الرباط ـ علي عبد اللطيف
في سابقة هي الأولى من نوعها في المغرب، صوّتت المعارضة البرلمانية في مجلس المستشارين مع قانون المال الذي اقترحته الحكومة في حين امتنعت الغالبية المساندة لها عن التصويت.
وأوضح العضو في مجلس المستشارين عبد الله عطاش، أن تصويت الغالبية بالامتناع على القانون المذكور جاء بالنظر إلى أنَّ المعارضة كانت مصرة على إدخال تعديلات على مجموعة من بنود القانون وفرضتها بغالبيتها العددية، بحكم أن المعارضة تتفوق على الغالبية من حيث عدد المقاعد في مجلس المستشارين.
وأكد عطاش أنَّ المعارضة فرضت تعديلاتها بالقوة العددية وليس بالديمقراطية، رغم أنَّ الحكومة رفضتها بدعوى أنَّ تطبيقها سيربك التوازن المالي للدولة، كما شدد على ذلك وزير الموازنة إدريس الأزمي الادريسي وأكدت عليه الكتل البرلمانية للغالبية.
وترى الغالبية أنَّ التعديلات التي جاءت بها المعارضة في مجلس المستشارين كلها تخالف التوجهات الحكومية، وتعاكس البرنامج الحكومي وأولويات الغالبية التي منحها الشعب المغربي أصواته لإجراء الإصلاحات، وتعتبر أنَّ الحكومة وغالبيتها من حقها رفض تعديلات المعارضة لأنَّ الحكومة والأحزاب المشكل منها الحكومة ستكون مسؤولة على تنزيل أولويات الإصلاح أمام الشعب عند نهاية الولاية الحكومية.
وبيّن مصدر آخر من مجلس المستشارين أنَّ الغالبية لم ترقها تعديلات المعارضة؛ لأنها تريد أن تسبب الإحراج للحكومة أمام الشعب، لأن تطبيقها سيربك البلاد، حيث أنَّ المعارضة قلبت أولويات مشروع قانون المال، وأصبح القانون المالي يعيش وفق تعديلات المعارضة حالة من عدم التوازن.
وأشار مصدر من ذات الغرفة إلى أنَّ الحكومة في شخص وزير المال تجنبت استعمال الفصل 77 من الدستور الذي يعطي للحكومة الحق بالاعتراض على بعض التعديلات التي يقدمها البرلمان إذا كانت ستربك التوازنات المالية للدولة أو كانت ستحمل الدولة تحملات مالية إضافية، وترك الأمر يسير بطريقة عادية لأنه يراهن على أنَّ الغالبية في مجلس النواب سترفض تعديلات المعارضة بمجلس المستشارين لأن مجلس النواب هو الذي يملك الكلمة الأخيرة في إجازة القوانين.
وأكد المصدر أنَّ الحكومة تعرف جيدًا أنَّ مجلس المستشارين ليست له سلطة تقريرية لتمرير القوانين كونه سلطة استشارية فقط، مشيرًا إلى أنَّ مشروع قانون المال بعد أن يصادق عليه مجلس المستشارين يرجع للمرة الثانية إلى مجلس النواب ليعيد النظر في التعديلات التي تقدم بها المستشارون البرلمانيون بمجلس المستشارين، بحيث إذا وجدوها معقولة يصوتون عليها بالإيجاب، وإلا رفضوها، وهو ما تراهن عليه الحكومة، لأنها تملك غالبية عددية في مجلس النواب على خلاف مجلس المستشارين الذي توجد الغالبية عند المعارضة، بحكم أنَّ مجلس المستشارين لا يزال يشتغل وفق الدستور القديم، لأنه لم تُجرَ انتخابات لفائدة هذا المجلس بعد، بعد إقرار الدستور الجديد، حيث تنوي الحكومة إجراء الانتخابات العام المقبل، أي إلى حين تعديل القوانين الانتخابية وفق منطق الدستور الجديد.
ما يعني أن المعارضة التي تشكل الغالبية العددية الآن في مجلس المستشارين كانت قبل الدستور الجديد هي نفسها الغالبية الحكومية، مع استثناء كتلة "الأصالة والمعاصرة" الذي يملك أكبر عدد من البرلمانيين في هذه الغرفة الذي كان في الماضي في المعارضة واستمر في المعارضة مع الحكومة الحالية.
وأفاد المصدر بأنَّ المنطق الذي فرضت به المعارضة تعديلاتها أغاظ برلمانيين من المعارضة نفسها وانسحبوا من اجتماع التصويت دون أن يعلنوا عن ذلك صراحة، حيث أكد المصدر إلى "المغرب اليوم" أنَّ المنسحبين أسروا بهذا الأمر لبرلمانيين من الغالبية.


أرسل تعليقك
تعليقك كزائر