إلى «المرجئة» ودعاة التأجيل

إلى «المرجئة» ودعاة التأجيل

المغرب اليوم -

إلى «المرجئة» ودعاة التأجيل

بقلم : عريب الرنتاوي

دعاة تأجيل الانتخابات ينقسمون إلى فئات ثلاث، تقررها الدوافع الكامنة وراء مطالب «المرجئة» ... الأولى؛ وتتكون من خصوم الإصلاح وكارهيه، أو من يطلق عليهم عادة «قوى الشد العكسي»، هؤلاء ضد أي انتخابات من أي نوع، وربما يتمنون في سرائرهم العودة إلى مرحلة الأحكام العرفية.

الثانية؛وتتمثل في بعضٍ من «بقايا» الطبقة السياسية من الذين استشعروا صعوبة تشكيل القوائم، وأدركوا بعد توسيع الدائرة الانتخابية واعتماد القوائم النسبية المفتوحة على مستوى المحافظة/الدائرة، أن المعركة الانتخابية هذه المرة، لها حسابات، واستتباعاً، أدوات أخرى مختلفة عمّا عرفوه وألفوه من قبل... هؤلاء يتمنون سراً وعلانية، أن تعود عقارب الساعة إلى زمن «الصوت الواحد»، حين كانت الانتخابات لعبة محسوبة بدقة، لا تستلزم كل هذا الجهد والتفكير والتدبير.

والثالثة؛ وتضم المصابين بداء «الإخوانوفوبيا»، الذين ما أن شعروا بأن «الجماعة» قد قررت خوض غمار المعركة الانتخابية بـ «دعسة كاملة»، حتى بدأوا بإطلاق السيناريوهات التحذيرية، المبالغ فيها بالطبع، والتي تتحدث عن إمكانية حصول مرشحي الجماعة، على «الثلث المعطّل» في المجلس، وهو سيناريو أقرب للمستحيل، في ظل قانون للانتخاب، صمم أساساً بهاجس «الإخوانوفوبيا»، ويمنع في تفاصيله، أية جماعة، مهما بلغ نفوذها وشعبيتها، من تجاوز حافة الـ 15 بالمائة من إجمالي مقاعد المجلس.

كثيرون من دعاة الإرجاء والتأجيل، لن يبوحوا بالأسباب الحقيقية لمواقفهم، لذا سنجدهم يتذرعون بأسباب أخرى، لا صلة لها من قريب أو بعيد، بما يجري في خواطرهم، وما يدور في حسبانهم ... سيقولون إن القانون شديد التعقيد، وعصي الفهم والإدراك والتمثل، وأن الناخب الأردني سيعجز عن استيعاب ديناميكيات عمل القانون وآلياته، وبصورة تبدو معها مواقفهم، ضرباً من الإشفاق على هذا الشعب «الجاهل»، في وقت لا نكف فيه ولا يكفون عن الإشادة بالنهضة التعليمية للبلاد، وبالوعي السياسي للأردنيين والأردنيات، الفائض عن الحاجة.

فإن عجزت هذه الذريعة عن إقناع «صانع القرار»، استلوا من جعبتهم ذريعة أخرى، وتتعلق هذه المرة بتفاقم ظاهرة العزوف عن الانتخاب، مع أن أكثر الاستطلاعات تشاؤماً تقدر نسبة المشاركة بما يتراوح حول معدلها العام في الانتخابات السابقة ... طريف أن يتذكر هؤلاء أيضاً، أن ما يقرب من مليون ناخب أردني في الخارج، لن يتمكنوا من مزاولة حقهم الانتخابي، لكأنهم اعتادوا الانتخاب في المرات السابقة وأنها المرة الأولى التي ستعقد فيها الانتخابات من دون مشاركة هؤلاء.

وليس مستبعداً على الإطلاق، أن يجري التذرع، بعد نفاد خزان «الذرائع» و»الحجج» الواهية أصلاً، بالظرف الأمني الإقليمي المحيط بنا، على الرغم، من أنهم هم، قبل غيرهم، وأكثر من غيرهم، لا يكفون عن التغني بحكاية «واحة الأمن والاستقرار، في صحراء الإقليم المضطربة بالحروب والصراعات» ... ينسى هؤلاء ويتناسون، أن العراق المضطرب والمنكوب، نظّم عدة انتخابات نيابية في الأعوام العشرة الأخيرة، وأن سوريا المنكوبة بحربها وحرب الآخرين عليها، نظمت انتخابات برلمانية ورئاسية، وأننا في الأردن أدرنا انتخابات اللاجئين والفارين من البلدين، وهم بمئات الألوف على أرضنا، ومن دون أي مشكلة من أي نوع، فلماذا نعجز عن تنظيم انتخاباتنا النيابية والحالة كهذه؟
لا مبرر على الإطلاق، حتى للتفكير في تأجيل الانتخابات وإرجاء الاستحقاق، ولا معنى لعودة نواب المجلس السابع عشر، الذين قيل فيهم ما لم يقله مالك في الخمر لمزاولتهم أعمالهم وصلاحياتهم الدستورية وغير الدستورية.... ولا ضرورة لإطلاق رسائل ضارة للغاية، مفادها أننا دولة عاجزة عن تنظيم انتخابات دورية، أو اننا بلد هش أمنياً، أو دولة تخشى من أبنائها حتى وإن كانوا من جماعة الإخوان المسلمين.

لا أحسب أن أحداً في مراكز صنع القرار في الدولة، أو هكذا افترض من باب «الحس السليم»، سيقبل بإرجاء الانتخابات، أو حتى يفكر جدياً بمثل هذا السيناريو ... قطار الانتخابات انطلق من محطته الأولى بحل البرلمان السابع عشر، والأفضل من منظور المصلحة والسمعة والرسالة، أن يصل إلى محطته الأخيرة في العشرين من أيلول/ سبتمبر القادم، من دون إعادة أو تأخير، ومن دون إرجاء أو تأجيل.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إلى «المرجئة» ودعاة التأجيل إلى «المرجئة» ودعاة التأجيل



GMT 15:22 2025 الجمعة ,02 أيار / مايو

سوريا الجديدة ومسارات التكيّف والتطويع

GMT 10:08 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

عن تحولات الجولاني وموسم الحجيج إلى دمشق

GMT 07:14 2021 الجمعة ,24 كانون الأول / ديسمبر

"العالم المتحضر" إذ يشتري البضاعة القديمة ذاتها

GMT 06:17 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

"فتح" و"حماس" ولبنان بينهما

GMT 23:13 2025 الأربعاء ,16 تموز / يوليو

جيش الاحتلال الإسرائيلي: نسيطر على 75% من قطاع غزة
المغرب اليوم - جيش الاحتلال الإسرائيلي: نسيطر على 75% من قطاع غزة

GMT 10:45 2025 الثلاثاء ,10 حزيران / يونيو

تاه جاهز للعب مع بايرن في مونديال الأندية

GMT 15:33 2023 الجمعة ,13 كانون الثاني / يناير

استقرار مؤشرات الأسهم اليابانية في ختام التعاملات

GMT 10:19 2022 الجمعة ,18 شباط / فبراير

الرجاء المغربي ينهي استعداداته لقمة وفاق سطيف

GMT 13:30 2021 الثلاثاء ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

"هواوي" تطرح أجهزة رائدة في السوق المغربية

GMT 07:05 2020 الخميس ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

بعد إصابتها بـ”كورونا” الفنانة المصرية نشوى مصطفى تستغيث
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib