عن أم كلثوم و»إفتاء الغاب»

عن أم كلثوم و»إفتاء الغاب»

المغرب اليوم -

عن أم كلثوم و»إفتاء الغاب»

بقلم - عريب الرنتاوي

عندما يفتي أحدهم، وهو يحمل لقباً علمياً في مرجعية اشتهرت بـ»الوسطية والاعتدال» في العالمين العربي والإسلامي، عندما يفتي «مرجع» كهذا»، بجواز مجامعة الزوجة الميتة (نكاح الوداع) ... وعندما يفتي آخر بحق الرجل في اقتطاع جزء من جسد زوجته لتناوله نيئاً أو مطبوخاً، عند الاضطرار، ولتفادي «الموت جوعا»... ما الذي يمكن قوله بعد ذلك، وأي صنف من البشر هم هؤلاء؟ ... وما الذي يفترضونه فينا، نحن الأتباع، الذين لم نرق في مراتب العلم، مستوى حمل لقب «عالم» أو «رجل دين» أو «شيخ»؟
هم مرضى بلا شك، تتحكم بهم غرائزهم وليس عقولهم، ... مصدر تفكيرهم ينبع من أسافل بطونهم ... أما الطوابق العليا لديهم، فمعطلة بلا شك، والطريق إليها غير سالك، لا عقل ولا قلب ... يصدران عن «ثقافة» أو «لا ثقافة» الغابة، حيث الجوع والجنس هما المحرك الرئيس لسلوك الكائنات المفترسة، .
من أين ينهل هؤلاء معارفهم، ومن أي إناء ينضحون؟ ... قد يقال إنهم يأتون شيئاً فرياً، وأن فتاواهم الشاذة، ليست من الإسلام في شيء، وهذا صحيح ... 
لا شك أن أقوالهم المريضة، قوبلت بالاستهجان والاستنكار من قبل دوائر عديدة، ومن بينها مرجعيات إسلامية، لكن هل يكفي أن يجري التعامل مع المسألة بوصفها خطأ وقع وانتهى كل شيء، أو بوصفها شططاً واجتهاداً متطرفاً وشاذاً ... ألسنا بحاجة إلى ما هو أبعد من ذلك، إلى إعادة الاعتبار لإنسانية الانسان، وأعني هنا المرأة على وجه التحديد ... أي «كائن» هذا الذي ستجتاحه نوبة جنسية ليضاجع امرأة ميتة، خصوصاً حين تكون زوجته ورفيقة دربه وأم أبنائه وبناته؟ ... كيف يفهم هؤلاء الجنس ابتداءً، وكيف يفهمون العلاقات الزوجية على وجه الخصوص؟ ... هل يرون في المرأة غير فرجها؟ ... من أية «طينة» جُبِلَ هؤلاء؟
ثم من ذا الذي سيقوى على «جرم» لحم زوجته عن عظمها، لتناول ما يقيته ويبقيه حياً؟ ... حتى الحيوانات، معظم الحيوانات إن لم نقل جميعها، لا تأكل من جنسها ... لماذا يصر هؤلاء على وضع الإنسان في مرتبة أدنى من الحيوان؟ ... لا شك أن من نطق بهذه «الدرر»، ما زال يعيش فكرياً وثقافياً ونفسياً واجتماعياً وأخلاقياً، في زمن «الغابة» ... لم يمض وقت طويل على نزوله عن أشجارها ... هؤلاء لا مكان لهم في حياتنا المعاصرة، هؤلاء خطر على اجتماعنا البشري والإنساني ... هؤلاء أسوأ من «الدواعش»؟ ... هؤلاء أخطر من المصابين بالجذام في العصور الغابرة، هؤلاء يتعين وضعهم في معازل ومصحات، حتى لا تنتشر عدواهم إلى غيرهم.
في المقابل، رأينا شيخاً أزهرياً يدندن لحناً للسيدة أم كلثوم على شاشة إحدى القنوات التلفزيونية، فإذا بالدنيا تقوم في وجهه ولا تقعد، لكأنه ارتكب واحدة من الكبائر ... يوقف عن عمله ويخضع للتحقيق ... لا شك أنهم سيخضعونه لفحص سريري، وربما تحليل «دي أن إيه»، إذ كيف يمكن أن يقدم على فعلة نكراء من هذا النوع؟ ... نوع العقوبة التي واجهها شيخناً «المرهف» أشد مرارة من تلك التي تنتظر أصحاب الفتاوى الشاذة، أي رسائل يُراد توجيهها؟، هل ما زلنا في عصر تكفير الفن وتجريم الموسيقى؟، ظننا أننا في القرن الحادي والعشرين ... ومع ذلك، وبرغم ذلك، يراد لنا أن نقتنع بأن مؤسسات ومرجعيات كهذه، تحارب التطرف والغلو، عن أي تطرف يتحدثون، ومن الأولى بالمحاربة والمجابهة؟

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن أم كلثوم و»إفتاء الغاب» عن أم كلثوم و»إفتاء الغاب»



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 19:22 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

بزشكيان يُحذر من تقنين وشيك للمياه في العاصمة طهران
المغرب اليوم - بزشكيان يُحذر من تقنين وشيك للمياه في العاصمة طهران

GMT 23:50 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

إدارة ترمب تعهدت بإغلاق محطة إذاعية أمريكية ناطقة بالمجرية
المغرب اليوم - إدارة ترمب تعهدت بإغلاق محطة إذاعية أمريكية ناطقة بالمجرية

GMT 23:02 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن تدعم عراق خالٍ من الميليشيات المدعومة من الخارج
المغرب اليوم - واشنطن تدعم عراق خالٍ من الميليشيات المدعومة من الخارج

GMT 10:37 2012 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

سوتشي مدينة التزلج الأولى في روسيا تستضيف أوليمبياد 2014

GMT 14:25 2020 الجمعة ,12 حزيران / يونيو

انهيار برج ضخم في مصافي حيفا

GMT 10:35 2018 الثلاثاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تكشف أن الهواتف الذكية تجعل المراهقين غير ناضجين

GMT 06:57 2018 الجمعة ,12 تشرين الأول / أكتوبر

السودان تحذر من فيضانات على ضفتي النيل الأزرق والدندر

GMT 05:52 2018 الجمعة ,12 تشرين الأول / أكتوبر

الخبيرة منى أحمد تُبيِّن مدى قبول كلّ برج للاعتذار

GMT 05:30 2018 الجمعة ,15 حزيران / يونيو

CGI wizardry تعيد الحضارات القديمة وتجسدها للزوار

GMT 08:13 2016 الجمعة ,22 إبريل / نيسان

بيبيتو يكشف دور ميسي وسواريز في تألق نيمار

GMT 18:04 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وزير الرياضة يناقش خطة اتحاد الجودو في 2018

GMT 21:02 2017 السبت ,23 كانون الأول / ديسمبر

الاتحاد المغربي يحرم الوداد من منحته السنوية

GMT 07:23 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

"روائح مبعثرة" المجموعة القصصية الأولى للعسيري

GMT 05:34 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

"سيات ليون كوبرا" ضمن أفضل 5 سيارات في "اليورو"
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib