الدار البيضاء - جميلة عمر
أكد الرئيس الأول لمحكمة النقض الأستاذ مصطفى فارس، التزام محكمة النقض بالمزاوجة في قراراتها بين المرجعية الاجتهادية والقراءة النصية للمواد التشريعية ذات الصلة بالأسرة.
واعتبر فارس في مناسبة إصدار محكمة النقض العدد 16 من سلسلة النشرة المتخصصة، أنَّ هذا الإصدار الجديد تضمن قرارات صادرة عن غرفة الأحوال الشخصية والميراث ودراسات علمية وقرارات مبدئية في مادة الأسرة، تجسد بحق حنكة وكفاءة وبعد نظر القضاة لتحقيق الرسالة الهادفة لمدونة الأسرة.
وأوضح أنَّ القرارات تسعى إلى حماية الأسرة المغربية وضمان وحدتها واستقرارها والمحافظة عليها اجتماعيًا ومعنويًا، وتفعيل المفهوم الدستوري للأسرة بالشكل الذي يترجم ضمان الحقوق وتعزيز المساواة وإقرار المناصفة وإشاعة ثقافة التضامن كتربية ومسؤولية.
وأضاف فارس أنَّ القرارات موضوع هذا الإصدار المهم والمتميز تكرس في مضمونها روح التشريع المتقدم المستجيب لواقع الأسرة المغربية التي تحظى بعناية خاصة من طرف الملك محمد السادس الذي أكد في كلمته لمناسبة تنصيب أعضاء اللجنة الاستشارية لمراجعة مدونة الأحوال الشخصية في 27 نيسان/ أبريل 2001، أنَّه "يجب رصد مقتضيات المدونة التي تحتاج إلى تفعيل واستيعاب ما تمليه الظروف الاجتماعية المتغيرة والقضايا المستجدة، ولن يتأتى ذلك إلا بمزاوجة خلاقة بين التشبث بثوابتنا الدينية التي تشكل جوهر هويتنا وبين الانسجام التام مع روح العصر المتسمة بالطابع الكوني لحقوق الإنسان".
كما شدَّد فارس على أنَّ الإسهام في الوعي الحقوقي داخل المجتمع وضمان تطوير الاجتهاد في ضوء المتغيرات الوطنية والدولية يندرج ضمن الالتزامات الأساسية لمحكمة النقض باعتبارها مؤسسة قضائية عصرية منفتحة على محيطها المتجدد في قضاياه، تنتهج دومًا روح العدل والإنصاف في رؤيتها الاجتهادية لتحقيق أمن أسري فعال للمجتمع بأكمله، وفق عدالة أسرية ذات بعد شمولي، ومقاربة للمشاكل الآنية والمستقبلية لهذه الخلية التي يتوقف عليها صلاح بناء أي مجتمع ديمقراطي قوامه المواطنة، التضامن الأمن، الحرية، المساواة، والكرامة وصون الحقوق والواجبات.
وأشار إلى أنَّه على يقين تام بكون الإرادة الجادة والفكر البناء والحكامة المواطنة وروح التضحية لأطر هذه المحكمة العتيدة من قضاة وموظفين، هي السر في استمرار التواصل مع القراء والممارسين لإشاعة الثقافة الحقوقية والفقهية والرقي بمستوى الإشعاع القانوني والقضائي لمحكمة النقض التي تزاوج في قراراتها بين المرجعية الاجتهادية وبين القراءة للنصوص التشريعية، من أجل التأسيس لمبادئ تحمل مقاربة حامية للأسرة المغربية بكل مكوناتها، وتنسجم مع التحولات الاقتصادية والاجتماعية والفكرية.


أرسل تعليقك
تعليقك كزائر