الرواية الأردنية على مائدة الإدارة الأمريكية

"الرواية" الأردنية على مائدة الإدارة الأمريكية

المغرب اليوم -

الرواية الأردنية على مائدة الإدارة الأمريكية

بقلم : عريب الرنتاوي

تتسابق دول المنطقة والعالم إلى وضع قراءاتها وتقديم رواياتها على مائدة الإدارة الأمريكية الجديدة ... أصدقاء أمريكا وخصومها يفعلون الشيء ذاته، وإن بطرق مختلفة وعبر قنوات تلائم طبيعة علاقاتها الثنائية مع واشنطن ... نحن أمام إدارة جاءت من المجهول، وهي مرشحة لقيادة العالم نحو المجهول كذلك ... جميع الأطراف تشعر بالقلق والتحسب، وكل فريق يسعى في تلمس موضع قدمه في مرحلة "انعدام اليقين القادمة".

الأردن، كان سبًاقاً لفعل ذلك، على الرغم من "ثبات" علاقاته التحالفية مع واشنطن، وهي علاقة عابرة للأحزاب والإدارات الديمقراطية والجمهورية، وجرى اختبارها طوال ستة عقود بنجاح كبير نسبياً، لكن مع ذلك، ثمة ساحات "اشتباك" مع إدارة ترامب، توجب الإسراع في وضع مختلف عناصر "الرواية الأردنية – العربية" على موائد مراكز صنع القرار في واشنطن، وهي ليست البيت الأبيض وحده، بل تتخطاه إلى الكونغرس والبنتاغون والخارجية ومجلس الأمن القومي وجماعات الضغط المعروفة.

نجح الملك في تقديم "الرواية الأردنية / العربية" للقيادة الأمريكية الجديدة، سيما في أربعة ملفات: (1) القدس والاستيطان والقضية الفلسطينية في صدارتها ... (2) الحرب على الإرهاب والحاجة للتمييز بين الإسلام والمسلمين من جهة، وجماعات التطرف العنيف المتدثرة بلبوس ديني إسلامي من جهة ثانية ... (3) الأزمة السورية، خصوصاً ما اتصل منها بالجنوب السوري/ الشمال الأردني، وهي نقطة التحسب القصوى في اهتمام صنّاع القرار في الدولة الأردنية ... (4) العلاقات الثنائية، في ضوء ما يضغط على الأردن من تحديات اقتصادية ومالية، فضلاً عن ضمان جاهزية القوات المسلحة والأجهزة الأمنية لمواجهة شتى التهديدات وأكثرها خطورة.

نعرف ما الذي عرضه جلالة الملك على محدثيه من الأمريكيين، خصوصاً الرئيس المثير للجدل والخوف والتحسب، دونالد ترامب ... لكننا لا نعرف الكثير مما قالته الإدارة الجديدة حتى الآن، فهي ذاتها، ما زالت في مرحلة صنع السياسة ورسم التوجهات وبلورة الخطط وإعداد السيناريوهات ... لكن من القليل الذي عرفناه حتى الآن، نرى أن الزيارة الملكية وما صاحبها من محادثات ونشاطاتها، كانت في محلها وتوقيتها.

في الشأن الفلسطيني على وجه الخصوص، لحظنا تغيراً في "نبرة" الخطاب الأمريكي، هو دون التحول المرغوب بلا شك، لكنه تغير يمكن البناء عليه ... فمن موقع الداعم بوقاحة للاستيطان باعتباره "حقاً مشروعاً" للإسرائيليين، إلى حديث عن "إجراء غير بناء"، لكنه غير معرقل وليس عبقة في طريق السلام ... الموقف ما زال دون مستوى منطوق القرار 2334، وتصريحات جون كيري التوضيحية وموقف واشنطن المرجعي الذي ينظر للاستيطان بصفته عقبة في طريق السلام وطعنة لحل الدولتين، فضلاً عن كونه غير شرعي.

هنا، لا بد من استكمال المشوار الذي دشنه الملك في أول لقاء لزعيم عربي مع الرئيس الأمريكي الجديد ... القادة العرب ينتظرون ترتيب مواعيد وبرامج زياراتهم المقبلة لواشنطن، والمأمول أن يستكمل كل واحد منهم، ما بدأه من سبقه للقاء ترامب وأركان الإدارة ... إذ من دون موقف عربي جماعي، واضح وقاطع في وضوحه حيال هذه المسائل الجوهرية، من الصعب انتظار تغيراً جوهرياً في مواقف الإدارة الجديدة.

على جبهة الحرب على الإرهاب وجبهة الجنوب السوري، لا ندري ما الذي حصل حتى الآن، لكن المؤكد أن إدارة ترامب ستكون أكثر انغماساً في الحرب على الإرهاب، وأكثر ميلاً للتعاون مع روسيا في هذا الملف، وهذا التوجه وحده، يكفي للتنبؤ بأن الأردن لن يجد صعوبة في مواصلة حربه على الإرهاب وحفظ حدوده الشمالية مع سوريا والشرقية مع العراق، وربما لأول مرة، ستتوفر للأردن، شبكة تفاهم دولية تساعده على القيام بهذا الدور، وحفظ مصالحه بأقل قدر من المجازفة والخسارة.

وستجد واشنطن نفسها، مضطرة للالتزام بأمن واستقرار أحد حلفائها الأكثر استقراراً في المنطقة، وتعزيز دوره في الحرب على "داعش" والمنظمات الإرهابية، وحفظ دوره في الجهود الرامية للتوصل لحلول سياسية لبعض أزمات المنطقة القديمة (فلسطين) والجديدة (سوريا والعراق) ... مثل هذا الأمر، وإن كنا لا نعرف عن مجرياته الشيء الكثير، إلا أنه مرجح وفقاً لمختلف التقديرات.

المصدر : جريدة الدستور

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الرواية الأردنية على مائدة الإدارة الأمريكية الرواية الأردنية على مائدة الإدارة الأمريكية



GMT 15:22 2025 الجمعة ,02 أيار / مايو

سوريا الجديدة ومسارات التكيّف والتطويع

GMT 10:08 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

عن تحولات الجولاني وموسم الحجيج إلى دمشق

GMT 07:14 2021 الجمعة ,24 كانون الأول / ديسمبر

"العالم المتحضر" إذ يشتري البضاعة القديمة ذاتها

GMT 06:17 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

"فتح" و"حماس" ولبنان بينهما

داليدا خليل تودّع العزوبية بإطلالة بيضاء ساحرة وتخطف الأنظار بأناقة لا تُنسى

بيروت ـ المغرب اليوم

GMT 22:07 2025 الثلاثاء ,09 أيلول / سبتمبر

سبع إشارات يومية قد تكون مؤشرا مبكرا لنوبة قلبية
المغرب اليوم - سبع إشارات يومية قد تكون مؤشرا مبكرا لنوبة قلبية

GMT 16:36 2019 الخميس ,07 شباط / فبراير

عملية جراحية ناجحة للاعب الفتح أنس العمراني

GMT 08:53 2017 الأربعاء ,22 شباط / فبراير

إدماج المرأة الجميلة في التنمية!

GMT 14:17 2015 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

نصائح جمالية لصاحبات العيون المبطنة

GMT 08:40 2016 الأربعاء ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الفنانة السورية سارة نخلة تُشارك في مسلسل"هبة رجل الغراب 4"

GMT 02:49 2017 الأربعاء ,17 أيار / مايو

النواصرة يستطيع تصميم أي مجسّم من الأسلاك

GMT 21:50 2017 الثلاثاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدرهم المغربي مقابل الريال السعودي الثلاثاء

GMT 00:49 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

بن ثاير مدربا جديدا للترجي لكرة اليد

GMT 13:22 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

اتيكيت وأصول التعامل مع مواقع التواصل الاجتماعي

GMT 18:11 2015 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

حادث سير مروع تسفر عن مقتل عشريني في مراكش

GMT 13:03 2017 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عطر "Rose Synactif Shiseido" يضم مزيجًا مميزًا لعاشقات الورود

GMT 05:07 2025 الإثنين ,10 شباط / فبراير

جافي يكشف عن معاناته البدنية وسبب استبداله
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib