بينما يتواصل الموت اليومي بالقصف والمجاعة في قطاع غزة، يسعى الوسطاء في مصر وقطر، بدعم أميركي، لمحاولة البحث عن حلول جديدة بهدف إحياء مفاوضات وقف إطلاق النار، وإعادة إسرائيل و«حماس» إلى طاولة الحوار بعد جمود شاب الموقف في الأيام القليلة الماضية، ليقوم المجلس الوزاري السياسي والأمني الإسرائيلي (الكابينت) بالتصويت لصالح خطة تهدف لاحتلال القطاع تدريجياً.
وقالت مصادر من «حماس»، ومن فصائل أخرى خارجها، منخرطة بملف المفاوضات ، إن الاتصالات فعلياً ما زالت مستمرة مع الوسطاء. وتم خلال اليومين الماضيين نقل رسالة لهم بأن الوفد الفلسطيني للتفاوض مستعد لاستمرار المفاوضات كما كانت، بانتظار أن ترد إسرائيل بشكل رسمي على الرد الذي قدمه الوفد التفاوضي، مؤكدةً أن الهدف من ذلك هو تجنيب أهالي القطاع مزيداً من ويلات الحرب.
وبحسب المصادر، فإنه يجري التنسيق لعقد جلسة بين وفد «حماس» والوسطاء، في الأيام المقبلة، مشيرةً إلى أن الوسطاء يسعون لمحاولة إيجاد قاعدة جديدة يمكن من خلالها إطلاق المفاوضات مجدداً، لكن ذلك قد يعتمد على استجابة إسرائيل لإمكانية أن تتراجع عن قراراتها والعودة لهذا المسار.
في حين ذكر موقع «أكسيوس» أن المبعوث الأميركي للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، التقى رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في إيبيزا الإسبانية، لمناقشة خطة إنهاء الحرب في غزة وإطلاق سراح جميع المختطفين المتبقين لدى «حماس»، مشيراً إلى أن تقديم مقترح جديد لحل دبلوماسي شامل ينهي الحرب، قد يؤدي إلى تأخير خطة إسرائيل لشن هجوم جديد لاحتلال مدينة غزة.
ونقل الموقع عن مصدر مشارك في المفاوضات، قوله إن قطر والولايات المتحدة تعملان على صياغة مقترح لصفقة شاملة سيتم عرضه على الطرفين خلال الأسبوعين المقبلين.
وقال مسؤول إسرائيلي للموقع، إن الحرب مع «حماس» وليست الولايات المتحدة، ولذلك الفجوة كبيرة جداً، والحديث عن اتفاق شامل في هذه المرحلة سيكون من دون جدوى.
وباتت إسرائيل والولايات المتحدة تتحدثان عن اتفاق شامل يتضمن تفكيك ونزع سلاح «حماس» بقطاع غزة، وألا يكون للحركة أي تدخل أو علاقة بمستقبل القطاع، إلى جانب ضمان أمن إسرائيل، وتسليم الحكم لجهة أخرى، وهو أمر ترفضه حركة «حماس»، وما زالت تتمسك بالعديد من مطالبها، بينها انسحاب القوات الإسرائيلية من القطاع، ووقف الحرب بشكل كامل، وإعادة إعمار القطاع، وعدم تدخل إسرائيل في اليوم التالي للحرب.
وتقول مصادر من الحركة : «لا يمكن القبول بإملاءات إسرائيل والولايات المتحدة، وأي قضية يجب أن تحل بالحوار وليس بفرض الشروط علينا».
الوضع الميداني والإنساني
يتزامن ذلك مع استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة، وتفاقم الأزمة الإنسانية الناجمة عن المجاعة، رغم تواصل إدخال المساعدات وإسقاطها جواً من قبل جهات عربية ودولية، والتي تتعرض لعمليات نهب كبيرة وتعرض في الأسواق بأثمان باهظة.
وبعدما رفض السكان في مناطق غرب حي الزيتون ومحيطه، وفي منطقة عسقولة وحي الصبرة، النزوح من منازلهم بعد طلب الجيش الإسرائيلي ذلك منهم، والتوجه إلى المواصي في خان يونس جنوباً، كثف سلاح الجو الإسرائيلي من عمليات استهداف البنايات ذات الطبقات العليا (أكثر من 4 طبقات) بعد أن يُطلب من سكانها إخلاؤها باتصالات مباشرة على هواتفهم.
ودمرت تلك الطائرات في غضون يومين أكثر من 12 بناية ومنزلاً في محيطها إثر الاستهدافات العنيفة، والتي يبدو أنها تمهد لعملية برية في تلك المناطق، والتي كانت دخلتها القوات الإسرائيلية مرتين منذ بدايات العمليات البرية في قطاع غزة، ودمرت أجزاءً منها.
وتزامن ذلك مع تكثيف الغارات والقصف المدفعي في شمال ووسط خان يونس، جنوب قطاع غزة، مع اقتراب الدبابات الإسرائيلية من أطراف منطقة المواصي، وتحديداً في منطقة أصداء التي أصبحت تحاصرها من عدة اتجاهات وسط إطلاق نار يستهدف كل من يتحرك فيها.
وقُتل أكثر من 25 فلسطينياً منذ فجر السبت، في سلسلة غارات وعمليات إسرائيلية، منهم 12 من منتظري المساعدات، خاصةً في منطقة محيط محور نتساريم بالقرب من نقطة توزيع المساعدات الأميركية في تلك المنطقة.
ووصل إلى مستشفيات قطاع غزة 39 قتيلاً، و491 إصابة خلال الـ24 ساعة الماضية (من ظهيرة الجمعة حتى السبت)؛ ما رفع حصيلة العدوان الإسرائيلي منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، إلى 61369 قتيلاً و152850 إصابة، منهم 9862 قُتلوا منذ فجر الثامن عشر من شهر مارس (آذار) الماضي بعد استئناف إسرائيل الحرب في أعقاب هدنة استمرت نحو شهرين، كما ذكرت إحصائية وزارة الصحة بغزة.
وقُتل طفل إثر سقوط صندوق مساعدات من تلك التي تلقيها الطائرات العربية والدولية، على مجموعة من المواطنين أصيب بعضهم بجروح متفاوتة في منطقة غرب مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، وهي الحالة الثالثة التي تسجل منذ بدء عمليات الإنزال الجوي قبل أسبوعين تقريباً.
وبلغ عدد من وصل إلى المستشفيات خلال الـ24 ساعة الماضية من ضحايا المساعدات 21 قتيلاً و341 إصابة، ليرتفع إجمالي الضحايا إلى 1743 وأكثر من 12590 إصابة، منذ نهاية مايو (أيار) الماضي بعد فتح مراكز المساعدات الأميركية في القطاع.
ويأتي ذلك كله في ظل استمرار فوضى نهب المساعدات المستمر وبيعها في الأسواق، وفي وقت تدخل فيه شاحنات للتجار لكنها ما زالت محدودة، وإن كانت ساهمت هي الأخرى في خفض الأسعار بشكل محدود أيضاً، وسط آمال معلقة على زيادة البضائع وانخفاض أثمانها.
وبحسب المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، فإنه بلغ إجمالي الشاحنات التي دخلت قطاع غزة 1115 شاحنة فقط من أصل 7800 شاحنة مفترضة؛ أي ما يعادل 14 في المائة من الاحتياجات الفعلية، وقد تعرضت غالبيتها للنهب والسطو في ظل فوضى أمنية مفتعلة، ينتهجها الاحتلال الإسرائيلي ضمن سياسة ممنهجة لـ«هندسة التجويع والفوضى»، وفق نص بيانه.
وفعلياً، ما زالت الأوضاع الإنسانية متفاقمة، ويسجل المزيد من الحالات المصابة بسوء التغذية بفعل المجاعة التي تطول بشكل أساسي الفئات الهشة والمهمشة الفقيرة، والتي لا تستطيع شراء ما في الأسواق من جانب، ولا تحصل على أي مساعدات في ظل نهبها وعدم قدرة أي جهات دولية على توزيعها من جانب آخر.
ووفقاً لآخر إحصاءات وزارة الصحة بغزة، فإن 11 حالة وفاة سُجلت في آخر 24 ساعة (من ظهيرة الجمعة وحتى السبت)؛ ما يرفع عدد الوفيات جراء المجاعة إلى 212 حالة، منهم 98 طفلاً.
قد يهمك أيضــــــــــــــا
إدانة دولية واسعة لتهديد إسرائيل بإحتلال غزّة وحماس تتوّعدها بالفشل الذريع
بوتين يمنح مبعوث ترمب وسام لينين لتسليمه إلى مسؤولة في الاستخبارات الأميركية قُتل ابنها في أوكرانيا
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر