الرئيسية » أخبار التكنولوجيا
مايكروسوفت

واشنطن -المغرب اليوم

لم تعد قضية الأمن السيبراني تقنية فحسب، بل تحوّلت إلى خط الدفاع الأول عن الاقتصادات والمجتمعات في عصر التحوّل الرقمي. تقرير «الدفاع الرقمي لعام 2025» الصادر عن «مايكروسوفت» يوضح هذه الحقيقة بجلاء، إذ يكشف أن السعودية احتلّت المرتبة 23 عالمياً، والخامسة في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، من حيث تكرار الأنشطة السيبرانية التي تؤثر على العملاء، بنسبة تقارب 5.6 في المائة من إجمالي العملاء المتأثرين في المنطقة.

ومع تسارع التحوّل الرقمي في السعودية ضمن «رؤية 2030»، من الخدمات الحكومية إلى المنصات المالية والقطاع الصحي والذكاء الاصطناعي، تتنامى في المقابل المخاطر السيبرانية بوتيرة غير مسبوقة، ما يجعل الأمن الرقمي عنصراً أساسياً في استدامة التنمية والابتكار.

اقتصاد جديد للجريمة السيبرانية

يوضح تقرير «مايكروسوفت» أن الدافع المالي هو المحرك الأكبر للهجمات السيبرانية. فأكثر من 52 في المائة من الهجمات ذات الدوافع المعروفة كانت مدفوعة بالابتزاز أو برمجيات الفدية (Ransomware)، في حين لم تتجاوز الهجمات المخصصة للتجسس 4 في المائة فقط. كما أن 80 في المائة من الحوادث التي حققت فيها فرق الأمن لدى «مايكروسوفت» العام الماضي استهدفت سرقة البيانات. ويشير ذلك بوضوح إلى أن الغالبية تسعى وراء الربح، وليس جمع المعلومات الاستخباراتية.

وقد أصبحت الجريمة السيبرانية أكثر تعقيداً بفضل سهولة الوصول إلى أدوات متقدمة عبر الإنترنت، إذ لم يعد المهاجم بحاجة إلى مهارات تقنية عالية لتوسيع عملياته.

وتشير أرقام «مايكروسوفت» إلى أن الشركة تعالج يومياً أكثر من 100 تريليون إشارة أمنية، وتحظر 4.5 مليون محاولة برمجيات خبيثة جديدة، وتحلل 38 مليون إنذار مرتبط بالهوية، وتفحص 5 مليارات رسالة بريد إلكتروني بحثاً عن محاولات تصيّد أو فيروسات.

في هذا السياق، أصبحت المؤسسات السعودية خصوصاً في القطاعات الحيوية مثل الطاقة والتمويل والرعاية الصحية مطالَبة باعتبار الأمن السيبراني أولوية استراتيجية لا تقل عن إدارة العمليات أو حماية الإيرادات.

الهجمات تتحوّل إلى أزمات واقعية

تُظهر بيانات التقرير أن المجرمين الإلكترونيين باتوا يركّزون بشكل متزايد على الخدمات العامة والبنى التحتية الحيوية، إذ إن أي اختراق لها ينعكس مباشرة على حياة الناس اليومية. فقد استهدفت الهجمات مؤخراً المستشفيات، والحكومات المحلية، والقطاع التعليمي، نظراً لما تحتويه من بيانات حساسة ولأن كثيراً من أنظمتها تعتمد على برمجيات قديمة أو ميزانيات محدودة للأمن السيبراني.

النتائج كانت ملموسة عالمياً من حيث تأخير في الخدمات الطبية الطارئة، وتعطّل شبكات النقل، وإلغاء الحصص الدراسية، وهي أمثلة على آثار الهجمات خلال العام الماضي.

وتوضح «مايكروسوفت» أن «عصابات الفدية» تستغل ضعف هذه القطاعات لأنها لا تملك ترف الوقت، فالمستشفى لا يمكنه الانتظار لاستعادة أنظمته، ما يضطره أحياناً لدفع الفدية سريعاً. كما يجري بيع البيانات الطبية والحكومية المسروقة في الأسواق المظلمة، ما يغذي أنشطة إجرامية أخرى.

وفي الوقت الذي توسّع فيه المملكة بنيتها التحتية الرقمية في مجالات الصحة والنقل والخدمات الحكومية، يبرز هذا الاتجاه كتحذيرٍ بضرورة دمج الأمن السيبراني في تصميم المشاريع الوطنية منذ البداية، لضمان استمرار الخدمات العامة وحماية المجتمع.

الذكاء الاصطناعي... سلاح مزدوج

شهد عام 2025 تصاعداً غير مسبوق في استخدام الذكاء الاصطناعي من قبل المهاجمين والمدافعين على حد سواء. فالمهاجمون يستخدمونه لتوليد رسائل تصيّد أكثر واقعية، وإنتاج محتوى زائف مقنع، وتطوير برمجيات خبيثة قابلة للتكيّف. كما دمجت بعض الجهات الحكومية الذكاء الاصطناعي في عمليات التأثير السيبراني لجعلها أكثر دقة وانتشاراً.

في المقابل، أصبحت تقنيات الذكاء الاصطناعي أداة حيوية للدفاع أيضاً. فـ«مايكروسوفت» تستخدمها لاكتشاف التهديدات مبكراً، وسدّ فجوات المراقبة، وكشف محاولات الاحتيال الإلكتروني.

ويؤكد التقرير أن على المؤسسات والحكومات تأمين أنظمة الذكاء الاصطناعي نفسها وتدريب فرقها على الاستخدام الآمن، حتى لا يتحوّل الذكاء الاصطناعي من درع إلى سلاح ضدها.

بالنسبة للمملكة التي تستثمر بقوة في النماذج اللغوية العربية، والذكاء الاصطناعي السيادي، والبنية التحتية الذكية، فإن هذه المعادلة تمثل تحدياً استراتيجياً يتطلب بناء منظومات «ذكاء آمن» موازية للابتكار التقني.

الهوية الرقمية... الحلقة الأضعف

من أبرز الأرقام في التقرير أن أكثر من 97 في المائة من الهجمات على الهوية كانت عبر كلمات المرور، وأن الهجمات القائمة على الهوية ارتفعت بنسبة 32 في المائة في النصف الأول من 2025. بمعنى آخر، المهاجمون لا «يقتحمون» الأنظمة، بل «يسجلون الدخول» ببيانات مسروقة.

تأتي هذه البيانات من تسريبات ضخمة أو من برامج خبيثة تُعرف باسم «Infostealers» تقوم بسرقة كلمات المرور وملفات الجلسات، ثم تُباع على منتديات الجريمة الإلكترونية لتُستخدم لاحقاً في نشر برامج الفدية.

ويشير التقرير إلى أن الحل بسيط وفعّال، عبر استخدام المصادقة المتعددة العوامل المقاومة للتصيّد (MFA)، التي يمكنها منع أكثر من 99 في المائة من هذه الهجمات حتى لو كانت بيانات الدخول صحيحة.

وفي مايو (أيار) 2025، تمكنت وحدة الجرائم الرقمية في مايكروسوفت (DCU)، بالتعاون مع وزارة العدل الأميركية واليوروبول، من تفكيك شبكة «Lumma Stealer»، إحدى أكثر أدوات سرقة البيانات استخداماً عالمياً.

الأمن السيبراني مسؤولية مشتركة

يخلص التقرير إلى أن الأمن السيبراني أصبح مسؤولية جماعية تتطلب تحديثاً مستمراً للأنظمة وتبادلاً للمعلومات بين القطاعين العام والخاص. وتلتزم «مايكروسوفت» بتعزيز هذا النهج عبر مبادرتها «Secure Future Initiative» التي تهدف إلى دمج الحماية في كل منتج وخدمة، وتطوير إطار شفاف للمساءلة.

كما يشدد التقرير على أهمية الدور الحكومي في ردع الهجمات السيبرانية عبر المساءلة والعقوبات، مشيراً إلى تزايد حالات نَسْب الهجمات إلى جهات أجنبية وفرض عقوبات وإجراءات قانونية ضدها، وهي خطوات ضرورية لبناء «ردع جماعي» عالمي.

وفي هذا السياق، تبرز المملكة من خلال الهيئة الوطنية للأمن السيبراني (NCA) كأحد النماذج الإقليمية الرائدة في بناء بيئة رقمية آمنة ومتوافقة مع أفضل الممارسات الدولية.

نحو مستقبل رقمي أكثر صموداً

تكشف نتائج تقرير «مايكروسوفت» أن الحدود بين المخاطر الرقمية والواقعية تلاشت تقريباً، وأن الأمن السيبراني بات مؤشراً على قوة الدول واستقرارها.

ومع كون السعودية أحد أكبر الأسواق الرقمية في المنطقة وأحد أكثرها استهدافاً في الوقت نفسه، فإن مسارها نحو التحول الرقمي يرسّخ مكانتها كمركز متقدم في بناء منظومات الأمن السيبراني الإقليمي.

الرسالة الختامية في التقرير واضحة؛ لن تحمي التقنية المستقبل وحدها، بل الوعي والتعاون والجاهزية المشتركة هي الأساس في مواجهة تهديدات عالم بلا حدود.

قد يهمك أيضــــــــــــــا

المغرب ضمن المجموعة الأولى في مؤشر الأمن السيبراني العالمي لسنة 2024

مايكروسوفت تبدأ اختبار ميزة الحفظ التلقائي للسحابة في "وورد" على ويندوز

 

 

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

مستقبل الذكاء الاصطناعي يزعج بشدة الرئيس التنفيذي لأنثروبيك
«غوغل» تطلق برنامجاً إلزامياً للتحقق من مطوّري تطبيقات «أندرويد»…
منصة «واتساب» تختبر رسمياً ميزة تعدد الحسابات على «iOS»…
خطأ في GPS يقود مسنًا فرنسيًا إلى كرواتيا بدل…
ميتا تعتمد مهارات الذكاء الاصطناعي كأساس جديد لتقييم موظفيها

اخر الاخبار

اجتماع ثلاثي في مصر لبحث المرحلة الثانية من اتفاق…
مسؤولة أوروبية تحذر من مصير 160 ألف شخص محاصرين…
إسرائيل تعلن مقتل 5 فلسطينيين في رفح بعد خروجهم…
نتنياهو يدرس إقالة كاتس وتعديل الحقائب الوزارية في إسرائيل

فن وموسيقى

تايلور سويفت تتحول إلى قوة اقتصادية عالمية تتجاوز تأثيرها…
تكريم الفنانة المغربية لطيفة أحرار في إفتتاح مهرجان أيام…
شيرين تؤكد عودتها إلى جمهورها رغم الطعنات تنفي إعتزال…
إلهام شاهين تتوَّج بجائزة The Best 2025 كأفضل ممثلة…

أخبار النجوم

أحمد سعد يتحدث عن أصعب اللحظات في حفله الأول…
محمد إمام يعلّق على مشاركة حنان مطاوع في مسلسله…
الفنانة ريهام حجاج تطالب بتعديل قانون الطفل لتحقيق العدالة
محمد هنيدي بعلن تأجيل لمسلسل عابدين إلى رمضان 2027…

رياضة

غوارديولا يدخل نادي المائة مع مانشستر سيتي في دوري…
ليونيل ميسي يصل إلى 404 تمريرات حاسمة في مسيرته…
وليد الركراكي يتجه إلى إجراء تغييرات مهمة قبل إعلان…
بوغبا يصف عودته للملاعب مع موناكو بالارتياح والامتنان بعد…

صحة وتغذية

حبوب الشعير الكاملة لتعزيز الصحة وخفض الكوليسترول
علماء معهد ماساتشوستس يبتكرون طريقة لإعادة البصر لمرضى كسل…
دراسة تكشف أن الوجبات السريعة قد تُسبب الاكتئاب
نجاح تجربة لعلاج سكر النوع الأول بزراعة الخلايا الجذعية

الأخبار الأكثر قراءة

مايكروسوفت تعلن السعودية الخامسة إقليمياً في الاستهداف الأمني الرقمي
روسيا تختبر أول ممر تلسكوبي محلي الصنع في المطارات
أغلب الموظفين في أمريكا لا يستخدمون الذكاء الاصطناعي في…
شركة ميتا تعزز تدابير حماية مستخدمي إنستغرام ما دون…
ويندوز 10 يخرج من الخدمة رسميا وملايين الأجهزة تواجه…