المعرض المغاربي للكتاب في وجدة منصة للحوار الثقافي
آخر تحديث GMT 12:20:36
المغرب اليوم -

المعرض المغاربي للكتاب في وجدة منصة للحوار الثقافي

المغرب اليوم -

المغرب اليوم - المعرض المغاربي للكتاب في وجدة منصة للحوار الثقافي

العلم المغربي
الرباط - المغرب اليوم

تجربة تستحق الاهتمام تلك التي يخوضها «المعرض المغاربي للكتاب» في وجدة، حيث يغتنمها المنظمون مناسبةً لإقامة أنشطة تثقيفية، وحوارات شيقة، وورش فنية، لا بل إن البرنامج المرافق بغناه، يكاد يفوق المعروضات أهمية.

يمكن القول إن هذا المعرض في وجدة، في دورته الخامسة التي انتهت في 12 من الشهر الحالي، شهد من الطاولات المستديرة والنقاشات الجادة والعميقة، هي من بين الأدسم والأكثر حيوية التي يمكن أن تحضرها في مناسبة كهذه، إضافةً إلى قراءات وشهادات، وتدريبات، وتوقيعات، وتقديم كتب، وتكريمات، ومقاطع تمثيلية تثقيفية جابت المعرض.

فبينما أنت تتجول بين الأجنحة، يخرج عليك ابن بطوطة متحدثاً عن رحلاته، بقامته الممشوقة وعصاه التي يتوكأ عليها. وقد يطل على الزوار مارتن لوثر كينغ الابن، مستعيداً مقاطع من حياته، أو عبد الرزاق قرنح، صاحب نوبل للآداب عام 2021، متحدثاً عن كتاباته وهجرته التي طالت. وبين الشخصيات التي تفاجئك في المعرض خناثة بنت بكار، وإسحاق نيوتن، ولا تستغرب أن ترى ياسر عرفات، الذي يطل كشخصية رمزية في خضم استذكار فلسطين. فكرة نيّرة تعود للممثل أمين مقلّش، خريج المعهد العالي للفنون المسرحية، الذي أخرج هذا العمل ويشارك فيه مع ممثلين محترفين في أداء الأدوار. وهي مجرد نواة سيجري تطويرها، لتتبلور تدريجياً، وتجد تحولاتها الفنية في المعارض المقبلة. وقدم الممثلون عرضاً مشتركاً، احتلت فيه الشخصيات كلها خشبة مسرح محمد السادس، يوم الافتتاح، حيث اجتمعت في عمل واحد، استُخدمت فيه المؤثرات الصوتية وفيديوهات أُعدت بواسطة الذكاء الاصطناعي جعلت الشخصيات كأنها تتحرك في فضاءات حقيقية.

استقبل المعرض عشرات المثقفين من روائيين ومترجمين ونقاد وشعراء وصحافيين، عرباً وأجانب، أدلوا بدلوهم، وأسهموا في إثراء محاور جرى اختيارها بعناية، بحيث تفتح آفاقاً جديدة، لمواضيع قليلاً ما يتم التطرق إليها، بحيث حرص المنظمون على تعددية الآراء في الجلسة الواحدة، مما خلق ديناميكية وحيوية لافتتين.

أكثر من عشرين جلسة توزعت بين العربية والفرنسية على مدار خمسة أيام، خاضت في هموم أدبية وفكرية من بينها «الموجة والرواية»، حيث ناقش المشاركون بإدارة الكاتبة والإعلامية سعيدة شريف، إن كانوا كتبوا رواياتهم مسايرةً للموجة، أم استجابةً لرغبة أدبية؟ نفى الشاعر والروائي محمد الأشعري أن يكون قد ركب الموجة، وهو الذي كتب أول قصة قصيرة عام 1967، وكان لا يزال في المرحلة الإعدادية.

وتحدث عن فوز روايته «القوس والفراشة» بجائزة البوكر، وطُبعت على الأثر، خمس طبعات، لكن النسخ في مجملها لم تتجاوز عشرين ألفاً. مما يعني أن تأثير الجوائز على القرَّاء ليس بالقدر الذي نتصوره، وقرّاء الرواية ليسوا بالعدد الذي يُحكى عنه. كما ذكر أن عدد الروايات كان قليلاً في السابق، والآن تصل إلى لجان الجوائز بالمئات، ولكن ما التأثير الذي أحدثته؟ «لا كبيرَ تأثيرٍ؛ إذ لا جسور بين الإنتاج والنقد، ولا بين الرواية والتلفزيون. نحن أمام تطور كمّي، يقابله مدح بلاغي». وأضاف: «شاركت في تحكيم البوكر، وأؤكد أن التفاوت بين الروايات كبير جداً، والغالبية متعِبة ومُضجِرة، ولا تُقرأ»، منتهياً بالقول: «ليست هناك موجة».

في نفس الجلسة شارك الروائي السوداني عبد العزيز بركة ساكن، الذي يعد نفسه منفياً في النمسا، بعد المنع والقمع اللذين تعرض لهما في بلاده. وما يحلم به هو العودة إلى قريته.

وجرى نقاش حول إذا ما كانت هناك رواية عربية، معتبراً أن «الأدوات الروائية واحدة مهما اختلفت اللغة، وبالتالي ليست هناك رواية عربية أو رواية إسبانية، وإلا فكيف تصنَّف الرواية التي يكتبها عرب بالفرنسية أو الإنجليزية؟»، خالصاً إلى أن «الرواية لا تنتمي إلا إلى صاحبها بصرف النظر عن اللغة التي تُكتب بها». وهو ما أثار حفيظة الروائية التونسية أميرة غنيم، التي هي أستاذة جامعية في قسم الأدب العربي، معتبرةً أن «الرواية التي تُكتب بالعربية تنتمي إلى لغتها. مع مرور الوقت لا أحد يتذكر أو يهتم بجنسية الكاتب وإنما باللغة التي كتب بها. فمن يتذكّر أن (كليلة ودمنة) تُرجمت عن الهندية، أو أن سيبويه أصله فارسي؟ فالكتابة بلغة ما هي مساهمة في تطويرها وإسهام في ثقافتها». وردَّت أميرة غنيم على من يتهمون الرواية بأنها لا تؤثر في المجتمع بالقول: «لماذا لا نسأل عن تأثير كتب التاريخ والألسنيات أو العلوم؟»، معتبرة أن الحديث عن موجة روائية، فيه توصيف سلبي، لأن «الموجة تحكمها قوانين المد والجزر، وتخلّف زبداً». «الظروف هي التي تسهم في اختيارنا للشكل، روايةً أم شعراً»، قال الروائي السوري سومر شحاده، في معرض رده على تهمة ركوب الموجة. وشرح أنه بدأ بكتابة الشعر، ثم كتب رواية عام 2009 مستوحاة من «طوق الحمامة» وفكرة النظرة الأولى. «بعد ذلك شعرت بأنني في بلد مهدَّد، وأنا من جيل، كُثرٌ من أصدقائي ماتوا في الحرب بعد عام 2011، ولأنني كنت تحت ضغط القمع يومها، غابت السياسة عن رواياتي، وصرت أكتب عن أثرها في الناس». كل من المشاركين في هذا المحور شرح أنه يكتب رواية رداً على حاجة ذاتية، وإن اختلفوا في أمور عديدة أخرى.

من ميزات هذه الطاولات المستديرة اعتمادها الحوار الحي والعفوي، وإعفاء الجمهور من الكلمات المطوَّلة والدراسات المملة، وجعل المشاركين يتحدثون عن زبدة أفكارهم وتجاربهم بتلقائية. وهو ما أغنى الجلسات، وأتاح الفرصة أمام الحضور لطرح أسئلتهم، وإغناء النقاش. وإن كان يستحيل الحديث عن نحو عشرين جلسة، فإن موضوع «في البحث عن الإعلام الثقافي» أثار أيضاً اهتمام الجمهور، وأثار أسئلة وفضولاً؛ إذ شارك فيه عدد من الصحافيين في المجال الثقافي، حاورتهم الإعلامية المغربية سعيدة شريف. وتوافق المشاركون على تراجع الاهتمام بالمادة الثقافية في الصحافة والإعلام العربيين، لكن ثمة من ألقى باللوم على التحولات التكنولوجية، وانصراف القارئ إلى التسطيح، ومن رأى أن ثمة إهمالاً غير مبرَّر. وهناك من اشتكى من محدودية مساحة الحرية.

وجود الإعلامي التلفزيوني جمال بودومة، مع الصحافي اليمني الذي يدير تحرير مجلة «الفيصل»، إلى جانب الصحافي المصري ياسر عبد الحافظ الذي يرأس تحرير «أخبار الأدب»، أضفى تنوعاً على المشهد الذي أطلَّ منه كل منهم، وهو يحاول أن يشخِّص الدَّاء، للعثور على وصفة للخروج من المأزق.

كان ثمة طاولات حملت عناوين: «مرايا الترجمة»، و«العالم سينما»، و«الشعر في الزمن الرقمي»، و«مَن قارئ اليوم؟»، و«فلسطين أفقاً للفكر والإبداع»، و«الإبداع يأتي من جهة الشرق». هناك أيضاً طاولة «في انتظار الناقد»، والعنوان وحده يكفي ليحرّض على الكلام، شارك فيها عبد الرحمن طنكول، وأحمد زين، ونجوان درويش، ومصطفى سلاوي. وطاولة أخرى حول «كتّاب وتجارب» شارك فيها محمد ميلود الغرافي، ومحمد مباركي، ونورا ناجي، والروائي السعودي وائل هادي الحفظي.

«أن نقيم في العالم ونكتبه» هو العنوان الذي تبناه المعرض، ومنه انطلق في رسم برنامجه، محاولاً تقصِّي التحولات في العالم، التي تنعكس على المنطقة العربية.

معرض مختلف، تخصصي، يعد نفسه منصة وفضاءً مفتوحاً للنقاش والنقد والحوار، ومكاناً للتفاعل بين المثقفين في المنطقة العربية والعالم، أكثر مما هو مجرد مكان لعرض الكتب وبيعها. لهذا فإن 120 مثقفاً، في مختلف الاختصاصات، من مغاربة وعرب وأجانب، حلّوا ضيوفاً، وتمكنوا خلال أيام خمسة من عرض وتشخيص ومحاولة فهم عددٍ من المواضيع الساخنة، بفضل برمجة محكمة وطاولات مستديرة متزامنة. كما امتد البرنامج إلى خارج المعرض، إذ نُظمت قراءات في سجون، ومكتبات. ومن بين الأغراض المهمة، حسب مدير المعرض جلال الحكماوي؛ «مدّ الجسور بين المثقفين، وهذه إحدى المهام الأساسية، لا سيما بين المشرق والغرب؛ حيث التواصل لا يزال ضعيفاً، وفتح باب الحوارات بينهم. اللقاءات التي ضمَّت كتَّاباً من كل المنطقة العربية والعالم هي في صميم وجود المعرض». ويتحدث الحكماوي عن شبكة من الأصدقاء في مختلف البلدان، يقدمون النصح والمساعدة لتنظيم برنامج بالمستوى المنشود. وهو أمر يحتاج إلى وقت وجهد كي يأتي دوماً على قدر التمنيات.

قد يهمك أيضــــــــــــــا

المعرض المغاربي للكتاب في باريس يحتفي بالأدب الجزائري

العُمانية جوخة الحارثي تنال جائزة الأدب العربي في فرنسا لعام 2021

almaghribtoday
almaghribtoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المعرض المغاربي للكتاب في وجدة منصة للحوار الثقافي المعرض المغاربي للكتاب في وجدة منصة للحوار الثقافي



أناقة ثنائيات النجوم تضيء السجادة الحمراء في افتتاح مهرجان الجونة

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 21:23 2025 الجمعة ,17 تشرين الأول / أكتوبر

المعرض المغاربي للكتاب في وجدة منصة للحوار الثقافي
المغرب اليوم - المعرض المغاربي للكتاب في وجدة منصة للحوار الثقافي

GMT 15:40 2015 الجمعة ,20 آذار/ مارس

سقوط كامل لمعسكرات الأمن المركزي في اليمن

GMT 12:23 2018 الجمعة ,05 كانون الثاني / يناير

نيادول نيون تكشف قصة حياتها في مخيم كاكوما في كينيا

GMT 18:22 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

حكيم زياش يعبر عن سعادته بارتداء قميص منتخب "أسود الأطلس"

GMT 00:58 2017 الأربعاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

وصول قيمة لاعبي منتخب المغرب نحو 100 مليون أورو

GMT 06:20 2017 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عون يُخلي مسؤولية لبنان في صراعات دول عربية

GMT 19:48 2015 الخميس ,10 كانون الأول / ديسمبر

مكسيم خليل يحتفل بعيد زواجه الـ 11 من سوسن أرشيد
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib