لماذا كل هذه الوحشية

لماذا كل هذه الوحشية؟

المغرب اليوم -

لماذا كل هذه الوحشية

عريب الرنتاوي
بقلم: عريب الرنتاوي

لا نظير للوحشية التي قوبلت بها الانتفاضة العراقية السلمية ... قرابة الخمسمائة شهيد وأكثر من 25 ألف جريح في أقل من عشرة أسابيع فقط ... «تَفَنن» القتلة في استخدام وسائل القتل، من القناصة إلى الرصاص الحي والقنابل والتفجيرات والسكاكين ... يسابقون المتظاهرين إلى نقاط تجمعهم ليكونوا في انتظارهم بأسلحة الموت ورصاص الغدر.
«تجهيل «الفاعل، لم تعد لعبة يمكن أن تنطلي على أحد، الفاعل «المجهول» بات معلوماً لجميع العراقيين، ومعروفاً بالاسم والصوت والصورة للحكومة والطبقة السياسية والأجهزة الأمنية والعسكرية ... إنها قطعان المليشيات السائبة، التي تتخذ من الحشد الشعبي ومن بعض الأحزاب الموالية لإيران، غطاءً لها، تستظل بها، وتمارس من خلالها أبشع صنوف القمع والتنكيل.

لماذا كل هذه الوحشية؟
أولاً: لأن الأرض أخذت تميد تحت أقدام نظام بول بريمر القائم على المحاصصة الطائفية والمذهبية، وأن مكتسبات أهل السلطة وسُرّاقها، باتت في بؤرة استهداف الحراك الشعبي، وأن «وطنية» عراقية وثّابة، تنهض فوق ركام المذهبية والطائفية والعرقية، وأن «الدولة المدنية – الديمقراطية»، دولة المواطنة وسيادة القانون، دولة جميع أبنائها وبناتها، تتقدم قائمة مطالب المنتفضين وشعاراتهم ... هذا لا يرضي فرسان «الفساد المُعمم»، هذا لا يرضي رجال دين سطوا على السياسة، وسياسيين تدثروا بعمامة الدين وجلبابه.
وثانياً: لأن الأرض أخذت تميد من تحت أقدام إيران في العراق ... السلطة الفاسدة، تكاد تنحصر في أيدي أحزاب وميليشيات بمرجعية إيرانية صرفة، لا تقلل من قيمة هذه الحقيقة، أن ثمة أحزاباً أخرى، غير موالية لإيران، شريكة لها في السلطة والفساد كذلك ... ثورة العراقيين هي في جوهرها ثورة ضد سلطة مُستَتبعة لإيران، وتدار من خلال رجالاتها ومرجعياتها ... هذا أمر، لا يرضي إيران أبداً، لاسيما في هذه المرحلة بالذات، حيث تهتز الأرض تحت أقدام إيران وأصدقائها في عموم الإقليم ... إيران، لن تترك وسيلة إلا وستستخدمها لحفظ نفوذها وهيمنتها، حتى وإن اقتضى ذلك، «تصدير» وسائلها الدموية في التعامل مع الاحتجاجات في الداخل الإيراني، وهذا ما تفعله إيران اليوم، عبر رسلها وموفديها وقادة حرسها وفيلقها.
ثالثاً: لأن الانتفاضة الشعبية، تنطلق وتستمر وتتصاعد، في قلب حواضن النفوذ الإيراني، وفي البيئة الاجتماعية للأحزاب والمليشيات التابعة لإيران، أمنياً ومذهبياً وسياسياً ... ثورة العراق «شيعية» في غالبيتها الأعم، وهي تستهدف أحزاباً شيعية في غالبيتها الأعم كذلك... وهي تؤذن بانفصال العراق عن إيران، بوصفه «مجالاً حيوياً» لنفوذ طهران، وتؤشر على توق العراقيين لاسترداد هويتهم واستقلالهم وسيادتهم.
رابعاً: يبدو أنها «حرب وكالة» بين مرجعيات دينية شيعية ... «التشيع العربي» في مواجهة «التشيع الفارسي»، مدرسة السيستاني في مواجهة «ولاية الفقيه»، وبينهما يأتي دور المرجع محمود الحسني الصرخي، الذي لا يوالي هذه أو تلك من المدرستين ... العنف الدامي، في شوارع بغداد ومدن الجنوب، مدفوع بصراع المرجعيات وتنافسها، وهذا أمر بحد ذاته، مدعاة للقلق، أشد القلق.
خامساً: على أن «حرب الوكالة» ليست بين «المرجعيات الشيعية» وحدها فحسب، فثمة «حروب وكالة» تجري في شوارع العراق ... طهران وواشنطن، طهران وعواصم عربية، طهران وتل أبيب ... ثمة صراع محتدم في الشوارع والميادين العراقية، وعليها .... ما يجعل انتصار الانتفاضة بالنسبة لإيران، خياراً رديفاً لموت نفوذها الإقليمي، ولواشنطن وحلفائها، فرصة قد لا تتكرر لإضعاف إيران، من دون كلفة، بل ومن دون إطلاق رصاصة واحدة.

 

قد يهمك ايضا
«سيناريو مُتخيّل»
«عدم الاعتداء» بين «كاتس/ كوتس» و «روحاني/ظريف»

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لماذا كل هذه الوحشية لماذا كل هذه الوحشية



GMT 15:33 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

شعر عربي اخترته للقارئ

GMT 15:29 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

شعر المتنبي - ٢

GMT 15:18 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

من شعر المتنبي - ١

GMT 23:58 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

شعر جميل للمعري وأبو البراء الدمشقي وغيرهما

GMT 21:18 2021 الإثنين ,25 كانون الثاني / يناير

أقوال بين المزح والجد

داليدا خليل تودّع العزوبية بإطلالة بيضاء ساحرة وتخطف الأنظار بأناقة لا تُنسى

بيروت ـ المغرب اليوم

GMT 22:07 2025 الثلاثاء ,09 أيلول / سبتمبر

سبع إشارات يومية قد تكون مؤشرا مبكرا لنوبة قلبية
المغرب اليوم - سبع إشارات يومية قد تكون مؤشرا مبكرا لنوبة قلبية

GMT 16:36 2019 الخميس ,07 شباط / فبراير

عملية جراحية ناجحة للاعب الفتح أنس العمراني

GMT 08:53 2017 الأربعاء ,22 شباط / فبراير

إدماج المرأة الجميلة في التنمية!

GMT 14:17 2015 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

نصائح جمالية لصاحبات العيون المبطنة

GMT 08:40 2016 الأربعاء ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الفنانة السورية سارة نخلة تُشارك في مسلسل"هبة رجل الغراب 4"

GMT 02:49 2017 الأربعاء ,17 أيار / مايو

النواصرة يستطيع تصميم أي مجسّم من الأسلاك

GMT 21:50 2017 الثلاثاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدرهم المغربي مقابل الريال السعودي الثلاثاء

GMT 00:49 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

بن ثاير مدربا جديدا للترجي لكرة اليد

GMT 13:22 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

اتيكيت وأصول التعامل مع مواقع التواصل الاجتماعي

GMT 18:11 2015 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

حادث سير مروع تسفر عن مقتل عشريني في مراكش

GMT 13:03 2017 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عطر "Rose Synactif Shiseido" يضم مزيجًا مميزًا لعاشقات الورود

GMT 05:07 2025 الإثنين ,10 شباط / فبراير

جافي يكشف عن معاناته البدنية وسبب استبداله
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib