مالطا جمال طبيعي لا ينفصل عن تاريخ غني
آخر تحديث GMT 23:35:21
المغرب اليوم -

"مالطا" جمال طبيعي لا ينفصل عن تاريخ غني

المغرب اليوم -

المغرب اليوم -

"مالطا" جمال طبيعي
القاهرة - ندى أبو شادي

ثمّة جوهرة تكاد تكون منسيّة في عرض البحر المتوسط. تكثرّ فيها سبحة التاريخ إلى ما قبل الأهرامات، وتمتزج خضرة زيتونها العتيق بزرقة المياه المتهالكة على سواحلها المتعرّجة بين الأخاديد التي يحبس جمالها الأنفاس. إنها مالطا... واحة من السكينة والتاريخ عائمة على مرمى حجر من جزيرة صقلية... وعلى مقربة من تونس التي أخذت عن لهجتها ثلث لغتها الهجينة بين الإنجليزية والإيطالية ولغة الضاد في مزيج ما زالت الألسنية حائرة عن فك ألغازه.

منذ أن انضمت مالطا إلى الاتحاد الأوروبي عام 2004 أصبحت من الوجهات السياحية المفضّلة لدى الأوروبيين. تنافس جزيرتي كريت وايبيثا، وتستقبل ما يزيد عن 4 ملايين سائح سنويا مقابل عدد سكانها الذي لا يصل إلى نصف مليون موزّعين على مساحة لا تزيد عن 200 كيلومتر مربع. لكن تكفي جولة سريعة في العاصمة فاليتا، وهي بمثابة الحي القديم في الجزيرة، ليتبيّن الزائر مفاتن مالطا ويدرك لماذا تجذب هذا العدد المتزايد من السيّاح.

جمالها لا يمكن فصله عن تاريخها، بل هو ثمرة هذا التاريخ الذي تعاقب عليها منذ آلاف السنين الفينيقيون والإغريق والرومان والعثمانيون والبريطانيون.. كلهم مرّوا من هنا وتركوا بصمات ما زالت إلى اليوم تشهد على تنوّع هويّة هذه الجزيرة وتعدد مشاربها الثقافية والعمرانية.

فاليتا هي أول مدينة أوروبية بُنيت وفقاً لمخطط عمراني متكامل في القرن السادس عشر، وفيها ما يذكّر بشوارع القدس العتيقة وبالأحياء القديمة في قرطبة عاصمة الخلافة الإسلامية في الأندلس. دروب ضيّقة تظللها الشرفات الخشبية المغلقة، مرصوفة بالحجارة القديمة. وعلى جوانبها تقوم المباني الأنيقة التي سكنها النبلاء وفرسان مالطا الذين تأسست المدينة على أيديهم. واجهات المتاجر والحوانيت الصغيرة تبدو طالعة من الأفلام السينمائية الأولى أواخر القرن التاسع عشر، والحجر الصخري نفسه يطالعك في كل الأبنية المزخرفة بالتماثيل والمنحوتات، والتي تفاجئك من حين لآخر بإطلالة أخّاذة على الشاطئ اللازوردي الذي يزنّر الجزيرة.

- أهم مناطق الجذب فيها

من الأماكن التي لا بد من زيارتها في فاليتا قلعة سانت إيلمو المبنية أواسط القرن السادس عشر والتي أصبحت اليوم مقرّ قيادة الشرطة، لكنها مفتوحة للسيّاح طوال أيام الأسبوع. ومن موقعها في أعلى نقطة من العاصمة، تشرف على أجمل المناظر والمباني الأثرية مثل نزل قشتالة الذي كان مقرّ الفرسان الإسبان والبرتغاليين المكلّفين بحماية الجزيرة.
 
ثم كاتدرائية القديس يوحنا التي تضمّ متحفا يحوي مجموعة من أعمال الرسام الإيطالي الشهير كارافاجيو الذي عاش فترة قصيرة في مالطا واضطر للهرب منها لاتهامه بالضلوع في جريمة قتل.

وتشهد فاليتا منذ سنوات ورشة كبيرة من الأعمال الترميمية والمشاريع الطليعية التي يشرف عليها المهندس الإيطالي الذائع الصيت رنزو بيانو، بمناسبة إعلان المدينة عاصمة أوروبا الثقافية لعام 2018.

وتبقى الشواطئ والمنتجعات الساحلية المقاصد الرئيسية للسياح في مالطا. أجملها يوجد في جزيرة غوزو الصغيرة المحاذية للجزيرة الكبرى، حيث توجد آثار فريدة من نوعها في العالم تعود إلى الألف الرابع قبل الميلاد. وتشتهر غوزو بشواطئها الجميلة وصفاء مياهها التي يرتادها هواة الغطس والاستكشاف تحت الماء، والموانئ الصغيرة المخصصة للصيادين الذين ما زالوا يستخدمون القوارب الخشبية المصنوعة على الطراز الفينيقي والتي تتميّز بالعينين المرسومتين على كوثلها. وقد ازدهرت في هذه الجزيرة مؤخرا السياحة الريفية في المناطق الزراعية الداخلية التي ما زال سكانها يمارسون طقوس الحياة القديمة في أجواء نادرة من الطمأنينة والهناء.

ولا بد قبل إنهاء الزيارة إلى مالطا من جولة على بعض متاحفها الفريدة، مثل المتحف الحربي الذي يعرض للمعارك التاريخية التي عاشتها هذه الجزيرة كالحصار العثماني المديد في القرن السادس عشر، والقصف العنيف الذي تعرضت له على يد الطيران النازي في الحرب العالمية الثانية حيث كانت من القواعد البحرية الرئيسية للحلفاء... أو متحف محاكم التفتيش التي بقيت ناشطة في مالطا حتى نهايات القرن الثامن عشر... أو متحف السيارات الذي يضمّ مجموعة فريدة في العالم من السيارات القديمة.

تغادر هذه الجزيرة مسكوناً بشعور من الغبطة تجاه سكانها الذين لا يعرفون مشكلة اسمها الحدود، وبدهشة من كثرة المفردات العربية التي تطالعك في لسان أهلها بما يدفعك إلى مخاطبتهم عفويّاً بلغة الضاد. وإذ تجول أمام كنائسها التي يزيد عددها عن الثلاثمائة ولا تقفل أبوابها أبداً، تدرك من أين جاء القول (كالمؤذّن في مالطا) ، علماً أن المالطيين هم الأكثر انفتاحاً على العرب والمسلمين بين أترابهم الأوروبيين.

almaghribtoday
almaghribtoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مالطا جمال طبيعي لا ينفصل عن تاريخ غني مالطا جمال طبيعي لا ينفصل عن تاريخ غني



العبايات بحضور لافت في أناقة الملكة رانيا

عمان - المغرب اليوم

GMT 16:48 2025 الجمعة ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

هيفاء وهبي تتألق بزي سعودي تراثي في مهرجان «واو» بالرياض
المغرب اليوم - هيفاء وهبي تتألق بزي سعودي تراثي في مهرجان «واو» بالرياض

GMT 19:35 2025 الجمعة ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الصليب الأحمر الدولي يُعلن خفض ميزانيته لعام 2026 بنسبة 17%
المغرب اليوم - الصليب الأحمر الدولي يُعلن خفض ميزانيته لعام 2026 بنسبة 17%

GMT 17:37 2025 الجمعة ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تكشف أن الوجبات السريعة قد تُسبب الاكتئاب
المغرب اليوم - دراسة تكشف أن الوجبات السريعة قد تُسبب الاكتئاب

GMT 12:27 2015 السبت ,25 إبريل / نيسان

هذه أسرار تميز خطابات عبد الإله بنكيران

GMT 14:06 2023 الإثنين ,31 تموز / يوليو

اليابان تلغي 264 رحلة جوية بسبب إعصار

GMT 18:17 2019 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

محمد صلاح يعود لقائمة ليفربول ضد جينك في دوري أبطال أوروبا

GMT 07:58 2019 الأربعاء ,25 أيلول / سبتمبر

قناة لبنانية تعتذر عن كاريكاتير اللاجئين العنصري

GMT 12:56 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

البنزرتي يغيب عن احتفال الوداد باللقب

GMT 03:19 2019 الثلاثاء ,29 كانون الثاني / يناير

توقعات الأرصاد الجوية الوطنية لحالة طقس الثلاثاء في انزكان

GMT 09:11 2018 الثلاثاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

أبرز المعالم السياحية والدينية والتاريخية في مدينة بيت لحم

GMT 13:43 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تمتعي بعطلة مميزة في جزر "الأنتيل" الهولندية الملونة

GMT 21:53 2018 الجمعة ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاقة موسم الخيل على كؤوس راشد بن عيسى

GMT 17:10 2018 الجمعة ,05 تشرين الأول / أكتوبر

وفاة شخص في حادثة سير خطيرة في الحوز

GMT 06:28 2018 الجمعة ,13 تموز / يوليو

بعض النصائح في التدبير المنزلي لحفظ الأطعمة

GMT 06:36 2018 الجمعة ,15 حزيران / يونيو

Valentino يعتبر العطر الأكثر عراقة بروح معاصرة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib