هل من فرق بين «قمع علماني» وآخر «شرعي»

هل من فرق بين «قمع علماني» وآخر «شرعي»؟

المغرب اليوم -

هل من فرق بين «قمع علماني» وآخر «شرعي»

بقلم - عريب الرنتاوي

موجة من الغضب اجتاحت الشارع الفلسطيني جرّاء الصور الوحشية لعمليات القمع التي نفذتها شرطة حماس وأجهزتها ضد المحتجين والمشاركين في حملة «بدنا نعيش»، والتي شملت صحفيين وإعلاميين ومراقبين يتبعون لمنظمات حقوقية فلسطينية، لطالما انشغلوا في تغطية ورصد الانتهاكات والاعتداءات الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني في غزة وغيرها.
العظام المهشّمة، هي السمة المشتركة لجرحى الاحتجاجات، والصور التي سربها مواطنون على مواقع التواصل الاجتماعي، بغياب الصحفيين والإعلاميين الممنوعين من «الشهادة على الجريمة»، تشف لوحدها، ومن دون تعليق، عن حجم «الغِلّ» و»الكراهية» اللذين حقن بهما أفراد هذه الأجهزة، الأمر الذي دفع بأصدقاء لحماس لإدانة سلوكها، وأجبر فصائل صديقة وحليفة للحركة على مطالبتها بالاعتذار من شعبها، وأفضى إلى تدفق سلسلة من الإدانات الدولية لسلطة حماس، بدءا من نيكولاي ملادينوف، الرجل الذي كادت السلطة تتهمه بالانحياز لحماس، لفرط نشاطه في جهود التهدئة وتذليل العقبات التي تعترض طريقها.
في نظرة سريعة إلى بعض قوائم الضحايا، ترى مثقفين وإعلاميين وحقوقيين فلسطينيين، ترى أسرى محررين وجرحى معارك سابقة، بل وأبطالا من مسيرات العودة الكبرى، قادة وكوادر في فصائل وناطقين باسمها... ترى أبناء لشهداء وأخوة لهم... هؤلاء ليسوا أعداءً إلا بالنسبة لأولئك الذين لا يرون سوى أنفسهم على صواب «رباني» ومن دونهم ليس سوى المنافقين والكفرة والعلمانيين والمندسّين وأعداء المقاومة.
في تأمل صور رجالات الأمن وعناصر المليشيات، وهم ينهالون بالهراوات الثقيلة، تصدمك ملامح الوجوه القاسية... لكأن القوم في يستعجلون دخول الجنة بالإمعان في إثخان جراحات المحتجين والمحتجات... أية تعبئة حاقدة هي تلك التي تدفع هؤلاء للانتقام من شعبهم وتكسير عظام أبنائه وبناته؟.... تستذكر صوراً مما حدث في العام 2007، حين صدرت الأوامر بإطلاق النار على «ركب» كادرات فتح ومقاتليها، لإلحاق إعاقات مزمنة بالمئات منهم، وكان لحماس في حينه، ما أرادت.
في تفسير «حجم الكراهية» التي تقطر بها هراواتهم، يتساءل المرء: من أين يأتي هؤلاء بكل هذا الحقد، ولماذا يتصرفون على هذا النحو المفرط بالعدائية؟
الجواب يكمن في واحد من تفسيرين، أو كلاهما معاً: الأول؛ ويتأتى من التربية العقيدية القائمة على «شيطنة» الآخر وتكفيره وتسفيهه، مقابل «الفرقة الناجية» و»الأيادي المتوضئة» وغير ذلك من تعابير وتوصيفات استئصالية ينضح بها «سلاح الإفتاء» الجائز «غب الطلب»...أما الثاني؛ فينبع من تفاقم حالة الخوف و»رهاب» فقدان السلطة، فالأرض تميد من تحت أقدام الحركة، وهي تشعر أنها تطلق آخر ما في جعبتها من مقذوفات، وإن ترك الشارع لحريته، فربما يجهز على حكم حماس وسلطة الأمر الواقع.
والغريب أن انتفاضة غزة ضد حماس، وقمع الحركة الوحشي لأبنائها وبناتها، يقابل بصمت مريب من قبل حركات وأحزاب إسلامية، في العديد من الدول العربية، في الوقت الذي تُقام فيه الدنيا ولا تقعد، لمجرد «ضربة كف» لمتظاهر هنا، أو احتجاز لناشط هناك، ولو أن «عُشر معشار» ما حصل في غزة، لقامت الدنيا وما قعدت...الأمر هنا ليس ازدواجية معايير فحسب، كأن يجري التفريق بين «قمع علماني» و»قمع شرعي»، الأمر هنا يشف عن تواطؤ، تمليه – ربما – الخلفية الأيديولوجية ذاتها، التي تسمح بتوقع الممارسات ذاتها، فيما لو دارت الدوائر وتغيرت الأزمان.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل من فرق بين «قمع علماني» وآخر «شرعي» هل من فرق بين «قمع علماني» وآخر «شرعي»



GMT 15:33 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

شعر عربي اخترته للقارئ

GMT 15:29 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

شعر المتنبي - ٢

GMT 15:18 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

من شعر المتنبي - ١

GMT 23:58 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

شعر جميل للمعري وأبو البراء الدمشقي وغيرهما

GMT 21:18 2021 الإثنين ,25 كانون الثاني / يناير

أقوال بين المزح والجد

نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 22:48 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة
المغرب اليوم - إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة

GMT 19:22 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

بزشكيان يُحذر من تقنين وشيك للمياه في العاصمة طهران
المغرب اليوم - بزشكيان يُحذر من تقنين وشيك للمياه في العاصمة طهران

GMT 19:14 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أذربيجان ترفض إرسال قوات إلى غزة قبل وقف القتال
المغرب اليوم - أذربيجان ترفض إرسال قوات إلى غزة قبل وقف القتال

GMT 02:59 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام تشعل مواقع التواصل بنصيحة غير متوقعة للزوجات
المغرب اليوم - أحلام تشعل مواقع التواصل بنصيحة غير متوقعة للزوجات

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 05:24 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

التصرف بطريقة عشوائية لن يكون سهلاً

GMT 19:51 2017 الأربعاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

حفل افتتاح بنكهة أفريقية للشان في المغرب

GMT 13:32 2025 الثلاثاء ,14 تشرين الأول / أكتوبر

أنشيلوتي يطمح لقيادة البرازيل نحو لقبها العالمي السادس

GMT 14:13 2018 السبت ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

تقنية ثورية للتحكم في النعاس أثناء القيادة من باناسونيك

GMT 04:57 2018 الإثنين ,06 آب / أغسطس

ظهور دولفين مهجن آخر في هاواي

GMT 04:45 2017 الجمعة ,29 كانون الأول / ديسمبر

الحسين عموتة يهدد اللاعبين الذين تراجع مستواهم

GMT 05:18 2015 الجمعة ,02 كانون الثاني / يناير

محمد جبور يعرب عن فخره بنجاح تصاميمه عالميًا

GMT 14:45 2017 الإثنين ,11 أيلول / سبتمبر

تصنيف “جامعة الرباط” في المرتبة 15 إفريقيّا

GMT 17:43 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 00:26 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

الفنانة بوسي تكشّف أسباب ابتعادها عن الأدوار الكوميديا
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib