رواية بطن الحوت قراءة في الذات الإنسانية
آخر تحديث GMT 22:45:18
المغرب اليوم -
تركيا تؤكد على وحدة سوريا وتحذر من مخاطر تقسيمها ترامب يهدد بمقاضاة BBC بعد كشف تلاعب تحريري في وثائقي حول أحداث الكابيتول تجمعات مؤيدة ومعارضة أمام البيت الأبيض خلال أول لقاء بين ترامب والرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع نتنياهو يدعو إلى تشكيل لجنة تحقيق رسمية بشأن أحداث السابع من أكتوبر 2023 في خطاب مثير للجدل أمام الكنيست الولايات المتحدة تنفذ ضربتين جوّيتين ضد قاربين لتهريب المخدرات في المحيط الهادئ وتقتل 6 أشخاص وسط جدل قانوني دولي إعتقالات واعتداءات إسرائيلية على الفلسطينيين في الخليل والقدس ورام الله مع تحطيم قبور بمقبرة باب الرحمة منظمة الصحة العالمية تحذر من أزمة إنسانية في غزة مع انتظار أكثر من 16 ألف مريض للعلاج في الخارج رحيل المطرب الشعبي إسماعيل الليثي بعد تدهور حالته الصحية عقب حادث سير وحزن مضاعف بعد عام من فقدان إبنه مقتل فلسطينيين أحدهما طفل في قصف إسرائيلي شرق خان يونس الاحتلال الإسرائيلي يسلم 15 جثمانًا جديدًا لشهداء من غزة عبر الصليب الأحمر
أخر الأخبار

رواية "بطن الحوت" قراءة في الذات الإنسانية

المغرب اليوم -

المغرب اليوم - رواية

بيروت - وكالات

قلّما ينجح الإنسان في مسيرته الحياتيّة بنزع كلّ الأقنعة الّتي يلبسها مجبراً أو مختاراً خلال رحلته في هذه الحياة. وذلك لعدّة أسباب أهمّها عامل الظاهر الإنسانيّ المسيطر على جميع نواحي الحياة، بمعنى إظهار الصّورة الإنسانيّة المُثلى والفُضلى، بغض النّظر عمّا تحتويه الذّات الإنسانيّة من حقيقة. وقلّما نجد أشخاصاً يظهرون ذواتهم كما هي، ولعلّ ذلك يتطلّب صدقاً ومصالحة مع الذّات. فما يبدو عليه الإنسان مخالفا نسبيّاً لما يخفيه في الحقيقة. ولا يتحكّم الإنسان بهذا السّلوك بشكل إراديّ صرف، وإنّما غالباً ما يكون بشكل غير واع وغير مدرك. فالهمّ الأساسيّ هو أن يظهر بأجمل صورة. في نفس الخطّ ومنذ البدء وعلى الرّغم من طبيعته النّاقصة والخاضعة للضّعف البشريّ، تاق الإنسان إلى الخلود، ورسم في خياله عدّة لوحات تمكّنه من الاقتناع بفكرته عن الخلود، ولكن دون أن يعي أنّه وهو النّاقص، لا يمكنه أن يبتكر خلوده بنفسه. وذلك لأنّ طبيعته الفانية تؤول باستمرار للمرض والتّعب، والجوع والعطش... إلّا أنّ هذه الطّبيعة النّاقصة ليست بعيدة عن الخلود في حال أدرك الإنسان أنّه وقبل كلّ شيء قيمة يمكنها أن تستمرّ إلى الأبد. ويتجلّى هذا التّوق إلى الخلود في ديانات الشّعوب القديمة إذ نقرأ في شتّى الحضارات القديمة الكثير من الأساطير الّتي عبّرت عن هذه الرّغبة العميقة واجتناب الموت والفناء تحت التّراب. ولا بدّ أنّ هذه الفكرة وهذه الرّغبة ما زالت إلى يومنا هذا تؤرق العقل الإنسانيّ، كما وأنّ تلك الأساطير ما زالت متعايشة مع الإنسان، تعيش فيه ويعيش بها. بمعنى أنّها خلقت له خطّاً يمكّنه من التّأمّل بذاته وبالكون للوصول إلى ملامسة الحقيقة قدر الإمكان ليدرك بقلبه وعقله مفهوم الخلود. ناهيك عن المفاهيم الفلسفيّة والدّينيّة الّتي ساهمت في فهم فكرة الخلود. تقوم رواية الكاتبة "صونيا عامر"، (بطن الحوت) على هاتين الإشكاليّتين، وتطرحهما بشكل مبسّط للقارئ في أحداث تجري في خرافة في عمق المحيط تدعى بطن الحوت. هذا المكان الّذي تصوّر فيه الكاتبة بامتياز كمّيّة الأقنعة الّتي تعيق الإنسان في حياته وتجرّده من إنسانيّته في حال تعايش معها على أنّها حقيقته. كما أنّها، أي الكاتبة، تحاكي الذّات الإنسانيّة  وتبيّن غرابتها وتناقضاتها وإيجابيّاتها وسلبيّاتها بعدّة أشخاص ولكن يمكن للقارئ أن يجد نفسه في كلّ شخص. كما أنّها تبيّن للقارئ تدريجيّاً، أنّ الخطوة الذّاتيّة نحو الخلود بالمعنى العقليّ للمفهوم، ليست سوى صراع للبقاء وسلسلة من السّقطات الّتي تؤدي حتماً إلى الهلاك. فهي إذ تسرد الأحداث تؤسّس لعدّة أسئلة وجوديّة وفلسفيّة فيحاول القارئ أن يتخطّى النّصّ الحرفيّ ليبحر إلى ما هو أبعد من التّعابير البسيطة الّتي تستخدمها الكاتبة كرموز للدّلالة على فظاعة الإنسان النّاتجة عن أنانيّته وسوء احترامه لقيمته الإنسانيّة. تتجلّى هاتان الإشكاليّتان في مناخ تهيّئه الكاتبة داخل بطن الحوت، حيث يتواجد ألف شخص نصفهم نساء والنّصف الآخر رجال، يخضعون لشروط معيّنة ومحدّدة للتّمكّن من البقاء داخل هذا المكان الخرافيّ الّذي يتّسع للكثير من المرح والانشراح والحرّيّة والحبّ... وأيّ خلل أو خطأ يصدر منهم يودي بحياتهم. إلّا أنّ عدم الإخلال بالشّروط يفترض سلوكاً يبعث اللّذة للإنسان ولكنها لذّة ما تلبث أن تجعله يدرك أن اقترابه من شجرة معرفة الخير والشّرّ تميت فيه جوهره الإنسانيّ الحقيقيّ. فلم تكن تلك الشّجرة تعني يوماً إدراك الإنسان للخير والشّرّ بالمطلق، وإنّما عنت إدراك الإنسان لما هو لخيره وشرّه الشّخصيَّيْن  بعيداً عن قيمته الإنسانيّة الّتي هي في أصلها على صورة الحبّ المطلق والأسمى. فعلى سبيل المثال، من يسعى لاستغلال شخص ما في سبيل التّمتّع برفاهيّة الحياة فهو يبحث عمّا هو لخيره وإن لعب دور العاشق والمتيّم. ومن يخضع لأنانيّته ليلبّي حاجاته فهو يريد خيره أوّلاً وإن كان هذا الخير يمسّ بالكرامة الإنسانيّة. وأيّ سلوك يسلكه الإنسان بعيداً عن احترام قيمته الإنسانيّة وقيمة الآخر هو سعي للّذة الشّخصيّة وبالتّالي فهو مستعدّ لقتل الآخر جسديّاً أو روحيّاً في سبيل تلك اللّذة. الشّرط الأساسيّ للولوج داخل بطن الحوت هو التّنكّر، أو بمعنى أصحّ الغربة عن الّذات. وهنا تُظهر الكاتبة قدرة عالية على التّغلغل في عمق الذّات الإنسانيّة إذ أنّها تبرز خفايا هذه الذّات ورغبتها في تبديل معالمها بشتّى الطّرق لعيش اللّذة والاستمتاع بكلّ ما لا يمكن أن تستمتع به إذا ما أخذت بعين الاعتبار المعايير الاجتماعيّة والعادات والتّقاليد. وهنا تفجّر "صونيا عامر" كلّ الرّغبات الدّفينة الّتي تسكن في عمق الذّات الإنسانيّة والّتي يمكن لأي إنسان أن يعيشها في الخفاء مع ذاته دون أن يظهرها وذلك لخوفه على الصورة الخارجيّة وخوفاً من رأي الآخر الّذي هو بدوره يحكم ويدين ليخفي حقيقته. ولك، أيّها القارئ،  وأنت تعيش حدث بطن الحوت، أن تلج نفسك وتبحث فيها عن كلّ ما تخفيه في أعماقك وأن تستدعي كلّ أفكارك ورغباتك وتساؤلاتك الّتي تخاف أن تعبّر عنها وتصرّح بها علناً. وذلك بهدف أن تتحرّر من قيود الخوف لتعبر إلى الحرّيّة والكرامة الإنسانيّتيْن، وتظهر كما أنت شفافاً، نقيّاً، متقبّلاً ذاتك بعيداً عن أي حكم أو إدانة ومصوّباً نظرك نحو قيمتك الإنسانيّة الّتي باحترامك لها وحبّك لها  ترتقي إلى الخلود. تولي الكاتبة أهمّية كبرى للصّوت السّاكن في عمق الذّات الإنسانيّة، الضّمير. الأنا الّذي يخز الإنسان وقد يصفعه أحياناً ليوقظه من سباته العقليّ والرّوحيّ. وتجسّده "صونيا عامر" بعدّة تساؤلات لتبيّن لنا أنّ الإنسان ومهما تغرّب عن نفسه فلا بدّ أن يجالسها ولو للحظات ليتساءل عن سبب سلوكه درب الهلاك. فالإنسان خيّر بالفطرة ولا يولد شرّيراً وجوهره المحبّة؛ وبالتّالي مهما واجه من ظروف بيئيّة واجتماعيّة وتربويّة، فلا بدّ أن يتحرّر منها يوماً ويصارع أمواج الحياة والغرق فيها، ليعود إلى شاطئ الأمان الإنسانيّ الأصيل مقترباً من شجرة الحياة ليأكل من ثمارها فيخلد أبداً. طرح  فلسفيّ وجوديّ، عبّرت عنه الكاتبة "صونيا عامر" تعبيراً حيّاً في رواية لطيفة قد تكون أقرب إلى الخيال منها إلى الواقع، ولكنّها تعبّر بصدق عن الواقع الإنسانيّ المتناقض والمتصارع في ذاته. وللقارئ أن يخرج من بطن الحوت لا بالحكم والعبر وإنّما بنظرة واعية إلى ذاته الإنسانيّة محاولاً التّأمّل فيها بشكل أعمق لعلّه يتحرّر من عبوديّته الشّخصيّة ليسلك دروب الحرّيّة الإنسانيّة.

almaghribtoday
almaghribtoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رواية بطن الحوت قراءة في الذات الإنسانية رواية بطن الحوت قراءة في الذات الإنسانية



أنغام تتألق بفستان أنيق وتلهم عاشقات الأناقة في سهرات الخريف

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 17:49 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

المتحف المصري الكبير يجذب 19 ألف زائر يوميا
المغرب اليوم - المتحف المصري الكبير يجذب 19 ألف زائر يوميا

GMT 19:51 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

لاريجاني يؤكد رفض إيران التفاوض على برنامجها الصاروخي
المغرب اليوم - لاريجاني يؤكد رفض إيران التفاوض على برنامجها الصاروخي

GMT 22:35 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

تل أبيب تهدد بالتصعيد لفرض الهدنة في لبنان وغزة
المغرب اليوم - تل أبيب تهدد بالتصعيد لفرض الهدنة في لبنان وغزة

GMT 17:46 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

مي كساب تكشف تفاصيل بدايتها وإبتعادها عن الفن لأربع سنوات
المغرب اليوم - مي كساب تكشف تفاصيل بدايتها وإبتعادها عن الفن لأربع سنوات

GMT 04:27 2012 الإثنين ,17 أيلول / سبتمبر

زيت نخالة الأرز قادر على خفض الكولسترول

GMT 06:18 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

موجبات التوظيف المباشر في أسلاك الشرطة

GMT 20:34 2018 الأربعاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

موعد انطلاق بطولة مجلس التعاون الخليجي للغولف في مسقط

GMT 03:33 2018 الأربعاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

"الموناليزا"النيجيرية تعود إلى موطنها إثر العثور عليها

GMT 18:27 2017 السبت ,16 كانون الأول / ديسمبر

سويسرا تطرد فرنسياً تونسياً بشبهة الإرهاب

GMT 10:45 2017 الجمعة ,13 تشرين الأول / أكتوبر

تعرفي على ديكور الحفلات في الهواء الطلق في الخريف

GMT 03:59 2017 الثلاثاء ,11 تموز / يوليو

ريهانا عارية الصدر في ثوب حريري فضفاض

GMT 07:41 2016 الإثنين ,05 أيلول / سبتمبر

تفاصيل جريمة قتل بشعة في أحد أحياء الدار البيضاء
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib