عشية وضحاها، بل هي نتيجة جهد حكومي استمر عقداً من الزمن، متجذراً في تقاليد السياسة الصناعية الصينية الأوسع. ومن خلال الاستفادة من نهج شامل للتكنولوجيا والابتكار، تهدف بكين إلى تضييق الفجوة بين قطاع الذكاء الاصطناعي المحلي والولايات المتحدة، الرائدة عالمياً حالياً، وسدها في نهاية المطاف.

استثمارات وطنية استراتيجية

تعتمد استراتيجية الصين للتفوق في مجال الذكاء الاصطناعي بشكل كبير على تجاربها الناجحة في صناعات استراتيجية أخرى؛ مثل: السيارات الكهربائية، والبطاريات، والألواح الشمسية. كما أن نهج الحكومة متعدد الطبقات ومنهجي؛ ويشمل ضخ مليارات الدولارات في أبحاث وتطوير الذكاء الاصطناعي، ودعم الشركات في بناء قدرات التصنيع المحلية، وضمان الوصول إلى كامل حزمة التكنولوجيا اللازمة لتطوير الذكاء الاصطناعي المتطور.

وبينما تواصل شركات التكنولوجيا الأميركية العملاقة؛ مثل: «غوغل»، و«ميتا»، ضخ استثمارات خاصة ضخمة في مراكز البيانات والبنية التحتية للحوسبة، فقد تولت الحكومة الصينية نفسها دوراً رائداً في تمويل وتوجيه نمو نظامها البيئي للذكاء الاصطناعي. ويشمل ذلك بناء وتحديث مراكز البيانات، وشراء خوادم عالية السعة، وتطوير قدرات أشباه الموصلات المحلية.

والهدف واضح: تقليل الاعتماد على التكنولوجيا الأجنبية، لا سيما في مواجهة الرياح الجيوسياسية المعاكسة وقيود التصدير التي تفرضها واشنطن.

التغلّب على القيود الخارجية

لم تكن الرحلة خالية من العقبات. فمع اتضاح طموحات الصين في مجال الذكاء الاصطناعي ردّت الولايات المتحدة بإجراءات لتقييد مبيعات الأجهزة المتقدمة، وأبرزها الرقائق عالية الأداء التي تُنتجها «إنفيديا»، الشركة الرائدة في سوق الذكاء الاصطناعي العالمي.

وهذه الرقاقات ضرورية لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي واسعة النطاق وتشغيل خوارزميات التعلم الآلي المعقدة. ومع ذلك، لم تدع بكين هذه القيود تثنيها عن خططها. وبدلاً من ذلك، ضاعفت دعمها للشركات الصينية، مثل «هواوي»، وشجعتها على إيجاد بدائل محلية لمنتجات «إنفيديا». وعلى الرغم من أن الحكومة الأميركية وافقت أخيراً على مبيعات رقاقة متخصصة للصين فقط (H20)، فإن الاتجاه الأوسع يشير إلى مستقبل تسعى فيه الصين جاهدة لتحقيق الاكتفاء الذاتي التكنولوجي الكامل في أجهزة الذكاء الاصطناعي.

بناء الأسس: المواهب والبحث والبنية التحتية

إحدى الركائز الأساسية لاستراتيجية الصين هي الرعاية المكثفة للمواهب الهندسية والعلمية. وقد موّلت الحكومة شبكة واسعة من مختبرات الأبحاث، يعمل العديد منها عند تقاطع الأوساط الأكاديمية والصناعية والحكومية. وقد أصبحت هذه المختبرات مراكز للابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي، حيث تُنتج أبحاثاً أساسية وتطبيقات عملية على حد سواء. وتشارك شركات التكنولوجيا الكبرى؛ مثل: «علي بابا» و«بايت دانس»، بشكل متكرر في مشاريع مشتركة مع هذه المؤسسات الممولة حكومياً، مما يُسهم في ترجمة الإنجازات المخبرية إلى منتجات وخدمات تجارية.

إلى جانب المواهب، تُشدّد السياسة الصناعية الصينية على أهمية التحكم الكامل في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي. وهذا لا يعني التركيز على الخوارزميات والبرمجيات فحسب، بل أيضاً على ضمان إمداد محلي قوي بالمكونات الخام للذكاء الاصطناعي الحديث: قوة الحوسبة (من خلال الرقائق والخوادم المتقدمة)، ومجموعات البيانات الضخمة (التي غالباً ما تُجمع بدعم من الدولة)، والبنية التحتية المادية اللازمة لمواكبة القادة العالميين.

عقد من اتساق السياسات

ما يُميّز نهج الصين هو اتساق سياستها الصناعية ونطاقها. فعلى مدى السنوات العشر الماضية، لم تكتفِ الحكومة المركزية بوضع أهداف طموحة، بل وفّرت أيضاً الموارد اللازمة لتحقيقها بشكل منهجي. فمن دعم الشركات الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي إلى مشاريع البنية التحتية واسعة النطاق، والاستثمار المباشر في البحث والتطوير؛ يتسم نهج بكين بالشمولية والتنسيق.

وقد حقّق هذا الالتزام طويل الأمد نتائج ملموسة في مجالات أخرى؛ إذ تُنتج الصين الآن ثلث السلع المصنّعة في العالم، وأصبحت رائدةً عالمياً في الكثير من التقنيات الخضراء. ويُطبّق الآن المزيج نفسه من التوجيه الحكومي والدعم المالي والتنسيق الصناعي بكامل قوته في مجال الذكاء الاصطناعي.

النتائج: تقدم سريع ومنافسة عالمية

تؤكد التطورات الأخيرة فاعلية هذه الاستراتيجية. فبينما كانت الشركات الصينية تعتمد في السابق على المنصات والتقنيات الأميركية، تعمل اليوم شركات؛ مثل: «ديب سيك» (DeepSeek) و«علي بابا» (Alibaba)، على بناء أنظمة ذكاء اصطناعي مفتوحة المصدر تُصنّف من بين الأفضل أداءً في العالم. لقد تحوّل المشهد جذرياً في عام واحد فقط، حيث بدأت الأنظمة الصينية في التنافس المباشر مع تلك المُنتجة في وادي السيليكون وخارجه.

أصبح السباق العالمي لتطوير الذكاء الاصطناعي المتقدم أكثر تنافسية من أي وقت مضى.

وصعود الصين ليس محض صدفة، فبفضل الاستثمارات الحكومية الضخمة والتخطيط الاستراتيجي والتركيز على النظام البيئي التكنولوجي بأكمله؛ تُقلّص بكين الفجوة بسرعة مع الولايات المتحدة. ويبقى أن نرى ما إذا كان هذا المسار سيستمر أم سيواجه عوائق جديدة؛ لكن العالم يشهد منافسة تاريخية ذات آثار عميقة على التكنولوجيا والاقتصاد والجغرافيا السياسية.

قد يهمك أيضــــــــــــــا

 مايكروسوفت تحبط هجوماً إلكترونياً واسعاً لـ أوكتو تيمبست

 تركيا تفرض قيوداً على روبوت الذكاء الاصطناعي التابع لماسك بعد إساءاته لإردوغان ووالدته

 

 

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

"إنفيديا" تتوقع استلام التراخيص الأميركية قريبا لاستئناف صادرات رقائق…
تسارع دوران الأرض يثير مخاوف العلماء من كوارث محتملة
الذكاء الاصطناعي يقلب المعادلة في فوضى «الحميات الغذائية»
11 أمراً لا تسأل عنها «تشات جي بي تي»
حالات لا يُستخدم فيها الذكاء الاصطناعي بديلاً للرأي البشري

اخر الاخبار

نتنياهو يندد بقرار الرئيس الفرنسي الاعتراف بدولة فلسطينية
خبراء إنهاء الحرب والمجاعة أهم من حماس وفتح وكل…
مصر ترد على اتهامات حصار غزة «لم نغلق معبر…
قسد تقرر عدم المشاركة في اجتماع باريس مع الحكومة…

فن وموسيقى

أنغام تنفي إصابتها بسرطان الثدي وتطمئن جمهورها قبل طرح…
لطيفة تؤكد أن ألبوم "قلبي ارتاح" يعكس روحها وأعادت…
جيهان الشماشرجي سعيدة بتجسيد دور مركب ومعقد في فيلم…
نانسي عجرم تكشف لمحة أولى من ألبومها المنتظر "Nancy11"…

أخبار النجوم

أنغام تخضع لجراحة استئصال ورم من البنكرياس وفحوصات لتحديد…
أنوشكا تهاجم مشاركة البلوغرز في الأعمال الفنية
أنغام تتألق في ظهورها الأول بعد شائعة إصابتها بالسرطان
حسين فهمي يشارك في الدورة الثانية من جوائز الباندا…

رياضة

ليفربول يضم موهبة مصرية جديدة كريم أحمد يوقع عقده…
قطر مرشحة لاستضافة النسخة الثانية من مونديال الأندية
والد لامين يامال يعلق على أزمة احتفال "عيد الميلاد"
أندية سعودية تبدي اهتمامها بضم يوسف النصيري

صحة وتغذية

معدل مشي يومي جديد يساعد في الوقاية من الأمراض…
وزير الصحة المغربي يكشف تفاصيل مرسوم جديد لخفض أسعار…
ابتكار طبي يستخدم الذكاء الاصطناعي لتشخيص أمراض القلب بشكل…
التمارين الرياضية تفتح باب الأمل للتخلص من الأرق وتحسين…

الأخبار الأكثر قراءة

شركة ميتا تُتيح إرسال الرسائل الفورية عبر منصة ثردز
يوتيوب تبرز تأثير المنصة في الاقتصاد الأميركي في عام…
آبل تؤجل إطلاق مزايا سيري الذكية الجديدة إلى ربيع…
غوغل تطلق تحديثًا كبيرًا لتطبيق تحرير الصور Snapseed لهواتف…
أمازون تطلق أداة جديدة لإنشاء إعلانات فيديو بالذكاء الاصطناعي